شروط صحة تحريات المباحث وأهم 2 أركان للتحريات , تعتبر صحة تحريات المباحث أمرًا بالغ الأهمية في عالم تطورت فيه وسائل البحث والتحقيق بشكل كبير. إذا نظرنا إلى الدور الحاسم الذي تلعبه الأجهزة الأمنية والشرطية في المجتمعات الحديثة، سنجد أن فعالية ودقة تلك التحريات تمثل عنصراً أساسياً في الحفاظ على الأمن والنظام، وتقديم العدالة.
تحتاج الجهات الأمنية إلى معلومات دقيقة وموثوقة للتحقيق في الجرائم وكشف الجرائم المختلفة، وهذا يعني أن التحريات يجب أن تتسم بالدقة والموضوعية والشفافية. ولضمان ذلك، هناك العديد من العوامل التي يجب مراعاتها والتركيز عليها عند تنفيذ تحريات مباحث.
يهدف هذا المقال إلى استكشاف أهمية صحة تحريات المباحث وأثرها على العدالة والأمن في المجتمع. سنناقش أيضًا العوامل التي تسهم في تحقيق تحريات ناجحة وما يجب أن يتم مراعاته من قبل الجهات الأمنية والتحقيق في سبيل تعزيز النزاهة والفعالية في هذا المجال.
أسباب بطلان تحريات المباحث:
تنص المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية المصري على أنه: “يجوز للمحقق أن يكلف أحد ضباط الشرطة بالبحث والتحري عن الجرائم التي تقع في دائرة اختصاصه، وعليه أن يرفع إليه تقريراً مفصلاً بالنتيجة التي انتهى إليها”.
وبناءً على ذلك، فإن تحريات المباحث هي عبارة عن مجموعة من الإجراءات التي يقوم بها ضباط الشرطة للكشف عن جريمة ما، وتحديد مرتكبها. وتكون هذه التحريات إما بناءً على شكوى من أحد المواطنين، أو بناءً على معلومات أو قرائن توصل إليها ضباط المباحث.
ونظراً لأن التحريات هي مجرد عمل إداري، فإنها لا تصلح وحدها دليلاً على ثبوت التهمة. وإنما يجب أن تساندها أدلة أخرى، مثل شهادة الشهود، أو الاعتراف، أو المضبوطات.
وهناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى بطلان تحريات المباحث، ومن أهمها ما يلي:
- عدم صحة مصدر التحريات: فإذا كانت التحريات قد استندت إلى معلومات أو قرائن غير صحيحة، أو إلى مصادر غير موثوقة، فإنها تكون باطلة.
- عدم كفاية التحريات: فإذا كانت التحريات قد أجريت بشكل غير كاف، أو إذا لم تتضمن معلومات كافية لتكوين عقيدة المحكمة، فإنها تكون باطلة.
- عدم مشروعية التحريات: فإذا كانت التحريات قد أجريت بطريقة مخالفة للقانون، فإنها تكون باطلة.
ومن أمثلة بطلان تحريات المباحث ما يلي:
- إذا استندت التحريات إلى معلومات أو قرائن من مصادر غير موثوقة، مثل إشاعات العامة، أو أقوال المرشدين الجنائيين.
- إذا أجريت التحريات بشكل غير كاف، مثل عدم استجواب الشهود، أو عدم فحص الأدلة المادية.
- إذا أجريت التحريات بطريقة مخالفة للقانون، مثل التعذيب، أو التفتيش غير المشروع.
ويمكن للمتهم أن يدفع ببطلان تحريات المباحث أمام المحكمة، وذلك من خلال تقديم طلب إلى المحكمة ببطلان التحريات، مع بيان الأسباب التي تستند إليها. وتقوم المحكمة بفحص الطلب، وإصدار قرارها بشأنه.
وفي حالة صدور قرار ببطلان تحريات المباحث، فإن ذلك يؤدي إلى عدم جواز الاعتماد على هذه التحريات في الحكم بإدانة المتهم.
بطلان التحريات:
بطلان التحريات هو مصطلح قانوني يشير إلى عدم صحة التحريات التي يقوم بها ضباط الشرطة في إطار التحقيق الجنائي. ويؤدي بطلان التحريات إلى عدم جواز الاعتماد عليها في الإدانة، حيث أنها تعتبر مجرد عمل إداري لا تصلح وحدها دليلاً على ثبوت التهمة.
ويمكن للمتهم أن يدفع ببطلان التحريات أمام المحكمة، وذلك من خلال تقديم طلب إلى المحكمة ببطلان التحريات، مع بيان الأسباب التي تستند إليها. وتقوم المحكمة بفحص الطلب، وإصدار قرارها بشأنه.
وفي حالة صدور قرار ببطلان التحريات، فإن ذلك يؤدي إلى عدم جواز الاعتماد على هذه التحريات في الحكم بإدانة المتهم.
وفيما يلي بعض الأمثلة على كيف يمكن أن يؤدي بطلان التحريات إلى تبرئة المتهم:
- إذا استندت التحريات إلى معلومات أو قرائن كاذبة، مثل أن المتهم قد شوهد في مكان الجريمة في وقت وقوعها، بينما كان في الواقع في مكان آخر.
- إذا أجريت التحريات بشكل غير كاف، مثل عدم استجواب الشهود الذين يمكنهم تقديم أدلة تبرئة المتهم.
- إذا أجريت التحريات بطريقة مخالفة للقانون، مثل التعذيب المتهم للحصول على اعتراف منه.
وعليه، فإن بطلان التحريات هو إجراء مهم يهدف إلى حماية حقوق المتهم، وضمان سير العدالة.
أركان التحريات:
تُعرَّف التحريات بأنها مجموعة من الإجراءات التي يقوم بها ضباط الشرطة للكشف عن جريمة ما، وتحديد مرتكبها. وتكون هذه التحريات إما بناءً على شكوى من أحد المواطنين، أو بناءً على معلومات أو قرائن توصل إليها ضباط المباحث.
ولكي تكون التحريات صحيحة وقانونية، يجب أن تتوافر فيها مجموعة من الأركان، وهي:
المشروعية: يجب أن تكون التحريات مشروعة، أي أن تكون قد تمت وفقًا للقانون. وتشمل الشرعية ما يلي:
- أن تكون التحريات قد تمت بمعرفة ضباط الشرطة المختصين.
- أن تكون التحريات قد تمت وفقًا للإجراءات القانونية المقررة.
- أن تكون التحريات قد تمت دون تجاوز للسلطات المخولة لضباط الشرطة.
الموضوعية: يجب أن تكون التحريات موضوعية، أي أن تكون قد تمت على أساس من الدليل والبرهان، وليس على أساس الشك أو الظن.
- الدقة: يجب أن تكون التحريات دقيقة، أي أن تكون قد تمت بعناية وحرص، بحيث يتم جمع المعلومات والبيانات الصحيحة، وتجنب جمع المعلومات والبيانات الخاطئة أو المضللة.
وإذا تبين للمحكمة أن تحريات المباحث باطلة، فإنها لا تأخذ بها في حكمها.
كيفية التظلم من تحريات المباحث:
يمكن التظلم من تحريات المباحث من خلال تقديم طلب إلى المحكمة المختصة، مع بيان الأسباب التي تستند إليها. ويجب أن يتضمن الطلب ما يلي:
- اسم الشاكي أو المتهم، وبياناته الشخصية، وموطنه المختار.
- اسم الجهة التي أصدرت التحريات، وتاريخ صدورها.
- أسباب التظلم من التحريات، مع بيان الأدلة التي تستند إليها.
ويمكن تقديم طلب التظلم من تحريات المباحث إلى المحكمة المختصة من خلال أحد المحامين، أو من خلال المتهم نفسه إذا كان مؤهلاً قانوناً لذلك.
وتقوم المحكمة المختصة بفحص طلب التظلم، وإصدار قرارها بشأنه. وفي حالة قبول التظلم، فإن ذلك يؤدي إلى بطلان التحريات، وبالتالي عدم جواز الاعتماد عليها في الإدانة.
وفيما يلي بعض النصائح التي يمكن أن تساعد في التظلم من تحريات المباحث:
- يجب أن يكون التظلم مسبباً، وأن يتضمن بياناً واضحاً للأسباب التي تستند إليها.
- يجب أن يتضمن التظلم الأدلة التي تدعم أسبابه، مثل شهادة الشهود، أو المستندات الرسمية، أو أي أدلة أخرى.
- يجب أن يرفع التظلم إلى المحكمة المختصة في الوقت المناسب، قبل صدور الحكم في القضية.
وعليه، فإن التظلم من تحريات المباحث هو إجراء مهم يمكن أن يسهم في حماية حقوق المتهم، وضمان سير العدالة.
عدم جدية التحريات:
عدم جدية التحريات هو أحد الأسباب التي قد تؤدي إلى بطلان التحريات. ويقصد بعدم جدية التحريات أن تكون التحريات قد أجريت بشكل غير كاف، أو أن تكون قد استندت إلى معلومات أو قرائن غير موثوقة.
ومن الأمثلة على عدم جدية التحريات ما يلي:
- عدم استجواب جميع الشهود الذين يمكنهم تقديم معلومات ذات صلة بالجريمة.
- عدم فحص جميع الأدلة المادية المتعلقة بالجريمة.
- الاعتماد على معلومات أو قرائن غير موثوقة، مثل أقوال الشهود غير الموثوق بهم، أو أقوال المرشدين الجنائيين.
ويمكن للمتهم أن يدفع بعدم جدية التحريات أمام المحكمة، وذلك من خلال تقديم طلب إلى المحكمة ببطلان التحريات، مع بيان الأسباب التي تستند إليها. وتقوم المحكمة بفحص الطلب، وإصدار قرارها بشأنه.
وفي حالة قبول المحكمة لدفع عدم جدية التحريات، فإن ذلك يؤدي إلى بطلان التحريات، وبالتالي عدم جواز الاعتماد عليها في الإدانة.
وفيما يلي بعض الأمثلة على كيف يمكن أن يؤدي عدم جدية التحريات إلى تبرئة المتهم:
- إذا لم يتم استجواب الشهود الذين يمكنهم تقديم أدلة تبرئة المتهم، فإن ذلك قد يؤدي إلى عدم وجود دليل كافٍ لإدانته.
- إذا لم يتم فحص الأدلة المادية المتعلقة بالجريمة، فإن ذلك قد يؤدي إلى عدم وجود دليل كافٍ لإدانته.
- إذا تم الاعتماد على معلومات أو قرائن غير موثوقة، فإن ذلك قد يؤدي إلى اتهام المتهم زوراً.
وعليه، فإن عدم جدية التحريات هو إجراء مهم يهدف إلى حماية حقوق المتهم، وضمان سير العدالة.
المصدر السري في التحريات:
المصدر السري في التحريات هو شخص مجهول الهوية يقدم معلومات أو قرائن إلى ضباط الشرطة في إطار التحقيق الجنائي. وقد يكون هذا الشخص شاهداً على الجريمة، أو مشتبهاً فيه، أو أي شخص آخر لديه معلومات ذات صلة بالجريمة.
ويجوز لضباط الشرطة أن يعتمدوا على المعلومات أو القرائن التي يقدمها المصدر السري في التحريات، ولكن لا يجوز لهم الإفصاح عن هوية هذا المصدر، إلا في حالة صدور حكم قضائي بذلك.
ويعتبر المصدر السري أحد أهم مصادر المعلومات بالنسبة لضباط الشرطة، حيث يمكن أن يقدم معلومات أو قرائن قد لا تكون متاحة من مصادر أخرى. ولكن في نفس الوقت، فإن عدم معرفة هوية المصدر السري قد يثير بعض الشكوك حول مصداقية المعلومات أو القرائن التي يقدمها.
وهناك العديد من الأسباب التي قد تدفع الشخص إلى تقديم معلومات أو قرائن إلى ضباط الشرطة بشكل سري، مثل:
- خوفه من الانتقام أو التعرض للخطر.
- رغبته في حماية نفسه أو أسرته.
- رغبته في المساهمة في العدالة.
وفيما يلي بعض الأمثلة على كيفية استخدام المصدر السري في التحريات:
- قد يوفر المصدر السري معلومات عن مكان اختباء المشتبه فيه.
- قد يوفر معلومات عن كيفية ارتكاب الجريمة.
- قد يوفر معلومات عن شركاء المشتبه فيه في الجريمة.
وعليه، فإن المصدر السري هو أداة مهمة يمكن أن تساعد ضباط الشرطة في التحقيق الجنائي، ولكن يجب استخدامها بحذر لضمان مصداقية المعلومات أو القرائن التي يقدمها.
التحريات لا تعبر إلا عن رأى مجراها:
هذا صحيح، فالتحريات لا تعبر إلا عن رأي مجراها. وذلك لأن التحريات هي عبارة عن مجموعة من الإجراءات التي يقوم بها ضباط الشرطة للكشف عن جريمة ما، وتحديد مرتكبها. وتكون هذه التحريات إما بناءً على شكوى من أحد المواطنين، أو بناءً على معلومات أو قرائن توصل إليها ضباط المباحث.
ونظراً لأن التحريات هي مجرد عمل إداري، فإنها لا تصلح وحدها دليلاً على ثبوت التهمة. وإنما يجب أن تساندها أدلة أخرى، مثل شهادة الشهود، أو الاعتراف، أو المضبوطات.
ولذلك، فإن رأي مجرى التحريات في شأن مدى توافر الأدلة على ثبوت التهمة أو عدمه، لا يعد دليلاً قاطعاً على ثبوت التهمة، وإنما هو مجرد رأي يمكن أن يوافقه رأي المحكمة أو يخالفه.
وبناءً على ذلك، فإن المحكمة لا تلتزم برأي مجرى التحريات، بل لها أن تنظر في الدعوى من جديد، وتصدر حكمها بناءً على قناعتها الشخصية بالأدلة التي قدمت إليها.
وفيما يلي بعض الأمثلة على كيف يمكن أن يختلف رأي مجرى التحريات عن رأي المحكمة:
- قد يخلص مجرى التحريات إلى أن المتهم هو مرتكب الجريمة، بينما تنتهي المحكمة إلى براءته.
- قد يخلص مجرى التحريات إلى أن المتهم غير مذنب، بينما تنتهي المحكمة إلى إدانته.
وعليه، فإن رأي مجرى التحريات هو مجرد رأي لا يلزم المحكمة، بل لها أن تنظر في الدعوى من جديد، وتصدر حكمها بناءً على قناعتها الشخصية بالأدلة التي قدمت إليها.
أحكام النقض في بطلان تحريات المباحث:
لقد حرصت محكمة النقض المصرية على حماية حقوق المتهم، وضمان سير العدالة، من خلال إصدار العديد من الأحكام التي تؤكد على عدم جواز الاعتماد على تحريات المباحث وحدها في الإدانة.
ومن أهم أحكام النقض في بطلان تحريات المباحث ما يلي
حكم محكمة النقض رقم 1712 لسنة 70 قضائية، الصادر بتاريخ 23/2/1991، والذي جاء فيه: “التحريات هي عمل إداري، لا تعد دليلاً بذاتها على ثبوت التهمة، وإنما هي قرينة، يجوز للمحكمة أن تأخذ بها أو لا تأخذ بها، بحسب ما تطمئن إليه ضميرها، وحسبما يجري به نص المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية”.
حكم محكمة النقض رقم 1251 لسنة 67 قضائية، الصادر بتاريخ 19/12/1990، والذي جاء فيه: “تحريات الشرطة لا تعتبر دليلاً بذاتها على ثبوت التهمة، وإنما هي قرينة، يجوز للمحكمة أن تأخذ بها أو لا تأخذ بها، بحسب ما تطمئن إليه ضميرها”.
حكم محكمة النقض رقم 586 لسنة 56 قضائية، الصادر بتاريخ 16/1/1987، والذي جاء فيه: “التحريات مجرد قرائن، يجوز للمحكمة أن تأخذ بها أو لا تأخذ بها، بحسب ما تطمئن إليه ضميرها، ولا تصلح وحدها دليلاً على ثبوت التهمة”.
وبناءً على هذه الأحكام، فإن المحكمة لا تلتزم برأي مجرى التحريات، بل لها أن تنظر في الدعوى من جديد، وتصدر حكمها بناءً على قناعتها الشخصية بالأدلة التي قدمت إليها.
ولذلك، فإن المتهم يمكن أن يدفع ببطلان تحريات المباحث أمام المحكمة، وذلك من خلال تقديم طلب إلى المحكمة ببطلان التحريات، مع بيان الأسباب التي تستند إليها. وتقوم المحكمة بفحص الطلب، وإصدار قرارها بشأنه.
وفي حالة قبول المحكمة لدفع بطلان التحريات، فإن ذلك يؤدي إلى بطلان التحريات، وبالتالي عدم جواز الاعتماد عليها في الإدانة.
طلب تحريات المباحث:
إلى السيد رئيس مباحث قسم الشرطة
الموضوع: طلب تحريات
السيد الفاضل رئيس مباحث قسم الشرطة، تحية طيبة وبعد،
أنا المدعو / [اسم مقدم الطلب]، مصري الجنسية، بطاقة رقم [رقم بطاقة مقدم الطلب]، ومقيم في [عنوان مقدم الطلب].
أتقدم إليكم بهذا الطلب، بغرض طلب إجراء تحريات أمنية حول شخص يدعى / [اسم الشخص المراد التحري عنه]، مصري الجنسية، بطاقة رقم [رقم بطاقة الشخص المراد التحري عنه]، ومقيم في [عنوان الشخص المراد التحري عنه].
وذلك بسبب [سبب طلب التحريات]، حيث أنني أظن أن هذا الشخص متورط في [التهمة التي يشتبه في ضلوع الشخص المراد التحري عنه فيها].
وبناءً عليه، أرجو من سيادتكم إصدار تعليماتكم إلى ضباط المباحث المختصين، بإجراء التحريات اللازمة حول هذا الشخص، وتقديم تقرير بذلك إلى سيادتكم.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام،
المقدم الطلب
[توقيع مقدم الطلب]
[تاريخ تقديم الطلب]
ملاحظات
- يجب أن يتضمن طلب التحريات ما يلي:
- اسم مقدم الطلب، وبياناته الشخصية، وموطنه المختار.
- اسم الشخص المراد التحري عنه، وبياناته الشخصية، وموطنه المختار.
- سبب طلب التحريات.
- يجب أن يكون الطلب مكتوبًا وموقعًا من قبل مقدم الطلب.
يمكن تقديم الطلب إلى رئيس مباحث القسم شخصيًا، أو عن طريق البريد.
هل تحريات المباحث دليل ادانة؟
لا، تحريات المباحث ليست دليل إدانة وحدها. فالتحريات هي عبارة عن مجموعة من الإجراءات التي يقوم بها ضباط الشرطة للكشف عن جريمة ما، وتحديد مرتكبها. وتكون هذه التحريات إما بناءً على شكوى من أحد المواطنين، أو بناءً على معلومات أو قرائن توصل إليها ضباط المباحث.
ونظراً لأن التحريات هي مجرد عمل إداري، فإنها لا تصلح وحدها دليلاً على ثبوت التهمة. وإنما يجب أن تساندها أدلة أخرى، مثل شهادة الشهود، أو الاعتراف، أو المضبوطات.
ولذلك، فإن رأي مجرى التحريات في شأن مدى توافر الأدلة على ثبوت التهمة أو عدمه، لا يعد دليلاً قاطعاً على ثبوت التهمة، وإنما هو مجرد رأي يمكن أن يوافقه رأي المحكمة أو يخالفه.
وبناءً على ذلك، فإن المحكمة لا تلتزم برأي مجرى التحريات، بل لها أن تنظر في الدعوى من جديد، وتصدر حكمها بناءً على قناعتها الشخصية بالأدلة التي قدمت إليها.
وقد أكدت محكمة النقض المصرية على هذا المبدأ في العديد من أحكامها، ومن بينها حكمها رقم 1712 لسنة 70 قضائية، الصادر بتاريخ 23/2/1991، والذي جاء فيه: “التحريات هي عمل إداري، لا تعد دليلاً بذاتها على ثبوت التهمة، وإنما هي قرينة، يجوز للمحكمة أن تأخذ بها أو لا تأخذ بها، بحسب ما تطمئن إليه ضميرها، وحسبما يجري به نص المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية”.
وبناءً عليه، فإن المتهم يمكن أن يدفع ببطلان تحريات المباحث أمام المحكمة، وذلك من خلال تقديم طلب إلى المحكمة ببطلان التحريات، مع بيان الأسباب التي تستند إليها. وتقوم المحكمة بفحص الطلب، وإصدار قرارها بشأنه.
وفي حالة قبول المحكمة لدفع بطلان التحريات، فإن ذلك يؤدي إلى بطلان التحريات، وبالتالي عدم جواز الاعتماد عليها في الإدانة.
ماذا بعد تحريات المباحث:
بعد الانتهاء من تحريات المباحث، إذا توصلت التحريات إلى وجود أدلة كافية على ارتكاب المتهم للجريمة، فإن النيابة العامة تصدر قراراً بإحالة المتهم إلى المحاكمة الجنائية.
ويتم إحالة المتهم إلى المحاكمة الجنائية من خلال تقديمه إلى محكمة الجنح أو محكمة الجنايات، حسب نوع الجريمة المرتكبة.
وفي المحكمة، يتم سماع أقوال المتهم، وأقوال الشهود، ومناقشة الأدلة المادية التي تم جمعها في التحريات. وبناءً على ذلك، تصدر المحكمة حكمها في القضية.
إذا حكمت المحكمة ببراءة المتهم، فإن المتهم يطلق سراحه فوراً.
أما إذا حكمت المحكمة بإدانة المتهم، فإنها تحدد عقوبته. وتشمل العقوبات الجنائية الحبس، أو الغرامة، أو الإعدام.
وفيما يلي بعض الإجراءات التي قد تتخذها النيابة العامة بعد تحريات المباحث:
- إحالة المتهم إلى محكمة الجنح أو محكمة الجنايات.
- إصدار أمر بإخلاء سبيل المتهم بكفالة.
- إصدار أمر بضبط وإحضار المتهم.
- إصدار أمر بضبط وإحضار أشخاص آخرين لهم علاقة بالجريمة.
- طلب تقارير من الجهات المختصة، مثل الطب الشرعي، أو الأدلة الجنائية.
وتقوم النيابة العامة باتخاذ القرار المناسب بناءً على نتائج التحريات، والظروف المحيطة بالجريمة.
في الختام، يظهر بوضوح أن صحة تحريات المباحث لها أهمية كبيرة في تحقيق العدالة والحفاظ على الأمن في المجتمع. إذا تم التحقق من صحة ونزاهة التحقيقات، فإنه يتيح للنظام القانوني فرصة أفضل للكشف عن الجرائم وتقديم المتورطين فيها إلى العدالة.
يجب أن تكون هناك إجراءات وسياسات صارمة لضمان نزاهة التحقيقات والتحقق من صحة المعلومات المستخدمة فيها. يجب أن تكون الجهات الأمنية ملتزمة بالقوانين والأخلاقيات المهنية في مجال التحقيقات.
في النهاية، يعتبر الاعتماد على تحريات مباحث صحيحة وموثوقة أمرًا حاسمًا لضمان تحقيق العدالة والحفاظ على الأمن في المجتمعات. إن العمل على تحسين صحة هذه التحقيقات يسهم بشكل كبير في بناء مجتمع أكثر أمانًا واستقرارًا للجميع.