أصبحنا في عالم السوشيال ميديا وجنون الترند؛ مع كل صباح تجد شابا أو فتاة يحتلان منصات التواصل الاجتماعي من فيس بوك وتويتر وانستجرام ووصولا للتيك توك، والهدف واحد وهو جمع أكبر عدد من المشاهدات والإعجابات والكومنتات على السوشيال ميديا من أجل ركوب التريند والشهرة وجني المال في النهاية، حتى لو أصبح على حساب الجميع وهدم عادات وتقاليد المجتمع بل وحتى لو على حساب حياة الآخرين؛ فمنهم من يعرضون حياتهم للخطر من أجل نفحة من لايكات ومشاهدات، إلى أن أصبح المجتمع تحت سلطة هوس التريند.
هذا ملخص لما حدث في واقعة “عريس الدقهلية”، الذي ادعى اختطافه من وسط أصحابه وعائلته في يوم زفافه، وبعد انتشار حالة من الرعب والقلق والتوتر بين الأهالي ورواد السوشيال ميديا، نكتشف أن ما فعله ذلك العريس ما هو إلا اختلاق واقعة ليصبح تريند.. في السطور التالية نسرد الحكاية من لحظة التخطيط وحتى إلقاء القبض على العريس.
مقطع فيديو يرصد الاختطاف “عريس الدقهلية”
تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو مثير؛ يظهر حادث اختطاف عريس يوم زفافه في محافظة الدقهلية، وسط توقعات بعضهم أن تكون «تمثيلية» سبق ترتيبها بين العريس وأصحابه، مطالبين بالكشف عن حقيقة الواقعة.
ويجسد الفيديو مشهدا لـ”عروسة” أمام قاعة الاحتفالات، تستعد لركوب سيارة «الزفة»، وبينما عريسها بجوارها، يتحرك حول السيارة، ليركب من الباب الآخر، تظهر بجانبه فجأة سيارة بيضاء، ثم يفتح شخص الباب الخلفي لسيارة العريس، ويسحب الشاب داخلها، ويفر هاربًا، وسط صراخ الحضور.
يعرض الفيديو أيضًا ردود فعل الحاضرين، الذين أصيبوا بالصدمة، حيث ساد الصراخ والبكاء بين المعازيم، في حين حاول البعض اللحاق بالسيارة لإنقاذ العريس، لكن السائق هرب بالفعل.
انتشر الفيديو بشكل كبير جدا على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وتباينت ردود أفعال رواد السوشيال ميديا، ما بين حالة الرعب ومابين الاستياء من الفيديو، خاصة أن صاحب الفيديو ظهر لاحقًا في فيديو أخر أكد فيه أن ما حدث مجرد مزاح.
“عريس الدقهلية” صاحب قناة واختلق الواقعة
بعد ساعات من تداول الفيديو، ومطالبات الأهالي بكشف حقيقته، ظهر العريس صاحب واقعة الاختطاف، والذي يدعى أحمد، بفيديو جديد يوضح من خلاله حقيقة الموضوع، فقال: “إن الواقعة غير حقيقية وتأتي فى إطار مشهد تمثيلي لجذب المشاهدات”.
وتابع العريس صاحب المقطع: “من يوم ما قولنا هنعمل فرح وأنا برتب للفيديو ده وإحنا تعبنا كتير وتوترنا كتير وغيرنا الخطط كتير علشان نطلع مشهد خطف العريس من وسط أهله وعروسته وعملنا أكشن على الطريق”.
وأضاف أحمد: “محدش كان يتوقع إحنا تعبنا قد إيه علشان نحضر الأشخاص اللى هتنفذ ونطلع الفيديو ده وكأنه صدمة للعائلة والمشاهدين وأنا بوعد أمل أن الفيديو ينجح وأحقق اللي كان نفسي فيه”.
“عريس الدقهلية” في التخشيبة
بعد انتشار الفيديو وحالة الهلع التي سببها، بدأت الأجهزة الأمنية في محافظة الدقهلية، في فحص حقيقة الفيديو المتداول عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، والذي ظهر فيه خطف عريس خلال وجوده أمام قاعة أفراح في مينة النصر بمحافظة الدقهلية، بعد انتهاء حفل الزفاف.
وذكر مصدر أمني، أنه ليست هناك أية بلاغات تخص هذا الشأن، وجارٍ فحص الواقعة وصحتها.
حتى نجحت الأجهزة الأمنية من ضبط “عريس الدقهلية” صاحب مقطع الفيديو؛ لاستجوابه، وكشف تفاصيل مقطع الفيديو الذي أثار الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي اتضح أنه ليس عريسا حديثا، وأنه متزوج من 3 سنوات ولديه أطفال، واعتاد في عيد زواجه عمل فرح من جديد، ومازالت التحريات مستمرة.
السجن في انتظار”عريس الدقهلية”
أما بالنسبة للعقوبة القانونية التي تنتظر عريس الدقهلية، فتواصلنا مع المستشار محمد سالم، المحامي بالاستئناف العالي، فقال: “تلك الأفعال المستهترة تمثل جريمة البلاغ
الكاذب وإزعاج السلطات، فمن أخبر بهذا الخبر الكاذب بسوء نية يستحق العقوبة المقررة في المادة 305 من قانون العقوبات، قد جرى على أنه من أخبر بأمر كاذب مع سوء القصد فسيحق العقوبة ولو لم يحصل منه إشاعه غير الأخبار المذكور ولم يقم دعوى بما اخبر به، وقد درج الفقه والقضاء وعلى السواء على أن أركان البلاغ الكاذب لها وهى الإبلاغ للجهات بسوء نيه وبقصد بواقعة ثبت كذبها كانت تستوجب عقاب فاعلها”.
وتابع قائلا: “كذلك تستحق العقوبة المقررة بنص المادة 189 عقوبات، إذ يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من نشر بسوء قصد بإحدى الطرق المتقدم ذكرها أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو أوراقا مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبا إلى الغير، إذا كان من شأن ذلك تكدير السلم العام.
واستطرد: “أن مرتكب هذا الأمر يستحق العقوبات المقررة بنص المادة 25 و27 من قانون الإنترنت الجديد، التي تصل إلى الحبس لمده 3 سنوات وغرامه 300 ألف جنيه بتهم هدم القيم الأسرية وإساءة استعمال الإنترنت”.
وأضاف: “أهتم القانون المصرى بجريمتى إزعاج السلطات والبلاغ الكاذب طبقا لما نص فى المواد ارقام 135، 305 من قانون العقوبات حيث تنص المادة 135 على: “كل من أزعج إحدى السلطات العامة أو الجهات الإدارية أو الأشخاص المكلفين بخدمة عمومية بأن أخبر بأى طريقة كانت عن وقع كوارث أو حوادث أو أخطار لا وجود لها يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر وبغرامة لا تزيد على مائتى جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.وتقضى المحكمة فوق ذلك بالمصاريف التى تسببت عن هذا الإزعاج”.
وهذه المادة أوضحت بان من يزعج إحدى السلطات العامة أو الجهات الإدارية أو الأشخاص المكلفين بخدمة عمومية عن طريق الإخبار بأى طريقة كانت عن وقوع كوارث أو حوادث أو أخطار لا وجود لها يواجه عقوبة الحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر وبغرامة لا تزيد على مائتى جنيه مصرى أو بإحدى هاتين العقوبتين.
كما تنص المادة 305 من قانون العقوبات على ((وأما من أخبر بأمر كاذب مع سوء القصد فيستحق العقوبة ولو لم يحصل منه إشاعة غير الإخبار المذكور ولم تقم دعوى بما أخبر به))، وقد اوضح القانون أن عقوبة الابلاغ الكاذب هى العقوبة المنصوص عليها فى المادة 303 من قانون العقوبات وهى الحبس مدة لا تجاوز سنتين وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين
واختتم حديثه قائلا، “هذه العقوبات غير كافية وغير رادعة فى الوقت الحالي، ونطالب المشرع المصرى بتشديد العقوبات على هذه الجرائم لما لها من أثار سلبية خاصة فى ظل انتشار الاخبار الكاذبة على مواقع التواصل الاجتماعى، وسرعة تداولها”.