أثارت تصريحات رجل الأعمال محمد فاروق، والشهير يـ”حمادة”، حول التوازن بين العمل والحياة جدلًا كبيرًا، لا سيما قوله إن الدول التي طبّقت هذا المبدأ “راحت في ستين داهية”.
وطالب فاروق في تصريحات تلفزيونية، بزيادة ساعات العمل في مصر إلى 12 ساعة يوميًا لمدة 6 أيام في الأسبوع، معتبرًا أن هذا النهج “هو السبيل لتحقيق النجاح الاقتصادي وزيادة الإنتاجية”. ومع ذلك، تشير التقارير العالمية إلى عكس ذلك تمامًا.
ووفقًا لـ”منظمة العمل الدولية” (ILO)، فإن تقليل ساعات العمل وزيادة التوازن بين العمل والحياة، يعزز الإنتاجية والنمو الاقتصادي.
ساعات العمل في الصين
استشهد فاروق في تصريحه، بأن العمال في الصين يعملون 12 ساعة يوميًا لـ6 أيام في الأسبوع، ما يعادل 72 ساعة أسبوعيًا، إلا أن بيانات المكتب الوطني للإحصاء في الصين، تشير إلى أن متوسط ساعات العمل الأسبوعية في الصين خلال 2024 يتراوح بين 48 و49 ساعة.
وفي أكتوبر 2023، بلغ المتوسط 48.6 ساعة، وهو أقل بكثير ما ذكره فاروق، ما يعكس التوجه العالمي نحو تقليل ساعات العمل لضمان استدامة الإنتاجية وصحة العمال.
رغم أن هناك نظامًا غير قانوني يُسمى “996” في الصين، حيث يعمل الموظفون 12 ساعة يوميًا لـ 6 أيام في الأسبوع، فقد أصدرت المحكمة الشعبية العليا في الصين حكمًا في أغسطس 2021 بعدم قانونية هذا النظام، حيث ينصّ قانون العمل الصيني على أن ساعات العمل القانونية هي 8 ساعات يوميًا بمتوسط 44 ساعة أسبوعيًا.
مخاطر الإفراط في العمل
تصريح فاروق بأن العمل 12 ساعة يوميًا لـ6 أيام في الأسبوع، ضروري للإنتاجية، يتناقض مع الدراسات الحديثة، حيث توصلت منظمتا “الصحة العالمية” و”العمل الدولية”، إلى أن العمل لأكثر من 55 ساعة أسبوعيًا يزيد مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية.
وفي دراسة أجريت عام 2021، تبين أن الإفراط في العمل مسؤول عن 745 ألف حالة وفاة سنويًا بسبب هذه الأمراض. كما أن المؤسسات التي تهتم برفاهية موظفيها وتحقق توازنًا بين العمل والحياة، تتمتع بإنتاجية أعلى وربحية مستدامة، ما يعزز نموها الاقتصادي على المدى الطويل.
تأثير تقليص ساعات العمل
أجرت شركة “بيربيتشيول جارديان” في نيوزيلندا، دراسة، حيث قدمت للعاملين لديها ثلاثة أيام عطلة أسبوعية على مدى 8 أسابيع. وأظهرت النتائج أن تخفيف ساعات العمل يعزز من الإنتاجية، وتمكنت الشركة من زيادة الإنتاجية بنسبة 20% بعد تقليص ساعات العمل الأسبوعية إلى أربعة أيام بدلًا من خمسة.
وتعتبر هذه التجربة جزءًا من فهم أعمق حول العلاقة بين ساعات العمل والإنتاجية، إذ أكد جارود هار، أستاذ إدارة الموارد البشرية في جامعة أوكلاند، أن زيادة الإنتاجية في شركة “بيربيتشيول جارديان” تعود إلى زيادة الرضا الحياتي لدى الموظفين.
وتوصلت الخبيرة في إدارة الوقت لورا فاندركام، إلى أن 38 ساعة أسبوعيًا هي الوقت المثالي للعمل، وهو المعيار الذي تتبعه الدنمارك، التي تعد واحدة من أسعد دول العالم.
وتختلف ساعات العمل الأسبوعية من دولة إلى أخرى؛ ففي عام 2018، سجلت هولندا أقل ساعات عمل أسبوعية بلغت 32 ساعة، بينما بلغت في أستراليا ونيوزيلندا وروندا 33 ساعة، وفي الدنمارك كانت 34 ساعة.