مع تحول لهجة الوفاق الأمريكي الإسرائيلي، وصعود خلافات إلى السطح لم يخفها الجانبان، على ما يبدو يتبع الاتحاد الأوروبي خطى واشنطن شيئًا فشيئًا، ويتجسد هذا النهج بإعلان الرئيسة أورسولا فون دير لاين تأييدها فرض عقوبات على المستوطنين المتورطين في الهجمات على الفلسطينيين في الضفة الغربية.
تقوض احتمالات السلام
وبينما اعتبرته لا علاقة له بالقتال الدائر ضد حماس، قالت أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية، إنها تؤيد فرض عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين ممن تورطوا في الهجمات على المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية، وطالبت بضرورة محاسبتهم.
قالت فون دير لاين، أمام مشرعي الاتحاد الأوروبي، اليوم الأربعاء، “إن تصاعد أعمال العنف من قبل المستوطنين المتطرفين يسبب معاناة هائلة للفلسطينيين، و”يقوض احتمالات السلام الدائم ويمكن أن يؤدي إلى تفاقم عدم الاستقرار الإقليمي”.
خطوة بناء على مبادرة أمريكية
وجاهر الاتحاد الأوروبي بأن موقفه الذي يعتزم التصويت عليه، يأتي بناء على مبادرة اتخذتها الولايات المتحدة، حين قالت، قبل أسبوع، إنها سترفض منح تأشيرات للمستوطنين الإسرائيليين ممن ثبت تورطهم بأعمال عنف في الضفة.
قال منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في وقت سابق، الاثنين الماضي، إنه سيطرح اقتراحًا رسميًا قريبًا لفرض عقوبات على المستوطنين في الضفة الغربية، وإن ذلك بناء على مبادرة اتخذتها الولايات المتحدة.
وأعرب بوريل حينها، عن “انزعاج” الاتحاد الأوروبي من أعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون المتطرفون في الضفة الغربية الذين كثفوا هجماتهم ضد السكان الفلسطينيين.
ووقت الإعلان أقر بوريل أنه لا يوجد حتى الآن إجماع بين حكومات الاتحاد الأوروبي الـ 27 حول هذه القضية، والتي يقتضي تمريرها التصويت بالإجماع لتفعيل الاقتراح.
والاتحاد الأوروبي يعاني من انقسامات وغياب موقف موحد بشأن الحرب في غزة، منذ اندلاعها في 7 أكتوبر، وتجلى تخبطه في إعلان مفوض الجوار الأوروبي وقف المساعدات للفلسطينيين ردًا على هجمات حماس، ومن ثم تراجع التكتل لاحقًا في قراره، بينما التزمت عدد من الدول بمراجعات فردية بخصوص المساعدات للسلطة الفلسطينية.
سياسة أمريكية جديدة
وأعلنت الولايات المتحدة، قبل أسبوع، عن سياسة جديدة لتقييد التأشيرات تستهدف المستوطنين المتورطين في “تقويض السلام والأمن أو الاستقرار في الضفة الغربية”.
وتعهدت واشنطن في بيان أوردته وزارة الخارجية الأمريكية، بمواصلة السعي لتحقيق المساءلة عن جميع أعمال العنف ضد المدنيين في الضفة الغربية، بغض النظر عن مرتكب الجريمة أو الضحية.
وأضافت الخارجية الأمريكية أنه يتعين على إسرائيل اتخاذ تدابير إضافية لحماية المدنيين الفلسطينيين من هجمات المتطرفين.
خلافات على السطح
وفي أبرز صورها، تجلت الخلافات بين الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو، بحث الأخير على “تغيير حكومته” المتشددة، محذرًا من فقدان إسرائيل دعم المجتمع الدولي، نتيجة “القصف العشوائي” في غزة.
ووصف بايدن حكومة نتنياهو باعتبارها “أكثر حكومة يمينية في تاريخ إسرائيل”، “لا تريد حل الدولتين”، محذرًا من أن إسرائيل “لا يمكنها أن تقول لا في المستقبل” لقيام دولة فلسطينية.
وسبقت تصريحات بايدن، اعتراف رئيس الوزراء الإسرائيلي، أمس الثلاثاء، بأنه وبايدن على خلاف بشأن سيناريو غزة ما بعد الحرب وقال نتنياهو، في بيان: “نعم هناك خلاف بيننا حول اليوم التالي لحماس بعد الحرب، وآمل أن نتوصل إلى اتفاق”. بحسب “تايمز أوف إسرائيل”.
ويتمسك نتنياهو باحتفاظ الاحتلال بالسيطرة الأمنية على غزة، بعد الحرب مع حماس، حتى أجل غير مسمى، مشددًا على معارضته أي دور لحكومة السلطة الفلسطينية الحالية في القطاع.
وقال “نتنياهو” في تصريحات سابقة، أدلى بها منتصف نوفمبر الماضي: “ستكون هناك سيطرة أمنية كاملة في غزة، مع الجيش الإسرائيلي”، مشيرًا إلى أهمية توافر قدرة لدى إسرائيل على الدخول وقتما تشاء للتصدي لأي وجود لحماس.
عنف المستوطنين يتصاعد
وبينما تتجه الأنظار إلى الكارثة الإنسانية التي تحدث في قطاع غزة، يستغل المستوطنون الإسرائيليون هذا التوقيت في شن هجمات متطرفة غير مسبوقة على منازل وأراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية.
ووفقًا لمكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، فإن الأسبوع الذي أعقب هجوم الفصائل الفلسطينية هو الأسبوع الأكثر دموية للفلسطينيين في الضفة الغربية منذ أن بدأ الإبلاغ عن القتلى في عام 2005.
وقال البيان المقتضب، إن ما لا يقل عن 75 فلسطينيًا قتلوا على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي أو المستوطنين، وارتفعت حوادث عنف المستوطنين من ثلاثة في اليوم إلى ثمانية في المتوسط، بحسب ما نقلت إذاعة “بي بي سي” البريطانية.
وسجلت منظمة حقوقية في إسرائيل 225 حادثة عنف ارتكبها مستوطنون في 93 تجمعًا فلسطينيًا في الضفة الغربية، بحسب ما ذكرت “تايمز أوف إسرائيل”.
ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، دفعت هذه الموجة من المضايقات مئات الفلسطينيين في المجتمعات الريفية الضعيفة إلى هجر منازلهم وقراهم….
مي محمد ✍️✍️✍️