في ظلّ توتر سياسي غير مسبوق، تصاعدت المواجهات بين حكومة الاحتلال الإسرائيلي وأمين المظالم، جالي بهاراف ميارا، حيث أضحت هذه الشخصية القانونية في مرمى نيران الوزراء وأعضاء الائتلاف الحاكم.
وسط أجواء من التوتر والتحريض، تتكشف خلف الكواليس مساعٍ حثيثة لإقالة أمين المظالم، ما يعكس تعقيد التحديات السياسية والقانونية التي تواجه حكومة الاحتلال فهل نحن أمام تغيير جذري في المشهد السياسي الإسرائيلي؟
تصاعد التوتر وتغيّر موقف نتنياهو
وشهدت الأيام الأخيرة، وفق تقرير لصحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية، تصعيدًا غير مسبوق في حدة المواجهة بين وزراء الحكومة وأعضاء الائتلاف الحاكم من جهة، والمستشارة القانونية للحكومة جالي بهاراف ميارا من جهة أخرى، والتي ظهرت في الكنيست أثناء اجتماع لجنة الدستور والتي نادرًا ما تحضر مثل هذه الاجتماعات، حيث اشتبك معها النواب.
وأكد مسؤول حكومي كبير لموقع “واينت” أن رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو لم يعد يستبعد إقالة أمين المظالم، وهو تطور يعكس تغيّرًا في موقفه تجاه هذه المسألة.
على الرغم من معارضة نتنياهو السابقة لفكرة الإقالة؛ بسبب التداعيات المحلية والدولية المحتملة، تشير مصادر مطلعة إلى أن موقفه قد تغيّر نتيجة للظروف السياسية الراهنة، بما في ذلك الإنجازات العسكرية الأخيرة وتغير الإدارة في الولايات المتحدة.
ضغوط داخلية وتحركات سياسية
برزت ضغوط كبيرة من أحزاب اليمين المتطرف، مثل حزب “عوتسما يهوديت” بقيادة إيتمار بن جفير، والأحزاب الصهيونية الدينية، التي اعتبرت وجود ميارا عائقًا أمام تحقيق أجندة الحكومة التشريعية.
واتهم وزير الأمن الوطني المتطرف إيتمار بن جفير “ميارا” بتعمد ملاحقته سياسيًا، قائلًا إنها طلبت فتح تحقيقات جنائية ضده “لإفشاله”، كما وصف وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، تصرفات أمين المظالم بأنها “معادية للحكومة وتعرقل عملها”.
ردود فعل وتحركات احتجاجية
واعتبرت المعارضة الإسرائيلية خطوة إقالة ميارا تهديدًا للديمقراطية، وأشار يائير لابيد، زعيم حزب “يش عتيد”، إلى أن الإقالة المحتملة ستعيد قضية فساد رئيس الوزراء إلى الواجهة السياسية.
وأعلنت منظمات احتجاجية، مثل “أحرار في أرضنا”، عن استعدادها لتنظيم مظاهرات واسعة النطاق ضد خطوة الإقالة المحتملة، عقد رؤساء المنظمات اجتماعًا طارئًا لبحث الرد المناسب، محذرين من خطورة هذا القرار على مستقبل الديمقراطية الإسرائيلية.
مشهد قانوني تحت المجهر
خلال نقاش في لجنة الدستور حول الجريمة المنظمة، دافعت ميارا عن قراراتها، منتقدة غياب الجهات المعنية مثل وزير الأمن الوطني. وأثار النقاش اتهامات من أعضاء الكنيست ضدها، متهمين إياها بالتسبب في تفاقم الجريمة من خلال تقليص صلاحيات الشرطة.
وتعرضت ميارا لهجوم لفظي مباشر من بعض الوزراء وأعضاء الكنيست، ما اعتبرته المعارضة جزءًا من حملة تحريضية تستهدفها شخصيًا.
وتتجه الأنظار نحو ما ستؤول إليه هذه الأزمة السياسية المتصاعدة، والتي تعكس في جوهرها صراعًا أوسع بين أيديولوجيات متباينة حول مستقبل النظام القانوني والديمقراطي في إسرائيل.
وفي خضم هذه الأجواء المشحونة، يبقى التساؤل قائمًا: هل ستؤدي هذه المواجهة إلى تغيير جذري في هيكل السلطة الإسرائيلية، أم أنها ستنتهي بتسوية مؤقتة تترك الجروح مفتوحة وسط تهديد بتصاعد الاحتجاجات ضد حكومة نتنياهو؟