على مدى الأشهر القليلة الماضية، سقطت دولة الاحتلال الإسرائيلي في التقدير العام العالمي، ووصفت تلك الحالة صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية بأنه “يمكن أن يغفر لأي شخص يعتقد أن إسرائيل كانت الدولة الأكثر كراهية على وجه الأرض”.
“النصر الكامل” غير مقنع
وأضافت صحيفة “جيروزاليم بوست”، في تقرير لها، أن كلمات القادة الإسرائيليين التي ترفع شعار “النصر الكامل” أصبحت لا تُقنع الإسرائيليين مرة أخرى، مشيرة إلى أنه وفقًا لاستطلاع للرأي العام أجرته شركة “ميدغام للأبحاث والاستشارات”، فإن ما يقرب من 62٪ من الإسرائيليين لا يعتقدون أن النصر الكامل ممكن.
وأظهر استطلاع إسرائيلي جديد أجراه معهد “سياسات الشعب اليهودي”، أن الثقة في النصر بين اليهود الإسرائيليين انخفضت بمقدار النصف، حيث هبطت من 74% في أكتوبر الماضي إلى 38% في مايو الجاري.
إصابة بالشلل
وأوضحت الصحيفة، أن إسرائيل افتتحت الحرب بمناورة عسكرية افتتاحية ضخمة وناجحة وأصيبت بعدها بالشلل، مشيرة إلى أن البيت الأبيض كذلك أعلن أن إسرائيل انتقلت إلى القتال منخفض الكثافة بالفعل في نهاية نوفمبر الماضي، وفي غضون أسابيع قليلة أصبحت هذه حقيقة في نظر الإسرائيليين.
ورأت الصحيفة أنه طوال نصف فترة الحرب تقريبًا مارست إسرائيل ضغطًا عسكريًا مخففًا على أعدائها، ولم تكن هناك إنجازات مهمة فحسب، بل لم تحدث أي حركة على الأرض؛ ولم يتم إطلاق سراح المحتجزين، ولا عودة للسكان إلى منازلهم في الشمال؛ ويستمر القصف المهين لـ”الحزام الأمني” الإسرائيلي في الجليل الأعلى.
تسونامي سياسي
واعتبرت الصحيفة أن الحرب التي يشنها أعداء إسرائيل كثافتها عالية ومتصاعدة، وأصبحت تسونامي سياسي يصفهم بأنهم منبوذون، مع تدهور خطير على الخطوط الأمامية للقانون الدولي يمكن أن يجعل كل شخص متهم بارتكاب جرائم حرب، مضيفة أن “الجندي الإسرائيلي عرضة لنزوات المصالح السياسية في معظم دول العالم”.
ولفتت الصحيفة إلى دعوة أحد الكتّاب عبر صحيفة “هاآرتس” إلى إيقاف نتنياهو بأي وسيلة”، مشيرة إلى “أن التوترات الداخلية الإسرائيلية تتزايد بشكل خطير، حيث تخلى أحد كبار الكتّاب في صحيفة هآرتس أخيرًا عن ضبط النفس وقال: إنني أدعو الأغلبية الصامتة، وحراس البوابة وكبار المؤسسة الأمنية.. إلى إيقاف نتنياهو بأي وسيلة”.
قرارات على جبهتين
ودعت القيادة الإسرائيلية القائمة، أو المستقبلية، أن تتخذ قرارات شجاعة، وبسرعة، على جبهتين، أولها، الساحة الدولية، التي حان الوقت لاتخاذ قرار بشأن الإذعان للإملاءات الخارجية، وخاصة من إدارة بايدن، التي لا شك في دعمها الكامل لإسرائيل، أو الوقوف ضدها، أما المحاولة الحالية للسير على حبل مشدود فهي محاولة فاشلة تمامًا.
والجبهة الثانية هي الساحة الداخلية، مشيرة الصحيفة إلى أنه لو امتنع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن اتخاذ قرار بشأن تشكيلة الحكومة التي ستقود إسرائيل خلال إحدى أصعب ساعاتها، فهو يريد الحفاظ على ائتلاف يتميز أعضاؤه بقراءتهم المعاكسة للواقع، ومن أجل الحفاظ على استقرار الائتلاف، تهرب منذ عدة أشهر من اتخاذ القرار بشأن رفح.
مكانة إسرائيل
مشيرة إلى أنه، لو كان إنهاء الحرب سيعيد المحتجزين ويعيد سكان الشمال إلى منازلهم، ولو كانت إسرائيل مستعدة للإعلان عن الاعتراف بالإدارة الفلسطينية في غزة، مع التسريح العسكري الكامل، لكان من الممكن أن يكون لذلك تأثير إيجابي على مكانة إسرائيل في العالم.
ووفق الصحيفة.. “كان بإمكان إسرائيل أن تنهي الحرب قبل عدة أشهر وتخفف النيران التي تحرقنا في الساحة الدولية، لكن من المؤكد أن الافتقار إلى القرار يلحق الضرر بالمحتجزين الذين يموتون في الأسر المستمر، لكن إسرائيل لم تقرر، وبالتالي لم تحصل على فوائد أي من الخيارين واستوعبت الثمن الباهظ لكليهما”.
وخلصت الصحيفة إلى أن التردد في اتخاذ القرار له ثمن على المستويين الخارجي والداخلي، حيث تخسر إسرائيل أصولًا أساسية تشكل أهمية بالغة لمستقبلها، مشيرة إلى أن “الشلل في عملية اتخاذ القرار هو ما أدى إلى تفاقم الوضع في إسرائيل”…..
مي محمد ✍️✍️✍️