تُعد الحضارة المصرية القديمة واحدة من أعظم الحضارات التي عرفها التاريخ، حيث أبهرت العالم بمعالمها الضخمة مثل الأهرامات وأبو الهول، ولكن خلف هذه المعالم العظيمة، تبرز اكتشافات تُظهر مدى تقدم المصريين القدماء في تنظيم حياتهم العملية واليومية، كما أكد كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار المصرية، مجدي شاكر.
وأضاف شاكر، أن من بين هذه الاكتشافات كان نظام الحضور والانصراف الذي طُبّق قبل أكثر من 3500 عام، والذي فاجأ علماء الآثار والمتخصصين بمدى دقته واهتمام المصريين بتنظيم العمل وتوثيق التغيب، مما يثبت أن الحضارة المصرية لم تكن فقط حضارة بناء، بل حضارة تنظيم وإدارة متقدمة.
حضور وانصراف.. وغياب
كما هو الحال اليوم في المؤسسات الحديثة، استخدم المصري القديم سجلات لحضور وانصراف العاملين وأيام التغيب، ويُعد أشهر هذه السجلات لوحة “الأوستراكا” التي اكتشفت في “دير المدينة” من عهد الملك رمسيس الثاني، حيث احتوت على سجل لأيام العمل المسموح بها وتغيب العاملين مع توضيح أسباب الغياب، هذا النظام يبرز مدى التنظيم الذي اتبعه المصري القديم في إدارة شؤون العمال.
اقرأ أيضًا| وزير السياحة: الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير بـ «قرار رئاسي»
دقة ونظام المصري القديم
هذه اللوحة تكشف عن جانب مذهل من الحضارة المصرية، حيث تُظهر مدى دقة المصريين في تسجيل الحضور والانصراف وأسباب الغياب، على سبيل المثال، نجد في اللوحة أن أحد العمال تغيّب لمساعدة زوجته أثناء “الدورة الشهرية”، وهو ما يعكس التقدير الذي حظيت به المرأة المصرية القديمة.
إجازة مدفوعة لرعاية الزوجة
أحد أبرز الأمثلة على احترام المصري القديم لأهمية الحياة الأسرية هو منح العاملين إجازة مدفوعة لرعاية زوجاتهم خلال فترات معينة، كما تظهر اللوحة تغيب العمال لأسباب أخرى مثل حضور الاحتفالات أو تقديم المساعدة في أعمال منزلية.
تحنيط الأخ.. ولدغ العقرب
سجل الحضور والانصراف في مصر القديمة لم يكن مقتصراً على العمل فحسب، بل شمل أسباباً تتعلق بالحياة الاجتماعية والدينية، مثل حضور مراسم تحنيط أحد أفراد الأسرة أو التعرض للدغات العقارب، مما يُظهر جوانب متنوعة من الحياة اليومية للمصريين القدماء.
توقيع بالحروف الأولى
في اكتشاف حديث، أشار الدكتور زاهي حواس إلى وجود لوحات أثرية من وادي الملوك تُظهر أن العمال كانوا يوقعون بالحروف الأولى من أسمائهم لإثبات حضورهم، هذه اللوحات لم تُستخدم فقط لتوثيق الحضور، بل لتقدير رواتب العمال بناءً على الأيام التي عملوا فيها، وهو نظام يُشبه إلى حد كبير أنظمة العمل الحديثة.