مرة أخرى، يسلط الهجوم التقني الإسرائيلي على أجهزة الاتصالات اللاسلكية في لبنان، اليوم وأمس، والتي أدت إلى وقوع انفجارات متزامنة لآلاف من أجهزة “البيجر” و”آي كوم”، التي يستخدمها أعضاء جماعة حزب الله اللبناني، الضوء على الوحدة 8200، وهي وحدة الحرب الإلكترونية السرية في دولة الاحتلال الإسرائيلي.
الوحدة مختصة بالحرب الإلكترونية والاستخبارات الرقمية في الجيش الإسرائيلي، ومعروفة في إسرائيل باسمها بالأرقام العبرية “شموني ماتايم”، وهي جزء من شعبة المخابرات العسكرية للاحتلال.
ووفق تقرير لـ “رويترز”، فإن الوحدة تقوم بعمل مماثل لما تقوم به وكالة الأمن القومي الأمريكية (NSA) أو مكاتب الاتصالات الحكومية البريطانية (GCHQ)، وتعود أصولها إلى وحدات فك الرموز والشفرات ووحدات المخابرات التي تشكلت عند قيام دولة الاحتلال في 1948.
وغالبًا ما تكون أنشطة هذه الوحدة شديدة السرية، وتتنوع من اعتراض الإشارات، والهجمات التكنولوجية، إلى تصنيف البيانات وفهم دلالاتها، وهو ما يطلق عليه “التنقيب في البيانات”.
وبينما بنت الوحدة سمعتها على أساس أحدث عمليات الاستخبارات والمراقبة، لكن الفشل الاستخباراتي الذريع الذي مُنيت به مع اندلاع عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر الماضي، كان أكبر من أن يمكن تفسيره. هكذا، استعادت سمعتها بالهجوم على لبنان.
ويجري اختيار أفراد الوحدة من الشبان في أواخر مرحلة المراهقة وبداية العشرينيات، ويجري تحديد وانتقاء بعضهم من برامج دراسة ثانوية عالية التنافسية، ويحظى كثير منهم بمسيرة مهنية في قطاع التكنولوجيا المتقدمة والأمن الإلكتروني في إسرائيل.
ونقلت “رويترز” عن أعضاء سابقين إن ثقافة الوحدة “تشبه ثقافة شركة ناشئة بها فرق صغيرة تعمل على مشكلات بدرجة غير معتادة من الحرية بهدف تعزيز الإبداع”.
قلب الاستخبارات
العام الماضي في مؤتمر في تل أبيب، أعلن قائد الوحدة استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي للمساعدة في اختيار أهدافها من حركة حماس؛ وذلك فضلًا عن التجسس على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
كما تنفذ الوحدة عملياتها في كل المناطق، بما في ذلك مناطق القتال، وفي أوقات الحرب، تعمل في تكامل وثيق مع مقرات قيادة المعارك.
وفي عام 2014، نشرت مجموعة من أفراد الاحتياط تتألف من 43 فردًا رسالة مفتوحة تندد فيها بالمراقبة “غير الأخلاقية” من قبل الوحدة للفلسطينيين غير الضالعين في العنف.
وتضمنت بعض عمليات الوحدة 8200 هجوم “ستاكس نت” الفيروسي بين عامي 2005 و2010 الذي عطل أجهزة الطرد المركزي النووية الإيرانية، وهجومًا إلكترونيًا في 2017 على شركة الاتصالات اللبنانية “أوجيرو”، وإحباط هجوم لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على رحلة تابعة لشركة نقل جوي مدنية كانت متوجهة من أستراليا إلى الإمارات في 2018.
وفي أعقاب الفشل الإسرائيلي في عملية “طوفان الأقصى”، أشارت المراجعة التي أجراها قادة الاستخبارات العسكرية للاحتلال، إلى أن الجزء الأكثر أهمية في 8200، وهو “مركز الاستخبارات”، شهد تراجعًا تدريجيًا في النفوذ، وطغت عليه مصادر المعلومات الجديدة.
كما تم تقليص دور ضابط الاستخبارات السيبرانية -قلب الوحدة 8200- مما أدى إلى تحويل التركيز من تحليل الذكاء البشري إلى الوسائل التكنولوجية، وهو نظام يعتمد بشكل أقل على المترجمين من البشر، وأكثر على العمليات الآلية.
وانتقد تقرير لصحيفة “جيروزاليم بوست” في فبراير الماضي، الوحدة الاستخباراتية، مشيرًا إلى أنه “بعد أن تم تنظيمها ونشرها بعناية داخل 8200، تم الآن إلقاء المعلومات الاستخبارية في مجموعة ضخمة يمكن للجميع الوصول إليها، مما يضعف اللمسة الشخصية اللازمة للعمل الاستخباراتي العملي”.
وأضافت: “هذا التآكل في الدور الفريد للوحدة 8200، وهو مزيج من الجمع والتحليل، يمثل خروجًا صارخًا عن الممارسات السابقة، مثل حرب يوم الغفران عام 1973، عندما كانت قيادة الوحدة منخرطة بعمق في تفسير المعلومات الاستخبارية الحرجة والتصرف بناءً عليها”.