أصدرت الدائرة المدنية “ج” – بمحكمة النقض – حكما يهم ملايين الورثة حيث يمنع التلاعب بـ”الوكالة”، رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية بشأن “الوكالة”، قالت فيه: “الوكالة يكون قيامها على الاعتبار الشخصي في إبرامها، والأثار المترتبة عليها هو عدم انصراف آثارها بعد وفاة الموكِّل إلى ورثته بوصفهم خلفًا عامًا له، وعلة ذلك المادة 714 مدنى.
ملحوظة: تعريف الوكالة طبقا للمادة 699 من القانون المدنى على أنه: “الوكالة عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانونى لحساب الموكل”، بما مفاده أنه يجب أن يكون الموكل أهلا للتصرف القانونى محل الوكالة، أما الوكيل فلا تشترط فيه هذه الأهلية لأن التصرف لا ينصرف إليه ويكفى أن يكون مميزا.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 3686 لسنة 86 القضائية، برئاسة المستشار بدوى إبراهيم، وعضوية المستشارين مصطفى عزالدين، وهشام محمد، وعبدالله عبدالمنعم، ومصطفى الجابرى.
الوقائع.. نزاع بين ورثة بعد وفاة المورث
الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام ضد مورث المطعون ضدهم أولاً والمطعون ضدها ثانيا الدعوى رقم 25 لسنة 2013 مدنی جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بصورية عقد البيع الابتدائي المؤرخ 15 مارس 2007 صورية مطلقة، وقال بيانا لذلك أنه بتاريخ 13 مايو 2007 توفى المرحوم “زين. ه” عن وارثين شرعيين هما والدته المطعون ضدها ثانيا ولها ثلث التركة، والطاعن وله ثلثي التركة دون شريك أو من يستحق وصية واجبة، وذلك وفقاً لما هو ثابت من إعلام الوراثة الشرعي.
هذا وقد ترك مورثه تركة تمثلت في أطيان زراعية تبلغ مساحتها 42 فدان آلت له بالميراث الشرعي عن أبيه، وإذ طالب الطاعن المطعون ضدها ثانياً بحصته في تركة مورثهما في الدعوى رقم 550 لسنة 2007 مدنى جزئي أجا، فتدخل مورث المطعون ضدهم أولاً في الدعوى مدعيا شراء مساحة 12 فداناً من أرض التداعي بموجب العقد سند التداعي الصادر له من المطعون ضدها، ثانيا بصفتها وكيلة عن مورتهما، ومن ثم فقد أقام الدعوى.
أحد الورثة يقر بأنه استعمل الوكالة للبيع لنفسه
وفى تلك الأثناء – حكمت المحكمة برفض الدعوى، ثم استأنف الطاعن هذا الحكم لإلغاءه بالاستئناف رقم 6546 لسنة 130 قضائية القاهرة، وتم اختصام المطعون ضدهم أولا لوفاة مورثهم، فأحالت المحكمة الدعوى للتحقيق، وبعد أن استمعت لشاهدي الطاعن قضت بتاريخ 12 يناير 2016 برفض الاستئناف، ثم طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي ينقض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره.
الورثة يطعنون على البيع
مذكرة الطعن استندت على سبب واحد لإلغاء الحكم حيث ذكرت إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك قال: أنه أقام دعواه بطلب صورية عقد البيع المؤرخ 15 مارس 2007 الصادر من المطعون ضدها ثانيا إلى مورث المطعون ضدهم أولاً لصوريته المطلقة تأسيسا على انعدام إرادة مورثه “موكلها” بوفاته، واستخدامها التوكيل الصادر لها من مورثها بعد انتهائه، وإبرامها ذلك العقد بعد وفاته تحايلاً على أحكام الإرث إضرارًا به لمنعه من نصيبه الشرعي في الميراث.
محكمة أول وثانى درجة تقران البيع وصحته
وتابعت “مذكرة الطعن”: وقد أسس دعواه على حقه في الطعن على تصرفات مورثه الضارة بحقه في الإرث، وأورد أدلته على صورية عقد التداعي المتمثلة في عدم سداد ثمن الأرض المباعة وصلة القرابة بين المطعون ضدها ثانياً ومورث المطعون ضدهم أولاً وعدم تخلى مورثهما عن حيازة أرض التداعي، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض استئنافه تأسيساً على تكييف دعواه بأنها طلب بطلان عقد التداعي لتجاوز المطعون ضدها ثانياً حدود الوكالة رغم اختلاف قواعد إثبات وأحكام وآثار دعواه المقامة على أحكام الصورية المطلقة عما انتهت إليه محكمة الاستئناف في وصفها للدعوى، فإنها تكون قد قضت بما لم يطلبه بما يعيب حكمها، ولا ينال من ذلك استفاده إلى التوكيل سالف البيان الذي استخدمته – المطعون ضدها ثانياً – في إبرام العقد إذ أنه أحد الأدلة التي ساقها إثباتاً لصورية عقد التداعي، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن هذا النعي سديد، ذلك بأنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن الوارث يعتبر في حكم الغير بالنسبة للتصرف الصادر من المورث إذا كان طعنه على هذا التصرف هو أنه وإن كان في ظاهره بيعا منجزاً، إلا أنه في حقيقته وصية إضراراً بحقه في الميراث أو أنه صدر في مرض موت المورث، فيعتبر هذا وذاك في حكم الوصية لأنه في هاتين الصورتين يستمد الوارث حقه من القانون مباشرة حماية له من تصرفات مورثه التي قصد بها الاحتيال على قواعد الإرث التي تعتبر من النظام العام، ويكون له إثبات الصورية التي تمس حقه في الميرات بكافة طرق الإثبات ومن المقرر أيضا أن إغفال الحكم بحث دفاع جوهري أبداء الخصم يترتب عليه بطلان الحكم للقصور في أسبابه الواقعية .
الورثة يطعنون لإلغاء الحكم
وبحسب “المحكمة”: ومن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن المادة 714 من القانون المدني تنص على أن الوكالة تنتهي بموت الموكل أو الوكيل، وقد ورد هذا النص في حدود الاستثناء الذي قررته المادة 145 من القانون المدني، فلا ينصرف أثر عقد الوكالة بعد وفاة الموكل أو الوكيل إلى ورثته بوصفهم خلفاً عاماً، لأن المشرع افترض أن إرادة المتعاقدين الضمنية اتجهت إلى انقضاء عقد الوكالة بوفاة أيهما اعتباراً بأن هذا العقد من العقود التي تراعى فيها شخصية كل متعاقد.
النقض تنصف الورثة وتقر: عدم انصراف آثارها بعد وفاة الموكِّل إلى ورثته
لما كان ذلك – وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض دعوى الطاعن بصورية عقد البيع سند التداعي صورية مطلقة استناداً إلى عبارات ذلك العقد والتوكيل الصادر من مورث الطاعن والمطعون ضدها ثانياً للأخيرة، والذى باعت بموجبه لمورث المطعون ضدهم أولاً حصة شائعة من أرض التداعي منتهياً إلى أنه يجيز لها البيع لنفسها، ودون أن يعرض لأقوال شاهديه أمام محكمة الاستئناف بقالة:
“ولما كان ذلك وكان الثابت من عقد الوكالة الصادر من مورث المستأنف والمستأنف ضدها الثانية أن للمستأنف ضدها الثانية حق شخصي في عقد الوكالة لتضمنه الحق في البيع للنفس والغير بالتالي يظل هذا الحق قائماً حتى في حالة وفاة الموكل طالما أن الوكيل لم يتنازل عن هذا الحق وينصرف أثر البيع إلى الأصيل – مورثي طرفي النزاع – وطبقاً للقواعد العامة يظل الوكيل مسئولاً عن إبراء ذمته قبل ورثة الموكل في حالة وفاته بتسليم ثمن المبيع سواء للأصيل إذا تم البيع حال حياته أو لورثته إذا تم البيع بعد وفاته”.
ووفقا لـ”المحكمة”: وهو ما لا يصلح رداً على الدفاع الجوهري الذى لو صح لتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه يكون فضلا عن مخالفته للقانون وخطته في تطبيقه إخلاله بحق الطاعن في الدفاع قدران عليه قصور مبطل بما يعيبه ويوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة .
لذلك:
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة، والزمت المطعون ضدهم بالمصاريف ومبلغ مائتي جنيه أتعاب المحاماة.