جريمة خيانة الائتمان على ورقة ممضاه

المادة (340)

كل من ائتمن على ورقة ممضاة أو مختومة على بياض فخان الأمانة وكتب في البياض الذي فوق الختم أو الإمضاء سند دين أو مخالصة أو غير ذلك من السندات والتمسكات التي يترتب عليها حصول ضرر لنفس صاحب الإمضاء أو الختم أو لماله عوقب بالحبس ويمكن أن يزاد عليه غرامة لا تتجاوز خمسين جنيها مصريا. و في حالة ما إذا لم تكن الورقة الممضاة أو المختومة على بياض مسلمة إلى الخائن وإنما استحصل عليها بأي طريقة كانت فإنه يعد مزورا ويعاقب بعقوبة التزوير.

هذه الجريمة هي جريمة خيانة الائتمان على التوقيع وهذه الجريمة تقوم على فرض أن شخص سلم إلى آخر ورقة تحمل توقيعه او ختمه على بياض بغرض تدوين بيانات بها للقيام بعمل معين قانوني، ثم قام هذا الشخص بخيانة هذه الأمانة بتدوين بيانات مخالفة لما وقعت أو خدمت من أجله الورقة وترتب على ذلك ضرراً.

أركان جريمة خيانة الائتمان :

تقوم جريمة خيانة الائتمان بتوافر عدة أركان على النحو التالي:

١_ورقة ممضاة أو مختومة على بياض.

٢_ تسليم الورقة على سبيل الأمانة.

٣ _خيانة الأمانة.

٤_الضرر.

٥_القصد الجنائي

وسوف نتناول هذه الأركان بالشرح والتعليق على النحو التالي:

1- ورقة ممضاة أو مختومة على بياض

لقيام جريمة خيانة الائتمان يلزم وجود ورقة موقعة أو مختومة على بياض شخص سلمت إلى آخر ويلاحظ أنه لا يلزم لتحقيق جريمة خيانة الائتمان بالنسبة للورقة الممضاة على بياض أن تكون الورقة خالية بالمرة من كل كتابة فوق للتوقيع،

بل تتحقق جريمة خيانة الائتمان أيضا بملء بعض الفراغ – الذى ترك قصداً لملئه فيما بعد – بكتابة يترتب عليها حصول ضرر لصاحب التوقيع فاذا تسلم شخص سند دين بمبلغ معين ترك فيه أسم الدائن على بياض للبحث عمن يقرض الموقعين عليه المبلغ الوارد به لسداده لبنك معين حتى إذا وجد من يقبل الإقراض وضع أسمه في الفراغ المتروك بالسند،

فبدلا من أن يفعل الأمين ذلك وضع أسمه هو في الفراغ مع أنه لم يسدد الدين للبنك تنفيذا للاتفاق، ثم طالب الموقعين بقيمة السند، فهذه الواقعة تتحقق فيها جريمة خيانة الائتمان علي الورقة الممضاة.

وتفترض جريمة خيانة الائتمان على التوقيع على بياض أن المتهم ملئ فراعاً في الورقة على غير ما اتفق عليه دون أن يجاوز ذلك إلى محو بيان كان مثبتا في الورقة إذ لو محا بيانا ووضع آخر مكانه أو أقتصر على مجرد المحو فالواقعة تزويراً .

وعلى ذلك فقد قضت محكمة النقض بأنه ” إذا كانت الواقعة الثابتة بالحكم هي أن المجني عليه سلم المتهم أوراقاً من تذاكره الطبية تحوي بأعلاها كلمة ” إنذار ” وترك الفراغ بينها وبين توقيعه بأسفلها على بياض.

ليملأه المتهم بإنذار يوجهه إلى بعض مستأجري أرضه وأن المتهم أزال الجزء العلوى لإحدى هذه الأوراق بما فيه كلمة إنذار ثم ملا البياض بسند مديونيته حوله إلى شقيقته،

فإن ما أثبته الحكم وانتهى إليه من اعتبار ما وقع من الطاعن يكون جريمتي تزوير في محرر عرفي واستعماله مع العلم بتزويره تكييف صحيح لما وقع منه، ذلك بأن إزالة البيان الذي كان مكتوبا بصدر الورقة للدلالة على حقيقة الاتفاق هو تغيير للحقيقة بالحذف، وقد صاحب هذا الحذف إنشاء السند المزور الذى كتب فوق الإمضاء،

فأصبح الفعلان تزويراً أجتمع فيه طريقتان من طرق التزوير المادي إحداهما حذف بيان من المحرر وثانيتهما اصطناع سند الدين، هذا فضلا عن أن المجنى عليه بوضعه كلمة إنذار في صدر الورقة قد حدد موضوعها على نحو ما الأمر الذي يتعذر معه القول بوجود فكرة ائتمان المجنى عليه للمتهم.

٢_ تسليم الورقة

الأصل في الأوراق الموقعة على بياض أن تغيير الحقيقة فيها ممن استؤمن عليها هو نوع من جريمة خيانة الائتمان معاقب عليه بالمادة ٣٤٠ من قانون العقوبات ويخرج عن هذا الأصل حالة ما إذا كان من استولى على الورقة قد حصل عليها خلسة أم نتيجة غش أو طرق احتيالية أو بأية طريقة أخرى خلاف التسليم الإختياري فعندئذ يعد تغيير الحقيقية فيها تزويرا.

ومن ثم فإن التسليم في جريمة خيانة الائتمان هو الركن الأساسي فبدونه لا تقوم جريمة خيانة الائتمان ولو أخذ الجاني الورقة بدون تسليم ” فيشترط أن تكون الورقة الممضاة أو المختومة على بياض قد سلمت إلى الجاني من صاحب التوقيع أو الإمضاء،

وسواء سلمت يداً بيد أو بواسطة شخص آخر. أما إذا كان الجاني قد تحصل على الورقة بطريق أخر فإن ملا البياض بعد تزويرا كما لو حصل عليها ممن ائتمن عليها بغير رضاء صاحب التوقيع وحكم بأن اختطاف ورقة ممضاة على بياض وملأها بسند دين أو مخالصة أو بغير ذلك الالتزامات التي يترتب عليها ضرر لصاحب الإمضاء بعد تزويرا في محرر عرفي.

ويلزم أن يكون تسليم الورقة على سبيل الأمانة أما إذا كانت قد سلمت على سبيل الحيازة العارضة أو على سبيل الحيازة النهائية فإن المتسلم لا يرتكب هذه الجريمة، وإنما يرتكب بملئه الفراغ جريمة تزوير ولكن إذا روعي أن تسليم الوراقة كان على سبيل الأمانة فإنه لا يحول دون تطبيق المادة ٣٤٠ أن يكون الجاني قد تسلم الورقة بناء على طرق احتيالية.

ومن ثم فإنه يجب على المحكمة في حكمها بالإدانة في جريمة خيانة الائتمان أن تستظهر التسليم وأنه كان على سبيل الأمانة، ولم يحصل الجاني على الورقة بطريق آخر غير التسليم.

ولا يهم كيفية التسليم ومكانه وزمانه وصفة من سلم الجاني الورقة فالمهم في التسليم هو أن يكون تسليم وأن يكون ناقل للحيازة الناقصة.

إثبات التسليم

تسليم الورقة الممضاة على بياض هو واقعة مادية لا تتقيد المحكمة في إثباتها بقواعد الإثبات في المواد المدنية وأن تغيير الحقيقة في تلك الورقة ممن استؤمن عليها هو نوع من خيانة الأمانة معاقب عليه بالمادة ٣٤٠ من قانون العقوبات ومن ثم يجوز إثباتها طرق الإثبات

وعلي ذلك فقد قضت محكمة النقض بأنه لا تتقيد المحكمة وهي تفصل في الدعوى الجنائية بقواعد الإثبات المقررة في القانون المدني إلا إذا كان قضاؤها في الدعوى يتوقف على وجوب الفصل في مسألة مدنية هي عنصر من عناصر جريمة خيانة الائتمان المطروحة للفصل فيها،

فإذا كانت المحكمة ليست في مقام إثبات عقد مدنى بين المتهم وصاحب الإمضاء – كما هو الشأن في الدعوى المطروحة – وإنما هي تواجه واقعة مادية هي مجرد تسليم الورقة و اتصال المتهم بها عن طريق تغيير الحقيقة فيها افتاتا على ما اجتمع اتفاقهما عليه، فلا يقبل من المتهم أن يطالب صاحب الإمضاء بأن يثبت بالكتابة ما يخالف ما دونه هو زوراً قولاً منه بأن المستند المدعى بتزويره تزيد قيمته على عشرة جنيهات،

إذ أن مثل هذا الطلب وما يتصل به من دفاع لا يكون مقبولاً إذ لازمه أن يترك الأمر في الإثبات لمشيئة مرتكب التزوير وهو لا يقصد إلا نفى التهمة عن نفسه الأمر الممتنع قانونا لما فيه من خروج بقواعد الإثبات عن وضعها

٣_ خيانة الأمانة :

خيانة الأمانة من الأفعال التي تقوم عليها جريمة خيانة الائتمان فهي الركن المادي  فى جريمة خيانة الائتمان ومن ثم فإن المادة ٣٤٠ عقوبات تتناول بالعقاب كل من يكتب فوق التوقيع كتابة يترتب عليها حصول ضرر لنفس صاحب التوقيع أو ماله أو أن يكون من شأنها الإضرار به. ” ولا يشترط أن يكون كل ما يثبته المتهم مخالفاً لما اتفق عليه وإنما يكفى أن يكون بيانا واحدا مخالفاً لذلك … وتستوى شكل الكتابة، أكانت مخطوطة أم مطبوعة ونستوى اللغة التي استعملت فيها ولو كانت حروفها مختلفة عن حروف لغة الإمضاء.

٤_الضرر:

يلزم لقيام جريمة خيانة الائتمان حدوث ضرر لنفس صاحب الإمضاء أو الختم أو لماله، ولما كانت المادة ٣٤٠ عقوبات تتناول بالعقاب كل من يكتب فوق التوقيع كتابة يترتب عليها حصول ضرر لنفس صاحب التوقيع أو لماله أو يكون من شانها الاضرار به كائنا ما كان هذا الضرر ماديا أو أدبيا محققا أو محتملا فقط، كما هي الحال تماما بالنسبة إلى ركن الضرر في جريمة التزوير مع فارق واحد هو أن الضرر أو احتماله هنا يجب أن يكون واقعاً على صاحب التوقيع ذاته لا على غيره أما إذا لم يترتب على الفعل ضرر قط فلا تقوم جريمة خيانة الائتمان، ومثال ذلك أن يدون المتهم فوق الإمضاء أو الختم عملاً نافعاً نفعاً محضاً كقبول هبة أو وصية.

٥_القصد الجنائي:

القصد الجنائي ل جريمة خيانة الائتمان على التوقيع أو الإمضاء يتوافر بعلم الجاني أن ما يكتبه فوق التوقيع أو الإمضاء يخالف ما عهد إليه به وأن هذه الكتابة تضر بصاحب التوقيع أو من شأنها الإضرار به. ولا يشترط أن يكون العلم بالضرر واقعيا أو فعليا بل يكفى أن يكون علما فرضيا ويجب أن يكون القصد الجنائي متوافرا وقت التحرير .

التصالح في  جريمة خيانة الائتمان :

وفقا لنص المادة ۱۸ مكررا (أ) من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم ١٧٤ لسنة ۱۹۹۸ ، يجوز للمتهم التصالح مع المجني عليه أو وكيله الخاص في جريمة خيانة الائتمان فله أن يطلب إلى النيابة العامة أو المحكمة بحسب الأحوال إثبات صلحه مع المتهم ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر ولا أثر للصلح على حقوق المضرور من الجريمة،

وتقضي المحكمة انقضاء الدعوى الجنائية بالصلح بالنسبة ومثالا فقد قضت محكمة النقض بانه ومن حيث إن الثابت من محضر جلسة الإشكال في التنفيذ أن وكيل المحلى عليه أقر بالتصالح مع الطاعن ، ومن ثم تكون الدعوى الجنائية قبل الطاعن عن جنحة التبديد التي دائه الحكم المطعون فيه عنها قد انقضت عملا بنص المادة ١٨ مكررا (أ) من قانون الإجراءات الجنائية، الأمر الذى يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه وانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح .

 أحكام محكمة النقض فى جريمة خيانة الائتمان

أن الأصل في الأوراق الموقعة على بياض أن تغيير الحقيقة فيها ممن استؤمن عليها هو نوع من خيانة الأمانة معاقب عليها بالمادة ٣٤٠ من قانون العقوبات، ويخرج عن هذا الأصل ما إذا كان من استولى على الورقة قد حصل عليها خلسة، أو نتيجة غش أو طرق احتيالية، أو بأية طريقة أخرى خلاف التسليم الاختياري، فعندئذ يعد تغيير الحقيقة فيها تزويراً.

(الطعن رقم ١٠٦٤٠ لسنة ٦ ق جلسة ٢/٧/٢٠١٣س ٦٤ ص٦٩٢)

٢- النص في المادتين ١٤، ٤٥ إثبات يدل على أنه ولئن كان التوقيع بالإمضاء أو بصمة الختم أو بصمة الإصبع هو المصدر القانوني لإضفاء الحجية على الأوراق العرفية أنه يشترط في المحرر العرفي الذي يصلح أن يكون دليلا كتابيا أن يحوي كتابة مثبته لعمل قانوني وموقع عليه من الشخص المنسوب إليه فيستمد المحرر قيمته وحجيته في الإثبات من ارتباط التوقيع بما ورد بصلب المحرر من بيانات تتصل به وتتعلق بالعمل القانوني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *