تسلّط قضية الشاب ماتيس، البالغ من العمر 15 عامًا، والذي طُعن حتى الموت في شوارع مدينة شاتورو الفرنسية، الضوء مجددًا على ظاهرة انتشار حمل الأسلحة البيضاء في فرنسا، خصوصًا بين الشباب، فرغم تحذيرات السُلطات وحملات التوعية المُستمرة، إلا أن هذه الآفة لا تزال تتفاقم وتقتل المزيد من الأبرياء.
أرقام مرعبة
كشفت آخر إحصائيات لوزارة الداخلية الفرنسية، بحسب ما أشارت صحيفة “لوفيجارو” الفرنسية، أن عام 2023 شهد أكثر من 44 ألف جريمة ارتكبت باستخدام أسلحة بيضاء، بزيادة 10% عن العام السابق.
وتُشير تقارير الشرطة إلى أن 75% من هذه الجرائم نفذها مراهقون لا تتجاوز أعمارهم 18 عامًا، فيما أودت حوادث طعن بالسكاكين بحياة 327 شخصًا العام الماضي فقط.
جرائم مروعة
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن من بين تلك الجرائم البشعة، جريمة قتل الفتى ماتيس البالغ من العمر 15 عامًا، والذي طعن حتى الموت بسكين في شوارع مدينة شاتورو على يد فتى آخر في نفس العمر.
وقبل ذلك بأسابيع قليلة، قُتل الفتى توماس البالغ 16 عامًا بسكين في بلدة كريبول بمنطقة الدروم الفرنسية خلال حفلة راقصة، كما شهدت مدينة بوردو جريمة طعن راح ضحيتها مواطن جزائري على يد لاجئ.
نماذج سكاكين شائعة ومروجة
يلاحظ رجال الشرطة وخبراء الأمن، بحسب الصحيفة الفرنسية، أن بعض النماذج من السكاكين أصبحت شائعة الاستخدام ويتم ترويجها بين الشباب.
ومن هذه النماذج الشهيرة سكين “أوبينال 13” الذي يبلغ طوله نصف متر تقريبًا مع شفرة تبلغ 22 سم، وهو سكين معروف بالاستخدام في حفلات الشواء، لكنه أصبح سلاحًا شائعًا لدى العصابات الشبابية، كما تنتشر أنواع أخرى كسكاكين الطهاة والسكاكين ذات الفتحات.
المدارس لم تسلم
لم تسلم المدارس ومؤسسات التعليم من ويلات هذه الظاهرة الخطيرة، إذ تكررت حالات ضبط سكاكين بحوزة التلاميذ داخل الفصول والممرات، بل ووقعت حوادث تهديد بالأسلحة البيضاء داخل المدارس استدعت تدخل الشرطة.
ونقلت “لو فيجارو” عن إحصاءات وزارة التربية الفرنسية، أنه خلال الأشهر الستة الأولى من 2023 فقط، تم ضبط أكثر من 2500 سكين بحوزة تلاميذ داخل المدارس الفرنسية.
كما تناقلت بعض تجمعات أولياء الأمور حكايات مروعة عن تلاميذ يحملون السكاكين كوسيلة للدفاع عن النفس من التنمر أو المضايقات المستمرة.
يروي أحد الآباء بصدمة “في إحدى المناسبات، سمعت عن تلميذ كان ضحية للتنمر، فأحضر سكينًا إلى المدرسة ليضعه على طاولته بشكل لافت للانتباه، كان بائسًا ويستغيث بهذه الطريقة”.
محاولات لاحتواء الموقف
في محاولة للحد من هذه الظاهرة المتصاعدة، بدأت بعض المحاكم الفرنسية تجربة فرض غرامات مالية على حاملي السكاكين من الفئة “د”، وهي الأسلحة ذات الحواف الحادة؛ بدلًا من توقيفهم وإجراء المعتاد بالقبض عليهم. فالجريمة التي كانت تستدعي سابقًا الاعتقال والتوقيف، أصبح يمكن تسويتها من خلال غرامة قدرها 500 يورو – أو 400 يورو في حال دفع المبلغ فورًا.
لكن هذا الإجراء لقى انتقادات واسعة من قِبل ممثلي قوى الأمن الذين يعتبرونه تهاونًا مع جرم خطير متصاعد لا ينبغي التساهل معه، فقد صرح أحد قادة الشرطة “معاقبة جريمة متزايدة كحمل السكين بمجرد غرامة مالية هو رسالة سيئة للغاية”.
وأضاف آخر “مع الاعتقال والتوقيف، يمكننا التأكد عبر قواعد البيانات من عدم ارتكاب الشخص الموقوف لجرائم أخرى”…..
مي محمد ✍️✍️✍️