عمليات الإنزال الجوي للمساعدات في غزة، هي محاولة دولية لكسر الحصار، الذي يفرضه جيش الاحتلال على القطاع، إذ يمنع وصول الإمدادات الغذائية إلى النازحين، الذين يعيشون في ظروف إنسانية كارثية.

التجويع أداة حرب

ويستخدم الاحتلال” سلاح التجويع” ضد سكان غزة، منذ عدوانه على القطاع، في 7 أكتوبر الماضي، إذ قدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية مؤخرًا، أن ربع سكان غزة، البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، على بعد خطوة واحدة من المجاعة، محذرًا من أن مثل هذه الكارثة ستكون “شبه حتمية” إذا لم يحدث تغيير ملموس.

وقال راميش راجاسينجهام، مدير التنسيق في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إن ما لا يقل عن 576 ألف شخص في قطاع غزة، يمثلون ربع السكان أصبحوا على بعد خطوة واحدة من المجاعة.

وبعد خمسة أشهر على اندلاع العدوان، يشعر سكان غزة باليأس إزاء قلة المساعدات الإنسانية التي تدخل القطاع، وقال بعض السكان لوكالة “فرانس برس” “إنهم يلجأون إلى أكل أوراق الشجر وعلف الماشية”.

ويحرم الاحتلال الفلسطينيين في غزة منذ أشهر عمدًا من الغذاء والماء، ويعرقل دخول المساعدات عمدًا، ويدمر الأشياء التي لا غنى عنها للبقاء على قيد الحياة، بما في ذلك المخابز ومطاحن الحبوب، والمياه والمنشآت ومرافق الصرف الصحي، وتجريف المناطق الزراعية، وفق ما ذكرت شبكة “سي إن إن” الإخبارية الأمريكية، نقلًا عن حقوقيين وعاملين في مجال الإغاثة.

القانون الدولي يحظر التجويع

والمجاعة هي حالة من الحرمان الشديد من الغذاء، تتميز بمستويات من الجوع والموت والعوز وسوء التغذية الحاد.

وفي رسالة أرسلها منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن جريفيث، إلى مجلس الأمن الدولي في أواخر فبراير، دعا المجلس إلى “ضمان احترام القانون الإنساني، بما في ذلك حظر استخدام تجويع السكان المدنيين كأداة للحرب” في ما يخص غزة، بحسب وكالة “فرانس برس”.

ويحظر القانون الدولي الإنساني حظرًا مطلقًا تجويع السكان المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، بحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وتشرح آبي زيث، الخبيرة القانونية في الصليب الأحمر، عبر الموقع الإلكتروني للمنظمة، أن القانون الدولي الإنساني وضع أدوات تحول دون انزلاق مناطق النزاعات لانعدام الأمن الغذائي والمجاعة.

وأشارت إلى أن القانون يضع قائمة غير حصرية بالأصول التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، والتي تعتبر محمية بموجب القانون الدولي ومنها: المواد الغذائية والمناطق الزراعية والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها وأشغال الري، ويحظر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل هذه الأعيان إلا في حالات استثنائية للغاية.

ويحظر القانون الدولي مهاجمة مجموعة من الأمور الأخرى التي تعتبر أساسية لحياة المدنيين أكان بمنع استخدام أسلحة بيولوجية أو كيميائية من شأنها التأثير بشكل دائم وطويل على المدنيين، أو تلك الهجمات التي قد تسبب خسائر فادحة مثل استهداف محطات الطاقة والسدود وخزانات المياه.

وبينت الخبيرة القانونية أن كل طرف مسلح يتحمل المسؤولية عن ضمان أن الاحتياجات الأساسية للسكان ضمن مناطق سيطرته ملبّاة، بما في ذلك الاحتياجات الغذائية، ويقر القانون الدولي ضرورة تقديم المساعدات الإنسانية.

جريمة حرب

وتمنع “الأمم المتحدة” استخدام التجويع كسلاح في النزاعات، بعد قرار من مجلس الأمن صادر عام 2018، وتعتبر ذلك “جريمة حرب”.

والمادة الثامنة من نظام المحكمة الجنائية الدولية تنص كذلك على أن “تجويع المدنيين عمدًا بحرمانهم من المواد الضرورية التي لا غنى عنها لبقائهم بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الإغاثية الإنسانية” يعد جريمة حرب.

وينص “نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية” على أن تجويع المدنيين عمدًا، بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الغوثية هو “جريمة حرب”.

وتؤكد المنظمات الحقوقية أن القانون الإنساني الدولي، وقوانين الحرب تحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب.

وباعتبارها القوة المحتلة في غزة بموجب “اتفاقية جنيف الرابعة”، من واجب إسرائيل ضمان حصول السكان المدنيين على الغذاء والإمدادات الطبية.

تدمير المزارع

ووفقًا للجمعية الفلسطينية للتنمية الزراعية، دمرت قوات الاحتلال ربع المزارع في شمال قطاع غزة بشكل كامل.

وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”، الأسبوع الماضي، من أن النقص الحاد المستمر في الغذاء قد يؤدي إلى “انفجار” معدل وفيات الرضع في غزة، حيث يعاني واحد من كل ستة أطفال تحت سن الثانية من سوء التغذية الحاد.

وقال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” ينس لايركه، أمس الأول الجمعة، إن “المجاعة تكاد تكون حتمية” في غزة إذا لم يتم التعجيل بإدخال كميات كافية من المساعدات.

وأشار إلى التوقف شبه الكامل للواردات الغذائية التجارية، ومحدودية عدد شاحنات المساعدات الغذائية التي تسمح إسرائيل لها بدخول القطاع، و”القيود الهائلة” التي تحول دون التنقل داخل غزة.

معايير تعسفية

من جهتها، قالت لجنة الإنقاذ الدولية إن مجرد التفكير في عمليات “الإنزال الجوي للمساعدات” يعد دليلًا على التحديات الخطرة التي تواجه الوصول الإنساني.

ونقلت “سي إن إن” عن عاملين في المجال الإنساني ومسؤولين حكوميين يعملون على إيصال المساعدات في غزة، إن هناك “نمطًا واضحًا” قد ظهر من “العرقلة” الإسرائيلية، حيث تسيطر الأمراض والمجاعة على أجزاء من القطاع المحاصر.

وسلطت الشبكة الأمريكية الضوء على المعايير “التعسفية والمتناقضة” التي فرضتها الوكالة الإسرائيلية المشرفة على إيصال المساعدات التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *