بحسب تقرير لبنك غولدمان ساكس، فإنه مع انتعاش الاستثمار في الذكاء الاصطناعي بعد هدوء الإثارة خلال الصيف، من المتوقع أن تستفيد مجموعة جديدة من الأسهم من الموجة التالية من التدفقات النقدية إلى القطاع الناشئ.
وفي الجولة المقبلة من الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، يقول محللو غولدمان ساكس إن المستثمرين يجب أن يتطلعوا إلى ما هو أبعد من الاختيارات الواضحة – إنفيديا وشركات البنية التحتية للذكاء الاصطناعي – ونحو مجموعة مختارة من المنصات المعدة لبناء تطبيق مباشر للذكاء الاصطناعي.
وقال المحللون في مذكرة صدرت يوم الخميس الماضي: يعتقد محللو الأسهم لدينا بأن أسهم “المنصات”، بما في ذلك قواعد البيانات وأدوات التطوير، من المقرر أن تكون المستفيد الرئيسي من الموجة التالية من استثمارات الذكاء الاصطناعي التوليدي.. تسمح هذه المنصات بأفضل استخدام للبنية الأساسية للذكاء الاصطناعي مع توفير اللبنات الأساسية لبناء تطبيقات الجيل التالي.
وأشار المحللون إلى أن شركات Microsoft وDataDog وMongoDB وElastic وSnowflake هي أسهم المنصات الأفضل وضعًا أثناء طرح التطبيقات المتكاملة مع الذكاء الاصطناعي.
وفي حين هبطت العديد من أسهم هذه المنصات هذا العام بسبب ضعف أساسي في الأمد القريب، فإن لديها تقييمات منخفضة تاريخيا ومراجعات استقرار تضعها في وضع جيد مع انتعاش استثمارات الذكاء الاصطناعي.
تأتي توصيات المحللين في الوقت الذي يظل فيه المستثمرون يركزون على إنفيديا والشركات التي تبني البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، مثل أشباه الموصلات ومقدمي الخدمات السحابية وصناديق الاستثمار العقاري لمراكز البيانات، وفق “بيزنس إنسايدر” في تقرير اطلع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” عليه.
يقول المحللون إن أسعار أسهم هذه الشركات من المرجح أن تستمر في الارتفاع، لكن العائدات سوف تعتمد على الأرباح أكثر من التقييمات.
بحسب المحللين فإن “العائدات المستقبلية المتوقعة قد تكون مقيدة بتقييمات البدء المرتفعة، على الرغم من أن التقييمات كانت تاريخيا إشارة ضعيفة في الأمد القريب للأسهم ذات القيمة السوقية الكبيرة”، مضيفين أنه مع انخفاض الإنفاق على الذكاء الاصطناعي بشكل مفاجئ عن ذي قبل، فقد يؤدي ذلك إلى عوائد أكثر اعتدالا لتلك الأسهم الخاصة بالبنية التحتية للذكاء الاصطناعي في “المرحلة الثانية”.
وتأتي تعليقات المحللين بعد تراجع التدفقات إلى أسهم الذكاء الاصطناعي خلال الصيف، حيث أعرب المتداولون عن مخاوفهم بشأن العائدات على الإنفاق الكبير على الذكاء الاصطناعي . وقد أدى ذلك إلى ضعف حاد في الأداء في يوليو، وفي أوائل أغسطس، انخفضت أسهم إنفيديا بنسبة 27 بالمئة عن أعلى مستوى لها على الإطلاق في يونيو.
والآن، عاد السهم إلى التداول بالقرب من أعلى مستوياته القياسية حيث تسارعت تجارة الذكاء الاصطناعي في الأسابيع الأخيرة وسط تخفيضات أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي وبيانات الاقتصاد الكلي القوية.
تفاؤل حذر
المستشار الأكاديمي في جامعة سان خوسيه الحكومية، الدكتور أحمد بانافع، أفاد بأن قطاع التكنولوجيا يشهد حاليًا تفاؤلاً واسعاً من جانب المستثمرين، مدفوعاً بالتقدم التكنولوجي السريع والطلب المتزايد على منتجاته.
يعزز هذا التفاؤل الرهانات العالية على أسهم الذكاء الاصطناعي في الأسواق المالية، حيث تلعب الحكومات أيضاً دوراً هامًا في دعم الاستثمار وتطوير هذا القطاع.
وأكد أن من أبرز أسباب هذا التفاؤل هو التقدم التكنولوجي السريع، حيث يشهد القطاع تطورات متسارعة تفتح آفاقًا جديدة للتطبيقات في مجالات متنوعة مثل الرعاية الصحية، والسيارات ذاتية القيادة، والأمن السيبراني.
بالإضافة إلى ذلك، يتزايد الطلب المتزايد على الذكاء الاصطناعي من قبل الشركات والمستهلكين على حد سواء، مما يعزز الثقة في هذا القطاع. وأضاف بانافع أن دعم الحكومات لعديد من استثمارات الذكاء الاصطناعي يوفر بيئة مواتية لنمو الشركات العاملة في هذا المجال.
ورغم هذا التفاؤل، أشار الدكتور بانافع إلى أنه من الصعب تحديد مدة استمرار هذا التفاؤل بدقة، لكنه قد يستمر لفترة طويلة طالما استمر الابتكار وزاد الطلب على الحلول الذكية. الشركات التي تستثمر في تطوير التكنولوجيا وتحسين منتجاتها ستكون قادرة على المحافظة على هذا الزخم.
ومع ذلك، لا تخلو أسهم الذكاء الاصطناعي من العقبات والتحديات. من بين هذه التحديات، تُعد التقلبات السوقية واحدة من أبرزها، حيث تتسم أسهم التكنولوجيا بتقلبات حادة تجعلها عرضة للصدمات الاقتصادية. كما أن المنافسة الشديدة في السوق، مع دخول لاعبين جدد، تعزز الضغط على الشركات الكبرى وتؤثر على ربحيتها.
أضاف أن اللوائح الحكومية المتزايدة المتعلقة بتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي قد تؤثر سلبًا على قدرة الشركات على الابتكار والنمو. كما تثير التحديات الأخلاقية المتعلقة بالخصوصية وأمن البيانات والمسؤولية الاجتماعية قضايا مهمة قد تحد من انتشار هذه التقنيات. علاوة على ذلك، تعتمد شركات الذكاء الاصطناعي بشكل كبير على توفر البيانات، مما قد يجعلها تواجه تحديات في جمع أو إدارة البيانات بفعالية.
وفي ختام حديثه، قدم الدكتور بانافع نصائح قيمة للمستثمرين. أكد على ضرورة التحليل الدقيق وإجراء دراسة شاملة للشركات العاملة في هذا المجال لفهم طبيعة أعمالها. كما شدد على أهمية تنويع المحافظ الاستثمارية لتقليل المخاطر، وضرورة الصبر في ظل التقلبات الكبيرة في الأسعار على المدى القصير. وأوصى بمتابعة آخر التطورات في هذا القطاع لضمان اتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة.
وعلى الرغم من التفاؤل الكبير والرهانات العالية على أسهم الذكاء الاصطناعي، إلا أن هناك تحديات يجب مراعاتها. إذ يحمل الاستثمار في هذا المجال فرصًا كبيرة، لكنه يتطلب الحذر والتحليل الدقيق لتحقيق النجاح.
مخاطر وتحديات
خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، تتحدث في السياق عن العقبات التي تواجه الشركات في هذا السياق، والتي قد تظل من بين القضايا الجدلية التي تؤثر على مسار تلك الشركات المستقبلي ووضعها في السوق، وهي مرتبطة بالأساس بسمات الذكاء الاصطناعي، موضحة أن:
صناعة الذكاء الاصطناعي من أبرز القطاعات التي شهدت تطورات ملحوظة، خصوصًا في أسواق المال، حيث أظهرت العديد من الشركات الرائدة في هذا المجال سرعة انتشارها في الآونة الأخيرة.
“مع الفوائد العديدة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي، تبرز تحديات ومخاوف تتطلب الانتباه.”
“من أبرز المخاوف هو فقدان الوظائف نتيجة لتقدم هذه التكنولوجيا، إلى جانب التفاوت الاقتصادي بين الدول التي تستفيد من الذكاء الاصطناعي بكفاءة وتلك الأقل تطوراً.
كما أشارت إلى أهمية تهيئة القوى العاملة لاستخدام هذه التقنيات، مشددة على أن ذلك يختلف بين الدول حسب مستوى التعليم والوضع الاقتصادي، حيث تستفيد الدول الأكثر تطوراً بشكل أكبر مقارنة بالدول النامية.
وذكرت أن “الأمان السيبراني يمثل نقطة مهمة؛ فالهجمات السيبرانية تشكل تهديداً حقيقياً لأنظمة الذكاء الاصطناعي”. كذلك، تطرقت رمسيس إلى قضايا حقوق الملكية الفكرية والشفافية، حيث أكدت على ضرورة وجود وضوح في التعامل مع الذكاء الاصطناعي. وأشارت إلى أن “أي تعطل في البرامج أو وقوع هجوم إلكتروني قد يعرض البيانات والأنظمة لمخاطر كبيرة.”
ورغم هذه المخاوف، أكدت رمسيس أنه “لا يمكن إنكار الدور الكبير الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي في التطوير، ولكن ينبغي التعامل معه بحذر.” وأوضحت أن “الكثير من شركات وادي السيليكون تعرضت لأزمات أدت إلى تراجع أسهم التكنولوجيا في وول ستريت في بعض الفترات، مما كبد المستثمرين خسائر مالية.”
وفي ختام حديثها، نصحت رمسيس المستثمرين بضرورة تنويع محافظهم الاستثمارية وعدم الاعتماد على استثمار واحد فقط، قائلة: “من الضروري التوازن بين المخاطر والأرباح. وشددت على أن “الخيار الأمثل هو تنويع الاستثمارات بين أسهم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى الأسهم الدفاعية والاستراتيجية.”