زعم تقرير لصحيفة “واشنطن بوست” أن روسيا تحاول تعطيل الانتخابات الأمريكية الحالية، من خلال اللعب على الروايات المثيرة للانقسام لكسب الدعم من المؤثرين الأقوياء.

ونقل التقرير عمّن وصفهم بـ”كبار مسؤولي الاستخبارات الأمريكية” أن الروس كانوا وراء أحدث مقطع فيديو في سلسلة من مقاطع الفيديو الدعائية المزيفة، والذي يظهر فيه مواطنون من هايتي يتفاخرون بأنهم صوتوا عدة مرات في جورجيا، على خلفية رواية مضللة يروج لها المرشح الجمهوري دونالد ترامب، تتعلق بالمهاجرين الهايتيين في أوهايو، حيث استهدف الناخبين في ولاية يكاد يكون من الضروري الفوز بها بالنسبة للمرشح الجمهوري.

وزعمت الصحيفة المعروف ميلها إلى الديمقراطيين -رغم تأكيد مالكها جيف بيزوس الأسبوع الماضي انتهاج الحياد خلال الانتخابات الرئاسية- أن ذلك “دليل إضافي على زواج المصلحة بين روايات موسكو حول الخلل الوظيفي في الولايات المتحدة، والأمريكيين الذين يجلبون التفاعل المتزايد مع الجمهور، وفي بعض الحالات المال، الذي تستطيع روسيا ترتيبه”.

وقال مسؤولو الاستخبارات إن هذا التحالف جعل جهود موسكو هي عملية التأثير الأجنبي الأكثر خطورة في حملة 2024، والتي يتوقعون استمرارها من خلال إثارة الشك في نزاهة الانتخابات، وتشجيع الاحتجاجات وزرع الفوضى في الأسابيع التي تلي الخامس من نوفمبر، خاصة إذا فازت الديمقراطية كامالا هاريس.

وفيما قد يكون تمرينًا للإحماء ليوم الانتخابات، ظهر مقطع فيديو مزيف منسوب للروس انتشر على نطاق واسع، ويصور شخصًا يمزق بطاقات اقتراع ترامب في بنسلفانيا، وفقًا لما قاله مكتب مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكي في أواخر الشهر الماضي، ووصفه بأنه “جزء من جهود روسيا لتقويض الثقة في نزاهة الانتخابات وتقسيم الأمريكيين”.

الترويج للشائعات
تشير “واشنطن بوست” إلى أن الدور الروسي المتزايد في الترويج للشائعات والأكاذيب حول قيام المهاجرين الهايتيين بأكل الحيوانات الأليفة في سبرينجفيلد بولاية أوهايو، يقدم مثالًا آخر على كيفية عمل الاستراتيجية الروسية للتضليل.

وتنقل عن أليكس ستاموس، الخبير في الأمن السيبراني الذي كشف عن شبكة من الحسابات الروسية المزيفة على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” بصفته كبير مسؤولي الأمن آنذاك: “في عام 2016، كان عليهم إخفاء حقيقة أن هذه كانت معلومات مضللة روسية. والآن، تستطيع وزارة العدل تقديم أدلة على أن المؤثرين حصلوا على مبالغ ضخمة ونشروا معلومات مضللة، ولا يزال لديهم جمهور ضخم”.

وعندما طُلب منها التعليق على تأثير الانتخابات، استشهدت السفارة الروسية ببيان سابق للمتحدث باسم وزارة الخارجية: “لم نتدخل أبدًا، ونحن لا نتدخل، ولا نعتزم التدخل في المستقبل. على عكس الولايات المتحدة، التي لا تستطيع مقاومة التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى”.

في المقابل، عرضت وزارة العدل الأمريكية مكافآت تصل إلى 10 ملايين دولار للحصول على مزيد من المعلومات حول المسؤولين التنفيذيين في شركة تتخذ من روسيا مقرًا لها، والتي اتهمتها بإدارة حملات لتأجيج الكراهية والتأثير على الانتخابات الأمريكية تحت هاشتاج #StandWithTexas و#HoldtheLine على وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي الوقت نفسه، زعم التقرير أن المتصيدين الروس والحسابات الآلية عملوا، بمساعدة الذكاء الاصطناعي، على تضخيم أعداد القتلى المخفية بسبب الأعاصير، وركزت على احتمال التصويت غير القانوني من قبل المهاجرين.

ساحة لعب
وتوفر انتخابات الثلاثاء المقبل مسرحًا مثاليًا لنشر المعلومات المضللة التي تدعي وجود حقائق جديدة، وتؤكد المخاوف العميقة لدى الأمريكيين.

ويقول مسؤولون أمريكيون إنه، بخلاف روسيا، حسنت إيران تكتيكاتها أيضًا “باستخدام مواقع إخبارية كاذبة تستهدف اليسار واليمين، وتشجيع الاحتجاجات في الشوارع واختراق حملة ترامب”.

كما تستخدم الصين المزيد من أدوات الذكاء الاصطناعي “وتتدخل في سباقات الكونجرس المتعددة التي تشمل منتقديها الأقوياء”.

ولكن روسيا، حسب التقرير، طورت أعمق فهم للمنصات الإلكترونية المفضلة لدى أمريكا وكيفية التلاعب بها “وهذا يمثل قفزة كبيرة مقارنة بعام 2016، عندما قام الروس بأولى محاولاتهم الكبرى في اختراق حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المزيفة، وذلك بشكل أساسي لتقويض المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون”.

“كانوا محظوظين عندما ذهب ترشيح الحزب الجمهوري والفوز إلى ترامب، الذي فضلوه في الانتخابات”، كما قال إيمرسون بروكينج، مدير الاستراتيجية في مختبر أبحاث الطب الشرعي الرقمي التابع للمجلس الأطلسي.

وأكد: “عمل الروس بجدية أكبر في مجال التضليل على وسائل التواصل الاجتماعي بعد أربع سنوات، حيث قاموا بنشر فرق مختلفة لرسائل ومنصات مختلفة وإنتاج وثائق ومتحدثين مزيفين أكثر مصداقية. إن روسيا ركزت خلال حملتها الانتخابية هذا العام على الدخول إلى النظام البيئي الأمريكي وتحديد المتعاطفين”.

وفي حين تستفيد روسيا من “مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة المؤثرة”، كما قال مسؤول استخباراتي أمريكي كبير في إفادة صحفية هذا الشهر، فإنها تفضل المدافعين المحليين.

وقال المسؤول: “إنهم يستخدمون الأمريكيين المدركين وغير المدركين، لأن الأمريكيين أكثر ميلًا إلى تصديق الأمريكيين الآخرين”.

وأظهرت وثائق حصلت عليها وكالة استخبارات أوروبية أن أحد أشهر المؤثرين في البلاد “أصبح أحد أكثر مروجي الدعاية فعالية لدى الكرملين، حيث عمل بشكل مباشر مع المخابرات العسكرية الروسية؛ لضخ مقاطع فيديو مزيفة تستهدف حملة هاريس ونشر معلومات مضللة”.

كما أظهرت وثائق داخلية للكرملين، نشرتها صحيفة “واشنطن بوست” في وقت سابق من هذا العام، أن مسؤولين رفيعي المستوى حددوا رسائل أساسية لنشرها “الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي فاسد، أعداد قياسية من المهاجرين تقوض أمريكا بطرق أساسية، الأمريكيون البيض يعانون بسبب المساعدات الخارجية”. وقالت الوثائق إن الروس “سيربحون جيدًا إذا عززوا أكثر هذه الأفكار انتشارًا وانفجارًا”.