كواليس صفقة بيع «منجم السكري للذهب» من «سنتامين» إلى «أنجلو جولد».. وتأثيره على مصر
البترول: الصفقة ليس لها أى تاثير على حقوق الدولة المصرية فى منجم السكري وإيراداته
– تعديل قانون التعدين كلمة السر في جذب شركات التعدين العالمية إلى مصر
– «باريك جولد» العالمية تنتظر إنهاء إجراءات إتفاقيتها مع مصر لتبدأ مرحلة جديدة للبحث عن الذهب
«مصر لم تكسب دولار واحد من صفقة بيع «سنتامين».. ولكن حصلت على دعاية للفرض الإستثمارية بها تقدر بمليارات الدولارات» .. هذه المحصلة التي تعود على الدولة المصرية من الصفقة التي تمت بلندن فور إعلان الاستحواذ على شركة «سنتامين» المشغلة لمنجم السكري في مصر، من قبل شركة «أنجلوجولد أشانتي»، بقيمة ٢.٥ مليار دولار، فقد سوف تقلب موازين وتوجهات شركات التعدين العالمية صوب مصر، للبحث عن فرص استثمارية بها بعد هذه الصفقة الضخمة التي تمت، ولفتت الأنظار بشدة نحو الاستثمار في مجال التعدين في مصر، بعد إتمام الصفقة في سرية تامة والتي يؤكد البعض أن التفاوض حول هذه الصفقة يعد له منذ أكثر من 6 أشهر في الكواليس، بعيدا عن أعين الجميع، حتى عن مسئولي قطاع التعدين في مصر التي يقع منجم السكري على أراضيها، فرغم اللقاءات المتكررة بين وزير البترول ورئيس هيئة الثروة المعدنية مع مارتن هورجان الرئيس التنفيذي لشركة سنتامين، ولقاء وزير البترول مع السفير الأسترالي بالقاهرة في نفس توقيت عقد وإعلان الصفقة، بيقين كامل، معلومة التفاوض لم تكن لدى المسئولين في مصر، الأمر الذي أدى إلى إتمام الصفقة بنجاح.
كلمة السر ..سرية المفاوضات
تناول خبراء التعدين في العالم الصفقة بإعجاب تام على سرية المفاوضات، فهى سر نجاح استحواذ «انجلو على سنتامين»، والتي أعتبروها أحدث ضربة لسوق الأوراق المالية في لندن، مؤكدين لو أنه تم تسريب خبر الصفقة لصعد سهم سنتامين أضعاف سعره، لتربح البورصة من هذه الصفقة مليارات الدولارات، كما أكدت التقارير العالمية بكبريات الصحف والمؤسسات الإعلامية المتخصصة في التعدين.
وتعد صفقة بيع سنتامين سلسلة لمسلسل هجرة شركات التعدين العالمية خلال السنوات الماضية، حيث واجهت بورصة لندن تحديات سابقة، منذ إلغاء إدراج «راندجولد» بعد اندماجها مع بارياك جولد في عام 2018، وكذلك المغادرة الجماعية لشركات مناجم الذهب الروسية، في أعقاب غزو موسكو لأوكرانيا.
صراع حيتان التعدين
كما أن صفقة استحواذ «أنجلوجولد أشانتي» على «سنتامين» هي الأحدث في سلسلة الصفقات الصناعية التي غذتها الأسعار القياسية للذهب، التي يشهدها العالم، فقد استحوذت شركة «نيومونت» الشركة الأسترالية على «نيوكريست مايننج» مقابل 16.8 مليار دولار في أواخر عام 2023، مما عزز مكانتها كأكبر منتج للذهب في العالم، وفي 12 أغسطس أعلنت شركة جولد فيلدز «نظيرة أنجلو جولد» عن صفقة للاستحواذ على «أوسيسكو مايننج»، مقابل 1.59 مليار دولار، بعد عامين من إحباط محاولة لشراء شركة تعدين كندية أخرى، «يامانا جولد»، بسبب عرض منافس من «أجنيكو إيجل»، و«بان أمريكان سيلفر كورب».
