توصلت دراسة أمريكية جديدة إلى أن تغير المناخ له تأثيرات سلبية واسعة النطاق وكبيرة على الصحة العقلية للشباب في جميع أنحاء البلاد. وتعد هذه الدراسة واحدة من أكبر الدراسات حتى الآن التي تبحث في كيفية استجابة الشباب في الولايات المتحدة لتغير المناخ العالمي وإجراءات الحكومة الأمريكية لمواجهته.

وتكشف الأبحاث أيضًا عن رؤى جديدة حول التأثير النفسي على المراهقين والشباب نتيجة للأحداث المناخية المتطرفة التي تسبب فيها تغير المناخ أو جعلها أسوأ، اعتمادًا على نوع الحدث.

وتوفر الدراسة التي نُشرت مساء الخميس في مجلةThe Lancet Planetary Health، أحدث نظرة، وربما الأكثر موثوقية، لما يطلق عليه “العواطف المناخية”، بما في ذلك اليأس والخوف والقلق والاكتئاب، وغيرها. كما أشار تقرير لموقع “أكسيوس”.

وقام الباحثون بتحليل نتائج استطلاع رأي عبر الإنترنت شمل نحو 16 ألف شاب وشابة أمريكيين، تتراوح أعمارهم بين 16 و25 عامًا بين شهري يوليو ونوفمبر من العام الماضي.

قلق مناخي
وجد الباحثون أن أغلبية كبيرة، 85% من المشاركين، يشعرون بقلق معتدل على الأقل، مع حوالي 58% “قلقون للغاية” أو “شديدي القلق” بشأن تغير المناخ وتأثيراته.

وأفادت مجموعة أصغر حجمًا، بأن هذه المخاوف تضر بصحتها العقلية. حيث ذكر 38% منهم أن مشاعرهم بشأن تغير المناخ تتداخل مع حياتهم اليومية.

وكان المشاركون الذين حددوا أنفسهم كديمقراطيين أو مستقلين أكثر ميلًا إلى القلق من الجمهوريين في الاستطلاع.

ويلفت “أكسيوس” إلى أنه يمكن استخدام نتائج الاستطلاع لمراقبة الاتجاهات العامة، ويمكن دمجها مع أدلة أخرى لدعم استنتاجات معينة.

وكان المشاركون الذين أفادوا بتعرضهم لمزيد من أنواع الظواهر الجوية المتطرفة أكثر ميلًا إلى الشعور بالضيق إزاء تغير المناخ وأكثر تأييدًا لاتخاذ إجراءات لمعالجة هذه القضية.

وجاء في الدراسة أن “المستجيبين يرغبون في اتخاذ إجراءات من جانب الصناعات والشركات والحكومات، بما في ذلك حكومة الولايات المتحدة”.

أيضًا، كان هؤلاء الأشخاص أكثر ميلًا إلى وضع خطط للعمل بشأن هذه القضية، مثل التصويت للمرشحين الذين يدعمون خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، مقارنة بأولئك الأقل تأثرًا بالطقس المتطرف.

مخاوف حياتية
ذكر أغلبية المشاركين في الاستطلاع عبر الإنترنت، بما في ذلك 37.9% من الجمهوريين، أن تغير المناخ من شأنه أن يجعلهم مترددين في إنجاب الأطفال.

وقالت أغلبية من جميع المشاركين، بما في ذلك 57.8% من الجمهوريين في الاستطلاع، إن هذه القضية ستؤثر على المكان الذي يختارون العيش فيه.

ونقل “أكسيوس” عن إريك ليواندوفسكي، من كلية جروسمان للطب في جامعة نيويورك، وهو المؤلف الرئيسي للدراسة إن هذه “نوع من القضايا الأقل حزبية في هذا الجيل الأصغر سنًا”.

كما قالت نسبة أعلى من الديمقراطيين (45.7%) مقارنة بالجمهوريين (33.7%) إن مشاعرهم بشأن تغير المناخ تؤثر على حياتهم اليومية.

وبينما توصلت دراسات أخرى إلى أدلة تشير إلى أن الشباب في بلدان متعددة، بما في ذلك الولايات المتحدة، يعانون من الضيق بسبب تغير المناخ؛ قال ليفاندوفسكي إن أحد النتائج المثيرة للاهتمام في البحث هو أن الشباب يتطلعون إلى إجراء المزيد من المحادثات حول تغير المناخ، والحصول على التحقق من مخاوفهم، بدلًا من رفض الأجيال الأكبر سنًا لهم.

وأضاف: “الحديث عن الخطر عندما يكون هناك خطر مفيد. نحن نفكر في هذه المشاعر المناخية باعتبارها رد فعل بشري طبيعي في مواجهة التهديد.”

أيضًا، نقل التقرير عن ليز فإن سوستيرين، وهي طبيبة نفسية في واشنطن وخبيرة في التأثيرات النفسية لتغير المناخ، شاركت في إعداد الدراسة: “تؤكد هذه الإحصائيات ما رأيناه من أن الشباب يكافحون حقًا. وهم يكافحون بطرق لم أرها من قبل”، وتأمل أن تساعد النتائج في التوصل إلى “نقطة تحول اجتماعية” في قضية المناخ.