يُشكل التضخم في الولايات المتحدة العدو الأكبر والخصم الأبرز لمرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس، وهو الذي قد يُطيح بها في الانتخابات الرئاسية التي أصبحت على الأبواب والمقرر أن تجري يوم الخامس من نوفمبر الحالي، حيث يستعد الرئيس الديمقراطي جو بادين لمغادرة البيت الأبيض فيما لا تزال إدارته تكافح من أجل السيطرة على التضخم الذي يلتهم أموال الناس ويُهدد مدخراتهم وقدراتهم الشرائية.
وبحسب تقرير نشرته جريدة “فايننشال تايمز” البريطانية، واطلعت عليه “العربية Business”، فإن العديد من الناخبين غير الحاسمين لمواقفهم حتى الآن والذين سيحددون النتيجة في نهاية المطاف، فإن المخاوف لديهم هي في الأساس تكلفة المعيشة وخاصة التضخم.
وقال إريك جوردون، الأستاذ في كلية روس للأعمال بجامعة ميشيغان إنه “على الرغم من القضايا الكبرى الأخرى في السياسة الأميركية فإن الناخبين يهتمون فعلياً برفاههم الاقتصادي أكثر من أي شيء آخر”.
وتقول الصحيفة إنه “إذا فاز ترامب بولاية ثانية الأسبوع المقبل، فإن السخط الشعبي بشأن سعر كل شيء من البنزين والبقالة إلى الإيجار والملابس سيكون سبباً مهماً في ذلك”.
وبلغ التضخم السنوي في الولايات المتحدة أعلى مستوى له منذ عدة عقود عند 9.1% في منتصف عام 2022 وسط أزمة في سلاسل التوريد بسبب جائحة فيروس كورونا، إضافة إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية بعد الغزو الروسي الكامل لأوكرانيا.
وفي سبتمبر الماضي كان التضخم عند مستوى 2.4%، وهو أقل بكثير من السابق لكن الأسعار لا تزال مرتفعة بنحو 25% في المتوسط عما كانت عليه في عام 2019، وفقاً لمكتب إحصاءات العمل الأميركي.
وتقول “فايننشال تايمز” إن الارتفاع الكبير في سعر البنزين بالولايات المتحدة يلعب دوراً مهماً في ارتفاع نسبة التضخم، حيث بلغ متوسط سعر البنزين 3.48 دولار للغالون هذا العام، وهو ما يزيد بنسبة 30% عن متوسط سعره في عام 2019.
وبحسب التقرير فإن العبء الأكبر وقع على الأميركيين من ذوي الدخل المنخفض، والذين يشكلون أيضا نسبة كبيرة نسبيا من الناخبين غير الحاسمين، فقد تحملت أفقر الأسر في الولايات المتحدة نقطتين مئويتين إضافيتين من التضخم التراكمي مقارنة بأغنى الأسر منذ عام 2019. وأحد الأسباب الرئيسية لذلك هو الإيجارات، التي أصبحت الآن أعلى بنحو 30% في المتوسط مقارنة بعام 2019.
وقالت ستيفاني ستانتشيفا، أستاذة الاقتصاد السياسي في جامعة هارفارد: “إن تجارب التضخم تترك ندوبا عميقة. والتضخم يحفز شعورا كبيرا بعدم المساواة والظلم”.
وتقول “فايننشال تايمز” إن الأسعار المرتفعة تظل تشكل تهديداً للمرشحة الديمقراطية هاريس، وسوف يختار بعض الناخبين المحبطين ببساطة البقاء في منازلهم.
وتنقل الصحيفة عن فالون لورانس (68 عاماً)، وهو من قدامى المحاربين في البحرية في أتلانتا، يدعم هاريس لكنه يعتقد أن العديد من الناخبين الديمقراطيين لن يظهروا للتصويت للمرشحة التي تنتمي لإدارة بايدن. وقال: “من السهل إلقاء اللوم على الرئيس”.
وقال كزافييه جارافيل، أستاذ الاقتصاد في كلية لندن للاقتصاد: “يميل الناس إلى إلقاء اللوم على أي شخص مسؤول عن التضخم. ولا يبدو أنهم يمنحون الفضل لأي شخص مسؤول عن زيادات الأجور”.
وبالنظر إلى حقيقة أن الأسر الأكثر فقراً شهدت تضخماً أعلى بمرور الوقت، فإن مكاسب الدخل الحقيقي أسوأ بالنسبة للأسر ذات الدخل المنخفض، فبين عامي 2002 و2019، فإن الدخل الحقيقي للخُمس الأدنى من السكان ارتفع بنسبة 2.4% فقط، مقابل حوالي 25% للخمس الأعلى، بحسب تقرير “فايننشال تايمز”.
وأظهر استطلاع رأي أجرته (FT Michigan-Ross) الأسبوع الماضي أن 45% من الناخبين يثقون في أن ترامب سيجعلهم في وضع أفضل مالياً، مقابل 37% لهاريس. وقال أكثر من ثلاثة أرباع الناخبين إن زيادات الأسعار كانت من بين مصادرهم الرئيسية للضغوط المالية.
ويرى ترامب هذا أرضاً خصبة لجمع الأصوات، مدعياً أن “التضخم سيختفي تماماً” إذا أعيد انتخابه، حيث تعهد بتحرير إنتاج النفط الأميركي -عند مستويات قياسية- لخفض الأسعار، كما أنه سيعمل على تقليص الإنفاق الحكومي وخفض اللوائح وخفض الضرائب.
وتشمل خطة هاريس لخفض الأسعار تحديد سقف لتكاليف الأدوية، واتخاذ إجراءات صارمة ضد “الغش” من جانب التجار، وبناء المزيد من المنازل وتقديم ائتمانات لمشتري المنازل والأسر. كما تقول إن خطة ترامب لزيادة التعريفات الجمركية سترقى إلى مستوى فرض ضريبة على المستهلكين.
بقلم /رضوي شريف ✏️✏️📚