يثير احتمال هجوم إسرائيلي على مدينة رفح الفلسطينية المدمرة بعد أكثر من 6 أشهر من الحرب، والمكتظة بالنازحين جنوب قطاع غزة، قلق منظمات الإغاثة الإنسانية، في ظل ما تواجهه من مصاعب لوجستية ومستقبل غامض.
وقالت بشرى خالدي، المسؤولة في منظمة أوكسفام البريطانية، لوكالة “فرانس برس”: “حضرنا أنفسنا لتوزيع مساعدات بحسب تطور الأوضاع، لكن الواقع أننا لا نملك أي فكرة عما ينتظرنا”.
في 3 أبريل، وجهت هذه المنظمة غير الحكومية، بمعية 12 هيئة أخرى، نداءً لوقف إطلاق النار مذكرة بأن أكثر من 1.3 مليون شخص، بينهم ما لا يقل عن 610 آلاف طفل مكدسون في رفح على خط النار مباشرة.
وفي المقابل، لا يكف بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، عن التلويح بشنّ هجوم برّي على رفح الفلسطينية، معتبرًا أنه بذلك سيقضي على آخر معقل لحماس.
وأعلن يوآف جالانت، وزير الدفاع الإسرائيلي، أنه يدرس سلسلة من الإجراءات التي يتوجب اتخاذها تحضيرًا لعمليات في رفح، وعلى الخصوص إجلاء المدنيين.
لكن منظمات إنسانية نفت لوكالة “فرانس برس”، أن تكون أُحيطت علمًا بهذه الإجراءات، بينما لم يرد جيش الاحتلال الإسرائيلي على أسئلة الوكالة بهذا الخصوص.
تعليق العمليات
من جهته، قال جان رافاييل بواتو، مسؤول الشرق الأوسط في منظمة العمل ضد الجوع غير الحكومية: “لا نعرف بالتحديد أي شكل سيتخذه الهجوم لكن الأكيد أنّ المساعدات المتوافرة سيتم تقليصها، وسيضطر الكثير من الناس للنزوح”.
وازداد عدد سكان رفح الفلسطينية من نحو 250 ألفًا قبل الحرب إلى أكثر من 1.3 مليون حاليًا، والخيارات المتاحة أمامهم محدودة.
وتحذر المنظمة قائلة: “رفح الفلسطينية مدينة صغيرة أشبه بقرية، وأي عملية في مكان ضيق ومكتظ إلى هذا الحد ستؤدي إلى مجزرة جماعية”.
وتخشى منظمة أوكسفام أن تضطر إلى تعليق أنشطتها في رفح الفلسطينية، إذ يوجد نصف مكاتبها والمقار التي تأوي فرقها.
ويصعب على المنظمة حاليًا تصور أين يمكن أن تنقل خدماتها، علمًا بأن نحو 60 % من المباني دمرت أو أصيبت بأضرار في مجمل القطاع الذي لا يزال تحت القصف، فضلًا عن القنابل التي لم تنفجر بعد.
سيناريو كارثي
تتخوف منظمات إنسانية أخرى من أن يقطع الهجوم خطوط المواصلات التي تتيح إيصال المساعدات، وهو موضوع يثير خلافات بينها وبين جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ اندلاع الحرب.
ويقول أحمد بيرم، المتحدث باسم مجلس اللاجئين النروجي غير الحكومي، إن أي هجوم على المدينة سيفصلنا عن الشريان الحيوي المتمثل في معبر رفح.
وهو الممر الأكثر استعمالًا لدخول غزة ويتيح الوصول إلى مجمل القطاع، حيث نفدت مخزونات الغذاء والأدوية منذ أشهر.
وينبه إلى أن فرقنا تواجه صعوبات لتلبية الحاجيات المتزايدة في الميدان، مُذكرًا بأبرزها مثل نفاد كل المواد الضرورية، بما فيها الطاقة، والارتفاع الهائل لأعداد الجرحى في ظل انهيار المنظومة الطبية التي تعتمد تقريبًا فقط على مستشفيات ميدانية في رفح الفلسطينية.
ويلخص موظف في الأمم المتحدة بالقدس الوضع لوكالة “فرانس برس” قائلًا: “الظروف الحالية لا تتيح تنفيذ عمليات إنسانية في المستوى المطلوب، فما بالكم بما يمكن أن تسببه معارك على الأرض في رفح الفلسطينية”.
من جهته، أضاف دومنيكو، ردًا على سؤال “فرانس برس” في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، أن فتح معبر بيت حانون (شمال) يجب أن يرافقه تأمين مستودع لتخزين المساعدات بالقرب منه.
ووصف الجهود التي يتوقع أن تبذلها فرق الإغاثة “بالهائلة”.
لكنه، أكد بالمقابل عدم اتخاذ أي مبادرة لإنشاء مخيمات إيواء عاجلة، قائلًا: “لن نستبق ذلك ولن نشجع عليه”.
واستطرد موظف الأمم المتحدة في القدس: “يجب أن نكون مستعدين لتقديم المساعدة الإنسانية للناس، لكن الأمم المتحدة لن تشارك في أي ترحيل قسري”.