تصوير جرائم القتل مقابل بيع الفيديو مقابل عملات رقمية.. هو أحدث أنواع الجرائم الالكترونية التي أُطلق عليها “القتل آون لاين” من خلال القضية رقم 1820 لسنة 2024 إداري قسم أوّل شبرا الخيمة، وكشفت عنها تحقيقات النيابة العامة فى واقعة العثور على جثة طفل 15 عامًا داخل شقة فى شبرا الخيمة، والتي بدأت بقيام المتهم بتصوير نفسه لايف مع متهم آخر بالكويت وهو يقتل ويستخرج الأحشاء من الجثة ووضعها فى أكياس بجواره من أجل الحصول على مشاهدات أكثر بمواقع الدارك ويب.
هذه الجريمة التي أثارت الرأي العام وقعت من خلال “الدارك ويب”، و”الدارك” هو جزء عميق داخل “ديب ويب”، وكلاهما محظور والدخول به يأتي بعواقب وخيمة علي من يدخله عن طريق كمبيوتر أو موبايل، لأنه يكون صيده سهل في المواقع الموجودة عليه، والدارك فيه كل شئ مخالف للقوانين والديانات من تجارة مخدرات وسلاح وتجارة أعضاء، واستئجار قتله، وهذه المعاملات تتم من خلال “الدفع”عن طريق العملات الرقمية مثل بيتكوين وغيرها من العملات الرقمية.
تصوير جرائم القتل مقابل بيع الفيديو مقابل عملات رقمية
في التقرير التالى، يلقى “برلماني” الضوء على جريمة تصوير جرائم القتل مقابل بيع الفيديو مقابل عملات رقمية، والعقوبات المقررة للمتهمين، والإجابة على حزمة من الأسئلة أبرزها ما هو الفرق بين “الدارك ويب” و”الديب ويب”؟ وماذا يدور بداخلهما؟ وهل هناك تعاون قانوني وقضائي بين مصر والكويت؟ وهل يجوز سماع شهاده الشهود بالكويت عند وقوع الجريمه بمصر؟ وهل يعاقب الطفل بالإعدام؟ ولماذا؟ وما هو المقصود بالطفل من الناحية القانونية؟ وهل يجوز محاكمة أمام محكمه الجنايات؟ وغيرها من الأسئلة الشائكة – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض حسام حسن الجعفرى.
هل هناك تعاون قانوني وقضائي بين مصر والكويت؟
في البداية – نعم فوفقا لقرار رئيس الجمهورية 104 لسنة 2017 اتفاقية التعاون القانوني والقضائي بين مصر والكويت، فالمـادة “7” تنص على: “يتعهد الطرفان المتعاقدان بالتعاون القضائي المتبادل بين الجهات القضائية لدي كل منهما في المواد المدنية والتجارية والجزائية (الجنائية) والأحوال الشخصية ونقل المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية ويشمل التعاون إجراءات التقاضي أمام المحاكم وفقًا للأحكام الواردة في هذه الاتفاقية”، وتنص المادة “8” السلطة المركزية اتفق الطرفان المتعاقدان علي قيام كل من وزارة العدل “قطاع التعاون الدولي” بجمهورية مصر العربية ووزارة العدل “إدارة العلاقات الدولية” بدولة الكويت بأعمال السلطة المركزية التي تختص في كل من الطرفين المتعاقدين بتنفيذ وتطبيق أحكام هذه الاتفاقية – وفقا لـ”الجعفرى”.
هل يجوز سماع شهادة الشهود بالكويت عند وقوع الجريمه بمصر؟
نعم – طبقا المــادة “20” الأشخاص المطلوب سماع شهادتهم يكلف الأشخاص المطلوب سماع شهادتهم وتسمع أقوالهم بالطرق القانونية المتبعة لدي الجهة المطلوب أداء الشهادة لديها .
مال المقصود بالطفل؟
نصت المادة 2 من قانون الطفل المصري رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008: “يقصد بالطفل في مجال الرعاية المنصوص عليها في هذا القانون كل من لم يتجاوز سنه الثامنة عشرة سنة ميلادية كاملة”، كما نصت المادة 122 فقرة 2: “تختص محكمة الطفل دون غيرها بالنظر في أمر الطفل عند اتهامه في إحدى الجرائم أو تعرضه للانحراف، كما تختص بالفصل في الجرائم المنصوص عليها في المواد من 113 إلى 116 والمادة 119 من هذا القانون” – طبقا لـ”الجعفرى”.
ما هو تشكيل محكمة الطفل؟
ويتكون قضاء الأحداث من:
أولاَ محكمة جنح الأحداث: يتولاها قاض ينظر في المخالفات والجنح وفي حماية الأطفال المعرضين للخطر.
ثانياَ: محكمة جنايات الأحداث: وهي غرفة ابتدائية تتكون من رئيس وعضوين وتنظر في القضايا الجنائية المعروضة على محكمة الأحداث.
مدى جواز الحكم على الطفل بالإعدام؟
وأما عن مدى جواز الحكم على الطفل بالإعدام، فقد نصت المادة 111 من قانون الطفل: “لا يحكم بالإعدام و لا بالسجن المؤبد و لا بالسجن المشدد على المتهم الذي لم يجاوز سنه الثامنة عشرة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة “، ومع عدم الإخلال بحكم المادة “17” من قانون العقوبات، إذا ارتكب الطفل الذي تجاوزت سنه خمس عشرة سنة جريمة عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المشدد يحكم عليه بالسجن، وإذا كانت الجريمة عقوبتها السجن يحكم عليه بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر – الكلام لـ”الجعفرى”.
ويجوز للمحكمة بدلاً من الحكم بعقوبة الحبس أن تحكم عليه بالتدبير المنصوص عليه في البند “8” من المادة “101” من هذا القانون، أما إذا ارتكب الطفل الذي تجاوزت سنه خمس عشرة سنة جنحة معاقباً عليها بالحبس جاز للمحكمة، بدلاً من الحكم بالعقوبة المقررة لها، أن تحكم بأحد التدابير المنصوص عليها في البنود 5 و6 و8 من المادة 101 ومن هذا القانون.
ونصت المادة 121: تشكل محكمة الأطفال من ثلاثة قضاة ويعاون المحكمة خبيران من الأخصائيين أحدهما على الأقل من النساء ويكون حضورهما إجراءات المحاكمة وجوبيا، وعلى الخبيران أن يقدما تقريرهما للمحكمة بعد بحث ظروف الطفل من جميع الوجوه و ذلك قبل أن تصدر المحكمة حكمها، ويعين الخبيران المشار إليهما بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص بالشئون الاجتماعية، ويكون استئناف الأحكام الصادرة من محكمة الأطفال أمام محكمة استئنافية تشكل بكل محكمة ابتدائية من ثلاث قضاة، اثنان منهما على الأقل بدرجة رئيس محكمة، و يراعى حكم الفقرتين السابقتين في تشكيل هذه المحكمة .
هل يجوز محاكمة أمام محكمة الجنايات؟
الأصل هو انعقاد الاختصاص لمحكمة الطفل المستبدلة بمحكمة الأحداث، إلا أن هناك استثناءان: الأول: هو جواز مُحاكمة الطفل أمام محكمة الجنايات أو محكمة أمن الدولة العليا بحسب الأحوال شريطة توافر أربعة شروط لا استثناء فيهم أو قياس عليهم أو تقريب إليهم:
1-أن تكون الواقعة جناية “شرط الجريمة”.
2-أن يُجاوز سن الطفل خمسة عشرة سنة وقت ارتكاب الجريمة “شرط الســن”.
3-أن يُساهم الطفل مع بالغ فى ارتكاب الجناية “شرط المُساهمة”.
4-أن يقتضي الأمر رفع الدعوى الجنائية على البالغ مع الطفل “شرط الاقتضاء”.
أما إذا كان هناك مع الطفل الحدث آخرين بلغ أقتضى الحال إقامة الدعوى عليه بتهمة القتل العمد فإن محكمة الجنايات تكون مختصة بنظر الدعوى المتهم فيها الطفل الحدث والآخر البالغ المتهمين فيها ويحكمهم في ذلك نصوص قانون العقوبات المصري في المادة 230 وما بعدها، وهي موضحة للعقوبة المستوجب تطبيقها.
وفى تلك الأثناء – تكون العقوبة في حدها الأقصى السجن المؤبد وحق للقاضي إعمال نص المادة 17 من قانون العقوبات بالتخفيف عن المتهم، أما إذا كان المتهم حدث فيكون اختصاص نظر موضوع الدعوى باتهام القتل العمد من اختصاص محكمة الأحداث “شريطة أن لا يكون الحدث قد تم عمره خمسة عشر سنة وقت ارتكاب الواقعة”، وتحدد بذلك مدة العقوبة طبقا لما هو ثابت بقانون الاحداث التي قد تصل إلى تسليم الحدث أحد دور الرعاية أو الى ذويه أو حبسه، وعلى كل حال هذا الموضوع محكوم بنصوص المواد 227 و 228 و 230 من قانون الإجراءات الجنائية.
وماذا عن ارتكاب الجريمة في مصر والتخطيط لها كان في الكويت؟
الجريمة حدثت داخل مصر فإن القضاء المصري هو من يختص بنظر تلك القضية بأكملها سواء كان المتهم منفذ الجريمة أو المحرض الذي يقيم بالخارج، والذي تم القبض عليه هو ووالده بالتعاون مع الجهات المختصة والإنتربول الدولي، كما إن الطفل المحرض على الجريمة لا تتجاوز عقوبته الـ 15 عاما، لأنه هو الحد الأقصى للعقوبات وفقا لقانون الطفل، وقانون الطفل لا يوجد فيه ادعاء مدني، فلا يمكن حصول الضحية أو أهله على تعويض مهما بلغ حجم الضرر الناتج عن جرائم الأطفال.
أما والد الطفل المتهم إن ثبت اشتراكه في الجريمة بالتحريض أو المساعدة، تكون عقوبته الإعدام أو السجن المؤبد طبقا للمادة 40 والمادة 230 من قانون العقوبات، متابعا أن المتهم منفذ الجريمة يواجه عقوبة الإعدام، طبقا لنص الماده 230 من قانون العقوبات وهي التي تعاقب على جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.
الهدف الرئيسي للجريمة هو الاتجار بمشاهد السادية القاسية على الإنترنت المظلم “الدارك ويب”، ومن يرتاد تصفح هذه المواقع يا إما يكون شريكا في جريمة أو ضحية، وبالرغم من ذلك خلت كل نصوص قانون العقوبات على تجريم مشاهدة الإنترنت المظلم رغم أنه سبيل إلى جرائم لا هدف منها إلا الإثارة والتلذذ بتعذيب الآخرين، فبالتالي لابد من تعديل قانون مكافحة الجرائم المعلوماتية رقم 175 لسنة 2018 لإدراج مشاهدي أو متسلل الانترنت المظلم تحت عقوبة قاسية حتى نبعد الجميع عنه ويحظر موقع “الدارك ويب”، ونضمن أمن المجتمع وحماية أفراده.
ما الفرق بين الدارك ويب والديب ويب؟
وتصدرت حادثة طفل شبرا الخيمة بتفاصيلها المفجعة المشهد، وهو حادث يعد جرس إنذار للاستغلال والجرائم التي تتم تحت مظلة الـ “Dark web“، وهو عالم موازي مباح فيه البيع والشراء وارتكاب الجرائم والابتزاز وغيرها من المخالفات المجتمعية والأخلاقية والدينية، يدفع الالاف حياتهم ثمنًا باهظًا ليزداد ثراء الآخرين، ويعد الدارك ويب المظلم جزءًا من الإنترنت يتيح للأشخاص إخفاء هويتهم وموقعهم عن الآخرين وعن جهات إنفاذ القانون، ونتيجة لذلك يمكن استخدام الانترنت المظلم لبيع المعلومات الشخصية المسروقة والأعضاء والإبتزاز وغيرها من التجارة غير الشرعية، ويحتاج الوصول إلى الإنترنت المظلم أو ما يعرف بـ “الدارك ويب”، لاستخدام برامج وتقنيات خاصة، مثل متصفح Tor، أو I2P، فلا يمكن استخدام بحث Google أو المتصفحات، مثل Chrome أو Safari.
غالبًا ما يتم الخلط بين الدارك ويب والديب ويب، وهذا أمر خاطئ فقد تشير شبكة الديب ويب إلى أجزاء الإنترنت التي لا يمكنك الوصول إليها من خلال محركات البحث مثل بحث – Google – في حين أن هذا يشمل الدارك ويب، فإن الديب ويب يتضمن أيضًا صفحات لا يمكنك العثور عليها إلا إذا قمت بتسجيل الدخول، مثل معظم المحتوى المقدم من Gmail وFacebook.
كيف تنتهي المعلومات الشخصية على الدارك ويب؟
تعد انتهاكات البيانات والبرامج الضارة طريقتين شائعتين يمكن أن تؤدي إلى وصول المعلومات الشخصية إلى الويب المظلم، وتحدث خروقات البيانات عندما يسرق أحد المتسللين بيانات المستخدم من قاعدة بيانات الشركة، ويمكن بيع هذه البيانات لاحقًا إلى لصوص الهوية على الويب المظلم، البرامج الضارة هي أي نوع من البرامج التي يمكن أن تلحق الضرر بجهاز الكمبيوتر، يمكن للبرامج الضارة سرقة معلومات حساسة من جهاز الكمبيوتر الخاص بك، وإبطائه تدريجيًا، وحتى إرسال رسائل بريد إلكتروني مزيفة من حسابك، وتضم شبكة الديب ويب 90% من شبكة الإنترنت، بينما من المحتمل أن تشتمل شبكة الدارك ويب على أقل من 0.01%.
ما هو الدارك ويب؟
يعتبر الدارك ويب ملجأ لتخفي مستخدمي الإنترنت لتوفر مساحة آمنة لممارسة أنشطة بعيدة عن رقابة وتتبع السلطات والمجتمع؛حيث يتم استخدام، وأنظمة معقدة تعمل على إخفاء هوية عنوان الحقيقي للمستخدم، مما يجعل من الصعب جدًا تحديد مواقع الويب التي زارها الجهاز، ويجري ذلك عن طريق برامج مخصصة، أشهرها يسمى “Tor“، وفقًا لموقع الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة، التابع للحكومة البريطانية.
وتعمل هذه المواقع بنظام الدعوات، فلا يستطيع أي شخص الدخول إلى الموقع أو تصفح محتواه ما لم يحصل على دعوة من عضو فاعل في الموقع، كما لا يمكن الوصول إلى مواقع “دارك ويب” إلا من خلال محركات بحث معينة، وبحسب مجلة “إنفو سكيوريتي” المتخصصة في الشئون الأمنية، فقد تزايد حجم أعضاء منتدى الإنترنت المظلم أثناء تفشي جائحة كورونا مطلع عام 2020، إذ ارتفع عدد الزوار بنسبة 44% على العام السابق عليه، ووفق أحدث بيانات في 2020، شهدت عائدات التعاملات على مواقع “دارك ويب” ارتفاعًا ملحوظًا لتصل إلى 1.5 مليار دولار، مقارنة بـ1.3 مليار دولار في عام 2019.
الدارك الماركت
هو عبارة عن مواقع على الإنترنت تقدم خدمات بث مباشر، لمقاطع تعذيب وقتل واغتصاب مدفوعة الثمن، كفيديوهات لضحايا مقيدين أثناء عملية تعذيبهم على يد ملثمين إلى أن يصل الأمر أحيانًا إلى القتل بعد تقطيع الأعضاء البشرية – وبحسب تحقيقات دولية – فقد كشفت أن موقع “دارك ماركت” كان أكبر سوق في العالم على “دارك ويب” بواقع 500 ألف مستخدم، وأكثر من 2400 بائع، وأبرمت فيه 320 ألف صفقة على الأقل عبر العملات الرقمية بقيمة إجمالية تصل نحو 143 مليون دولار، وفي عام 2015، شكلت المنتجات المرتبطة بالمخدرات 70% من إجمالي المبيعات في أسواق الإنترنت المظلم.
سوق سلاح مفتوح
ومن أبرز العناصر التي يشملها الأسواق المشبوهة للدارك ويب، تأتي تجارة السلاح عبر الحدود الدولية، الذي يستضيف العديد من الأسواق السوداء المختلفة عبر الإنترنت التي تسهل بيع الأسلحة النارية والأسلحة والمتفجرات والمواد الرقمية المحظورة، وتزايد دور الويب المظلم بشكل بارز في السنوات الأخيرة بعد ارتباطه بحادث إطلاق النار في ميونيخ عام 2016 ، حيث استخدم إرهابي ذئب منفرد سلاحًا تم شراؤه من الويب المظلم، وعززت هذه الهجمات الإرهابية القلق العام واسع النطاق من أن شبكة الإنترنت المظلمة هي أداة تمكين وتسهيل للإرهابيين والمجرمين المنظمين الذين يبحثون عن أسلحة نارية.
هذا العالم السرى من الجرائم الالكترونية، يجعلنا نتطرق لضرورة الحديث عن الحاجة لتشريعات جديدة تواكب الثورة التكنولوجية ووسائل التواصل الاجتماعي، التي من شأنها أن تطور من شكل “الأعمال الإجرامية”، خاصة وأن الهواتف الذكية لم تكن بمتناول جميع الأيدي قبل 10 سنوات ما كان يحد من الجريمة الالكترونية، أما الأن فقد أصبحت الهواتف المحمولة في أيدى الأطفال قبل الكبار، فقد أصبحنا أمام جرائم من المفترض أن عقوباتها تصل للإعدام والمؤبد حتى لو كانت الجريمة إلكترونية، خاصة وأن قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 لم يعد كافيا لمواجهة مثل هذه الجرائم.