في واقعة غريبة ومثيرة جرت في محافظة أسوان، وتحديدًا في معبد أبوسمبل الأثري، ألقت أجهزة الأمن القبض على سائح بريطاني الجنسية كان يحاول دفن رفات والدته في قلب معبد أبوسمبل.
بدأت هذه القصة الغريبة قبل نحو عام، عندما توفيت والدة السائح البريطاني في إنجلترا، كانت الأم تتمتع بحب شديد لمصر وتاريخها العريق، حتى إنها زارتها أكثر من مرة في حياتها. تلك الزيارات تركت بصمة قوية على حياتها، لدرجة أنها أوصت ابنها، قبل وفاتها، بأن يتم دفن رفاتها في مصر، البلد الذي طالما عشقته.
قرر السائح طبقًا لأقواله بمحضر الشرطة، أن ينفذ هذه الأمنية بأي ثمن، فجمع رفات والدته في إناء زجاجي صغير وبدأ خطته للسفر إلى مصر، لكن بدلًا من اللجوء إلى وسائل دفن تقليدية أو التنسيق مع الجهات المختصة، قرر الشاب البريطاني دفن رفات والدته في معبد أبوسمبل، أحد أشهر المعابد المصرية التي شُيدت خلال عهد الملك رمسيس الثاني وتعتبر موقعًا أثريًّا يحظى بحماية صارمة.
وصل السائح إلى مصر وهو يخطط لرحلته الطويلة من القاهرة إلى جنوب مصر. حجز رحلته الداخلية وتوجه إلى أسوان، ثم انطلق نحو معبد أبوسمبل الشهير. يعتقد أن السائح اختار أبوسمبل لأنه من أكثر المعابد إلهامًا وجمالًا في مصر القديمة، ويعكس قوة وعظمة الحضارة المصرية التي كانت والدته مغرمة بها.
حمل السائح صندوقًا صغيرًا يحوي رفات والدته، وأخفاه بعناية، معتقدًا أن الأمر سيمر دون مشاكل تُذكر. لكن ما لم يكن في حسبانه هو أن معبدأبوسمبل ليس فقط وجهة سياحية، بل هو أيضًا محمي بقوانين صارمة، ولا يُسمح لأي شخص بالقيام بأعمال غير قانونية فيه، حتى لو كانت تلك الأعمال تحمل في طياتها لمسة شخصية أو عاطفية.
لحظة القبض: أجهزة الأمن تكتشف المخطط
عند وصوله إلى المعبد، مرت حقيبة السائح على أجهزة X-ray الأمنية كإجراء روتيني لجميع الزوار. وهنا بدأت الشكوك تتصاعد. لاحظ ضباط أمن المعبد أن الصندوق الصغير بدا غريبًا على الشاشة. قرروا فحصه بدقة أكبر، ليكتشفوا أنه يحتوي على إناء زجاجي به رفات بشرية. شعر الضباط بالدهشة والصدمة، وسرعان ما تم استجواب السائح لمعرفة القصة وراء هذا الاكتشاف غير المعتاد.
اعترف السائح مباشرةً بأنه كان يحاول تنفيذ وصية والدته الراحلة، وشرح أنه جاء إلى مصر خصوصًا لهذا الغرض، ليتم دفن رفاتها في معبد أبوسمبل، الذي كانت تحبه.
التبعات القانونية: رد فعل السلطات المصرية
لأن المواقع الأثرية المصرية تخضع لقوانين صارمة تمنع أي نشاط غير قانوني أو مخل بقواعد الحماية والحفاظ على التراث، قامت الشرطة على الفور بالتحفظ على السائح، وأخذ تعهد رسمي منه بعدم تكرار هذه الواقعة مرة أخرى داخل أي موقع أثري في مصر.
وفي بيان لاحق، أكدت السلطات أنها تعاملت مع الأمر بحزم، وذلك حفاظًا على المواقع الأثرية وحمايتها من أي تصرفات قد تضر بقدسية المكان أو تخرق القوانين المصرية.
بعد استجوابه وتحرير محضر بالواقعة، عبر السائح البريطاني عن أسفه الشديد لما حدث، مؤكدًا أنه لم يكن يقصد انتهاك القوانين، بل أراد فقط أن يحقق رغبة والدته الأخيرة. وعلى الرغم من ذلك، تم منعه من دفن الرفات في أي موقع أثري مصري، وأُعيد إليه الإناء الزجاجي الذي يحتوي على الرفات.