تتعرض حكومة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لضغوط شديدة للسماح بتصدير الأسلحة المصنوعة محليًا، لمعاناتها الفعلية من نقص السيولة النقدية بسبب الحرب مع روسيا، كما أشار تقرير للنسخة الأوروبية من صحيفة “بوليتيكو”.
ونقلت الصحيفة عن النائبة الأوكرانية هالينا يانتشينكو، وهي أيضًا سكرتيرة المجلس الوطني للاستثمار (هيئة استشارية تشجّع الاتصالات بين الصناعة والحكومة والمستثمرين) إن قرار فتح الصادرات الخاضعة للرقابة، مثل الأسلحة، لا يزال في مرحلة البحث عن إرادة سياسية من أعلى قيادة في أوكرانيا.
ويعمل البرلمان الأوكراني بالفعل على وضع آلية تسمح للمصنّعين ببيع فائض إنتاجهم في الخارج “تحت ضوابط صارمة لضمان بيع العناصر التي لا تكون هناك حاجة إليها على خطوط المواجهة”، وفق التقرير.
ومن شأن إعطاء الضوء الأخضر لشركات الأسلحة الأوكرانية أن يدر عليها ما يصل إلى 15 مليار دولار سنويًا، وأن يعزّز إنتاج الأسلحة في البلاد.
وفي اجتماع خاص للجنة في البرلمان الشهر الماضي، قالت “يانتشينكو” إن الأسلحة المصنّعة في أوكرانيا، التي تم اختبارها في معارك حقيقية مع روسيا، تحظى باهتمام العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم، “وقد يكون لدى الشركات الأوكرانية طوابير طويلة من المشترين والعقود لسنوات مقبلة إذا لم يتم حظر صادرات الأسلحة”.
وأضافت: “من خلال القيود المفروضة على التصدير، فإننا نمنع تطوير صناعة استراتيجية”.
نهضة صناعية
عقب العملية العسكرية الروسية المتوغلة في أوكرانيا، تضاعف حجم صناعة الدفاع في أوكرانيا. ففي النصف الأول من هذا العام، أنتجت مصانع البلاد ذخيرة أكثر بـ25 مرة مما أنتجته في عام 2022 بأكمله. أيضًا، هي قادرة على إنتاج 4 ملايين طائرة بدون طيار سنويًا.
كما بدأت كييف في تصنيع ذخيرة 155 ملم القياسية لحلف شمال الأطلسي، إضافة إلى مدافع “هاوتزر” ذاتية الدفع من طراز “بوهادانا”؛ وكذلك تطور صواريخها الباليستية الخاصة، كما قال الرئيس زيلينسكي في وقت سابق من هذا الشهر.
لكن، حسب “بوليتيكو”، المشكلة هي أن شركات الدفاع الأوكرانية قادرة على إنتاج أسلحة وذخائر بقيمة 20 مليار دولار سنويًا، لكن كييف لا تستطيع تحمل إنفاق 6 مليارات دولار فقط، “وهذا يدفع القطاع إلى الضغط على الحكومة لرفع حظر التصدير حتى يتمكن من تحقيق الربح من المبيعات الخارجية”.
ونقل التقرير عن يوليا فيسوتسكا، المديرة التنفيذية لشركة “براكتيكا” الأوكرانية المنتجة للمركبات المدرعة “لقد قمنا بتوسيع قدراتنا أثناء الحرب، ولكن بدون عقود طويلة الأجل وتدفق منتظم للتمويل، كل شيء يتوقف”.
وأضافت: “علينا أن نحصل على عقد آخر. ليس لدينا تمويل إضافي لدفع الرواتب إذا اضطررنا إلى التوقف لمدة شهر أو نحو ذلك. وقد يذهب المتخصصون الموهوبون إلى أماكن أخرى أو إلى الحرب بينما ننتظر عقدًا”.
كما قالت الجمعية الوطنية للصناعات الدفاعية الأوكرانية إن السماح بالصادرات العسكرية من شأنه أن يعزّز اقتصاد البلاد. وزعمت أن ذلك من شأنه أن يجلب ما يصل إلى ملياري دولار من عائدات الضرائب الجديدة على مدى 18 شهرًا.
أيضًا، نقلًا عن استطلاع داخلي بين أعضائه، قال اتحاد منتجي الطائرات بدون طيار في أوكرانيا، إن عدم السماح بالتصدير يعني أن 85% من منتجي الدفاع في البلاد فكروا في نقل الإنتاج إلى الخارج.
صفقات مباشرة
رغم أن البرلمان الأوكراني يناقش إلغاء حظر تصدير المنتجات العسكرية، فإن الحكومة لا تزال ترى أن السماح ببيع الأسلحة إلى الخارج أمر خطير من الناحية السياسية.
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأوكرانية لصحيفة “بوليتيكو”: تخيلوا كيف سيبدو الأمر؟ تصدر أوكرانيا أسلحتها أثناء الحرب بينما تطلب من شركائها المساعدة العسكرية. لن يفهم الأوكرانيون ولن يفهم الشركاء.
وقال مسؤول آخر مقرب من مكتب الرئيس الأوكراني، إن زيلينسكي يركز بشكل أكبر على البحث عن استثمارات في قطاع الدفاع “ليس لدينا موقف بشأن الصادرات. أعتقد أن الجيش الأوكراني لا يشترك في الرؤية التي لدينا للسماح ببيع الأسلحة، بينما يحتاج الجنود في الوطن إليها”.
في المقابل، يقول القائمين على الصناعة إن السماح بالمبيعات الخارجية من شأنه أن يساعد الجيش الأوكراني بالفعل، لأنه من شأنه أن يزيد الإنتاج ويخفض تكاليف الإنتاج.
ومع استمرار إغلاق طريق التصدير في الوقت الحالي، تضغط كييف على حلفائها للحصول على الأسلحة مباشرة من الشركات الأوكرانية بدلاً من استيراد المعدات. كما تخطط لطرح هذه القضية خلال اجتماع رامشتاين الذي يعقد هذا الشهر وينظم المساعدات العسكرية للحلفاء لأوكرانيا.
وقال زيلينسكي، الاثنين الماضي، إن كييف ستضغط على الشركاء للاستثمار في الإنتاج المحلي للأسلحة، وخاصة الطائرات بدون طيار وأنظمة الحرب الإلكترونية.