ناقش تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”، الأسباب التي تجعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يعتبر قناة بنما تهديدًا صينيًا، في حين لا يشارك العديد من سكان بنما هذا الرأي.

وبينما يرى العديد من المسؤولين في بنما وبعض العسكريين الأمريكيين السابقين أن المخاوف مبالغ فيها، تعتبر إدارة ترامب القادمة أن البنية التحتية المملوكة للصين حول القناة تشكل وسيلة ضغط استراتيجية على الممر المائي الذي يعد من أهم الممرات التجارية في العالم.

ووفقًا للتقرير، يكمن جوهر القلق الأمريكي في أن مرافق القناة تتم إدارتها من قبل مشغل ميناء هونغ كونغ العملاق، “هوتشيسون وامبوا”، ما يعتبره المسؤولون الأمريكيون جزءًا من النفوذ الصيني المتزايد في المنطقة. على مدار العقود الثلاثة الماضية، تم استثمار الصين في مشروعات حيوية في بنما، وهو ما يراه البعض تهديدًا للأمن القومي الأمريكي.

ومن بين المشاريع المدعومة من الصين في بنما، جسر على قناة بنما، وخط مترو أنفاق جديد، ومحطة للسفن السياحية، ومركز مؤتمرات، بالإضافة إلى مزرعة للطاقة الريحية.

ويرى المسؤولون القادمون في إدارة ترامب أن هذه المشاريع تخرق المعاهدات المبرمة بين الولايات المتحدة وبنما، والتي تشترط بقاء القناة محايدة بعد أن سلمت واشنطن القناة لبنما في عام 1999.

وبينما لم يستبعد ترامب إمكانية استخدام القوة العسكرية للسيطرة على القناة، أشار المسؤولون البنميون، إلى جانب العديد من العسكريين الأمريكيين السابقين، إلى أن المنشآت الصينية في بنما لا تمثل تهديدًا عسكريًا مباشرًا أو خرقًا لمبدأ حياد القناة. كما أكدوا أن هذه المشاريع لا تظهر أي محاولة لتحويل بنما إلى منطقة تحت النفوذ الصيني.

وفي هذا السياق، يشير التقرير إلى معاهدة الحياد الموقعة في عام 1977 ودستور بنما، اللذين يضمنان الحياد الدائم للقناة، ما يعني عدم تدخل القوى الأجنبية في شؤونها أو في عملياتها. ورغم هذا النفوذ الصيني المتزايد في المنطقة، تبقى الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري، وبعيدًا عن موقف ترامب، لا تزال بنما تعتبر أكبر مستفيد من علاقاتها الاقتصادية مع واشنطن.

وتظهر البيانات المتعلقة بحركة المرور عبر قناة بنما أن الصين تأتي في المرتبة الثانية من حيث البضائع المارة عبر القناة، حيث تمثل أقل من 22% من البضائع، بينما تأتي الولايات المتحدة في المرتبة الأولى. وفي عام 2023، بلغت الاستثمارات الأمريكية في بنما نحو 13 مليار دولار، مقارنة بـ 515 مليون دولار فقط من الصين، وفقًا لحكومة بنما. كما أظهرت البيانات أنه لم تعبر سفن حربية صينية عبر القناة منذ ما يقارب العقد.

وتمثل قناة بنما، التي تمر من خلالها نحو 4% من التجارة العالمية، أكثر من 70% من حركة المرور المتجهة إلى الولايات المتحدة أو القادمة منها، ما يجعلها مصدرًا رئيسيًا للثروة في بنما. فحوالي نصف الإيرادات السنوية للقناة التي تصل إلى 5 مليارات دولار تذهب إلى خزينة الحكومة البنمية.

ومنذ أن تولت بنما المسؤولية عن القناة في عام 1999، استثمرت الدولة أكثر من 5 مليارات دولار في توسيع المرافق، بما في ذلك بناء أقفال أكبر ما سمح بمرور سفن أكبر، ما ساهم في جذب مزيد من الاستثمارات الأمريكية.

وتستمر الصين في تعزيز وجودها في بنما، إذ أصبحت جزءًا بارزًا في المجتمع البنمي، لا سيما بعد انضمام بنما إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية في عام 2017، لتكون بذلك أول دولة في أمريكا اللاتينية تنضم إلى هذه المبادرة.

وفيما يتعلق بالنفوذ الأمريكي في بنما، لا تزال الولايات المتحدة تهيمن على العلاقات الاقتصادية والسياسية، إذ تظل بنما أقوى حليف للولايات المتحدة في منطقة أمريكا الوسطى، في ظل غياب جيش أو بنك مركزي في بنما.

ورغم أن المتحدثة باسم ترامب أكدت أن الرئيس المنتخب “محق بنسبة 100%” فيما يتعلق بالتهديد الذي تشكله زيادة النفوذ الصيني على قناة بنما للأمن القومي الأمريكي، فإن وزارة الخارجية الصينية أكدت على احترام الصين الكامل لسيادة بنما على القناة، مع التأكيد على أن القناة تظل ممرًا مائيًا دوليًا محايدًا.

وفي ختام التقرير، أشارت الصحيفة إلى أن معاهدة الحياد لعام 1977 تمنح الولايات المتحدة الحق في التدخل العسكري في حال تعرضت القناة لتهديدات عسكرية أو تهديدات ضد حرية مرور السفن عبر الممر المائي.