وبعد إتمام صفقة سنتامين، من المتوقع أن يمتلك مساهمو أنجلو جولد نحو 83.6% ومساهمو سنتامين نحو 16.4% من رأس المال المصدر الموسع لشركة أنجلو جولد أشانتي، ومن المتوقع أن تؤدي الصفقة إلى زيادة التدفق النقدي الحر لكل سهم في أول عام كامل بعد إتمام الصفقة.
ووصف رئيس مجلس إدارة أنجلو جولد أشانتي «يوتشن تيلك» الصفقة بأنها «مقنعة للغاية»، وإنها تقدم إمكانات جيولوجية هائلة كانت الشركة في وضع جيد لتطويرها.
وبعيدا عن صراع «حيتان التعدين في العالم» فإن مصر في القريب العاجل ستصبح بعد إتمام هذه الصفقة، أرضا خصبة لجذب حيتان التعدين هذه، لطرح إستثماراتها في فرص التعدين خاصة في مجال الذهب، ورغم انتشار الشائعات منذ أكثر من عام حول شراء رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس لمنجم السكري، والذي يعد مستثمرا في شركات مناجم الذهب، بما في ذلك «إنديفور ماينينغ»، عبر شركته «لا مانشا ريسورسيز»، ولكن بعدها أعلن عن توسع استثماراته في مناجم الذهب، وتطلعه للاستثمار بمشروع ضخم للذهب والنحاس في باكستان، التابع لشركة «باريك غولد» الكندية، والذي تبلغ قيمته 7 مليارات دولار، يقع في منطقة «ريكو ديك» في بلوشستان المتاخمة لأفغانستان وإيران.
تعديلات قانون التعدين
قطاع التعدين في مصر بعد صدور قانون التعدين الجديد يعمل على قدم وساق لطرح مناطق جديدة للأستثمار في تعدين الذهب، فهناك شركات ذهب عالمية مثل «باريك جولد» وهى عملاق تعدين الذهب في العالم، وقعت مع هيئة الثروة المعدنية المصرية اتفاقية، تنتظر إنتهاء الاجراءات الخاصة بها، فقد تم الإنتهاء من الاتفاقية خلال شهر سبتمبر الماضي، وتنتظر توقيع عقد الاتفاق مع مصر بعد انتهاء الاجراءات القانونية للاتفاقيات من الحكومة ومجلس النواب، وفور توقيع هذه الاتفاقية وطرحها، سنسمع في مصر خلال فترة وجيزة عن أسماء عالمية، مثل «نيومنت» الأولى عالميا في إنتاج الذهب، وغيرها من حيتان التعدين موجودة في مصر، وتنتظر توقيع باريك عقد الاستغلال مع مصر.
وتعديل قانون التعدين كان كلمة السر في جذب شركات التعدين العالمية، بما تضمنه من مواد تواكب الأحداث العالمية في صناعة التعدين، ومن شأنه جذب الاستثمارات العالمية إلى مصر، فقبل تعديلات القانون قامت هيئة الثروة المعدنية بعمل مزايدة عام 2014 ولم تنجح، وتبعتها مزايدة أخرى في 2017، ولكن بعد تعديل قانون التعدين تم عمل مزايدة عام 2020، نجحت في جذب 13 شركة عالمية «4 شركات مصرية و7 شركات أجنبية» منهم «باريك جولد» و«سنتامين» مرة أخرى، فنحن الآن على طريق أن العالم أجمع أصبح على يقين كامل أن مصر بها ذهب، وفرص الاستثمار بها واعدة، وسمعة مصر أصبحت جيدة بين عملاقة إنتاج الذهب في العالم.
منجم السكري ..واجهة مشرفة للتعدين في مصر
وبموجب صفقة الاستحواذ تحصل «أنجلو جولد أشانتي» على منجم السكري الرئيسي في مصر، والذي يعد أكبر وأول عملية حديثة لاستخراج الذهب في البلاد، منذ خمسينات القرن الماضي، فضلاً عن كونه أحد أكبر المناجم المنتجة في العالم، بشراء منافستها الأصغر سنًا سنتامين، والتي تجعل شركة أجلوجولد أشانتي الجنوب أفريقية الأصل رابع أكبر منتج للذهب في العالم، ليؤكد الرئيس التنفيذي للشركة ألبرتو كالديرون، إن الشركة أصبحت الآن في وضع يسمح لها بمواصلة النمو من خلال الاستحواذ على أصول عالية القيمة، وذلك بعد أن وافقت شركة التعدين على شراء منافستها الأصغر سنتامين التي تركز على مصر، في صفقة أسهم ونقد بقيمة 2.5 مليار دولار، وقفزت أسهم سنتامين بأكثر من 20% إلى أعلى مستوى لها منذ أكتوبر 2020، وإن أنجلو جولد عملت على مدار السنوات الثلاث الماضية على «ترتيب بيتها» قبل البحث عن أهداف الاستحواذ، وهذه الصفقة ستفتح الطريق أمام الكثير من الاحتمالات الاستراتيجية المثيرة للاهتمام في أنجلو جولد.
وقال كالديرون إن تركيز أنجلو جولد على الأصول من الفئة الأولى يعني أنها ستكون «منفتحة للغاية» على التخلص من مشروع دوروبو التابع لسنتامين في ساحل العاج، بالإضافة إلى أصولها البرازيلية الحالية كوريجو دو سيتيو وسيرا جراند، وبموجب شروط الصفقة، سيحصل مساهمو سنتامين على 0.06983 سهم جديد في «أنجلو جولد» مقابل كل سهم من أسهم سنتامين و0.125 دولار نقدًا.
وأكد كالديرون أن إضافة الإنتاج السنوي لمنجم السكري البالغ 450 ألف أوقية، من شأنه أن يرفع إنتاج أنجلو جولد السنوي إلى أكثر من 3 ملايين أوقية، مما يجعلها رابع أكبر منتج للذهب في العالم من حيث الحجم، بعد نيومونت وباريك جولد وأجنيكو إيجل، والاستحواذ على سنتامين يعمل على توسيع محفظة أنجلو جولد إلى منطقة رئيسية أخرى لإنتاج الذهب، ولديها حاليًا أصول في تسع دول هى تنزانيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وغانا وغينيا وأستراليا والولايات المتحدة والبرازيل والأرجنتين وكولومبيا، وقال مجلس إدارة سنتامين إنه يعتزم التوصية بالإجماع على الصفقة لمساهميها.
إطالة عمر منجم السكري
وأكد «أنجلوجولد أشانتي» أنها ستقوم بتطبيق أعلى مستويات التشغيل لمحفظة سنتامين نظرًا لخبرتها الواسعة وسجلها الطويل في أفريقيا في تشغيل المناجم المفتوحة والمناجم تحت الأرض على نطاق واسع، وتنوي الاستثمار في تنمية منجم السكري من خلال تنفيذ مزيد من عمليات الاستكشاف والتطوير، سواءً داخل منطقة امتياز السكري أو في الكتل المجاورة التابعة لمشروع إيدكس، مما يبشر بإطالة عمر المنجم أو يزيد من إنتاجه، وتنظر أنجلوجولد أشانتي بكل تقدير لمهارات ومعرفة وخبرات موظفي سنتامين الحاليين، وتدرك أهميتهم في تحقيق إنجازات الشركة، لذا لا تنوي أنجلوجولد أشانتي إحداث أي تأثير على الموظفين في منجم السكري، كما لا تعتزم إجراء تغييرات جوهرية على موظفي سنتامين في مصر أو في كوت ديفوار.
مناخ مصر جاذب للاستثمار
وجاءت كلمات مارتن هورجان، الرئيس التنفيذي لشركة سنتامين لتؤكد المناخ الجاذب للاستثمار في مصر، مؤكدا أن منجم السكري منذ اكتشافه وتطويره وتشغيله المستمر عام 2009 وحتى الآن، يبرز الإمكانات التعدينية العالمية التي تتمتع بها مصر، وأن استكمال مرحلة إعادة الاستثمار إلى جانب تنفيذ العمليات التشغيلية بكفاءة وبصورة مستدامة، يؤكد على مكانة منجم السكري كأحد أكبر مناجم إنتاج الذهب الآمن ومنخفض التكلفة وواسع النطاق من الفئة الأولى.
وقد أكد المهندس كريم بدوى وزير البترول والثروة المعدنية، في أكثر من تصريح له، أن قطاع التعدين المصرى يشهد جهوداً كبيرة لتحسين مناخ الاستثمار وتهيئة البيئة لجذب استثمارات جديدة واستقطاب المزيد من الشركات، التى نطمح لتواجدها بشكل قوى فى مصر فى ظل ما تتمتع به من سمعة كبيرة وتكنولوجيات متقدمة فى هذه الصناعة عالمياً، وكذلك ما تم من تطوير عقود الاستغلال التعدينية بهدف تشجيع وتحفيز المستثمرين وذلك امتداداً لما تم من تطوير فى مجال عقود البحث والاستكشاف، وأن منجم السكرى للذهب فى مصر يعد نموذج عالمى متطور للاستثمار التعدينى يمكن تكراره، مؤكداً سعى الوزارة لتوفير المزيد من البرامج المتقدمة لتطوير مهارات كوادر التعدين المصرى.
البترول: الصفقة ليس لها أى تاثير على حقوق الدولة المصرية فى منجم السكري وإيراداته
أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية تعليقا على صفقة استحواذ شركة انجلوجولد اشانتي، على شركة سنتامين المالك الوحيد للشركة الفرعونية لمناجم الذهب شريك الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية فى منجم السكرى للذهب، وأن هذة الصفقة ليس لها أى تاثير على حقوق الدولة المصرية فى منجم السكري وإيراداته، حيث تظل أحكام اتفاقية الالتزام الصادرة بموجب القانون رقم ٢٢٢ لسنة ١٩٩٤ هي السارية بكافة بنودها ، وهي التي تحكم العلاقه بين الأطراف المساهمين (الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية والشركة الفرعونية).
وستظل شركة السكرى لمناجم الذهب هى الشركة المشتركة والقائمة بالعمليات كما هي دون اي تعديل، ويدار منجم السكري بواسطة شركة السكري لمناجم الذهب بإعتبارها هي الشركة القائمة بالعمليات وفقا لأحكام اتفاقيات الامتياز، وحيث ان شركة السكري هي شركة مشتركه بنسبه ٥٠٪ لهيئة الثروة المعدنية و ٥٠ ٪ للشركة الفرعونيّة لمناجم الذهب، الأمر الذي لا يرتب هذا الاستحواذ أي تأثير علي الشركة القائمة بالعمليات، وأن هذه الصفقة التي تمت هي صفقة تجارية بين شركتين عالميتين مدرجتين بالبورصة، حيث أن شركة سنتامين مدرجه ببورصة لندن، وشركة أنجلو جولد اشانتي مدرجه ببورصة نيويورك، الأمر الذي لا يستلزم موافقة الجانب المصري علي إتمام تلك الصفقة، لان الاستحواذ يشمل جميع أسهم شركة سنتامين وبجميع مناطق عملها بالعالم، وأن وجود شركة أنجلو أشانتي والتى تحتل المرتبة الرابعة على العالم فى تصنيف الشركات المنتجة للذهب للعمل والاستثمار فى قطاع التعدين المصري، هو شهادة عالمية على ثقة الشركات العالمية فى مناخ الاستثمار بمصر، ودليل قاطع على نجاح سياسة الدولة فى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ونتوقع بعد هذه الخطوة إقبال أكثر من شركة عالمية أخرى للعمل فى مصر.