تصاعدت مطالب عودة وزارة الاستثمار، بالتوازي مع أنباء التعديل الوزاري المرتقب لحكومة الدكتور مصطفى مدبولي.
سنوات خمس قد مرت على إلغاء وزارة الاستثمار في العام 2018، إذ كانت الدكتورة سحر نصر هي آخر من حمل حقيبتها.
المطالب البرلمانية بعودة حقيبة الاستثمار جاءت على خلفية الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها مصر.
ويرى خبراء أن الاستثمار يعد “السبيل الوحيد للخروج من عنق الزجاجة”، مؤكدين أن هناك حاجة ملحة إلى وزير مسئول عن وضع خطة تسويقية للاستثمار في مصر، فضلا عن تذليل العقبات أمام المستثمرين خاصة الاستثمار الأجنبي.
محمود سامي: تولي رئيس الوزراء ملف الاستثمار تسبب في تعطله
قال النائب محمود سامي رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي بمجلس الشيوخ، إن مطالبا عودة وزارة الاستثمار ليست جديدة، ولكنها بدأت منذ سنتين وتحديدا مع بداية وجود مجلس الشيوخ.
وأكد سامي أن الوضع الحالي لا ينفي وجود وزير استثمار، ولكنه موجود بدون حقيبة وزارية وممثلا في شخص رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي.
وأضاف أن وزير الاستثمار هو الرجل الذي يتعامل مباشرة مع المستثمرين، وبالتالي هناك صعوبة في تواصل المستثمرين طوال الوقت مع رئيس الوزراء لانشغاله بقضايا وملفات أخرى متعددة، مما يتسبب في تعطل الاستثمار.
أردف أنه “يجب في الوقت الحالي وجود وزير استثمار، لأن المدير التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار ليس لديه الصلاحيات الكافية، ولذلك يجب أن يوجد وزير متخصص يتواصل معه المستثمرين طوال الوقت، ويقوم هو بدوره بالتواصل مع كافة الوزارات المعنية الأخرى لتوفير مناخ جيد للاستثمار وتذليل العقبات، وذلك من خلال صلاحياته كوزير”.
وتابع أن عدد الوزارات الحالي كبير ومن الممكن دمج بعض الوزارات، مثلا كوزارة التجارة والصناعة مع الاستثمار، ويصبح وزيرا واحدا لـ”الاستثمار والتجارة والصناعة”، لأنهما ملف قريب جدا ومعوقاته واحدة ومتشابهة.
وقال إن سبب إلغاء وزارة الاستثمار كان عوائق بيروقراطية وليست فنية، مشيرا إلى أن المشاكل الإجرائية الناتجة عن البيروقراطية “الصعبة” نتج عنها انفصال وزارة الاستثمار والتعاون الدولي، ونقل اختصاصات الاستثمار إلى رئيس الوزراء.
وزاد سامي، أن من يطرح فكرة عودة وزارة الاستثمار، لديه مرجعية سابقة في تجربة الدكتور محمود محيي الدين منذ عام 2004 وحتى عام 2010، وما تحقق من إنجاز حقيقي في ملف الاستثمار خلال هذه الفترة بمجهودات محمود محيي الدين ودوره الفعال كوزير استثمار، ولدي الكثير من الأدلة على هذا، وأبرزها أن مصر آنذاك وصلت لمعدلات نمو 8% وكانت المعدلات في تزايد مستمر، لأنه كان يتواصل مع كافة الوزارات الأخرى لتذليل العقبات وتسهيل فرص الاستثمار.
وأكمل أنه يجب أن تطبق القوانين “صماء لا تميز” بدون محاباة لأحد على حساب غيره، مؤكدا أننا في مرحلة اختيار الوزراء يجب علينا أن نختار بشكل صحيح وبما يتناسب مع المرحلة “محتاجين صنايعية وكفاءات”.
وحول قرار إلغاء الوزارة عام 2018، قال سامي إنه كان من القرارات الخاطئة، لأن الفلسفة في هذا الأمر كانت تذهب لترك كل وزارة تستثمر منفردة لتحقيق استثمارات لها، وللأسف تسبب هذا في وجود ذراع استثماري لكل وزارة منفصلة، وهذه كانت “الطامة الكبرى”.
وختم: هذا يشبه أمر آخر في وزارة المالية على سبيل المثال، فبدلا من وجود مدير مالي واحد في هذه الدولة ممثلا في وزير المالية، وبعد ظهور الهيئات الاقتصادية، أصبح لكل مؤسسة ولكل هيئة ولكل وزارة (وزير مالية خاص بها)، وبالتالي حدث فشل بالغ في الإدارة المالية للدولة بالكامل وتراكمت الديون، وأصبحت الهيئات الاقتصادية تعاني وتحاول العودة للحصول على المرتبات من وزارة المالية، بعدما كانت هيئات اقتصادية مستقلة”.
أحمد فرغلي: عودة وزارة الاستثمار أمر وجوبي في المرحلة الحالية
وحول جدوى عودة وزارة الاستثمار، قال النائب أحمد فرغلي، عضو لجنة الاقتصاد بمجلس النواب، إن عودة وزارة الاستثمار أمر وجوبي في هذه المرحلة تحديدا، مشيرا إلى أن غيابها كحقيبة وزارية ساهم في تراجع فرص الاستثمار في مصر منذ عام 2019، وأدى لانخفاض وجود استثمارات جديدة في السوق المصري، وهو أحد أسباب الأزمة الاقتصادية الحالية ويحمل المواطن أعباء إضافية بفرض ضرائب جديدة وزيادة ضرائب قديمة.
وأضاف فرغلي أن قرار إلغاء الوزارة من الأساس كان خطأ يتحمله رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، لأن تبعية الوزارة بعد إلغائها ذهبت إليه من خلال الهيئة العامة للاستثمار، والتي لم تؤدي أي دور فعال في تهيئة مناخ جيد للاستثمار في السنوات الأخيرة.
تابع أن رئيس الوزراء لا يمتلك قدرات كبيرة في ملف تطوير الاستثمار، ومؤهلاته لا يمكن أن تضف لهذا الملف، ولذلك يجب عودة وزارة الاستثمار كحقيبة وزارية لها صلاحياتها ومشروعها المنفصل، الذي يخدم ملف الاستثمار ويعمل على تطويره وإصلاحه وتلافي أخطاء الماضي، حتي نتمكن من جذب استثمارات جديدة من الخارج والداخل أيضا، لدفع عجلة الاقتصاد ومواجهة أزمة نقص الدولار، التي تسبب ارتباك في العملة المحلية، وتؤثر عليها بشكل كبير، ينعكس في النهاية على المواطن، في ظل عجز الحكومة على جذب استثمارات.
وأكمل أن رئيس الوزراء قام من خلال الهيئة العامة للاستثمار بوضع قوانين “قيل أنها محفزة للاستثمارات”، ولكنها كانت طوال السنوات الماضية مجرد “حبر على ورق” ولا يوجد تطبيق لها على أرض الواقع، مشيرا أن وزارة الاستثمار في حال عودتها كحقيبة وزارية لها صلاحيات حقيقية، من الممكن أن تجذب استثمارات وتدعم المستثمرين لما يوفر لمصر فرص حقيقية في وجود استثمارات خارجية وداخلية قد تساهم في حل جزء من الأزمة الاقتصادية.
فخري الفقي: نحتاج لوزير لتنفيذ الآليات
وقال الدكتور فخري الفقي رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن وجود وزارة الاستثمار في التوقيت الحالي أم بالغ الأهمية، مشيرا إلى أن هناك مطالبات بعودتها وفصل صلاحياتها عن رئيس الوزراء، حتى يتمكن الوزير المختص من ممارسة مهامه واستخدام هذه الصلاحيات في دعم المستثمرين وخلق فرص استثمارية جديدة.
وأضاف الفقي أننا نحتاج لخطة عاجلة لعرض الفرص الاستثمارية والمشروعات المتاحة للاستثمار فيها، وتقديم مزيد من التسهيلات والمحفزات لمستثمرينا بالخارج، لتشجيعهم على ضخ رؤوس أموال في وطنهم.
وتابع رئيس لجنة الخطة والموازنة، أن تعديلات قانون الاستثمار الأخيرة، جيدة جدا وبها امتيازات كثيرة للمستثمرين، إذ أن القانون منح المستثمرين حوافز عديدة، وجرى تعديل عدة مواد في قانون الاستثمار في لجنة الشؤون الاقتصادية، ومن المهم أن الشركات المملوكة للدولة لم تتمتع مجددا من الإعفاءات والمزايا الضريبية التي كانت تميزها في السابق عن القطاع الخاص.
وواصل أن ما يتبقى فقط لتحقيق نتائج إيجابية من قانون الاستثمار الجديد، هو وجود وزير مختص يتابع بنفسه كل ما يجري ويعمل على تذليل العقبات والتسهيل على المستثمرين سواء المصريين أو الأجانب، خاصة في ظل انشغال رئيس الوزراء بملفات أخرى.
دور الهيئة العامة للاستثمار
ومع إلغاء وزارة الاستثمار وإنشاء الهيئة العامة للاستثمار بتبعية مباشرة لرئيس الوزراء مصطفي مدبولي، أصبحت اختصاصاتها، فحص طلبات الشركات والمنشآت للتمتع بالحوافز الخاصة والتأكد من جديتها واستيفاء المستندات المطلوبة، ومدى انطباق شروط تمتعها بالحوافز الخاصة الواردة بقانون الاستثمار.
بالإضافة إلى مراجعة موقف الشركات والمنشآت التي سبق تحديد تاريخ بدء نشاطها لدراسة مدى انطباق شروط تمتعها بها.
6 وزراء للاستثمار في مصر
منذ إنشاء وزارة الاستثمار في مصر وحتى إلغائها تولى مسؤوليتها 7 وزراء متعاقبين، كان أولهم محمود محيي الدين الذي تولى الوزارة منذ 2004 وحتى 2010، ثم تولى الوزارة يحيي حامد في فترة حكم محمد مرسي، وتحديدا منذ مايو 2013 وحتى يوليو من نفس العام، وذلك في حكومة هشام قنديل.
ثم تولى الوزارة أسامة صالح لمدة عام واحد من 2013 وحتى 2014 في حكومة الدكتور حازم الببلاوي، وبعدها تولى وزارة الاستثمار أشرف سلمان منذ يوليو 2014 وحتى مارس 2016، وذلك في حكومات إبراهيم محلب وشريف إسماعيل.
ثم تولت الوزارة داليا خورشيد منذ مارس 2016 وحتى فبراير 2017، ومن بعدها تولت سحر نصر وزارة الاستثمار والتعاون الدولي في الفترة من فبراير وحتى ديسمبر 2019، لتصبح أخر وزيرة للاستثمار في مصر بعد فصل الاستثمار عن التعاون الدولي، وإلغاء وزارة الاستثمار نهائيا وتحويلها إلى الهيئة العامة للاستثمار بتبعية مباشرة لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي.
كان أول ظهور لوزارة الاستثمار في مصر عام 2004، عندما صدر قرار من رئاسة الجمهورية برقم 231 لسنة 2004 بشأن تنظيم وزارة الاستثمار، وتبعية الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة لوزير الاستثمار، ثم تم تعديل قرار رئيس الجمهورية رقم 284 لسنة 1997 بقرار رئيس الجمهورية رقم 316 لسنة 2004، وتولى الدكتور محمود محيي الدين أول وزير استثمار في مصر بداية من عام 2004 وحتى عام 2010.
وكانت تعرف وزارة الاستثمار سابقا بوزارة قطاع الأعمال العام، إلى أن تم فصل وزارة قطاع الأعمال العام عن وزارة الاستثمار في 23 مارس 2016، بالتعديل الوزاري لحكومة شريف إسماعيل، ثم ألغيت الوزارة بشكل نهائي سنة 2018 في حكومة مصطفى مدبولي.
يأتي ذلك في تبعات تولي سحر نصر وزارة الاستثمار والتعاون الدولي، وزارة الاستثمار والتعاون الدولي، ليتم تقسيم الوزارة إلى ملفين بعد إلغائها إلى جزئين؛ الأول يؤول لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي وهو ملف الاستثمار، والثاني تتولاه وزيرة السياحة السابقة رانيا المشاط وهو التعاون الدولي.2017….
مي محمد ✍️✍️✍️