تمثل وسائل التواصل الاجتماعي ثورة رقمية نتيجة استخدامها في نشر المعلومات، فالمستخدم يمكن له نشر برامج أو مؤلفات على صفحات الويب، وإبرام صفقات تجارية والتواصل مع أقرانه، والتنقل بين أرجاء العالم، الأمر الذي جعل هذه الشبكات ذات طبيعة عالمية، ويقتضي التواصل الاجتماعي عبر هذه الشبكات وجود أجهزة مترابطة تستخدم لتدفق المعلومات، وعليه فالإنترنت هو السبب الرئيسي في ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، وتحويل المستخدم السلبي إلى مستخدم نشط، وقادر على إنشاء معلومات ومحتوى، والتفاعل مع الآخرين.

فقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي اليوم إحدى المحطات المهمة في تطور العمل الإعلامي، فضلاً عن توسيع رقعة الجمهور. وتجاوز الحدود المكانية، كما كان ظهور شبكة الإنترنت بمثابة ثورة غير مسبوقة في مجال وسائل الاتصال والمعلومات، بما أتاحته من حرية وسرعة متابعة الحدث على مدار الساعة وبما قدمته من خدمات متعددة من مواقع ومنتديات وتصفح حيث أدى ذلك إلى زيادة دور شبكات التواصل الإجتماعى، باعتبارها وسائل حرة للتعبير والتفاعل والتواصل بين أفراد المجتمع.

كيف تساهم مواقع التواصل الاجتماعي في التحقيقات القضائية؟

في التقرير التالى، يلقى “قانون يالعربى ” الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتمثل فى مساهمة مواقع التواصل الاجتماعي في “التحقيقات القضائية”، خاصة وأنه كما ذكرنا من قبل أن مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل كبير في الآونة الأخيرة في تفعيل أواصر المحبة بين الكثير من فئات المجتمع، وكذلك دورها الكبير في تفعيل الحوار بين مختلف الشعوب والثقافات، كما وأنها استخدمت كوسيلة لنقل الأخبار بالصور وبالفيديوات وبصوره آنية لما يحدث في العالم من إحداث مختلفة بكافة تفاصيلها واستخدامها على نطاق واسع .

في البداية – أصبحت مواقع التواصل الاجتماعى هي الوسيلة الإعلامية الأكثر أنتشاراً والأكثر مشاهدة من قنوات التلفاز لما لها من قدرة على إيصال المعلومة بصورة دقيقة وسريعة ويمكن مشاهدتها على مدار العالم في دقائق معدودة، كما وأنها تسمح لأي مشترك في هذه المواقع بإن يقوم بتحميلها أو إعادة نشرها من جديد، وبهذه الحالة ستكون من الوسائل الأكثر خطورة على مستوى البيانات المتحركة، كما أنها تسمح للكثير من الأشخاص بأن يكونوا قنوات إعلامية صغيرة ومنفردة، وكذلك وجود خاصية البث المباشر “الحي”، ولا غبار على ذلك أن يقوم البعض منهم باستغلال هذه الوسيلة استغلال خاطئ، فيعمل على نشر الإشاعات، وهدم القيم، والترويج للفتن، والتحريض على الرزيلة بدون رقيب عليه أو رادع إلا نفسه .

المشرع استغلها لاستقصاء الجرائم وتعقب مرتكبيها وجمع الأدلة

وقد شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة وفي الوطن العربي على وجه الخصوص المثال الحي على خطورة الاستغلال السيء لهذه المواقع، وما أدى إليها من انهيار لبعض الدول بسبب نشر الإشعاعات التي أنتشرت هنا وهناك، كما لاحظنا كيف أنها استخدمت كوسيلة للاستفادة منها في كثير من الدول في الوطن العربي، إلا أن ذلك لا يمنع من وجود فئة ضاله مهمتها التخريب ونشر الفتن، ونرى أن استعمال وسائل التواصل الاجتماعي لاستقصاء الجرائم وتعقب مرتكبيها وجمع الأدلة من حولها من شأنها المساهمة في تعزيز هذه التحقيقات، وكذلك أنها ستكون يد مساعدة على فك الكثير من الخيوط الجرمية التي تساعدنا للوصول إلى مرتكب الجريمة.

لكن قبل ذلك كله يجب أن تتم هذه الإجراءات بشروط قانونية والتي منها هي احترام الضمانات القانونية والإجراءات القضائية التي تنص عليها القواعد القانونية، وكذلك الحق في الخصوصية، وكذلك أيضاً حقوق الدفاع بشكل عام التي نص عليها الدستور، وقبل ذلك أن تكون هناك أوامر قضائية بهذا الخصوص، وكذلك أهمية التعاون الدولي في مجال هذه الجرائم، لأنها من الجرائم التي تتسم بطابع الجرائم العابرة للحدود والتي يقتضي من خلالها التعاون الدولي بين الدول تحت مسمى الانابة القضائية الدولية .

فك الكثير من الخيوط الجرمية للوصول إلى مرتكب الجريمة

وكذلك مساعدة هذه المؤسسات الرقمية لرجال شرطة الإنتربول أو رجال التحقيق في البحث عن معلومات أكثر دقة عن الاشخاص الضارة ومعرفة أوقات الدخول وأوقات الخروج والمواقع التي دخل عليها من خلال الشبكة المعلوماتية والحصول على lP الخاص به وكذلك الحصول على معلومات من مزود الخدمة حول اسمه وعنوانه وعدد الداخلين على الشبكة الخاصة به، كل ذلك سيساهم بشكل كبير وفعال في القاء القبض على الفاعل الاصلي للجريمة كما حدثت في دول متعددة، وفي كتاب القاضي الدكتور وسيم شفيق الحجار والذي جاء تحت مسمى النظام القانوني لوسائل التواصل الإجتماعي، ونرى من خلاله كيف أستخدمت دولة كندا على سبيل المثال.

كلمة السر “قانون تقنية المعلومات”

حيث أصبحت الشرطة الكندية تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي، لنشر معلومات للجمهور، وكذلك لتجميع معلومات إستراتيجية أستخبارتية، حول المخاطر والعنف، والاحتجاجات أو النشاطات الاجرامية، ولتحديد الشهود والضحايا المحتملين الذين قد ينشرون بعد حصول الجريمة صوراً، أو أفلام تسمح  بالتعرف إليهم وبتجميع أدلة حولها، نتذكر من ذلك ماعلمتنا مادة التحقيق الجنائي كيف أن المجرم يحوم حول جريمته بعد إرتكبها، ويؤيد معظم مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في كندا رقابة الشرطة على هذه الوسائل باعتبار أن المخاطر المحتملة على حرية التعبير هي ضئيلة مقارنة بالحاجة إلى الأمن، ومن الأفضل للحكومات ضمن سياسية الانفتاح والشفافية وضع بيان على وسائل التواصل الاجتماعي بأنها مراقبة للنشاطات الاجرامية، والتي تتمثل في قانون تقنية المعلومات أو ما يعرف بقانون “جرائم الإنترنت” الذى سنته العديد من الدول العربية وعلى رأسها مصر، ولازالت دول أخرى في الطريق لسن القانون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *