“مصر لن تقبل أبدا بدعاوى تصفية القضية الفلسطينية”.. كلمات واضحة وصريحة تضمنها بيان رئاسة الجمهورية في مصر، أمس، عقب انتهاء “مؤتمر القاهرة للسلام”، والذى حضره  قادة ورؤساء حكومات ومبعوثي عدد من الدول الإقليمية والدولية، للتشاور والنظر فى سبل الدفع بجهود احتواء الأزمة المتفاقمة في قطاع غزة، وخفض التصعيد العسكرى بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني الذى راح ضحيته آلاف القتلى من المدنيين الأبرياء منذ اندلاع المواجهات المسلحة في 7 أكتوبر الجاري. 

البيان المصرى جاء جامعا مانعا ما بين ضرورة السعي الحثيث لتحقيق السلام الدائم بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطينى، ومانعا ونابذا للعنف والإرهاب وقتل النفس بغير حق من الجانب الإسرائيلي، ووقف الحرب الدائرة التى راح ضحيتها الآلاف من المدنيين الأبرياء علي الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، فضلا عن المطالبة باحترام قواعد القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى، والتأكيد على الأهمية القصوى لحماية المدنيين وعدم تعريضهم للمخاطر والتهديدات، ويعطى أولوية خاصة لنفاذ وضمان تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية وإيصالها إلى مستحقيها من أبناء قطاع غزة، ويحذر من مخاطر امتداد رقعة الصراع الحالى إلى مناطق أخرى فى الإقليم. 

كيف تحاول إسرائيل لعب دور الضحية؟

بمجرد صدور البيان المصرى، خرجت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان لها معلقة على البيان المصرى بقولها: “من المؤسف أن بعض المشاركين في قمة القاهرة للسلام واجهوا صعوبة في إدانة الإرهاب أو الاعتراف بخطورته، وإسرائيل ستفعل ما يجب عليها أن تفعله وتتوقع من المجتمع الدولي أن يعترف بالمعركة العادلة، وإن الهجمات التي شنتها حركة حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول كانت بمثابة نداء تنبيه للعالم لمحاربة الإرهاب معا، وأن تهديد الإرهاب الإسلامي لا يعرض إسرائيل للخطر فحسب، بل يعرض للخطر دول المنطقة والعالم أجمع” – بحسب بيان وزارة الخارجية الإسرائيلية.

ويبدو أن الذى جعل إسرائيل تستنكر البيان المصرى هو ما جاء في ختام البيان حول تجديد مصر تأكيدها على أنها: “لن تقبل أبدا بدعاوى تصفية القضية الفلسطينية علي حساب أى دولة بالمنطقة، ولن تتهاون للحظة فى الحفاظ علي سيادتها وأمنها القومى فى ظل ظروف وأوضاع متزايدة المخاطر والتهديدات، وأن المشهد الدولى عبر العقود الماضية كشف عن قصور جسيم فى إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، لكونه سعى لإدارة الصراع، وليس إنهائه بشكل دائم، اكتفى بطرح حلول مؤقتة ومُسكنات لا ترقى لأدنى تطلعات شعب عانى على مر أكثر من ثمانين عاماً من الاحتلال الأجنبي ومحاولات طمس الهوية وفقدان الأمل”.  

بيان إسرائيل محاولة يائسة للتضليل ولعب دور الضحية

وفى هذا الإطار – استنكر الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام، بشدة البيان الصادر عن الخارجية الإسرائيلية بشأن قمة القاهرة للسلام، معتبرًا إياه محاولة يائسة من إسرائيل للتضليل ولعب دور الضحية، مضيفا: إنه لمن السخرية أن تتحدث إسرائيل عن محاربة الإرهاب، فهي من تمثل الارهاب بعينه منذ عقود فهي التي احتلت أرض فلسطين بالقوة وترتكب المجازر بحق شعبه منذ عقود، وأن إسرائيل هي من بدأت بإرهاب الشعب الفلسطيني وتشريده وقتل أطفاله ونسائه وتدمير بيوته فوق رؤوس ساكنيها، فكيف تتحدث الآن عن محاربة الإرهاب؟

لا يمكن ربط مصطلح “الإرهاب” بالإسلام – بحسب “مهران” في تصريحات صحفيه له – مشددًا على أن الإسلام بريء من هذه التهمة، وأن الإرهابي الحقيقي هو الاحتلال الإسرائيلي وممارساته غير الإنسانية، رافضاً بشدة محاولة إسرائيل تصوير نفسها كضحية، موضحًا أنها هي الجلاد والقاتل، وأن الضحية الحقيقية هو الشعب الفلسطيني الذي يقاوم الاحتلال لنيل حريته، ومشددا على أن مقاومة الاحتلال حق مشروع للشعوب كفلته المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، ولا يمكن اعتبارها إرهابًا، حيث أن الفصائل الفلسطينية تمارس هذا الحق المشروع في الدفاع عن الشعب الفلسطيني المضطهد منذ عقود على يد الاحتلال الإسرائيلي الغاشم. 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *