على الرغم من اشتعال الصراع بين روسيا وأوكرانيا، والعقوبات الغربية المفروضة وخاصة الأمريكية على موسكو، إلا أن الشركات الأمريكية التي واصلت العمل في روسيا، ساهمت بأكثر من مليار دولار من عائدات الضرائب لروسيا.
وأشار تقرير لمجلة “نيوزويك” إلى أن الشركات الأمريكية العاملة في روسيا دفعت 1.2 مليار دولار كضرائب أرباح عن عام 2023، وفقًا لأرقام من مجموعة الحملة B4Ukraine ومعهد مدرسة كييف للاقتصاد (KSE)، ما يجعل الولايات المتحدة أكبر مساهم في ضرائب الأرباح الأجنبية لروسيا؛ وهو أمر وصفه دبلوماسي أمريكي كبير سابق بأنه “مخزٍ”.
الدكتور مايكل ماكفول، الدبلوماسي الأمريكي السابق الذي خدم في إدارة أوباما، وكذلك في مجلس الأمن القومي وكان سفير الولايات المتحدة لدى روسيا، والأكاديمي بجامعة ستانفورد قال: “من المخزي تمامًا أن تختار الشركات الأمريكية البقاء في روسيا ودعم الحرب التي يشنها بوتين في أوكرانيا”.
وتابع: “آمل أن ينشط المساهمون في هذه الشركات في إعادة النظر في هذه الأفعال، لم يفت الأوان بعد للقيام بالشيء الصحيح”.
123 شركة
منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير 2022، غادرت العديد من الشركات الغربية روسيا للضغط الاقتصادي على نظام الرئيس فلاديمير بوتين، إلا أن العديد من الشركات الأمريكية واصلت العمل في موسكو.
وتشير تقديرات معهد القيادة التنفيذية في كلية “ييل” الأمريكية للإدارة إلى أن 123 شركة أمريكية كبيرة تواصل التعامل مع روسيا، بمستويات مختلفة من المشاركة، بينما تشير تقديرات معهد كييف، الذي يأخذ في الاعتبار الشركات المتوسطة والصغيرة الحجم أيضًا، إلى أن نحو 328 شركة أمريكية لا تزال تعمل في روسيا.
وبحسب البحث الجديد، فإن الشركات التي دفعت أكبر قدر من ضرائب الأرباح إلى روسيا في عام 2023 هي شركة التبغ “فيليب موريس إنترناشونال” (220 مليون دولار)، وشركة المشروبات “بيبسيكو” (135 مليون دولار)، وشركة الحلويات “مارس” (99 مليون دولار)، وشركة السلع الاستهلاكية الصحية والنظافة “بروكتر آند جامبل” (67 مليون دولار).
وضمت القائمة أيضًا شركة الحلويات “مونديليز” (62 مليون دولار)، والبنك الاستثماري “سيتي جروب” (53 مليون دولار)، وشركة الزراعة “كارجيل” (50 مليون دولار)، وشركة الأدوية “جونسون آند جونسون” (42 مليون دولار)، وشركة تعبئة المشروبات الغازية المستقلة “كوكا كولا هيلينيك” (34 مليون دولار)، وشركة خدمات حقول النفط “ويذرفورد” (32 مليون دولار).
المصالح أولًا
رغم إعلان شركة “فيليب موريس إنترناشيونال” تعليق استثماراتها المخطط لها، وتقليصها لعمليات التصنيع في روسيا عندما اندلعت الحرب. إلا أنه في فبراير 2023، قال الرئيس التنفيذي للشركة، جاك أولزاك، لصحيفة “فايننشال تايمز” إنه غير راغب في بيع أعماله بشروط الكرملين بسبب الضربة المالية التي قد تترتب على ذلك.
كما بقيت شركة “مونديليز” في روسيا، قائلة إن المستثمرين “لا يهتمون أخلاقيًا” باستمرار الشركات في ممارسة أعمالها هناك.
وبينما توقفت شركة “كوكاكولا” عن بيع مشروباتها إلى روسيا، لكن شركة التعبئة والتغليف في المنطقة “كوكاكولا هيلينيك”، تبيع منتجًا يسمى “دوبري كولا” عبر شركة “مولتون بارتنرز”.
وتمتلك شركة “كوكاكولا” 21% في “كوكاكولا هيلينيك”، بينما تقدمت شركة “كوكاكولا” بطلب لإعادة تسجيل علاماتها التجارية في روسيا في أبريل 2024.
في هذه الأثناء، قلّصت شركات “بيبسيكو” و”مارس” و”بروكتر آند جامبل” و”كارجيل” و”ويذرفورد” أعمالها في روسيا؛ لكنها استمرت في إنتاج السلع وتشغيل العمليات التي اعتبرتها ضرورية، وفقًا لهذه الشركات.
وفي سبتمبر 2024، أعلنت مجموعة “سيتي جروب” أنها تعمل على تصفية عملياتها في روسيا.
وقال متحدث باسم المجموعة: “نعمل بنشاط على إنهاء جميع أعمالنا المصرفية المؤسسية في روسيا تقريبًا، باستثناء تلك العمليات الضرورية للوفاء بالالتزامات القانونية والتنظيمية المتبقية، بينما نمضي قدمًا في إغلاق أعمالنا المصرفية الاستهلاكية في روسيا”.
ضرائب باهظة
حسب “نيوزويك”، ارتفعت فاتورة الضرائب المستحقة على الشركات الأمريكية إلى 1.2 مليار دولار، مقارنة بـ915.7 مليون دولار دفعتها الشركات مجتمعة في عام 2021.
وجاء ذلك على الرغم من انخفاض الإيرادات المجمعة من 50 مليار دولار في عام 2021 إلى 30.5 مليار دولار في عام 2023.
وبعيدًا عن الولايات المتحدة، كانت ألمانيا ثاني أكبر مساهم في ضريبة الأرباح للكرملين في عام 2023، حيث دفعت الشركات الألمانية العاملة في روسيا 693 مليون دولار كضرائب، وجاءت النمسا في المركز الثالث، حيث دفعت الشركات 579 مليون دولار كضرائب على الأرباح.
ورغم الضغوط، فإن الخروج من روسيا ليس خاليًا من المشكلات، إذ تفرض الحكومة الروسية على الشركات التي تغادر البلاد ضريبة خروج بنسبة 15%، وتضطر إلى بيع أصولها بخصم 50%.
وقد حققت ضريبة الخروج للكرملين في الفترة من يناير إلى مارس 2024 قيمة 385 مليون دولار. وفي عام 2025، سوف يرتفع معدل ضريبة أرباح الشركات من 20% إلى 25%، وفقًا لقانون الضرائب الروسي.