تُعتبر نظرية الإعلان القضائي من أهم المفاهيم القانونية التي تتمتع بأهمية علمية وعملية، نظرًا لما تثيره من مشكلات في الواقع العملي. حيث إن العمل القضائي يفترض وجود خصمين على الأقل، مما يستدعي ضرورة المحافظة على حقوق الأطراف وتمكينهم من حقهم في الدفاع أمام القضاء. لذا، يتم إجراء العمل القضائي بين الخصوم، وفي حالة نشوء الخصومة، تُنشأ رابطة إجرائية تُنظمها التشريعات لتحقيق الضمانات اللازمة لحماية حقوق الأطراف.

يُعد حق التقاضي، المكفول دستورياً وقانونياً، ضرورة تمكين المتقاضي من تقديم ادعاءاته ودعمها بالأدلة اللازمة، إضافةً إلى حقه في الرد على دفوع خصمه. وبالتالي، يتعين تمكين المدعى عليه من تقديم دفاعه، مما يبرز أهمية الإعلان القضائي في أوراق التقاضي، والذي يتم على يد أحد أعوان القضاء.

الإعلان القضائي يُعتبر إجراءً رسمياً يتضمن إعلام الخصم بواقعة أو إجراء معين، من خلال تسليمه صورة من الورقة القضائية، وهو أمر يكتسب أهمية خاصة كونه يسهم في تحقيق مبدأ المواجهة بين الخصوم. إذ يقتضي هذا المبدأ إبلاغ جميع الأطراف بإجراءات القضية بشكل واضح وفي الوقت المناسب، مما يمكنهم من الرد على تلك الإجراءات.

تترتب على الإعلان القضائي آثار مهمة تختلف باختلاف مضمون الورقة المعلنة. فعلى سبيل المثال، يترتب على إعلان المدعى عليه بصحيفة الدعوى انعقاد الخصومة، بينما يبدأ سريان ميعاد الطعن عند إعلان الحكم. ومن ثم، يجب على الخصم الذي يرغب في رفع النزاع إلى القضاء اتباع سلسلة من الإجراءات المحددة قانونياً، ولا يُقبل أي وسيلة أخرى لتحقيق هذا الإعلان.

إذا تم الإعلان وفقًا للقانون ( قانون المفرافعات المصري )، فإنه يكون صحيحًا ويؤدي إلى الأثر القانوني المتمثل في علم المعلن إليه بمضمون الورقة المعلنة. وعليه، لا يمكن للمعلن إليه الذي تلقى إعلاناً صحيحاً أن يدعي عدم علمه بمضمونه. يُعتبر العلم اليقيني قد تحقق عندما يستلم المعلن إليه الورقة بنفسه، بينما في حالة الأشخاص الاعتباريين، يتحقق العلم بتسليم الورقة إلى من يملك تمثيل الشخص الاعتباري.

كذلك، يمكن أن يتحقق العلم الظني بتسليم ورقة الإعلان لأحد الأشخاص المخولين في موطن المعلن إليه في حال غيابه. أما العلم الحكمي فهو يترتب على افتراض القانون بأن الإعلان في مكان معين يحقق العلم، بغض النظر عن وصوله فعلياً إلى المعلن إليه.

تحدد التشريعات في مصر جزاءً على مخالفة الإجراءات الشكلية أو عدم توافر المقتضيات المطلوبة، ويتمثل هذا الجزاء في بطلان العمل الإجرائي. لذا، يتطلب المشرع توافر بيانات معينة في ورقة الإعلان لتحقيق الغاية منها في إبلاغ المعلن إليه.

تحتل نظرية البطلان مكانة خاصة، لما لها من تأثير في الإجراءات القانونية، حيث ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمفهوم العدالة واحترام القواعد القانونية من قبل الجميع، سواء القضاة أو الأطراف المتنازعة.