في اختراق من شأنه أن يحدث ثورة في علاج السرطان، طور باحثون في جامعة ولاية بنسلفانيا طريقة لتعديل الخلايا المناعية التي يمكن تنشيطها بالضوء الأزرق – نفس الأشعة التي تأتي من هاتفك المحمول وأجهزة الكمبيوتر – للتسلل إلى الأورام وتدميرها.
قد يتغلب هذا النهج المبتكر على أحد أكبر التحديات في العلاج المناعي للسرطان، وهو علاج الأورام الصلبة، التي تشكل 90٪ من سرطانات البالغين و40٪ من سرطانات الأطفال.
ويمثل البحث، الذي نُشر في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم الأمريكية، انحرافًا جذريًا عن علاجات العلاج المناعي الحالية.
ويقول المؤلف الرئيسي نيكولاي دوخوليان، أستاذ جي توماس باسانانتي في كلية الطب بجامعة ولاية بنسلفانيا، في بيان صحفي: “هذه التكنولوجيا خارجة عن المألوف تمامًا. إنها تشبه علاج الخلايا التائية (CAR-Tولكن هنا، المبدأ التوجيهي هو قدرة الخلايا على التسلل إلى الورم”.
ورغم أن علاجات مثل العلاج بالخلايا التائية CAR-T – خلايا دم بيضاء خاصة تساعد أجسامنا على محاربة الالتهابات والأمراض مثل السرطان- حققت نجاحًا ملحوظًا في علاج سرطانات الدم، فإنها واجهت صعوبة بالغة في القضاء على الأورام الصلبة.
فهذه الأورام تشبه الحصون، محاطة بحواجز كثيفة من البروتينات والخلايا التي تمنع الخلايا المناعية من الدخول. ولنتخيل أن الخلايا المناعية التقليدية لا تستطيع ببساطة اختراق هذه الدفاعات.
ويعد الحل الذي توصل إليه فريق جامعة ولاية بنسلفانيا مبتكر. فقد قاموا بتعديل الخلايا المناعية المسماة بالخلايا القاتلة الطبيعية من خلال هندستها ببروتين حساس للضوء يتحكم في شكلها وبنيتها.
وعندما تتعرض هذه الخلايا المعدلة للضوء الأزرق، فإنها تخضع لتحول ملحوظ – حيث تصبح أكثر استطالة وتتطور نتوءات تشبه الأصابع تساعد على التحرك والتفاعل مع بيئتها.
وشرح دوخوليان: “على الرغم من أن الخلايا القاتلة الطبيعية صغيرة، حوالي 10 ميكرومتر، إلا أنه عند تنشيط هذا البروتين بالضوء الأزرق، تغير شكل الخلايا المناعية ويمكنها الانضغاط في ثقوب صغيرة يبلغ حجمها حوالي ثلاثة ميكرومتر. وهذا يكفي للتسلل إلى كرات الورم وقتلها من الداخل”.
ولوضع هذا في المنظور الصحيح، فإن هذه الخلايا تتسلل عبر فراغات أصغر بنحو 30 مرة من عرض شعرة الإنسان.
وقد اختبر الباحثون خلاياهم المعدلة ضد الأورام المزروعة في المختبر (والتي تسمى الكرات) والتي تم إنشاؤها من خلايا سرطان الثدي لدى البشر، وسرطان عنق الرحم لدى البشر، وخلايا الورم الميلانيني لدى الفئران.
وفي غضون سبعة أيام، نجحت الخلايا المناعية المنشطة بالضوء في اختراق الخلايا السرطانية وقتلها. وعلى النقيض من ذلك، لم تتمكن الخلايا القاتلة الطبيعية غير المعدلة إلا من مهاجمة سطح الورم واستسلمت في النهاية، مما سمح للورم بمواصلة النمو.
ورغم أن هذه النتائج واعدة، فمن المهم أن نلاحظ أن هذا البحث لا يزال في مراحله المبكرة. فقد أجريت الاختبارات على أورام نمت في المختبر، وسوف يكون من الضروري إجراء المزيد من البحوث قبل أن يتم النظر في هذا النهج للاستخدام مع المرضى.
ومع ذلك، فإن الآثار المحتملة كبيرة – إذا نجح هذا النهج، فقد يوفر طريقة جديدة لعلاج الغالبية العظمى من أنواع السرطان التي تكافح العلاجات المناعية الحالية لمعالجتها.
لفتت هذه التكنولوجيا بالفعل انتباه المجتمع العلمي، حيث قدم الباحثون طلب براءة اختراع مؤقت. كما يستكشف الفريق طرقًا أخرى لتنشيط هذه الخلايا المناعية المعدلة، مما قد يفتح المزيد من إمكانيات العلاج.