يقصد بتعدد الجرائم حالة ارتكاب الشخص لعدة جرائم قبل أن يحكم عليه نهائيا فى واحدة منها – وتتعدد العقوبات بتعدد الجرائم، إلا ما استثنى منها بنص خاص، فتعدد الجرائم بتعدد الركنين المادي والمعنوي، وهذا يقتضى تعدد السلوك والنتيجة فلا يرتكب الشخص سوى جريمة واحدة إذا قام بسلوك واحد، سواء تكون هذا السلوك من فعل واحد أو من جملة أفعال، ولو ترتب على ذلك أكثر من نتيجة، وكذلك تكون الجريمة واحدة متى كانت النتيجة واحدة، ولو تعدد السلوك الذى أدى إليها.
بمعنى أدق القانون يقرر لكل جريمة عقوبة، فإذا كانت الجريمة المرتكبة واحدة فلا محل لتعدد العقوبات، أما إذا ارتكب المتهم عددا من الجرائم، فالأصل أن يوقع عليه عدد من العقوبات بقدر عدد جرائمه، فإذا ارتكب الشخص جريمة ثم ارتكب أخري فلا يجوز أن تكون إحداهما سببا للإعفاء من العقوبة المقررة للأخرى .
سجين
نلقى الضوء على إشكالية فى غاية الأهمية، تتمثل فى كيفية تنفيذ العقوبات فى حالة تعدد الجرائم؟..وما المقصود بجب العقوبة؟.. وما هو ترتيب تنفيذ العقوبات السالبة للحرية إذا تنوعه؟ فى الوقت الذى ينظر فيه للتعدد إلي أشخاص المجني عليهم تارة وتارة أخرى بالنظر إلي الأفعال التي تكون جرائم متعددة .
تعدد الجرائم والعقوبات فى قانون العقوبات
فى البداية – المشكلة التي يثرها تعدد الجرائم تدور حول العقوبة التي توقع علي مرتكب الجرائم المتعددة: أهي عقوبة واحدة من أجل إحداها أم عقوبات متعددة بقدر عددها؟ يرجح المنطق القانوني الحل الثاني: ذلك أن لكل جريمة عقوبتها, فإذا كانت الجريمة واحدة فلا توقع سوي عقوبتها, أما إذا تعددت الجرائم فإن عقوبتها تتعدد تبعا لذلك، ولكن هذا الحل يعيبه أن تعدد العقوبات قد يستحيل في العمل به –.
محكمة
وقد خصص المشروع الجنائى القسم الثالث من الباب الثالث من قانون العقوبات المواد من “32” إلى “38” لتأكيد قاعدة تعدد العقوبات بتعدد الجرائم، فتنص المادة “33” من قانون العقوبات على أن: “تتعدد العقوبات المقيدة للحرية إلا ما استثنى بنص المادتين 35 و 36″، وتنص المادة “37”: على أن “تعدد العقوبات بالغرامة دائما”، ولم يضع القانون لتعدد الغرامة أى قيد فتنفذ على المحكوم عليه مهما بلغ مجموعها ووفقا للمادة “38” فإنه: “تتعدد عقوبة مراقبة البوليس، ولكن لا يجوز أن تزيد مدتها كلها على 5 سنين”، ولم ينص القانون على غير ذلك من العقوبات، أصلية أو تبعية أو تكميلية، فتسرى عليها القاعدة العامة فتتعدد بتعدد الجرائم –.
العقوبات المقررة فى قانون العقوبات
ومن المعلوم أن العقوبات المقررة فى قانون العقوبات هى: الإعدام والسجن المؤبد والسجن المشدد والسجن فى جرائم الجنايات، والحبس مع الشغل والحبس البسيط والغرامة التى يزيد أقصى مقدار لها على مائة جنيه فى جرائم الجنح، والغرامة التى لا يزيد أقصى مقدار لها على مائة جنيه فى جرائم المخالفات.
ترتيب التنفيذ فى العقوبات السالبة للحرية
ومن حيث ترتيب التنفيذ فى العقوبات السالبة للحرية، فقد نصت المادة “34” عقوبات على الترتيب الذى يتبع العقوبات السالبة للحرية إذا تنوعت “فإذا تنوعت العقوبات المتعددة وجب تنفيذها على الترتيب الآتي: “أولا” السجن المؤبد، “ثانيا” السجن المشدد، “ثالثا” السجن، “رابعا” الحبس مع الشغل، “خامسا” الحبس البسيط، فلم يأخذ المشروع الجنائى فى التنفيذ بترتيب صدور الأحكام بكل عقوبة، وإنما أخذ بترتيب أساسه البدء بالعقوبة الأشد فما يليها وهكذا، وقد يحدث أن يحكم على شخص بعقوبة أشد أثناء التنفيذ عليه بعقوبة أخف فعندئذ يوقف تنفيذ العقوبة الأخف إلى أن تنفذ عليه العقوبة الأشد.
بيد أن المشروع الجنائى قيد تعدد العقوبة السالبة فى المادتين “35” و “36” عقوبات بقيدين، مع الضرورة مراعاة أن القانون رقم 95 لسنة 2003 الذى استبدل عبارة الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة بالسجن المؤبد أو السجن المشدد أينما وردت لم يتعرض لعبارة الأشغال الشاقة “بمفردها”، مما يستلزم معه تدخلا تشريعيا لرفع هذا التعارض وعملا بقاعدة التفسير الأصلح للمتهم -أولهما: أن عقوبة الأشغال الشاقة تجب بمقدار مدتها كل عقوبة مقيدة للحرية محكوم بها لجريمة وقعت قبل الحكم بالأشغال الشاقة المذكورة، وثانيهما: عدم جواز زيادة العقوبات السالبة للحرية عن حد معين، “فإذا ارتكب شخص جرائم متعددة قبل الحكم عليه من أجل واحدة منها وجب أن ألا تزيد مدة السجن المشدد على عشرين سنة وألا تزيد مدة الحبس وحده على ست سنين”.
وتجدر الإشارة إلى أن قيود التعدد، سواء ما تعلق منها بالجب أو بعدم تجاوز العقوبات الحدود المبينة فى المادتين “35” و “36” عقوبات، هى قيود خاصة بتنفيذ العقوبات المتعددة، فالأمر فيها موجه إلى سلطة التنفيذ، أما المحكمة فتحكم بالعقوبة التى تراها لكل جريمة من الجرائم المعروضة عليها.
ما هو ترتيب تنفيذ العقوبات السالبة للحرية إذا تنوعت؟
وفقا للمادة “34” من قانون العقوبات.
إذا تنوعت العقوبات المتعددة وجب تنفيذها على الترتيب الآتي:
أولاً – السجن المؤبد.
ثانياً – السجن المشدد.
ثالثاً – السجن.
رابعاً – الحبس مع الشغل.
خامساً – الحبس البسيط.
فنص المشرع علي تنفيذ العقوبة الأشد ثم الأخف منها مباشرة فعندئذ يوقف تنفيذ العقوبة الأخف إلى أن تنفذ عليه العقوبة الأشد.
هل يجوز جب “خصم” عقوبة الأشغال الشاقة بمقدار مدتها ؟
نصت المادة 35 من قانون العقوبات: “تُجب عقوبة الأشغال الشاقة بمقدار مدتها كل عقوبة مقيده للحرية محكوم بها لجريمة وقعت قبل الحكم بالإشغال الشاقة المذكورة”.
ماهي العقوبات التي يسري عليها الجب ؟
الجب مقتصر علي العقوبات السالبة للحرية والعقوبة الوحيدة التي تجب غيرها هي الأشغال الشاقة والعقوبتان اللتان يتصور جبهما هما السجن والحبس، بمعني إذا صدر ضد الشخص حكم لحيازته مخدرات وسلاح ناري فصدر حكم ضده بالسجن المشدد 5 سنوات في جناية مخدرات وصدر ضده حكم بالسجن 3 سنوات في السلاح يتم جب الأشغال الشاقة مده السجن .
ماذا لو ارتكب شخص جرائم متعددة قبل الحكم عليه من أجل واحدة منها ؟
نصت للمادة “36” من قانون العقوبات: “إذا ارتكب شخص جرائم متعددة قبل الحكم عليه من أجل واحدة منها وجب أن لا تزيد مدة السجن المشدد على 20 سنة ولو فى حالة تعدد العقوبات وأن لا تزيد مدة السجن أو مدة السجن والحبس على 20 سنة وأن لا تزيد مدة الحبس وحده على 6 سنين”.
فمن القيود الواردة علي قاعدة تعدد العقوبات قيد عدم تجاوز العقوبات السالبة للحرية لحد معين وهي 20 سنة في بعض الحالات و6 سنوات في حالات أخري، بمعني: “هناك شخص متهم بعدة قضايا وهناك تعدد عقوبات بعقوبة الأشغال الشاقة المؤقت أو الحكم بالسجن أو الحكم بعقوبة السجن والحبس يجب ألا يزيد علي 20 سنة”، أما في حالة الحكم بالحبس مثل قضايا التبديد مثلا فيوجد أحكام تصدر ضد شخص يصل مجموع أحكامها 60 سنة مثلا فلا يجوز تنفيذ أكثر من 6 سنوات.
هل هناك شروط لهذا القيد؟
نعم يشترط لتطبيق هذا القيد أن يكون الجاني قد ارتكب كل جرائمه قبل الحكم نهائياَ في إحداهما، فقانون العقوبات في حالة الجرائم المتعددة للفعل الواحد تكون العقوبة للجرائم المتعددة السجن المشدد.
تعدد العقوبات بالغرامة ؟
نعم تتعد العقوبات بالغرامة، حيث نصت المادة “37” عقوبات “تعدد العقوبات بالغرامة دائما” ولم يضع القانون لتعدد الغرامة أى قيد فتنفذ على المحكوم عليه مهما بلغ مجموعها.
هل تتعدد عقوبة مراقبة البوليس؟
نعم حيث نصت المادة “38” عقوبات : “تتعدد عقوبة مراقبة البوليس، ولكن لا يجوز أن تزيد مدتها كلها على خمس سنين”، ولم ينص القانون على غير ذلك من العقوبات، أصلية أو تبعية أو تكميلية، فتسرى عليها القاعدة العامة فتتعدد بتعدد الجرائم.