ترتيب الوصاية على القاصر في القانون المصري يثير جدل كل من له الأولوية في الوصاية، حيث إن أمر الوصاية واحد من أكثر الأمور الشائعة والتي ينتج عنها العديد من المشاكل والأزمات التي تهدد حياة الأسرة بشكل كامل، وذلك بعد وفاة الأب، فقد تعددت النصوص والقوانين المصرية بشأن تنظيم هذا النوع من النزاعات التي تنشأ، فمن البديهي أن أثناء حياة الأب فيكون هو الوصي والولي على أبنائه، وذلك إلى حين الوصول إلى سن الرشد، ولكن الخلاف ليس هنا، إنما الخلاف يتفاقم بعد وفاة الأب، وهو ما سنتعرف عليه تفصيلًا من خلال السطور القادمة.

ترتيب الوصاية على القاصر في القانون المصري

تنشأ النزاعات والخلافات بين أفراد العائلة وبعضها بعد وفاة الأب، وذلك بشأن التعرف على من هو الوصي الصحيح على الأبناء، حيث إن الترتيب الصحيح للوصي يبدأ من الجد وإن علا، وفي حالة وفاته، فتكون الوصاية للأم، وإن توفت الأم، فيكون من هو أمينًا على أموال الأبناء من الأعمام ومن في حكمهم، ويتم اختياره بناءً على عدله وأمانته وشفافيته بين المجتمع.

النصوص القانونية الواردة في حكم الوصاية

أشارت المادة ١ من قانون الوصاية على المال أن ترتيب الوصاية على القاصر في القانون المصري” تكون للأب بصفة عامة، وإن مات تكون للجد الصحيح، على أن يكون الأب لم يختار وصيًا، أما في حالة اختيار الوصي لأبنائه فإن الأمر محسوم، ولا يمكن التراجع عنه إلا من خلال اللجوء إلى هيئة القضاء.

وقد أوضحت المادة ٢٧ من القانون السابق الإشارة إليه، أهم الشروط اللازم توافرها في الوصي، وسوف نتطرق لها تفصيلًا فيما بعد، ومن هنا فإن القانون المصري أكد على ترتيب الوصاية، وأن لا يمكن تجاوز وصي عن الآخر.

موقف الشريعة الإسلامية من الوصاية

جدير بالذكر أن ترتيب الوصاية على القاصر في القانون المصري مستوحى من إطار الشريعة الإسلامية، وذلك طبقًا لما ورد عن الإمام الشافعي، فيقصد بالوصاية الولاية على مال الأبناء الصغار، الذين لم يصلوا إلى سن الرشد، فلا تكون الوصاية للأم ولا العم، إنما تكون الوصاية للأب، وإن مات فتكون للجد وإن علا، وإن مات فتكون الوصاية لمن يختاره الأب قبل وفاته، وإن لم يتم الاختيار، فيترك الأمر إلى هيئة القضاء لإصدار الحكم بمن يمكن أن يكون وصيًا على الأبناء.

أهم الشروط الواجب توافرها في الوصي

طبقًا لما نصت عليه المادة ٢٧ من القانون بشأن ترتيب الوصاية على القاصر في القانون المصري، فقد أوضحت النص القانوني عدة شروط يلزم توافرها، على أن يكون الوصي يشتهر بالعدل والأمانة، ولا يجوز تعيين كل ما يلي:

المحكوم عليه بالجرائم المخلة

لا يمكن أن يكون وصيًا كل مجرم سولت له نفسه بأن يقدم على ارتكاب جريمة خاصة بالشرف والنزاهة، أو جريمة من جرائم الاداب، نظرًا لأنه غير جدير وغير مسئول عن كونه وصي على أطفال صغار، ومن منظور القول الشهير بأن لكل قاعدة استثناء، فبالفعل هناك استثناء على هذا الشرط ولكن عند الضرورة، وينص على أن في حالة انقضاء مدة العقوبة من قبل المجرم، وقد مر عليها مدة زمنية تتجاوز ٥ سنوات، فيجوز أن يعين وصيًا على الأبناء القصر، ولكن في حالة الضرورة القصوى.

المحكوم عليه بسلب الولاية من القاصر

ترتيب الوصاية على القاصر في القانون المصري يتطلب عدة شروط، ففي حالة إذا كان الوصي قد حكم عليه بجريمة تضمنت سلب الولاية منه فيما يخص القاصر نفسه، حتى إن هذا الأخير في ولايته بشكل فعلي، ولكن بعد صدور حكم المحكمة بعدم ولايته فلا يمكن أن يكون وصيًا، ولا يوجد استثناء على هذا الشرط، إذن فلابد أن يتم استيفاؤه في حالة تعيين الوصي.

السمعة السيئة

إذا كان الوصي مشهورًا بين الناس والمجتمع بأنه سيء السمعة، ويصدر منه سلوكًا غير محمودًا، فضلًا عن عدم وجود وظيفة أو عمل مشروع للكسب منه، فلا يمكن أن يكون وصي على الأبناء، حيث أننا في هذه الحالة سوف نقبل على نشأ من الأطفال فاسد بشكل كبير، نظرًا لأن الوصي لا يمكن الوثوق به.

الصادر عليه حكم بالإفلاس

من حكم عليه بالإفلاس فلا يجوز أن يعين وصيًا، فهو غير مؤهل لمراعاة الأبناء الوصي عليهم، أما في حالة رد اعتباره، فهنا يجوز له أن يعين في حكم الوصي.

المعزول من الوصاية

لا يمكن تعيين الوصي الذي سلبت ولايته على قاصر آخر، فقد سلبت منه بناءً على أنه غير جدير بأن يكون وصي على الأبناء، أيضًا كل من تم عزله أو استبعاده من الوصاية، فهو غير مؤهل للولاية على الأبناء.

من قرر الأب حرمانه من الولاية

نظرًا لأن ترتيب الوصاية على القاصر في القانون المصري من الأمور الشائكة، فإذا قرر الأب حرمان أحدًا ما من الولاية على أبنائه، فنحن هنا أمام شرط قوي لا يمكن العدول عنه، ومن هنا ترى المحكمة مدى قوة وصلابة حجة الأب، ومن ثم تؤكد حرمان الوصي من الولاية، وهو بمثابة اعتراف صريح من المحكمة بما أقره الأب، مع العلم ضرورة أن يكون هناك مستند رسمي أو محرر عرفي موقعه من الأب قبل وفاته.

كل من كان بينه وبين القاصر نزاع قائم

واحدة من أهم شروط ترتيب الوصاية على القاصر في القانون المصري، هي ألا يكون هناك نزاع قائم بين أحد أصول أو فروع القاصر، ففي حالة وجود خلافات أو أي نوع من النزاع فلا يحق له الوصاية على القاصر، وقد أقرت النصوص القانونية المصرية هذا الشرط خشيةً على القاصر من التعرض للضرر أو الإيذاء.

لذا يجب أن يكون الوصي من طائفة القاصر، وإن لم يكن لديه أحد فيكون من أهل مذهبه، وإن لم يجد فيكون من أهل دينه مع توافر جميع السابق الإشارة إليها في الوصي.

دور البرلمان على الوصاية

لعب البرلمان دورًا هامًا في في ترتيب الوصاية على القاصر في القانون المصري، حيث إن اتجه البعض إلى ضرورة تعديل النصوص القانونية، بأن تكون الوصاية للأم بعد وفاة الأب، نظرًا لأن الحضانة في صحبتها، وذلك حتى لا يتعارض كلا الأمرين معًا وهما الحضانة والوصاية، فيفضل أن تكون من قبل شخص واحد، ويعود هذا الأمر إلى أن المرأة في وقتنا الحالي تتحلى بالمناصب السياسية والمراكز المرموقة، ومن ثم يشهد لها الجميع بالانضباط، أي أنها أصبحت رمز قيادي في الدولة، لا فهي جديرة بأن تكون ولاية الوصاية في حكمها.

لذا فقد أكد عدد من النواب بضرورة إعادة النظر في النصوص القانونية الخاصة بالوصاية، ومن ثم تعيين الأمر في المركز الأول للولاية على وصاية أبنائها، وأنها هي الشخص الأفضل لهذا الحكم.

تطرقنا معًا إلى ترتيب الوصاية على القاصر في القانون المصري، وتوصلنا إلى أن الأمر شائكًا للغاية وله أهمية قصوى، حيث تنصب تلك الأهمية بعد وفاة الأب، وعليه فأن الوصي لابد أن تتوفر لديه شروط أساسية لا يمكن التخلي عنها، وإن انتفت الشروط لا يمكن أن يعين الوصي على الأبناء بصورة أو بأخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *