في حلقة جديدة من برنامج “مراجعات” المذاع على قناة العربية، استضاف الأكاديمي والباحث والسياسي والإعلامي ضياء رشوان، القانوني والنقابي والباحث والكاتب ثروت الخرباوي.
ويهدف برنامج “مراجعات” إلى تقديم تجارب الشخصيات العامة في مصر الذين انضموا سابقاً إلى جماعة الإخوان، عبر سرد قصصهم وتجاربهم الفردية في مراجعة مسيرتهم داخل وخارج التنظيم.
في هذه الحلقة، تحدث الخرباوي، الذي قضى أكثر من 23 عاما داخل صفوف الإخوان، عن أسباب انضمامه للتنظيم، وحياته داخله، وأسباب خروجه منه، إضافة إلى تناوله للعديد من الموضوعات الحساسة التي وثقها في كتابه “سر المعبد”.
البداية: بين الناصرية والتنظيم
خلال فترة السبعينيات، كانت مصر تشهد تحولات سياسية واجتماعية كبيرة، وخاصة بعد حرب 1973. النشاط الديني والسياسي كان مكثفًا، حيث كانت المساجد ممتلئة بالشباب الذين يبحثون عن هوية دينية وسياسية في آن واحد. ثروت الخرباوي يتذكر تلك الفترة بقوله: “الحالة الدينية في مصر في فترة السبعينيات كانت حالة ثائرة جدا وكأن هناك بركان. كنا نجد مثلا الشيخ عبد الحميد كشك يخطب خطابات زاعقة جدا تحتوي على عبارات تخوين وطنية وتكفيرية ويضعها في قالب يبدو أنه أقرب إلى السخرية التي من الممكن أن يضحك منها المستمعين. كنا نجد شيوخا في مساجد متعددة، وكان لهذه اللقاءات تأثير كبير على الشباب”.
وكان الخرباوي يحمل إعجابًا كبيرًا بجمال عبد الناصر ومشروعه الوطني، وهو ما شكل جزءًا من هويته السياسية في البداية. يقول: “كنت أحب جمال عبد الناصر بحسب أنه رجل كان له مشروع بغض النظر عن تطبيق هذا المشروع، وإخفاقاته ونجاحاته، لكني كنت أحب جمال عبد الناصر. وفي الجامعة، كنت قريبًا من تنظيم الإخوان وأحضر لقاءاتهم، حيث كانت يقدم نفسه من خلال الرقائق والكلام الجميل”. ومع ذلك، كانت العاطفة الدينية القوية تجذبه نحو تيار ديني أكثر تنظيمًا، ما دفعه للتردد على مكتب الإرشاد ومقابلة شخصيات مؤثرة مثل عمر التلمساني.
نقطة تحول في حياته
كما تحدث الخرباوي عن اللقاءات الأولى مع شخصيات بارزة مثل عمر التلمساني كانت نقطة تحول رئيسية في حياته. يقول: “ترددت على مكتب الإرشاد في شارع التوفيقية وتقابلت مع عمر التلمساني المرشد العام. تلك الشخصيات فوجئت أنها تتعامل ببساطة شديدة مع طالب صغير يبلغ ثمانية عشر عاماً ويعامل كأنه شخصية كبيرة ومؤثرة”.
هذه اللقاءات أثرت بشكل كبير على قرار الخرباوي بالانضمام للتنظيم. كانت لقاءات مكتب الإرشاد تتميز بجو من التواضع والبساطة، مما جعل الخرباوي يشعر بأهمية دوره المستقبلي بالداخل.
العاطفة الدينية كانت لها الغلبة في قرار الخرباوي، حيث كان يتردد على لقاءات الجماعة الإسلامية في الجامعة.
يروي الخرباوي تجربته قائلاً: “العاطفة الدينية وجهتني، ثم جلسات وجلسات ولقاءات ولقاءات. ثم فوجئت في أحد هذه اللقاءات بدرس عن رسالة تعاليم حسن البنا. كانت هذه الرسالة تحمل تعاليم أساسية للتنظيم مثل السمع والطاعة والثقة في القيادة”. هذه اللقاءات الدينية كانت بمثابة بوابة الدخول لعالم الإخوان، حيث تعلم الخرباوي تلاوة القرآن وحفظ الأحاديث النبوية.
أصبحت اللقاءات الدينية والتنظيمية جزءًا لا يتجزأ من حياة الخرباوي. في أحد اللقاءات، استمع لدروس من شخصيات بارزة في التنظيم، مما عزز من ارتباطه الفكري والتنظيمي بالجماعة. يقول: “في البداية كانت اللقاءات تركز على تعاليم الدين والأحاديث النبوية، وكانت هناك جلسات لحفظ القرآن وتعليم الأذكار والصلوات. كنت أشعر بأنني جزء من مجتمع يحمل رسالة دينية سامية”.
بمرور الوقت، أصبح الخرباوي عضوًا نشطًا في التنظيم، متأثرًا بالتعليمات الدينية والتنظيمية التي تلقاها في تلك الفترة. هذا الانضمام كان بداية رحلة طويلة ومعقدة داخل الإخوان، حيث خاض خلالها تجارب متعددة وشهد أحداثًا وتطورات هامة في مسار التنظيم.
تمرينات السمع والطاعة
بعد انضمامه لتنظيم الإخوان، بدأ الخرباوي في التدرج داخل التنظيم. وروى كيف بدأت رحلته الحقيقية، قائلاً: “أول أسرة في الإخوان كانت بمثابة العائلة الثانية لي. بدأت كعضو محب، ثم مؤيد، وبعد ذلك أصبحت أخًا. في هذه المرحلة، كان يتم فرض التزامات مالية، مثل دفع مبلغ شهري للتنظيم”. هذا التدرج كان جزءًا من النظام الدقيق للتنظيم، حيث كان الأعضاء يتعلمون تدريجياً مبادئ التنظيم والولاء والطاعة.
وتحدث الخرباوي عن الأنشطة الداخلية التي كانت تهدف إلى تعزيز الانتماء والولاء للتنظيم. وقال “كانت هناك أنشطة مثل حفظ القرآن وتعلم الأحاديث النبوية، بالإضافة إلى أنشطة رياضية وتدريبات بدنية. كنت أستيقظ في الفجر وأتلقى توجيهات محددة من القيادة، مثل أن أقوم بمهمة معينة دون معرفة التفاصيل الكاملة”.
كما يصف إحدى التجارب قائلاً: “أحيانًا كنت أتلقى تعليمات غامضة مثل أن أحمل كوب ماء إلى شاطئ البحر وأدفنه تحت الرمال. كانت هذه الأنشطة تهدف إلى اختبار الطاعة والانضباط”.
تدريبات بدنية قاسية
ووفق الخروباوي، التنظيم كانت يهتم بتعزيز الجانب التربوي والديني لأعضائها. وذكر تجربة في أحد المعسكرات الصيفية قائلاً: “في معسكر صيفي على شاطئ البحر، كنا نخضع لتدريبات مكثفة تشمل أنشطة رياضية وتدريبات بدنية قاسية. كان يتم تقييم الشخصيات بناء على قدرتها على الالتزام والطاعة. كانت هناك اختبارات مثل دفن كوب ماء تحت الرمال ثم محاولة الدفاع عنه بكل ما تملك من قوة. هذه الأنشطة كانت تهدف إلى تعزيز الروح القتالية والانضباط داخل التنظيم”.
كما تحدث الخرباوي عن دور القيادات في التنظيم، حيث كانت تلعب دورا محوريا في توجيه الأعضاء وتشكيل وعيهم. يتذكر الخرباوي لقاءاته مع قيادات مؤثرة مثل مصطفى مشهور وعمر التلمساني: “عمر التلمساني كان دائمًا يقول لي أنني أرى فيك العطاء الذي لا أراه في أحد من الإخوان. كان لهذه الكلمات تأثير كبير على نفسيتي وشعوري بالانتماء للتنظيم”.
تربية خاصة
ويصف الخرباوي كيف كانت البيئة التنظيمية تؤثر على الأعضاء وتشكيل شخصياتهم: “كانت هناك تربية خاصة وثقافة خاصة يتم غرسها في الأعضاء منذ البداية. كنت أشعر بأنني جزء من مجتمع متماسك وملتزم بمبادئ وقيم محددة. هذا الشعور بالانتماء كان يعزز من ارتباطي بالتنظيم ويجعلني أكثر استعدادًا لتقديم كل ما أملك من أجل تحقيق أهدافها”.
لم تكن الرحلة داخل التنظيم خالية من التحديات والصعوبات. يوضح الخرباوي: “كنت أواجه صعوبات في التوفيق بين التزاماتي الشخصية والالتزامات المفروضة علي. كان هناك ضغط مستمر للحفاظ على مستويات عالية من الانضباط والطاعة. ولكن هذه التحديات كانت تعتبر جزءًا من التدريب والتربية التي تهدف إلى إعداد الأعضاء ليكونوا قادة في المستقبل”.
الانفصال: تناقضات وغموض
مع مرور الوقت، بدأ الخرباوي يلاحظ التناقضات والازدواجية في سلوك تنظيم الإخوان. يقول: “بدأت أشعر بأن هناك فجوة كبيرة بين ما تدعو إليه من قيم ومبادئ وبين الممارسات الفعلية التي كنت أراها”. كانت هذه التناقضات بداية لرحلة الشك والتحول الفكري التي قادته في النهاية إلى الانفصال عن التنظيم.
روى الخرباوي بعض المواقف التي أثرت عليه بشكل كبير وجعلته يعيد التفكير في انتمائه للتنظيم، فيقول: “في أحد الأيام، تلقيت تعليمات بمواجهة مجموعة من الأعضاء في مهمة غامضة. كانت هذه التجارب تثير في داخلي تساؤلات حول الهدف الحقيقي من هذه الأنشطة”. كان الخرباوي يشعر بأن التنظيم يستخدم وسائل غامضة وغير شفافة لتحقيق أهدافه، مما زاد من شكوكه.
حقيقة التنظيم
كما تحدث الخرباوي عن تحوله للبحث والاستقصاء عن حقيقة التنظيم وأهدافه. يقول: “قررت أن أبحث بنفسي عن حقيقة التنظيم. قرأت كتبًا ومذكرات لقيادات سابقة في الإخوان، واطلعت على تاريخ التنظيم وأهدافه”. هذا البحث جعله يدرك أن التنظيم كان يتبع أساليب التنظيمات السرية ويستخدم وسائل غير مشروعة لتحقيق أهدافه.
أدرك الخرباوي أن هناك تناقضًا كبيرًا بين شعارات التنظيم وممارساته الفعلية. يقول: “كان التنظيم يرفع شعارات مثل “الإسلام هو الحل” و”الشريعة الإسلامية”، لكنه في الواقع كان يستخدم وسائل عنيفة وغير أخلاقية لتحقيق أهدافه”. هذا التناقض جعله يفقد الثقة في القيادة ويقرر الابتعاد.
عنف وخداع.. وقرار صحيح
بعد رحلة طويلة من الشكوك والتحولات الفكرية، اتخذ الخرباوي قرارًا حاسمًا بالانفصال عن تنظيم الإخوان. يقول: “قررت أنني لا أستطيع الاستمرار في تنظيم يستخدم العنف والخداع لتحقيق أهدافه. كان القرار صعبًا، لكنني شعرت بأنه القرار الصحيح”. هذا القرار لم يكن مجرد خروج تنظيمي، بل كان تحولًا فكريًا ونفسيًا عميقًا.
بعد الانفصال، بدأ الخرباوي حياة جديدة بعيدًا عن تنظيم الإخوان. يقول: “بدأت أعمل كمحامٍ وكاتب وباحث مستقل. كانت هناك تحديات كثيرة، لكنني شعرت بحرية جديدة وقدرة على التفكير والتعبير دون قيود”. هذه المرحلة الجديدة من حياته كانت مليئة بالتحديات، لكنها كانت أيضًا مليئة بالفرص والإمكانيات الجديدة.
الكتابة: إفشاء “سر المعبد”
بعد انفصاله عن تنظيم الإخوان، قرر ثروت الخرباوي أن يوثق تجربته وينقل ما شاهده وعاشه داخل التنظيم من خلال الكتب والأبحاث. يقول الخرباوي: “شعرت بأن لدي واجبًا لكشف الحقيقة ونقل تجربتي للأجيال القادمة حتى لا يقعوا في نفس الفخاخ التي وقعت فيها”.
بدأ الخرباوي في كتابة كتابه الشهير “سر المعبد”، والذي يعد من أكثر الكتب إثارة للجدل حول تنظيم الإخوان المسلمين.
في هذا الكتاب، يسرد الخرباوي تفاصيل دقيقة عن تنظيم الإخوان، هيكلهم السري، وأساليبهم في التجنيد والسيطرة. يقول: “كتابة (سر المعبد) كانت تجربة مريرة ومثيرة في نفس الوقت. كنت أشعر بأهمية توثيق هذه المعلومات، ولكنني كنت أيضًا أدرك حجم المخاطر التي قد تواجهني”.
علاقة الإخوان بالماسونية
أحد أكثر المواضيع إثارة التي تناولها الخرباوي في كتابه هو العلاقة المزعومة بين تنظيم الإخوان والماسونية. يقول: “وجدت تشابهات كبيرة بين هيكل التنظيم وأسلوب تنظيم الماسونية. كانت هناك رموز وطقوس تشير إلى تأثر واضح بالجماعات السرية”. ويضيف: “في أحد الفصول، تطرقت إلى الشعار الذي يستخدمه الإخوان، والذي يتضمن سيفين ومصحفا وكلمة “وأعدوا”. هذا الشعار يحمل في طياته رمزية تتعلق بالقوة والسيطرة، وهو ما يشير إلى تأثيرات ماسونية”.
لم تكن عملية البحث والكتابة سهلة، فقد واجه الخرباوي العديد من التحديات، بما في ذلك التهديدات من قبل بعض أفراد التنظيم. يقول: “تلقيت تهديدات مباشرة وغير مباشرة خلال فترة كتابة الكتاب وبعد نشره. كانوا يحاولون إجباري على التوقف عن كشف هذه المعلومات، لكنني كنت مصممًا على المضي قدمًا”. ويضيف: “كان علي أن أكون حذرًا في تحركاتي واتصالاتي، لكنني كنت مدفوعًا برغبة قوية في كشف الحقيقة”.
دعم كبير يقابله هجوم شديد
بعد نشر “سر المعبد”، تلقى الخرباوي ردود فعل متباينة من القراء والنقاد. يقول: “كان هناك دعم كبير من البعض الذين اعتبروا الكتاب مرجعًا مهمًا لكشف حقيقة الإخوان. في المقابل، كان هناك هجوم شديد من أنصار التنظيم الذين اتهموني بالخيانة والكذب”. ويضيف: “كنت مستعدًا لمواجهة هذا الهجوم، لأنني كنت أعلم أن الحقيقة تحتاج إلى من يكشفها، حتى وإن كان الثمن باهظًا”.
أحدث كتاب “سر المعبد” ضجة كبيرة في المجتمع المصري والعربي بشكل عام. يقول الخرباوي: “شعرت بأن الكتاب أثار نقاشات هامة حول دور الإخوان في المجتمع والتحديات التي يواجهها الناس في التعامل معهم. كان هناك وعي متزايد بين الشباب بضرورة التفكير النقدي وعدم الانجرار وراء الشعارات دون التحقق من حقيقتها”.
التحقيق: تساؤلات حول جذور مؤسس الجماعة
وفي إطار بحثه المستمر عن حقيقة تنظيم الإخوان المسلمين، وجه ثروت الخرباوي اهتمامه نحو أصول مؤسس التنظيم حسن البنا. يشير الخرباوي إلى أن هناك العديد من الجوانب الغامضة في سيرة حسن البنا التي لم يتناولها المؤرخون بشكل كافٍ. يقول: “عندما بدأت في البحث عن جذور حسن البنا، اكتشفت أن هناك الكثير من الغموض والتناقضات في المعلومات المتاحة عنه”.
ويروي الخرباوي أن الجد الأكبر لحسن البنا جاء من الأندلس واستقر في المغرب قبل أن ينتقل إلى اليمن ويعمل ككاتب حسابات في قصر أحد الملوك. ثم استقر في مصر وعمل كمدرس في كُتّاب. يقول الخرباوي: “هذه الرحلة الطويلة والمعقدة من الأندلس إلى المغرب ثم إلى اليمن وأخيراً إلى مصر، تثير العديد من التساؤلات حول خلفية هذه العائلة وتأثيراتها المختلفة”.
حسن البنا.. ودعم يثير التساؤلات
أحد الاكتشافات المثيرة التي يرويها الخرباوي هو أن حسن البنا لم يكن اسمه الحقيقي. يقول: “اسمه الحقيقي كان أحمد عبد الرحمن البنا، وكان ينتمي إلى عائلة تعمل في إصلاح الساعات”. ويضيف: “تخرج حسن البنا في مدرسة عبد العزيز في السيدة زينب، وليس من كلية دار العلوم كما يُشاع. هذه المعلومات تغيّر الكثير من المفاهيم حول تكوينه التعليمي والثقافي”.
أيضا تحدث الخرباوي عن التحقيق الذي أجراه في قرية شمشيرة في كفر الشيخ، وهي القرية التي يُقال إن أصول حسن البنا تعود إليها. يقول: “زرت القرية وبحثت في المقابر القديمة وسألت السكان المحليين. لم أجد أي دليل يشير إلى وجود عائلة البنا أو الساعاتي في هذه المنطقة. هذا يعزز الشكوك حول النسب المزعوم لحسن البنا”.
في سياق بحثه، يشير الخرباوي إلى العلاقة المثيرة للجدل بين حسن البنا والماسونية. يقول: “اكتشفت أن حسن البنا تلقى دعماً مالياً من رئيس شركة قناة السويس الذي كان أيضًا رئيس المحفل الماسوني في باريس. هذا الدعم يثير الكثير من التساؤلات حول الأهداف الحقيقية لتنظيم الإخوان وصلاته بالماسونية العالمية”.
وتابع: “عندما اطلعت على الإيصالات المالية التي تلقاها حسن البنا، وجدت أن المبالغ كانت تأتي من جمعية المتنورين، وهي جمعية ماسونية. هذا الاكتشاف يعزز الفرضية بأن هناك علاقة وثيقة بين البنا والماسونية”.
كما أكد الخرباوي: “هذا الدعم المالي الكبير من جهة ماسونية لشخص يدّعي أنه يناضل من أجل الإسلام يثير الكثير من الشكوك حول دوافع وأهداف التنظيم”.
وأعدوا: رمزية العنف والدين
في حديثه عن رموز تنظيم الإخوان المسلمين، يتناول ثروت الخرباوي شعار التنظيم الذي يتكون من سيفين متقاطعين ومصحف مفتوح تتوسطه كلمة “وأعدوا”. فقد أوضح الخرباوي أن هذا الشعار لم يكن مجرد رمز عشوائي، بل يعكس أفكارًا وتوجهات عميقة للجماعة. يقول: “الشعار الذي اختاره حسن البنا لم يكن مجرد تصميم جذاب. بل كان يحمل دلالات عميقة ومفاهيم محددة ترتبط بفكر الجماعة وأهدافها”.
أما السيفان المتقاطعان فيرمزان إلى القوة والعنف، بينما يعكس المصحف المفتوح التوجه الديني للتنظيم. ويقول: “السيفان يرمزان إلى الجهاد بكل معانيه، سواء كان جهاد الدفع أو جهاد الطلب. والمصحف يشير إلى أن الدين هو الأساس الذي يبنى عليه كل شيء في التنظيم”. ويضيف: “كلمة (وأعدوا) مأخوذة من الآية الكريمة (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل)، وهي دعوة صريحة للاستعداد العسكري”.
واستشهد الخرباوي بآراء مرشدي التنظيم، مثل عمر التلمساني ومصطفى مشهور، في تفسير الشعار. يقول: “عندما سألت عمر التلمساني عن معنى الشعار، أجاب بأن السيفين يرمزان إلى الجهاد الداخلي والخارجي، وأن أعدوا تعني الاستعداد الدائم للدفاع عن الإسلام وللفتح ونشر الدين”.
وضع المصحف بين سيفين
وأضاف: “مصطفى مشهور قدم تفسيراً مماثلاً، مؤكدًا أن السيفين يمثلان القوة اللازمة لحماية الإسلام ونشره”.
انتقد الخرباوي وضع المصحف بين السيفين، مشيرًا إلى أن هذا الترتيب يعكس فكرة أن القرآن يحتاج إلى حماية السيفين. يقول: “وضع المصحف بين السيفين يبعث برسالة أن الإسلام يحتاج إلى القوة والعنف لحمايته ونشره. هذا يتناقض مع الفهم الحقيقي للإسلام كدين يدعو إلى السلم والرحمة”. ويضيف: “تفسير مرشدي التنظيم يعزز هذه الفكرة، حيث يرون أن السيف هو الوسيلة الوحيدة لحماية الدين ونشره”.
نجمة خماسية
ويتناول الخرباوي أيضًا المقارنة بين شعار الإخوان وبعض الرموز الماسونية. يشير إلى التشابه الكبير بين الشعارين من حيث التصميم والمفاهيم. يقول: “إذا قمت بوصل أطراف السيفين مع المصحف، ستجد أن الشعار يشكل نجمة خماسية، وهي من الرموز المعروفة في الماسونية. هذا التشابه ليس صدفة، بل يعكس التأثيرات الماسونية على فكر وتصميم التنظيم”.
ويشدد الخرباوي على أن شعار التنظيم لا يزال يعكس أفكارها ومبادئها حتى اليوم. يقول: “رغم مرور الزمن، لا يزال الشعار يعبر عن فكر التنظيم واستراتيجياته. العنف والقوة جزء لا يتجزأ من توجهاتها، وهذا ما يظهر بوضوح في استخدامهم للسيفين والمصحف”. ويضيف: “التنظيم يحاول إظهار نفسه بشكل سلمي وحديث، لكن الشعار يكشف حقيقة أهدافه وتوجهاته”.
تحذيرات واضحة
في الجزء الأخير من الحوار، يقدم ثروت الخرباوي تحذيرات واضحة بشأن محاولات تنظيم الإخوان المسلمين للعودة إلى الساحة السياسية والاجتماعية. يقول الخرباوي: “التنظيم لم يتوقف عن محاولاته إعادة تنظيم صفوفه والعودة إلى التأثير في المجتمع المصري والمجتمعات الأخرى. هم يستخدمون أساليب جديدة وتكتيكات مختلفة لتحقيق هذا الهدف”.
يشير الخرباوي إلى أن التنظيم يسعى للتغلغل في المؤسسات والمجتمعات بطرق مبتكرة وخفية. يقول: “الإخوان الآن يستخدمون أساليب متنوعة، مثل العمل الخيري والاجتماعي، لاكتساب الدعم والتأييد. كما يحاولون اختراق المنظمات غير الحكومية والمؤسسات التعليمية والدينية لتحقيق أهدافهم”. ويضيف: “هذه الاستراتيجيات تعتمد على تقديم صورة مغايرة للتنظيم، تخفي وراءها الأجندة الحقيقية”.
استغلال الفوضى والأزمات
يؤكد الخرباوي أن التنظيم يستغل الأحداث والأزمات لتحقيق مكاسب سياسية. يقول: “التنظيم يستغل الفوضى والأزمات لتعزيز وجوده والتأثير على الرأي العام. هم يتقنون فن الاستفادة من الظروف الاستثنائية لتحقيق أهدافهم. هذه الأساليب ليست جديدة، لكنها أصبحت أكثر تعقيدًا وفعالية في الوقت الحالي”.
ويشدد الخرباوي على أن التنظيم يتبع أسلوب الخطاب المزدوج والتقية لإخفاء نواياه الحقيقية. يقول: “الإخوان يستخدمون الخطاب المزدوج، حيث يظهرون وجهًا معتدلاً وسطيًا في العلن، بينما يحتفظون بأفكارهم المتطرفة وسلوكياتهم العنيفة في السر. هذا الأسلوب يجعل من الصعب كشف نواياهم الحقيقية والتصدي لمخططاتهم”. ويضيف: “التقية جزء أساسي من استراتيجيتهم، حيث يظهرون ما يريدون أن يراه الناس ويخفون ما لا يريدون كشفه”.
وعي شعبي
ويتناول الخرباوي دور الإعلام والدعاية في تعزيز مكانة الجماعة. يقول: “الإخوان يستخدمون الإعلام بفعالية لنشر أفكارهم وكسب التعاطف والدعم. لديهم قدرة على توجيه الرأي العام من خلال وسائل الإعلام التقليدية والجديدة. يستخدمون منصات التواصل الاجتماعي لنشر رسائلهم والتأثير على الشباب بشكل خاص”.
كما أضاف: “الدعاية الإخوانية تركز على تقديم التنظيم كضحية وكقوة للخير والإصلاح، ما يجعل من الصعب على الناس رؤية حقيقتهم”.
وفي الختام يؤكد الخرباوي على أن مواجهة تنظيم الإخوان يتطلب وعيًا شعبيًا وإجراءات حكومية صارمة. يقول: “التصدي لتنظيم الإخوان يحتاج إلى وعي مجتمعي ودعم حكومي قوي. لا يمكن السماح لهم بالعودة والتغلغل في المؤسسات مرة أخرى. يجب أن نكون يقظين ومستعدين لمواجهة تكتيكاتهم المختلفة”. ويضيف: “التحدي الأكبر هو في كشف حقيقتهم للناس وتوعية المجتمع بخطرهم. الإعلام والتعليم لهما دور كبير في هذه المعركة”.
بقلم /رضوي شريف ✏️✏️📚