الرجوع في الهبة

المادة 500 من القانون المدني

1- يجوز الواهب أن يرجع في الهبة إذا قبل الموهوب له ذلك .

2- فإذا لم يقبل الموهوب له جاز الواهب ، أن يطلب من القضاة الترخيص له فى الرجوع متى كان يستند فى ذلك إلى عذر مقبول ولم يوجد مانع من الرجوع

من خصانص الهبة انه يجوز الرجوع أبها، وقد نقـل المشروع أحكام الشريعة الإسلامية في ذلك، فالأصل أنه يجوز الرجوع في الهبة بالتراضي أو بالقاضي لعذر مقبول إلا إذا وجد مانع، ويشين من ذلـك أن الرجوع في الهبة ليس تحكميا من جهة الواهب، بل هو لا يستطيع الرجوع إلا إذا تراضي على ذلك مع الموهوب له، ويعتبر هذا التراضي إقالة من الهبة، فإذا لم يكن هناك، تراضي، فلا يجوز المواهب الرجوع إلا لعذر يقبله القاضي، ويمتنع الرجوع إذا لم يوجد العذر المقبول، فالهيـة إذن لا تزال محتفظه بصفتها الملزمة إلى حد كبير

 الرجوع في الهبة  

يجوز للواهب ،طبقا لنص المادة500 من القانون المدني الرجوع  في الهبة، إذا تراضي على ذلك مع الموهوب له أو استند إلى عذر يقبله القاضي إلا إذا وجد مانع من الرجوع في الهبة.

الرجوع فى الهبة اختيارا:

يجوز للواهب أن يطلب من الموهوب له الرجوع في الهبة، فـاذا وافق الموهوب له علي الرجوع في الهبة تم إقالة الواهب منها، وهـذه الحالة الحالة العادية في الرجوع إذ يطلب الواهب الرجوع، ويوافق الموهوب له.

وهذه الحالة لا تثير ثمة مشكلة من الناحية العملية، ولكن الأمور تصبح أكثر دقة في حالة ما إذا طلب الواهب الرجوع في الهبة، ولم يوافق الموهوب له علي الرجوع، فنكون هنا أمام حالـة الرجـوع بالتقاضي

أثر الرجوع فى الهبة اختيارا 

مفاد الفقرة الأولى من المادتين 503,500 من القانون المدني إذا أراد الواهب الرجوع في الهبة وتراضي معه الموهوب له على هذا الرجوع، فإن هذا يكون إقالة من الهبة تمت بإيجاب وقبـول جديـدين، غير أن الإقالة _ بنص القانون _ لها أثر رجعي فتعتبر الهبة كأن لـم تكن.

الرجوع فى الهبة بطريق التقاضي:

يشترط ل الرجوع في الهبة – على ما نصت عليه المادة (500) من القانون المدني – في حالة عدم قبول الموهوب له – أن يستند الواهـب في رجوعه إلى عذر يقبله القاضي، والا يوجد مانع من موانع الرجوع، ومن ثم يكون الرجوع في الهبة لعذر لا يعدو – إذا ما قضى بـه – أن يكون فسخا قضائيا للهبة يرتب ما يرتبه الفسخ من آثار .

أعذار مقبولة فى الرجوع في الهبة 

نصت المادة 501 من القانون المدني علي أن ” يعتبر بنوع خاص عذراً مقبولا فى الرجوع في الهبة وأثارها :

(أ) أن يخل الموهوب له بما يجب عليه نحو الواهب، أو نحو أحد مـن أقاربه، بحيث يكون هذا الإخلال جحودا كبيرا من جانبه.

(ب) أن يصبح الواهب عاجزا عن أن يوفر لنفسه أسباب المعيشة بمـا مكانته الاجتماعية، أو أن يصبح غير قادر على الوفـاء بمـا يتفق مع يفرضه عليه القانون من النفقة على الغير.

(ج) أن يرزق الواهب بعد الهبة ولدا يظل حيا إلى وقت الرجوع، أو أن يكون للواهب ولد يظنه ميتا وقت الهبة فإذا به حي”.

يبين من نص المادة 501 من القانون المدني أنها حددت الحـالات التي تعتر عذرا يجيز للواهب الرجوع في الهبة، وهذه الأعذار ليـست واردة علي سبيل الحصر، وبالتالي يجوز للواهب أن يرد عـذرا غيـر وارد بالمادة 501 مدني،

ويجوز للقاضي أن يقر هذا العذر، ويقـضي بفسخ الهبة لهذا العذر. ويلاحظ أن الرجوع في الهبة لعذر مقبول هـو في حقيقته فسخ قضائي للهبة، يترك لتقـدير قاضـي الموضـوع، وإذ حددت المادة 501 مدنى الأعذار التي تبيح طلب فسخ الهبـة، فيوجد أعذار أخري غير منصوص، عليها مثل عـدم قيـام الموهـوب لـه بالالتزامات أو التكاليف التي فرضتها الهبة عليه، أو يتخلف عن تقـديم العوض المقرر للهبة المتفق عليه.

العذر الأول فى الرجوع فى الهبة : أن يخل الموهوب له بما يجب عليه نحو الواهب، أو نحو أحد من أقاربه، بحيث يكون هذا الإخلال جحودا كبيرا من جانبه:

لما كانت الهبة تبرعا من الواهب للموهوب له، فإن الجزاء الـذي ينتظره الأول من الثاني هو الاعتراف بالجميل. فإذا جحد الموهوب له جميل الواهب، لم يكن مستحقا للهبة، وكان الواهب معذورا إذا هو أراد الرجوع فيها.

ومن الأعمال التي تكون جحوداً من الموهوب له أن يعتــدي هـذا على حياة الواهب أو على حياة أحد من أقاربه أو يسيء إلى الواهب أو إلى أحد من أقاربه إساءة بالغة بسبب أو قذف أو اعتداء على المـال أو العرض أو غير ذلك من ضروب الإساءة.

ولا يشترط أن تكون الإساءة جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي، فأية إساءة بالغـة تكفـي لتكـون جحودا من الموهوب له يبرر الرجوع في الهبة. وعلى العكس من ذلك قد يرتكب الموهوب له جريمة لا تعتبر إساءة بالغة ولا تبرر الرجـوع في الهبة.

مثل ذلك أن يتسبب الموهوب له في جرح أو قتل الواهب أو أحد أقاربه خطأ لا عمدا، فالموهوب له في هذه الحالة لم يقصد الإساءة إلى الواهب، ومن ثم لا يكون عمله جحوداً.

ويمكن القـول أيـضاً أن الموهوب له إذا جرح أو قتل الواهب أو أحد أقاربه استعمالا لحقه فـي الدفاع المشروع عن نفسه، لم يعتبر هذا العمل جحودا منه ، إذ هو قـد قصد الدفاع عن نفسه ولم يقصد الإساءة إلـى الواهـب، وقاضــي الموضوع هو الذي يبت فيما إذا كان العمل الذي صدر من الموهوب له بعد إساءة بالغة للواهب أو لأحد أقاربه، ويقرر من هم الأقارب الذين إذا أساء إليهم الموهوب له ارتدت الإساءة إلى الواهب.

فإذا استند في ذلك إلى أسباب مسوغة واعتبر العمل الصادر من الموهوب لـه جـحـودا كبيرا، جاز له الحكم بفسخ الهبة، دون تعقيب على قضائه من محكمـة النقض.

العذر الثاني فى الرجوع فى الهبة: أن يصبح الواهب عاجزا عن أن يوفر لنفسه أسباب المعيشة بما يتفق مع مكانته الاجتماعية، أو أن يصبح غير قـادر على الوفاء بما يفرضه عليه القانون من النفقة على الغير:

العذر الثاني من الأعذار المقبولة فى الرجوع فـي الهبـة وأثارها أن يـصبح الواهب بعد الهبة لأي سبب عاجزا عن أن يوفر لنفسه أسباب المعيشة بما يتفق مع مكانته الاجتماعية، بمعنى أن يطرأ علي ظروف الواهب ما يجعل حالة الواهب المالية بعد الهبة حالة لا تسمح له بأن يوفر لحياتـه الظروف المعيشية التي تتفق مع حياته الاجتماعية، سـواء سـبب لا يتصل بالهبة أو يتصل بها،،،،

أو أن يصبح الواهب عاجزا عن الوفاء بنفقة زوجة أو أولاد وأقاربه ممن يلزمون بنفقته المعيشية. فإذا وقع الواهـب في ضيق مالي على هذا النحو، يمكن أن يعتبره القاضي عذراً مقبـولاً فى الرجوع في الهبة وأثارها .

ولا يمنع الرجوع فى الهبة وأثارها في هذه الحالة أن يظهر الموهوب له استعداده أن ينفق على الواهب. أو أن يقدم له مساعدة ماليـة، فـإن للواهب حق الرجوع في هبته لهذا العذر، إلا إذا وافق على ما يقدمـه الموهوب له من مساعدة مالية بما ينم عن النزول عن حقه في الرجوع بعد أن قام العذر.

وتقدير ما إذا كان الضيق المالي الـذي وقـع فيـه الواهب يكفي عذرا للرجوع في الهبة من اختصاص قاضي الموضوع.

العذر الثالث فى الرجوع فى الهبة: أن يرزق الواهب بعد الهبة ولدا يظل حيا إلى وقـت الرجوع، أو أن يكون للواهب ولد يظنه ميتا وقت الهبة فـإذا بـه حي:

هذه الحالة من الأعذار التي تبيح للواهب أن يطلب الرجـوع فـي الهبة، هي حالة أن الواهب ليس له ولد ذكرا أو أنثى وقت الهبـة، ثـم رزق بولد أو بأنثي بعد الهبة أو أن يكون له ولدا ظن قبل الهبـة أنـه مات، ثم ظهر له بعد الهبة أنه حي، ففي هذه الحالات يستطيع الواهـب أن يطلب الرجوع في الهبة.

موانع الرجوع في الهبة :

نصت المادة ٥٠٢ من القانون المدني علي الموانع التي إذا تحقـق أحدها يرفض طلب الرجوع في الهبة، فقد نصت علي ” يرفض طلـب الرجوع في الهبة إذا وجد مانع من الموانع الآتية:

(أ) إذا حصل للشيء الموهوب زيادة متصلة موجبة لزيادة قيمته فـإذا زال المانع عاد حق الرجوع.

(ب) إذا مات أحد طرفي عقد الهبة.

(ج) إذا تصرف الموهوب له في الشيء الموهوب تصرفا نهائيا. فـإذا إقتصر التصرف على بعض الموهوب، جاز للواهـب أن يرجـع فـي الباقي .

(د) إذا كانت الهبة من أحد الزوجين للآخر ولو أراد الواهب الرجـوع بعد انقضاء الزوجية.

(هـ) إذا كانت الهبة لذي رحم محرم.

(و) إذا هلك الشيء الموهوب في يد الموهوب له، سواء كـان الهـلاك بفعله أو بحادث أجنبي لا يد له فيه أو بسبب الاستعمال، فإذا لم يهلك إلا بعض الشيء، جاز الرجوع في الباقي.

(ز) إذا قدم الموهوب له عوضا عن الهبة.

(ح) إذا كانت الهبة صدقة أو عملا من أعمال البر.

 الموانع فى الرجوع فى الهبة  :

المانع الأول من موانع الرجوع فى الهبة: إذا حصل للشيء الموهوب زيادة متصلة موجبـة لزيادة قيمته فإذا زال المانع عاد حق الرجوع:

تلزم الهبة، بعد أن كانت غير لازمة يجوز الرجوع فيهـا، إذا زاد الشيء الموهوب زيادة متصلة موجبة لزيادة قيمته. وقد تكون الزيـادة المتصلة متولدة من الموهوب كالزرع والنبات والكبر والـسمن، وقـد تكون غير متولدة منه كالطمي والبناء والغراس. والزيادة في الحالتين تمنع الرجوع وتجعل الهبة لازمة، ما دامت تزيد في قيمة الموهـوب.

وتقول الحنفية في السبب في منع الرجوع فى الهبة للزيادة المتصلة المتولـدة أن من ملك نماءه تبعا له لأن النماء ناشئ من ملكه، فتكون الزيادة المتصلة المتولدة ملكا خالصا للموهوب له ليس للواهب فيها شـيء. فيتعـارض

حقان: حق الموهوب له في الزيادة وحق الواهب في الرجوع فى الهبة.

وحقيقـة الملك أقوى من حق الرجوع فى الهبة، فترجع عليه، فيمتنع. وتقول في الزيـادة المتصلة غير المتولدة إن أخذا الواهب الأصل يضر بالموهوب له فيمـا بناه أو غرسه، فيقوى حق الموهوب على حـق الواهـب. وإذا زالـت الزيادة المانعة من الرجوع فى الهبة، كأن حصد الزرع أو أزيل البنـاء أو قلـع الغرس، عاد الواهب في الرجوع، لأنه إذا زال المانع الممنوع.

أما إذا كانت الزيادة منفصلة، سواء كانت متولدة كنتاج المواشي أو غير متولدة كريع الدار أو كآلة وضعت في الأرض الموهوبة، فإنها لا تمنع الواهب من حق الرجوع فى الهبة

المانع الثاني من موانع الرجوع فى الهبة: إذا مات أحد طرفي عقد الهبة 

طرفي عقد الهبة هما الواهب والموهوب له، وبالتالي فإذا تـوفي الواهب، فلا يجوز لورثته طلب الرجوع في الهبة، ذلك أن الحق فـي الرجوع في الهبة، ليس من الحقوق التي تورث، إذ أنها تتصل بشخص الواهب، الذي يستطيع بشخصه تقدير الاعتبارات التي يمكن أن يستند إليها في طلب الرجوع في الهبة كما أنه بالنسبة للموهوب له فإذا مـات الموهوب له فالموهوب ينتقل إلي ورثة الموهوب له باعتبـاره تركـة وبالتالي لا يجوز للواهب أن يطلب من ورثة الموهوب له الرجوع فـي الهبة.

المانع الثالث من موانع الرجوع فى الهبة: إذا تصرف الموهوب له فـي الـشيء الموهـوب تصرفاً نهائيا. فإذا اقتصر التصرف على بعض الموهـوب، جـاز للواهب أن يرجع في الباقي:

إذا تمت الهبة صحيحة بين أطرافها، وتصرف الموهوب لـه فـي المال الموهوب، بأي تصرف من التصرفات الناقلة للملكية، أو الأسباب المسقطة للملكية، فإن الهبة في هذه الحالة تصبح لازمـة، ولا يجوز للواهب طلب الرجوع في الهبة، إلا أنه إذا زال أثر التصرف في المال الموهوب، كأن كان التصرف بيع تم إبطاله، أو فسخه، فيجوز للواهـب طلب الرجوع في الهبة.

كما أنه إذا كان تصرف الموهوب له في جزء من الموهوب، فيجوز للواهب أن يطلـب الرجـوع فيمـا تبقـي مـن الموهوب.

المانع الرابع من الرجوع فى الهبة : إذا كانت الهبة من أحد الزوجين للآخـر ولـو أراد الواهب الرجوع بعد انقضاء الزوجية:

الهبة بين الزوجين هبة لازمة منذ صدورها، فلا يجـوز للواهـب الرجوع فيها بغير رضاء الموهوب له. ذلك أن الزوج إذا وهب زوجته، أو وهبت الزوجة زوجها، فإن الهبة في هذه الحالة مقصود بها توثيـق عرى الزوجية ما بين الزوجين، وقد توثقت فعلا بالهبة، فتحقق غرض الواهب، ولم يعد يستطيع الرجوع وحده في هبته بعد أن تحقق غرضه.

وحتى تكون الهبة بين الزوجين لازمة لا يجوز الرجوع فيها، يجب أن تصدر حال قيام الزوجية قبل الدخول أو بعده. فهبة الخطيب لخطيبته أو الخطيبة لخطيبها قبل قيام الزوجية يجوز الرجوع فى الهبة وفقا للقواعد المقررة في الرجوع فى الهبة، وبخاصة إذا لم يتم الزواج كما سبق القول، وهبة الرجل لمطلقته أو المطلقة لمطلقها بعد انتهاء الزوجيـة يـجـوز أيـضاً الرجوع فى الهبة طبقا للقواعد المقررة. أما إذا وقعت الهبـة وقـت قيـام الزوجية، فإنه  لا يجوز الرجوع فى الهبة كما قدمنا، حتى لـو كـانـت الرجوع فى الهبة بعد انتهاء الزوجية بالطلاق أو بالموت.

وقد قضت محكمة النقض في هذا الصدد بأن وحيث إن هذا النعي سدید، ذلك أنه لما كان يتعين طبقا للمادة 1/488 من القانون المدنى أن تكون الهبة بورقة رسمية، وإلا وقعت باطلة، وكان النص فـي المـادة 489 من ذات القانون، على أنه “إذا قام الواهب أو ورثتـه مـخـتـارين بتنفيذ هبة باطلة لعيب في الشكل، فلا يجوز لهم أن يستردوا ما سلموه، ،،،،

وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن الهبة الباطلة لعيب في الشكل لا ترد عليها الإجازة، إلا عن طريق تنفيذها تنفيذا اختياريا مـن جانب الواهب أو ورثته، بأن يكون الواهب أو الوارث عالماً بأن الهبـة باطلة لعيب في الشكل، ومع ذلك يقدم على تنفيذها راضيا مختارا، وهو على بينة من أمره، فيسلم المال الموهوب إلى الموهوب له، قاصدا من ذلك إجازة الهبة، فتنقلب الهبة الباطلة، إلى هبة صحيحة، بهذه الإجازة الخاصة،

ولا يجوز له أن يسترد ما سلمه، كما أن من المقرر كذلك أنه لما كان يجوز للواهب طبقا لنص المادة 500 مـن القـانون المدنى الرجوع في الهبة، إذا تراضي على ذلك مع الموهوب له، أو استند إلى عذر يقبله القاضي، إلا إذا وجد مانع من الرجوع في الهبـة، وكانـت المادة ٥٠٢ من القانون ذاته، قد عددت موانع الرجوع في الهبة،

وقـد جاء النص عاما بغير تخصيص، مطلقا بغير قيد، فيسرى على جميـع الهبات التي تربط الواهب فيها بالموهوب له صلة أو قرابة، ومن بينها ما نصت عليه الفقرة (د) من هذه المادة من أنه إذا كانت الهبة من أحد الزوجين للآخر، وبصدور الهبة ذاتها لا يجوز للواهب الرجوع فيهـا، بغير التراضي مع الموهوب له، إذ

تابع الطعن رقم 7701 لسنة 76 ق: أن مفاد الفقرة الأولى من المادتين 500 ، 503 من القانون ذاته أنه إذا أراد الواهب الرجوع في الهبة، وتراضي معه الموهوب له على هذا الرجوع، فإن هذا يكون إقالة من الهبة، تمت بإيجاب وقبول جديدين.

المانع الخامس من موانع الرجوع فى الهبة: إذا كانت الهبة لذي رحم محرم 

لما كان يجوز للواهب طبقا لنص المادة 500 من القانون المـدنـي الرجوع في الهبة إذا تراضي على ذلك مع الموهوب له، أو استند إلـى عذر يقبله القاضي، إلا إذا وجد مانع من الرجوع في الهبـة، وكانـت المادة ٥٠٢ من القانون المدني قد عددت موانع الرجوع في الهبة، ومن بينها ما نصت عليه الفقرة “هـ” من أنه “إذا كانت الهبـة لـذي رحـم محرم” ،،،،

ولما كان نص هذه الفقرة قد جاء عاماً بغير تخصيص، مطلقـاً بغیر قید، فيسرى على جميع الهبات التي تربط الواهب فيها بالموهوب له قرابة الرحم والمحرمين، إذ هي هبات لازمة لتحقق غرض الواهب منها – وهو صلة الرحم – بصدور الهبة ذاتها، فـلا يجـوز للواهـب الرجوع فى الهبة بغير التراضي مع الموهوب له. ويسرى على هبـة الوالد لولده.

وتطبيقا لذلك قضي بأن لما كان المقرر شرعا أن أبناء وبنات الأبن يعتبرون رحما محرما وكانت الجدة المطعون ضدها الأولى قد وهبـت لأبناء وبنات نجلها المتوفى المرحوم …. ما آل إليها من تركة خلفـت عنه وهي مقدار السدس في مساحة 18 ط ۱۰ ف محل التداعي بموجب التصرف المؤرخ ٢٠٠٨/٥/٢٩ وكان الطاعنون الموهوب لهم الأولـى بصفتها الوصية على القاصر … قبل بلوغه سن الرشد وباقي الطاعنين هم رحم محرم بالنسبة للواهبة،

ومن ثم لا يجوز لها الرجوع في الهبـة بغیر تراضي معهم، ويكون الحكم المطعون فيه وقد خالف هذا النظـر وقضى بأحقيتها في الرجوع في الهبة دون أن يكون بالأوراق ما يفيـد التراضي على ذلك قد جاء معيبا بالقصور في التسبيب ومخالفا للثابـت بالأوراق جره ذلك إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بمـا يوجـب نقضه.

المانع السادس من موانع الرجوع فى الهبة: إذا هلك الشيء الموهوب في يد الموهـوب لـه سواء كان الهلاك بفعله أو بحادث أجنبي لا يد له فيـه أو بـسبب الاستعمال، فإذا لم يهلك إلا بعض الشيء، جاز الرجوع في الباقي:

هذا المانع من موانع طلب الرجوع في الهبة، خاص بهلاك المـال الموهوب، وهذا سبب جوهري، إذ بهلاك المال الموهوب، لا يوجد مـا يتم الرجوع فيه، ولا يهم سبب الهلاك هنا، فالمقصود هو عدم وجـود المال الموهوب، وبالتالي لا يهم كون الهلاك بيد الموهوب له عن عمد أو عن إهمال أو بسبب استعمال المال الموهوب، ”

وعلي مـن يـدعي ملك المال الموهوب إقامة الدليل علي ما يدعيه. فقد قضت محكمـة النقض بأن لما كان الثابت أن الطاعن أجاب على الدعوى _ التي أقامها والده بطلب الحكم بالرجوع في الهبة بالدفع بهلاك المال الموهـوب بما يمتنع معه الرجوع في الهبة فإنه بذلك يصير مدعيا مطالبا بأن يقيم الدليل على ما يدعيه”

المانع السابع من موانع الرجوع فى الهبة: إذا قدم الموهوب له عوضا عن الهبة:

هذا المانع من موائع الرجوع في الهبة، خاص بحالة مـا إذا قـدم الموهوب له عوضا للواهب عن هبته وقبلها الواهب، سواء كـان هـذا العوض مقدما في عقد الهبة ذاته أو بعد صدوره، امتنع على الواهـب الرجوع في الهبة لتحقق غرضه منها بأخذ البدل الذي ارتضاه عـن الهبة.

المانع الثامن من موانع الرجوع فى الهبة: إذا كانت الهبة صدقة أو عملا من أعمال البر 

قد تكون الهبة على سبيل الصدقة ابتغاء الثواب في الآخرة. فهـذه هبة لازمة لا يجوز للواهب الرجوع فيها إلا بالتراضي ويلحق بالصدقة أعمال البر فلا يجوز للواهب الرجوع في هذه الأعمال.

أثر الرجوع في الهبة علي هدايا الخطبة والشبكة:

الخطبة وإن كانت تمهيدا للزواج، وهـو مـن مـسائل الأحـوال الشخصية، إلا أن الهدايا التي يقدمها أحد الخاطبين للآخـر – ومنهـا الشبكة – إبان فترة الخطبة، لا تعتبر من هذه المسائل لأنها ليست ركناً من أركان الزواج ولا شرطا من شروط صحته، إذ يتم الزواج صحيحاً بدونها، ولا يتوقف عليها،

ومن ثم يكون النزاع بشأن تلك الهدايا بعيـداً عن المساس بعقد الزواج وما هو متعلق به ويخرج ذلك عـن نطـاق الأحوال الشخصية وتعتبر هذه الهدايا من قبيل الهبات، ويسري عليها ما يسري على الهبة من أحكام في القانون المدني وقد أورد هـذا القـانون أحكام الهبة باعتبارها عقداً مالياً كسائر العقـود واسـتمد أحكامهـا الموضوعية من أحكام الشريعة، ومن ثم فإن حق الخاطب في استرداد في المادة 500 وما بعدها.

تلك الهدايا يخضع لأحكام الرجوع في الهبة الواردة في القانون المـدني ومجرد فسخ الخطبة لا يعد بذاته عذرا يسوغ للخاطب الرجوع في الهبة إلا إذا كان هذا الفسخ قائما على أسباب تبرره.

أثار الرجوع في الهبة :

•  مادة 503 مدني:

1- يترتب على الرجوع في الهبة بالتراضي أو بالتقاضـي أن تعتبـرالهبة كأن لم تكن.

٢- ولا يرد الموهوب له الثمرات إلا من وقت الاتفاق على الرجوع، أو من وقت رفع الدعوى، وله أن يرجع بجميع ما أنفقه مـن مـصروفات ضرورية، أما المصروفات النافعة فلا يجاوز في الرجوع بهـا القـدر الذي زاد في قيمة الشيء الموهوب.

 الآثار المترتبة على الرجوع في الهبة 

يترتب علي الرجوع في الهبة سواء بالتراضي، أو بالتقاضي عدة أثار بالنسبة للمتعاقدين أنفسهم، وأثار أخري بالنسبة للغير علي النحـو التالي:

أولا: أثار الرجوع في الهبة بالنسبة للمتعاقدين:

إذا تم الرجوع في الهبة سواء بالتراضي بين المتعاقدين، أو سواء صدر حكم بذلك، تعتبر الهبة كأن لم تكن، وقبل ذلك لا يستطيع الواهب أن يسترد الموهوب، فإذا استرده بغير التراضي أو التقاضـي يعتبـر غاصبا للموهوب، بما يترتب على الغصب من آثار، وإذا هلك المال في يد الواهب قبل التراضي او الحكم ب الرجوع في الهبة التزم بـرد قيمـة الموهوب إلي الموهوب له.

ويترتب علي الرجوع في الهبة، أن الواهب إذا لم يكون قـد سـلم الموهوب إلي الموهوب له، أن يمتنع الواهب عن تسليمه، وإذا كان قـد سلمه يستطيع أن يسترده.

كما أنه في حالة هلاك الموهوب في يد الموهوب له بعد الرجـوع في الهبة، كان الموهوب له ضامنا لهذا الهلاك، ويجب عليه تعـويض الواهب عن هلاك الشئ الموهوب، ولكن تطبيقا للقواعد العام، إذا كـان هلاك الشئ الموهوب نتيجة سبب أجنبي، فـإن هـلاكـه يكـون علـي الواهب، ما لم يكن الواهب قد أعذر الموهوب له بتسليم الموهوب بنـاء علي الرجوع في الهبة، وفي هذه الحالة يكون الهلاك علي الموهوب له.

أثر الرجوع في الهبة علي ثمرات الموهوب 

إذا تم الرجوع في الهبة، فإن الواهب يستحق ثمرات الموهوب من يوم التراضي أو يوم التقاضي، وقبل هذا اليوم يعتبر الموهوب له حسن النية، ويستحق الثمرات، ولكن من يوم التراضي، أو مـن يـوم رفـع الدعوى بالرجوع يعتبر الموهوب له سيء النية بالنسبة للثمرات، ويكون مسئولا عن ردها إلى الواهب.

 أثر الرجوع في الهبة علي مصروفات الموهوب:

يترتب علي الرجوع في الهبة سواء بالتراضي أو بالتقاضي، أنـه يجوز الموهوب له أن يرجع على الواهب بما أنفقه من مصروفات على غاصبا للموهوب، بما يترتب على الغصب من آثار، وإذا هلك المال في يد الواهب قبل التراضي او الحكم بالرجوع في الهبة التزم بـرد قيمـة الموهوب إلي الموهوب له.

ويترتب علي الرجوع في الهبة، أن الواهب إذا لم يكون قـد سـلم الموهوب إلي الموهوب له، أن يمتنع الواهب عن تسليمه، وإذا كان قـد سلمه يستطيع أن يسترده.

كما أنه في حالة هلاك الموهوب في يد الموهوب له بعد الرجـوع في الهبة، كان الموهوب له ضامنا لهذا الهلاك، ويجب عليه تعـويض الواهب عن هلاك الشئ الموهوب، ولكن تطبيقا للقواعد العام، إذا كـان هلاك الشئ الموهوب نتيجة سبب أجنبي، فـإن هـلاكـه يكـون علـي الواهب، ما لم يكن الواهب قد أعذر الموهوب له بتسليم الموهوب بنـاء علي الرجوع في الهبة، وفي هذه الحالة يكون الهلاك علي الموهوب له.

أثر الرجوع في الهبة علي ثمرات الموهوب 

إذا تم الرجوع في الهبة، فإن الواهب يستحق ثمرات الموهوب من يوم التراضي أو يوم التقاضي، وقبل هذا اليوم يعتبر الموهوب له حسن النية، ويستحق الثمرات، ولكن من يوم التراضي، أو مـن يـوم رفـع الدعوى بالرجوع يعتبر الموهوب له سيء النية بالنسبة للثمرات، ويكون مسئولا عن ردها إلى الواهب.

أثر الرجوع في الهبة علي مصروفات الموهوب 

يترتب علي الرجوع في الهبة سواء بالتراضي أو بالتقاضي، أنـه يجوز الموهوب له أن يرجع على الواهب بما أنفقه من مصروفات على الشيء الموهوب، وفي حالة ما إذا كانت المصروفات ضرورية، يرجع الموهوب له بها كلها على الواهب.

وإذا كانت المصروفات نافعة، الموهوب له على الواهب بأقل القيمتين: المصروفات التـي أنفقهـا أو زيادة قيمة الشيء الموهوب بـسبب هـذه المـصروفات.

وإذا كانـت المصروفات كمالية، لا يرجع الموهوب له يرجع على الواهب بـشيء منها.

ولكن يجوز له تطبيقا المادة 980 / 3 مدني أن ينزع من الشيء الموهوب ما استحدثه من منشآت على أن يعيد الشيء إلى حالته الأولي، وذلك ما لم يختر الواهب أن يستبقي هذه المنشآت بدفع قيمتها مـستحقه الإزالة

 أثر الرجوع في الهبة بالنسبة للغير:

في شأن أثر الرجوع فى الهبة بالتراضي أو بالتقاضي  بالنـسبة للغير يجب التفرقة بين التصرف في الموهوب تصرفا نهائيا، وبين حالة ترتيب حق عيني علي الموهوب.

1ـ التصرف في الموهوب تصرفا نهائيا:

إذا كان الموهوب له قد تصرف في الموهوب تصرفا نهائيا سواء بالبيع أو حتي بهبته، أو بغير ذلك من الأسباب الناقلـة للملكيـة، أو المسقطة للملكية، أصبحت الهبة لازمة، ولا يجوز للواهب الرجوع فى الهبة، وبالتالي فإذا امتنع علي الواهب الرجوع في الهبة، فإنه لا يستطيع مـع قيام العذر المقبول ل الرجوع فى الهبة أن يطالب الموهوب له بتعويض يقوم مقـام الشئ الموهوب.

۲ـ ترتيب الموهوب له على الشيء الموهوب حقا عينيا :

قد لا يتصرف الموهوب له في الشيء الموهوب تصرفا نهائيا، بل يقتصر على ترتيب حق عيني كحق انتفاع أو حق ارتفاق أو حق رهن.

ويجب في هذه الحالة، وقد انعدم النص، تطبيق القواعد العامة. وهـذه تقضي بأنه إذا كان الشيء الموهوب عقارا، وترتب حق الغيـر علـى العقار الموهوب بعد تسجيل صحيفة دعوى الرجوع في الهبـة أو بعـد تسجيل التراضي على الرجوع في الهبة، فإن حـق الغيـر فـي هـذه الحالات لا يسري بالنسبة إلى الواهب، ويسترد الواهب العقار خاليا من كل حق للغير، ويرجع الغير على الموهوب له بالتعويض طبقا للقواعد العامة.

أما إذا كان حق الغير قد ترتب وحفظ قانونا قبل تسجيل صحيفة دعوى الرجوع فى الهبة أو قبل تسجيل التراضي على الرجوع، فإن كان الغيـر حسن النية، أي لا يعلم قيام عذر مقبول ل الرجوع فى الهبة، سرى حقـه بالنسبة إلى الواهب، ولم يستطيع هذا أن يسترد العقـار الموهـوب إلا مثقلا بالحق العيني المترتب للغير. ولا يرجع الواهب بتعويض عن هذا الحق على الموهوب له.

وإذا كان الغير سيء النية، أي يعلم وقت كسبه للحق قيـام عـذر مقبول ل الرجوع فى الهبة، فإن حقه يسري بالنسبة إلى الواهب، واسـترد الواهب العقار خاليا من حقوق الغير، ورجع الغير على الموهوب لـه طبقا للقواعد العامة.

وإذا كان الشيء الموهوب منقولا،  وقام الواهـب الرجوع فى الهبة بالتراضي مع الموهوب له، فإن الرجوع فى الهبة في هذه الحالة لا يؤثر في حقوق الغير. ولا يسترد الواهب المنقول الموهـوب إلا مـثقلا بهـذه

الحقوق. أما إذا كان الرجوع فى الهبة بالتقاضي، فإن فسخ الهبة بحكم القـضاء يكون له أثر رجعي حتى بالنسبة إلى الغير، فيسترد الواهـب المنقـول خاليا من حقوق الغير.

وهذا ما لم يكن الغير قد حاز حقه وهو حـسن النية، بأن كان له حق انتفاع أو حق رهن حيازة مثلاً وحـاز المنقـول لينتفع به أو ليرتهنه وهو حسن النية، ففي هذه الحالة تكون الحيازة في المنقول سندا لحق الغير، ولا يستطيع الواهب أن يسترد المنقـول إلا مثقلا بهذا الحق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *