المطالبة بنفقة الأقارب من الدعاوى التي تهم قطاع عريض من المواطنين، حيث غالبا في الواقع العملي بعد أن يكبر الأب والأم ويصلان إلى أرذل العمر، وقد أعسرا وزادت احتياجاتهما المعيشية الضرورية من دواء وغيره في حين أن لهم أبناء ميسورن، وبالتالي وجب على الأبناء الإنفاق على والديهم وديا، وإن لم يحدث ذلك يجوز للأب والأم كبار السن أن يطالبوا الأبناء بدعوى نفقة أقارب.
كما أنه يحدث العكس في كثير من الأحيان، فقد تكون امرأة ليس لها مورد رزق في حين أن ابيها موسر وذو سعة ويسار، وبالتالي لا يمنع قانونا أن تبادر الابنة كبيرة السن برفع دعوى ضد ابيها للمطالبة بنفقة أقارب، وبالقياس على ذلك فيما يتعلق بـ”نفقة الحواشي”، فلا يوجد ما يمنع من أن تطالب الأخت أخيها بنفقة أقارب إذا كانت معسرة وحتى العمات والخالات والاعمام والخيلان يمكن لهم أن يطالبوا أبناء الأشقاء بنفقة أقارب.
لملايين الأسر.. تعملى إيه لو ملكيش حد “يصرف عليكِ”؟
وكل ما ذكرناه مشروط بأن لا يكون لهم أبناء، فإن كان لهم أبناء فالأولوية مطالبة الأبناء، وإن لم يكن لهم أبناء لا يوجد ما يمنع قانونا مطالبة ابن الشقيق أو ابن الشقيقة، خاصة وإذا لم يكن هذا الشقيق أو الشقيقة على قيد الحياة، حيث إن الأسرة بمثابة الخلية الأساسية في المجتمع، باعتبارها اللبنة الأولى التي تشكله، وباستقامتها يستقيم المجتمع بأثره، وعلى النقيض تماماَ بانحلالها يتخلخل البناء القويم للمجتمع.
نفقة الأقارب تنقسم إلى 3 أنواع
في البداية – جاءت الشرائع السماوية وعلى رأسها الشريعة الإسلامية بمراعاة الحقوق والواجبات في جميع مناحي الحياة، ويأتي مجال التكافل المالي في مقدمة تلك الحقوق، فقد أولاه الإسلام عناية فائقة، ومن بين تلك الحقوق – ويُعد مظهرا من مظاهر التكافل الاجتماعي – حق النفقة الذي تضافرت نصوص الكتاب والسنة على بيانه، وأفرده المصنفون في الفقه والسنة بأبواب مستقلة تحت مسمى “باب النفقات”، ويندرج تحت هذا الموضوع مسائل يتعامل بها الكثير من الناس، وقد يجهلون الكثير من أحكامه، لذا فنفقة الأقارب تنقسم إلى 3 أنواع:
1- أقارب أصول أم وأب وجد وجدة.
2- قرابة الفروع الولد وأولاده وأولاد أولاده.
3- قرابة الحواشي الأخوة وأولادهم الأعمام والعمات والخيلان والخالات.
3 شروط لاستحقاق نفقة الأقارب
أما أصول الشخص من أب وجد وجدة تجب نفقتهم حيث يستند وجوب نفقة الأصل على الفرع إلى قوله: ” وقضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا”، وقوله صلى الله عليه وسلم: “أنت ومالك لأبيك”، وتخضع أحكام الأصل على الفرع في القول الراجح بالمذهب الحنفي إعمالا لحكم المادة 3 مواد اصدار القانون 1 لسنة 2000 التي جاء فيها: ” تصدر الأحكام طبقا لقوانين الأحوال الشخصية – ويعمل فيما لم يرد بشأنه نص في تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبى حنيفة”، وبوجه عام فشروط استحقاق نفقة الأقارب هى :
1- أن يكون طالب النفقة معسرا حتى ولو كان قادرا على الكسب، فلا يشترط عجزه عن الكسب حتى يستحق النفقة على فرعه.
2- فإذا كان كسوبا إلا أن كسبه لا في بحاجته قضى له بما يكمل تلك الحاجة.
3- أن يكون المطالب بالنفقة موسرا وأن يفيض من كسبه ما يفي بحاجة أصله.
وتشمل نفقة الاقارب النفقة بأنواعها الثلاث المأكل والملبس والمسكن، وكذلك بدل الفرش والغطاء وتقدر بقدر ما يدفع حاجة الأصل، وتجب النفقة سواء كان الفرع ذكر أم انثى أي ابن أو ابنة، فإذا تعددت وجب عليهم النفقة جميعا بالتساوي إلا إذا كان هناك تفاوت فاحش فى يسار الفروع الابناء وجب توزيع النفقة بقدر اليسار.
شروط استحقاق نفقة الأقارب
أما شروط استحقاق نفقة الأقارب أن يكون الأصل معسرا والفرع – الابن – موسرا قادرا على الكسب، وتشمل نفقة الأقارب كما ذكرنا في السابق بأنواعها الثلاث مأكل وملبس ومسكن إضافة إلى بدل فرش وغطاء، وتستحق من تاريخ الحكم وليس من تاريخ رفع الدعوى، وتكون الاولوية للأصل الاقرب مثال: نفقة أقارب يطالب بها أب وأم، فالأولوية للأم كما يقدم الأب على الجد.
ماذا إذا كان هناك تفاوت فاحش في يسار الأبناء؟
والحكم الصادر في دعوى نفقة الأقارب يكون مشمولا بالنفاذ المعجل طبقا لنص المادة 65 ق 1 لسنة 2000، وتجب النفقة سواء كان الفرع ذكرا أم أنثى كما ذكرنا، فإذا تعددوا وجبت عليهم النفقة بالتساوي، وإذا رفعت أم أو أب نفقة أقرب ولها أكثر من ابن، فيمكن مطالبة كافة الأبناء بنفقة اقارب في دعوى واحدة، أما إذا كان هناك تفاوت فاحش في يسارهم فيكون توزيع النفقة عليهم بقدر يسار كل منهم”.
نفقة الحواشي
أما عن نفقة الأقارب من الحواشي الأخت والاخ وأولادهم والعمة والخالة، فتجب لهم النفقة في حال انعدام وجود الأصول أو الفروع بمعنى ليس لهم ابن قادرا على الكسب ينفق، وكذا ليس لهم أب قادرا على الكسب يمكن مطالبته بنفقة أو وجودهم مع عدم توافر شروط إيجاب النفقة عليه أي إعسارهم وعدم قدرتهم على الكسب، وبالتالي فالمرأة التي ليس لها ابن أو توفى أبيها ولا يوجد لها أي مصدر رزق او دخل شهري يمكن لها أن تطالب الأخ أو الأخت أو أبناءهم بنفقة الأقارب.
شروط استحقاق الحواشي نفقة أقارب:
1-اتحاد الدين.
2-أن يكون المطالب بالنفقة موسرا.
3- طالب النفقة معسر غير قادر على الكسب.
أما مناط استحقاق نفقة الأقارب هو الإرث فتجب النفقة على من هو أهل للإرث بالنسبة للمدعى، بمعنى أكثر تبسيط إذا كان هناك عمه ليس لها أبناء وابن شقيق، فالعمة إذا توفت تورث ابن شقيقها شرعا لذا، وحيث إن ابن الشقيق هذا أهل للإرث، لذا فتجب عليه النفقة لهذه العمة إن طالبته بذلك، وهكذا.
كيف تقدر نفقة الأقارب؟
وتقدر نفقة الأقارب بقدر الكفاية، أي بالقدر الذي يكفي الحاجة الضرورية لمعيشة طالب النفقة، وتسقط بموت المحكوم له أو المحكوم عليه ويحكم بها من تاريخ صدور الحكم وليس من تاريخ رفع الدعوى أو من تاريخ الامتناع السابق على رفع الدعوى، هذا ولا يغنى عن البيان الاشارة إلى وجوب اللجوء إلى مكتب تسوية المنازعات الأسرية وعمل تسوية مطالبة بنفقة أقارب قبل رفع الدعوى.
وعقب رفع الدعوى وانعقاد الخصومة يطلب التصريح بالتحري عن صافي دخل المدعى عليه الشهري، وذلك لتحديد نفقة الاقارب المستحقة عليه على ضوء مدى سعته ويسار حالته المالية، وتستحق نفقة الأقارب من تاريخ الحكم بها لاندفاع الحاجة قبلها فلا يجوز المطالبة بها عن مدة ماضية، والحكم الصادر فيها يكون مزيل بالصيغة التنفيذية استنادا للمادة 65 ق 1 لسنة 2000، ويجوز تنفيذ الحكم الصادر بنفقة الأقارب بكافة طرق التنفيذ بما فيها بنك ناصر الاجتماعي، ويجوز التنفيذ من خلال بنك ناصر استنادا للمادة 72 ق 1 لسنة 2000: “على بنك ناصر الاجتماعي أداء النفقات والاجور وما في حكمها مما يحكم به للزوجة أو المطلقة أو الوالدين”.
مشروع قانون للحد من جريمة عقوق الوالدين
يشار إلى أنه انتشرت فى الآونة الأخيرة ظاهرة عقوق الوالدين بحجة الانشغال بأمور الحياة أو عدم القدرة المادية على الإنفاق عليهما ومراعاتهما، ودفعت زيادة قضايا عقوق الوالدين المنظورة أمام المحاكم، النائبة السابقة شادية خضر، فى الدورة البرلمانية السابقة، باقتراح مشروع قانون لتغليظ عقوبة عقوق الوالدين للحد من هذه الظاهرة المجتمعية التي باتت تهدد السلام الاجتماعي، وضرورة تنفيذه حتى نتصدى لهذه الظاهرة ونحمى الآباء والأمهات من اعتداءات الأبناء سواء بالقول أو بالفعل أو بإهمالهم.
“عقوق الوالدين” شرعا وقانونا؟
وتتضمن مشروع القانون عقوبة تصل للحبس 3 سنوات سجنا وغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تزيد على 10 آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من قام بعقوق والديه سواء بالسب أو القذف أو الإهانة أو الترك، وتضاعف العقوبة إذا ترتب على الفعل إحداث أضرار صحية بأى من الوالدين”، إلا أن المشروع أصبح أدراج الرياح خاصة بعد ظهور مشروع قانون “حقوق المسنين”، الذى وافق عليه مجلس الوزراء مؤخرا بعد استيفاء ملاحظات الوزارات والجهات ذات الصلة، بحيث ينظم كافة الحقوق الخاصة بهذه الفئة الأولى بالرعاية، والتي تلتزم الدولة بضمان حقوقها وتوفير متطلباتها على الوجه الأمثل.
وتضمن مشروع القانون مادة تنص على أن يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة، وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه، ولا تزيد على 10 آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل شخص مكلف برعاية شخص المسن، أهمل في القيام بواجباته نحوه، أو في اتخاذ ما يلزم للقيام بهذه الواجبات، أو تحصل لنفسه على المساعدة المالية المقررة للمسن، ونص مشروع القانون أيضاً على أن تكون العقوبة الحبس مدة لا تتجاوز سنتين، وبغرامة لا تقل عن ألفي جنيه، ولا تزيد على 20 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل مكلف برعاية المسن، امتنع عمداً عن القيام بواجبات الرعاية او استغل المسن، فإذا ترتب على أي مما سبق جرح أو إيذاء شخص المسن، تكون العقوبة الحبس وليس الغرامة، وإذا نشأ عنه عاهة أو وفاة المسن، تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 5 سنوات.