في السنوات الأخيرة، أصبح موضوع سعر الصرف في مصر محورًا للنقاش الذي يُسمع صداه بوضوح في الشارع المصري، إذ يتساءل الناس عن طبيعة النظام الذي تتبعه البلاد في تحديد قيمة عملتها، الجنيه المصري، أمام العملات الأجنبية، وهل هو نظام سعر صرف مرن يعتمد بالكامل على قوى العرض والطلب، أم أن الدولة لا تزال تتبع نظام سعر صرف مُدار، حيث يتدخل البنك المركزي لضبط التغيرات في السوق؟.

سعر الصرف

قال الخبير المصرفي محمد بدرة، إن مصر تتبع حاليًا نظام سعر صرف مُدار بشكل رئيسي، وهو النطاق الذي يقع ما بين 46 و50 جنيهًا، موضحًا أنه يتم التحكم في سعر الجنيه مقابل العملات الأجنبية بشكل غير مباشر عبر التدخلات من البنك المركزي المصري.

وأضاف بدرة ، أنه على الرغم من أن البنك المركزي المصري أعلن التحول إلى سعر صرف مرن في مناسبات عدة، فإن التنفيذ الكامل لهذا النظام يواجه تحديات، وبالتالي يتدخل في سعر الصرف لاحتواء التقلبات الكبيرة.

ومنذ السادس من مارس الماضي، قرر البنك المركزي المصري السماح بتحديد سعر الصرف وفقًا لآليات العرض والطلب في السوق.

واعتبر البنك المركزي أن توحيد سعر الصرف خطوة حاسمة، حيث تسهم في إنهاء تراكم الطلب على العملات الأجنبية بعد تقليص الفجوة بين سعر الصرف الرسمي والسوق الموازية.

تحرير سعر الصرف
وتحرير سعر الصرف كان في مقدمة الإصلاحات التي طالب بها صندوق النقد الدولي منذ ديسمبر 2022، حين تم الاتفاق على برنامج تمويل تعثر لأكثر من عام بسبب تردد الحكومة في تنفيذ بعض الإصلاحات، ومع ذلك، تم التوصل إلى توافق لاستئناف البرنامج في الأشهر الأخيرة، بعد الشروع في تحرير سعر الصرف.

وسمح البنك المركزي للجنيه المصري بالتراجع بنسبة 60% في مارس الماضي، ليصل سعر الدولار إلى 50 جنيهًا، قبل أن ينخفض تدريجيًا إلى 48.6 جنيه للدولار مع نهاية تعاملات اليوم الإثنين.

سعر صرف الدولار أمام الجنيه
سعر صرف مرن
وقال خبير الخبير الاقتصادي أحمد معطي، إن سعر الصرف المرن، يعزز من ثقة المستثمرين الأجانب، لأنه يجعل بيئة الاستثمار أكثر شفافية، موضحًا أن عزوف الكثير من المستثمرين قبل تحرير سعر الصرف كان بسبب أن الدولار مٌقوم بقيمة أقل من قيمته أمام الجنيه، وهو ما يعرض المستثمر للخسارة.

وأضاف معطي لـ “تليجراف مصر”، أن البنك المركزي يتبع سعر صرف مرن، لأن سعر الصرف المُدار يؤدي إلى استنزاف الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية للحفاظ على استقرار عملتها، موضحًا أن ما يحدث عكس ذلك خاصةً أن هناك ارتفاع في الاحتياطي النقدي في مصر منذ تحرير سعر الصرف.

وفي بيان سابق لصندوق النقد الدولي حول المراجعة الثالثة، أشار إلى أن الأوضاع الاقتصادية في مصر “بدأت تشهد تحسنًا” منذ الموافقة على المراجعتين الأولى والثانية للبرنامج في مارس الماضي.

وشدد الصندوق على أهمية الحفاظ على نظام سعر صرف مرن لتفادي تراكم الاختلالات الخارجية، مؤكدًا ضرورة تبني البنك المركزي سياسة تعتمد على البيانات لخفض معدلات التضخم وتوقعاته.