لقاءات ومشاورات واجتماعات مكثفة، عقدتها اللجنة الفرعية المكلفة بإعداد وصياغة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد بمجلس النواب، تناولت الاستماع لمقترحات وملاحظات كافة الأطراف المعنية، لبحثها والأخذ بها وفقًا لمحددات القانون.
ومن المؤكد، أن القاعدة العامة، أنه لا أحد يتوافق مع شيء، وإنما لابد من وجود خلاف في وجهات النظر، وهو الأمر الذي حدث خلال إعداد الصيغة النهائية لقانون الإجراءات الجنائية الجديد، وتم إجراء العديد من التعديلات، استجابة لمطالب الأطراف المعنية بالقانون، ومنهم نقابتي المحامين والصحفيين، حتى تم الموافقة النهائية على القانون.
ومنذ الموافقة النهائية على القانون بمجلس النواب، أثيرت حالة من الجدل حول بعض المواد في القانون الجديد، لذلك ترصد «بوابة أخبار اليوم»، آراء كافة الأطراف المعنية بالقانون، لكشف التفاصيل الكاملة، عن ملامح القانون الجديد.
◄ المعايير الدولية لحقوق الإنسان
من جانبه، قال النائب إيهاب الطماوي، رئيس اللجنة الفرعية المكلفة بإعداد وصياغة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، إن اللجنة الفرعية استغرق عملها 14 شهرًا وعقدت نحو 28 اجتماعًا للوصول إلى صياغات مُحكمة، لمشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد.
وأكد رئيس اللجنة الفرعية، أن جميع الأحكام التي تضمنها مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد تم وضعها بالتوافق بين ممثلي الوزارات والجهات الأعضاء في اللجنة الفرعية وفقا أحكام الدستور، والتزاما بالاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، وبما يتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
◄ صياغة مشروع جديد
ووجه رئيس اللجنة الفرعية، الشكر والتقدير للمستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، على اهتمامه البالغ بأعمال اللجنة الفرعية منذ بدء أعمالها في ديسمبر 2022، ومتابعته الدقيقة لاجتماعات اللجنة، وحتى انتهائها من صياغة مشروع جديد متكامل للإجراءات الجنائية يحقق الضمانات الدستورية للمواطن المصري، ويكفل مزيدًا من الحقوق والحريات.
وثمّن النائب إيهاب طماوي، رئيس اللجنة الفرعية التى صاغت مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية، البيان الصادر عن مجلس النواب، بشأن مشروع القانون، والذى جاء متماشيًا مع أحكام الدستور والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي عام 2021، وكافة المواثيق الدولية ذات الصلة بملف حقوق الإنسان.
◄ إدماج عدد من التوصيات
ولفت «الطماوي»، إلى أن بيان مجلس النواب أكد بوضوح أنه ما زال يفتح أبوابه لمناقشة أي تعديلات قد يراها البعض ضرورية على مشروع القانون، موضحًا أن اللجنة الدستورية والتشريعية، أخذت بالعديد من توصيات الحوار الوطني، وتم بالفعل إدماج عدد من هذه التوصيات في مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، والتى من أبرزها:
– تخفيض مدة الحبس الاحتياطى، السماح بالتظلم من قررات الحبس الاحتياطي بالطرق الإلكترونية.
– أن يصدر الأمر بالمنع من السفر أو الإدراج على قوائم الوصول والتحفظ على الأموال، من سلطة تحقيق قضائية، بمناسبة قضية منظورة، تقتضي طبيعتها هذا الإجراء.
– أن يكون هذا القرار مسبباً ومحدداً بمدة زمنية معقولة؛ ولا تزيد على مدة الحبس الاحتياطي.
واستضاف برنامج «كلام في السياسة»، الذي يقدمه الإعلامي أحمد الطاهري، عبر فضائية «إكسترا نيوز»، رئيس اللجنة الفرعية المكلفة بإعداد وصياغة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، والنائب المعارض ضياء الدين داود، والكاتب الصحفي خالد البلشي نقيب الصحفيين، والمحامي الحقوقي نجاد البرعي، للحديث حول قانون الإجراءات الجنائية الجديد.
◄ دستور مصغر
من جانبه، قال النائب إيهاب الطماوي، إن قانون الإجراءات الجنائية يُعد بمثابة دستور مصغر يضمن للمصريين حقوقهم وحرياتهم العامة، موضحًا أن الحكومة المصرية قدمت في عام 2017 مشروع قانون لتعديل القانون الحالي.
وأوضح «الطماوي»، أن القانون الحالي وُضع في ظل الحكم الملكي عام 1950، وفقًا لدستور 1923، وكان يُعتبر إنجازًا بارزًا حققته اللجنة الفرعية برئاسة زكي عرابي باشا آنذاك، موضحًا أن القانون شهد تعديلات عديدة في ظل النظام الجمهوري، إلا أن دستور 2014 جاء بمحددات وضمانات دستورية كبيرة أحدثت تحولًا نوعيًا في مجال حقوق الإنسان في مصر.
◄ الضمانات الدستورية
وأكد أن الحاجة إلى تحديث هذا الدستور جاءت بعد ثورتين ومرور 74 عامًا على القانون الحالي، ما أدى إلى إرهاق القضاة والمتقاضين بالتعديلات المتكررة، لذلك قدمت الحكومة مشروع قانون يتضمن تعديلات تشمل الحذف والإضافة والإلغاء لحوالي 85% من مواد القانون، أي ما يعادل نحو 500 مادة.
وكشف النائب إيهاب الطماوي، عن أن قانون الإجراءات الجنائية، يهم كل المصريين ويُحدث نقلة حقيقية في مجال حقوق الإنسان، لأنه يلبي كل الضمانات الدستورية، موضحًا أن مذكرة نقيب الصحفيين خالد البلشي ومجلس نقابة الصحفيين وكل الآراء لها كل التقدير والاحترام، وقام رئيس مجلس النواب بإحالتها إلى مكتب لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية ومستشاري الأمانة العامة لدراستها.
◄ مذكرة نقابة الصحفيين
وأوضح رئيس اللجنة الفرعية لصياغة قانون الإجراءات الجنائية بمجلس النواب، إنه كان هناك تعليقًا على المادة 368 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية في مذكرة نقابة الصحفيين المتعلقة بالاعتداء على الملكية الخاصة، مشيرا إلى أن المادة 35 من الدستور تنص على “الملكية الخاصة مصونة وحق الإرث فيها مكفول ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبنية في القانون وبحكم قضائي”.
وأضاف أن نصوص الدستور كلية يجب تنظيمها في تشريعات، ثم في لوائح تنفيذية وما إلى ذلك من التدرج التشريعي. متابعًا: «القاعدة الدستورية تنص على عدم إجراء تعديل فى الملكية الخاصة المصونة التي يباشر عليها حق الإرث إلا في حالة وجود حكم قضائي».
◄ الأحكام الغيابية
وتابع: «لو عندي حكم غيابي صادر باسم الشعب وبجلسة علانية متوافر فيه كل الأركان لكن لم يكن المتهم أو المحكوم عليه حاضرا، لذلك يظل الحكم نافذ إلا أن يتخذ فيه الإجراء المطلوب سواء كان المعارضة في الجنح أو إعادة الإجراءات من الأحكام الصادرة من محكمة الجنايات”.
وواصل «الطماوي» حديثه: «القانونيون يعتبرون الأحكام الغيابية بمثابة الحكم التهديدي بمعنى أن هناك بعض الأمور التي ترتبت على الحكم الغيابي ستجعل المتهم يتخذ إجراء بالطعن أو المعارضة في حالة الجنح أو إعادة الإجراءات لو جنايات، أي لا يستطيع المواطن التحرك بحرية».
ووجه رئيس اللجنة الفرعية لصياغة قانون الإجراءات الجنائية بمجلس النواب، الشكر لمجلس أمناء الحوار الوطني على البيان الصادر، والذي يؤكد استجابة اللجنة الفرعية لما تضمنه بيان الحوار المرسل إلى الرئيس السيسي من توصيات بشأن وضع حدود قصوى للحبس الاحتياطي تؤكد أنه تدبير احترازي وليس عقوبة فضلا عن تنظيم مسألة التعويض عن الحبس الاحتياطي.
◄ الحبس الاحتياطي
من جانبه، قال نجاد البرعي، عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، عن قانون الإجراءات الجنائية، إنه قبل رمضان الماضي، قام النائب محمد عبدالعزيز بالكتابة على صفحته ونشر صورة مجمعة بها كل أعضاء اللجنة مع رئيس البرلمان، منوهَا في منشوره إلى الانتهاء من اللجنة الفرعية.
وأضاف «البرعي»، أن النائب محمد عبد العزيز ذكر في المنشور، بعض الأمور التي تتعلق بما ورد في المشروع، متابعًا: «قمت بكتابة منشور على صفحتي الشخصية ردًا عليه، حيث أنه كان يتحدث عن الحبس الاحتياطي بأنه تم تقليل المدد، وكان ردي أنها ليس عقوبة حتى يتم ربطها بالجريمة».
◄ البرلمان صاحب الحق
وتابع: «هاتفني طارق رضوان، رئيس لجنة حقوق الإنسان، وقال لي اطمن، وهنعمل قعدات في لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب»، مُردفًا: «البرلمان هو صاحب الحق في التشريع، ولكن في هذا المشروع بالتحديد كان يستحق مناقشات أكثر من ذلك، وأرى أن اللجنة الفرعية قامت بدورها، ولكن المشكلة كانت في استعجال اللجنة الدستورية».
وأوضح عضو مجلس أمناء الحوار الوطني: «أول مرة يظهر هذا المشروع ويتم توزيعه بشكل جاد حينما دعا الرئيس إلى اجتماع وحضرته نيابةً عن الدكتور ضياء رشوان، وكان هناك رؤوساء أحزاب وكتل برلمانية، ومن هذا الاجتماع بدأت الناس تعرف بأن هناك لجنة».
◄ إلغاء الأحكام الغيابية
وفي ذات السياق، قال النائب ضياء الدين داود، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب: «المادة 25 من قانون العقوبات.. بتقول إن كل حكم بعقوبة جنائية يستلزم حتمًا حرمان المحكوم عليه من الحقوق والمزايا الآتية، أولًا القبول في أي خدمة بالحكومة مباشرة أو بصفة متعهد أو ملتزم أيا كانت أهمية الخدمة، ثانيًا التحلي برتبة أو نيشان، ثالثًا الشهادة أمام المحاكم مدة العقوبة إلا على سبيل الاستدلال، رابعًا إدارة أشغاله الخاص بأمواله وأملاكه مدة اعتقاله ويعين قيمًا لهذه الإدارة تقره المحكمة.. هذا الذي يترتب على صدور الحكم».
وشدد «داود»، على أن فلسفة قانون الإجراءات الجنائية في شكله الجديد كان قائمًا على فكرة إلغاء الأحكام الغيابية، وتم المناقشة به لفترة طويلة جدًا، وتم قطع شوط طويل في دراسة هذا الأمر، مضيفًا: «إحنا بصينا على الجنح أننا أمام حكم غيابي ثم معارضة جزئية ثم استئناف ثم معارضة استثنائية ثم طعن بالنقض، لو النقض رجع المحاكمة سيكون الأمر أمام مرحلة سادسة وهي الجنح المستأنفة، يحق النقض لمرة ثانية وهذا يعني أننا أمام 7 مراحل للمحاكمة، وهو اللي كان قائما على أن فكرة المشرع قد اتصل في مرحلة الحكم غياب علم المتهم بهذه الجريمة وانعقاد هذه الجلسة».
◄ الحكم التهديدي
وواصل: «الحكم الغيابي هو هذا الحكم التهديدي الذي يسقط بإعادة الإجراءات في الجنايات وتندثر كل هذه الآثار التي تم ذكرها في نص المادة 25 بقانون العقوبات ويعود لحالته الطبيعية مصاحبًا لقرينة البراءة إلى أن يصدر ضده حكم حضوريًا يرتبط بهذا الأثار»، متابعًا: «يبقى فكرة أن هذا حكم تهديد وهذه الآثار وفقًا لمادة 360 أثار تعزيرية».
وتابع: «في جريمة ترتب عليها محاكمة وصدور حكم هو باسم الشعب وهو عنوان للحقيقة إلى أن يسقط هذا الحكم التهديدي لأنه غيابي، لما درسنا وكلفنا متخصصين والوزارات المعنية غير المدعوة لجلسات المناقشة، وقولنا إزاي نعمل المكاتب الأمامية ووسائل الإعلان التكنولوجي من خلال المكاتب الأمامية بالمحاكم وربطها بالسجل المدني.. وأيضًا كان الانتهاء بوجوب أن يظل الإعلان الورقي قائمًا».
◄ فض الاشتباك
وأكد النائب ضياء الدين داود، أن إرادة التطبيق واحتياج مصر لعدالة إجرائية حقيقية، أصبح ضرورة لفض الاشتباك بين نصوص قانون عام 1950 ومشروع لجنة الإصلاح التشريعي، موضحا: «عندما دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي للحوار الوطني تمت الاستجابة، والحوار الوطني طرف خيط جديد لاستشراف بارقة نور في تغيير الأوضاع».
وشدد «داود »، على أن الأمر ليس مسألة نصوص، لكن مسألة إرادة سياسية في هذه الدولة، مؤكدا أن الأكسجين السياسي يزيد بضمانات إضافية وترجمة الدساتير لنصوص، لافتا إلى النصوص منتج بشري يمكن أن تأخذ منه ويرد من الجميع.
وتابع: «مناقشة تعديلات قانون الإجراءات الجنائية واجب وطني على الجميع»، منوها إلى أنه في الفترات السابقة، كان هناك مناقشات على مشروع قانون 2017، موضحا أن اللجنة الدستورية والتشريعية تمسكت بحضور الجميع، واجتماعي نقابتي الصحفيين والمحامين أكدا وجود ملاحظات.
◄ المفهوم التطبيقي للعدالة
وفي ذات السياق، تحدث الكاتب الصحفي خالد البلشي نقيب الصحفيين، عن حكم مهم للمحكمة الدستورية العليا أصدره المستشار عوض المُر، وذلك في معرض تعليقه على مشروع تعديل قانون الإجراءات الجنائية، قائلا: «نبني كلامنا على هذا الحكم»
وأضاف «البلشي»: «الحكم يقول إنه كلما كان القانون أكثر اقترابا من القيم التي أنتجتها الخبرة الاجتماعية كلما كان أفضل ضمانا لإرساء المفهوم التطبيقي للعدالة».
وتابع نقيب الصحفيين: «وجاء في الحكم أيضا، أنه إذا اتسعت الهوة بين عملية صناعة القانون ومفهوم التعبير عن الخبرة الاجتماعية والقبول العام فسيكون القانون قاصرا على إنفاذ على إنفاذ حقائق العدل الاجتماعي، فلا يقدم حلا ملائما لتصادم المصالح فيما بين الأفراد ومجتمعهم مبتعدهم بذلك عما يكون لازما إنصافها».
وواصل: «هذا الحكم تحدث بدقة عما نقوله بخصوص مشروع تعديل قانون الإجراءات الجنائية، فالقانون منتج لخبرة اجتماعية، لذلك، فإن النقاش حول النصوص ضروري وحتمي».
◄ إلغاء المادة 267
وأوضح نقيب الصحفيين، إنّه عندما قرأ الملاحظات الثلاثة على مواد الصحافة في مشروع تعديل قانون الإجراءات الجنائية وجد فيها مادة واضحة يمكن للصحفي أن يتعامل معها، وهناك مادتين ربما تحتاجان لتفسير قانوني، ما دفعه إلى تأجيل الكلام عنهما، لكنه تحدث عن المادة.
وأضاف «البلشي»، أنه جرى الاستجابة لمطلب النقابة بإلغاء المادة 267 من القانون، موضحًا: «هذه المادة كانت مؤشر خطر شديد، وكان أول رد من النائب محمد عبدالعليم داود، وهو زميل صحفي، بأنه أول من بادر بطرح خطورتها».
وتابع نقيب الصحفيين: «عندما قرأت هذه المادة اكتشفت أن نصها موجود تقريبا في قانون العقوبات، وتواصل معي النائب محمد عبدالعليم داود وبدأت البحث عن المادة فوجدت أنها جاءت في ظرف استثنائي خاص في عام 2021، رغم أننا انتقلنا من ظرف استثنائي إلى ظرف عام ومختلف وبدأنا الحوار الوطني، وكانت هذه البداية وبدأنا في البحث عن بقية البنود، وفي هذه اللحظة قررت اللجوء إلى ذوي الخبرة».