يدرس وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن تقديم خطة “ما بعد الحرب في غزة”، والتي تعتمد على أفكار طورتها إسرائيل، ومن المقرر تقديمها بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية. حسبما ذكر مسؤولون أمريكيون لموقع “أكسيوس”.

ويشير التقرير إلى أن العديد من المسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية في واشنطن يشعرون بالقلق من أن الخطة قد تؤدي إلى تهميش رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وحكومته “وهو ما تدفع إسرائيل نحوه في الأمد القريب”.

ويلفت “أكسيوس” إلى أنه “مع عدم وجود اتفاق في الأفق لإطلاق سراح المحتجزين لدى حماس وتثبيت وقف إطلاق النار في غزة، فإن تقديم خطة “اليوم التالي” يمكن أن يكون جزءًا إيجابيًا محتملًا من إرث إدارة بايدن المحيط بالصراع”.

وضم التقرير آراء 12 مسؤولاً أمريكيًا وإسرائيليًا وفلسطينيًا مطلعين على المناقشات. حيث أشار الأمريكيون إلى أن البعض في وزارة الخارجية -بما في ذلك بلينكن- يعتقدون أن التوصل إلى اتفاق بشأن المحتجزين ووقف إطلاق النار لا يبدو ممكنًا قبل نهاية إدارة بايدن “وبالتالي فإن الخطة الإسرائيلية هي “خطة بديلة محتملة”، يمكن أن تبدأ في رسم مسار للخروج من الحرب”.

لكن مسؤولين آخرين داخل الخارجية الأمريكية يقولون إن هذه الفكرة “غير حكيمة، ولا تخدم إلا مصالح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومن المؤكد أن الفلسطينيين سوف يرفضونها وسوف تفشل”.

استبعاد محمود عباس

ينقل التقرير عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين أن إدارة بايدن وإسرائيل تناقش منذ أشهر أفكارًا مختلفة بشأن خطط محتملة لقطاع غزة؛ وأضاف المسؤولون أن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير شارك أيضًا في المناقشات وطرح بعض الأفكار.

ولفت إلى أنه في يوليو الماضي، التقى مستشار الرئيس بايدن لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكجورك، ومستشار وزارة الخارجية توم سوليفان، مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر -المقرب من نتنياهو- لمناقشة هذه القضية.

وفي اليوم السابق لهذا الاجتماع، تم تقديم المقترح، الذي تضمن نشر بعثة دولية مؤقتة في غزة، مهمتها تقديم المساعدات الإنسانية، وفرض القانون والنظام، وإرساء أسس الحكم الرشيد؛ وكذلك إرسال جنود إلى غزة ضمن قوة دولية.

لكن المقترح نفسه تضمن أن تتلقى القوة الجديدة دعوة رسمية من السلطة الفلسطينية “بعد أن تخضع لإصلاحات ذات معنى، ويقودها رئيس وزراء جديد يتمتع بالسلطة والاستقلال”، حسب التقرير الذي أشار إلى وجود رغبة في تهميش الرئيس الفلسطيني محمود عباس وتجريده من أي سلطة تنفيذية، واستبدال رئيس الوزراء الفلسطيني الحالي محمد مصطفى، الذي يعتبر مواليا لعباس.

ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن نتنياهو أعجب بالعديد من أجزاء الخطة، لكنه يعارض الجوانب الأكثر سياسية، وخاصة مشاركة السلطة الفلسطينية في غزة ورؤية حل الدولتين.

دفعة جديدة

بحسب المسؤولين، حظيت المناقشات حول الخطة بدفعة متجددة في الأسابيع الأخيرة “ففي نهاية سبتمبر، التقى ديرمر وأبز بشكل منفصل مع بلينكن -المسؤول عن هذه القضية داخل إدارة بايدن- على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

وقال المسؤولون إن ديرمر طلب من بلينكن مساعدته في سد الفجوات المتبقية بالخطة ثم التصديق عليها “أو حتى تحويلها إلى خطة أمريكية سيتم تقديمها بعد انتخابات نوفمبر”.

ويلفت “أكسيوس” إلى أن “هناك فجوة تتعلق بفكرة جديدة، مفادها أن الخطة تشمل إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس كلفتة للفلسطينيين، وطريقة لإظهار أن الولايات المتحدة تستثمر في الخطة وتقود العملية”.

وفيما يقول المسؤولون الأمريكيون إن الإسرائيليين يعارضون هذه الفكرة بشدة، لا يزال الإسرائيليون يعارضون أي ذكر لحل الدولتين.

وقال مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون إن الجالسين في تل أبيب لن يفكروا في أي دور محتمل للسلطة الفلسطينية إلا على المدى الطويل.

وقال مسؤولان كبيران في وزارة الخارجية الأمريكية لـ “أكسيوس” إنه إذا قدم بلينكن خطة، فإنها ستتضمن أفكار إسرائيل بالإضافة إلى أفكار الولايات المتحدة، بهدف الحصول على إجماع أوسع في المنطقة على الخطة.

ونقل عن مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية “لن ندعم خطة اليوم التالي دون أن يكون للسلطة الفلسطينية دور في غزة. وما زال النقاش جاريًا حول شكل هذا الدور”.

أما خلف الكواليس، ووفقًا لمسؤولين أمريكيين، أصبحت الخطة قضية مثيرة للجدال داخل وزارة الخارجية في واشنطن “وهي مصدر صراع داخلي عنيف ونقاش بين مستشاري بلينكن، وفي بعض الحالات بين وزير الخارجية نفسه وبعض كبار الدبلوماسيين الأمريكيين”.

ويقول المسؤولون الأمريكيون إن أحد المؤيدين الرئيسيين للخطة الإسرائيلية هو جيمي روبين، الذي كان يعمل مستشارًا لبلينكن. ونقل عنهم التقرير إن روبين كان يعمل في الأشهر الأخيرة على قضية غزة في اليوم التالي لصالح بلينكن وسافر معه إلى إسرائيل في أغسطس.

وقال مسؤول أمريكي: “البيت الأبيض لا يحبه (روبين) والعديد من الأشخاص في وزارة الخارجية الذين يتعاملون مع هذه القضية لا يأخذونه على محمل الجد، لكنه صوت مهم في هذا الشأن، وهو مقرب من بلينكن”.

وقال مسؤول كبير في السلطة الفلسطينية لـ “أكسيوس” إن السلطة الفلسطينية تشك بشدة في الخطة الإسرائيلية، مؤكدًا أنه لا يعتقد أنها يمكن أن تحصل على دعم في المنطقة.

وأكد: “اللعب بحكومة غزة أمر خطير للغاية، وأي خطأ قد يقتل المشروع الوطني الفلسطيني”، مضيفًا أن أي شخصية فلسطينية تتولى إدارة غزة بشكل مستقل عن السلطة الفلسطينية أو من دونها ضمن إجماع وطني لن يكون لها أي شرعية.