أثرى الأديب الراحل أنيس منصور لعشرات السنوات، الساحة الأدبية بالعديد من الكتابات المؤثرة، خاصةً الساخرة منها، بينما لاحقته العديد من الاتهامات المتعلقة بعداء المرأة.

وتحل اليوم، 21 أكتوبر، ذكرى رحيل الكاتب الكبير أنيس منصور، الذي غيّر مشهد الأدب المصري بأعماله المتميزة، تاركًا بصمة لا تُنسى في ذاكرة الثقافة العربية.

ورغم مرور أكثر من عقد على وفاته، فإن تأثيره يتجلى في كتاباته التي ما زالت تتردد أصداؤها في عقول القراء، وفي أعماله السينمائية والدرامية التي أضافت لمسة خاصة إلى الساحة الفنية.
دراما تأسر القلوب
بينما قدم أنيس منصور مجموعة من الأعمال الأدبية، فإن مسيرته الدرامية كانت أيضًا مثيرة للإعجاب، من خلال أعماله مثل: “مين اللي ميحبش فاطمة”، و”غاضبون وغاضبات”، حيث استطاع أن يعكس مشاعر الإنسان بشكل جذاب، كما أبدع في المسرح بأكثر من 13 مسرحية نالت استحسان الجمهور.

السخرية كوسيلة للتعبير
رغم الانتقادات التي وُجهت إليه بخصوص آرائه عن المرأة، نجد أن منصور استخدم السخرية كأداة للتعبير عن واقع الحياة اليومية، وكان يعتقد أن كلماته الساخرة تساعد الأزواج التعساء على تجاوز الروتين القاسي للحياة، ما يجعل تجربته فريدة من نوعها.

هل كان حقًا عدو المرأة؟
تساؤلات عدة تطرح حول علاقته بالمرأة، حيث وُصف أحياناً بأنه “عدو للمرأة”، لكن في مواجهة هذه الادعاءات، تجيب زوجته رجاء حجاج، مؤكدة أن حياتهما كانت مليئة بالحب والتفاهم، رغم سخرية منصور من العلاقات العاطفية، وبدلًا من أن يكون عدوًا، كان يعتبر المرأة عنصرًا أساسيًا في تجربته الإنسانية.

الأديب الراحل أنيس منصور وزوجته رجاء حجاج
صوت الحب الذي لا يُنسى
وفي أحد حواراته السابقة، تحدث منصور عن حبه للمرأة، موضحًا أنها نجحت في إخراجه من عزلته، كانت علاقته بها تجسد مفهوم الحب العميق، حيث يرى أن الحب الحقيقي يكمن في القدرة على تقبل العيوب والمشاكل.

إرث خالد: من القلم إلى الثقافة
لم يكن أنيس منصور مجرد كاتب، بل كان ظاهرة ثقافية، حيث عمل صحفيًا في صحف عدة مرموقة مثل “الأهرام” و”أخبار اليوم”، وتولّى رئاسة تحرير العديد من المجلات، وفي كتابه الشهير “حول العالم في 200 يوم”، تطرق إلى تجاربه العالمية بأسلوب يجمع بين الأدب والفلسفة، ما ساهم في توسيع آفاق قرائه.

فلسفة وجودية تتجاوز الحدود
تأثر منصور بالوجودية، ما انعكس على أسلوبه في الكتابة، حيث تناول في رواياته قضايا الوجود والحياة والموت، ما جعل نصوصه تحمل بعدًا فلسفيًا عميقًا.

من الدقهلية إلى العالمية
وُلد أنيس منصور في 18 أغسطس 1924 بمحافظة الدقهلية، بدأت رحلته التعليمية بحفظ القرآن الكريم في كتاب القرية، وهو ما أثرى شخصيته وأعطاه قدرة على الولوج إلى أعماق الفكر، بفضل إتقانه للعديد من اللغات، استطاع أن يستكشف ثقافات متعددة، ما أثر بشكل واضح في أسلوب كتاباته.

رحلة أدبية تتنهي في صمت بعد معاناة طويلة
في صباح يوم الجمعة 21 أكتوبر 2011، فقدت الساحة الثقافية أحد أبرز أعلامها، أنيس منصور، الذي رحل عن عمر يناهز 87 عامًا، جاء هذا الرحيل بعد تدهور حالته الصحية نتيجة إصابته بالتهاب رئوي، ما أدى إلى معاناته الشديدة مع المرض، ترك وراءه إرثًا أدبيًا غنيًا، لكن آلامه الأخيرة تُذكرنا بأن خلف كل كلمة عظيمة، هناك قصة إنسانية تستحق التأمل.