الوصاية شرعا: هي استخلاف شخص يقوم على القاصر بالتعهّد والرعاية، فهي تُطلق على مَنْ يقوم على شؤون الصغير.
أو هو: مَنْ يختاره الأب أو الجدّ ليكون خليفة له في الولاية على أولاده القُصّر بعد وفاته فتكون له الولاية في أموالهم
لا خلاف بين الفقهاء أن الوصاية تكون على الصغار، ومَنْ في حكمهـم مـن مجـانين ومعتوهين؛ وذلك لأنهم بحاجة إلى مَنْ يرعى شؤونهم ويدير أمـوالهم إنْ وُجـدَت مـن حفـظ واستثمار, ويحتاجون أيضاً إلى رعاية خاصة من تأديب وتعليم وتزويج.
الوصاية (الولاية) على المال بعد وفاة الأب
إذا كان للقاصر مال، كان للأب الولاية على ماله حفظا واستثمارا باتفاق المذاهب الأربعة، ثم اختلفوا فيمن تثبت له الولاية على مال القاصر بعد موت أبيه
- قال الحنفية: تثبت هذه الولاية للأب ثم لوصيه، ثم للجد أبي الأب ثم لوصيه، ثم للقاضي فوصيه.
- وقال المالكية والحنابلة: تثبت هذه الولاية للأب ثم لوصيه، ثم للقاضي أو من يقيمه، ثم لجماعة المسلمين إن لم يوجد قاض.
- وقال الشافعية: تثبت هذه الولاية للأب، ثم للجد، ثم لوصي الباقي منهما، ثم للقاضي أو من يقيمه. وبه يتبين أنهم خالفوا المذاهب الأخرى في تقديم الجد على وصي الأب؛ لأن الجد كالأب عند عدمه، لوفور شفقته مثل الأب، ولذا تثبت له ولاية التزويج.
ولا تثبت ولاية المال لغير هؤلاء كالأخ والعم والأم إلا بوصاية من قبل الأب أو القاضي.
وتستمر هذه الولاية حتى يبلغ القاصر سن الرشد. فإذا بلغ رشيدا، ثم طرأ عليه الجنون أو العته مثلا، فهل تعود الولاية عليه؟
قال المالكية والحنابلة: لا تعود الولاية لمن كانت له، وإنما تكون للقاضي؛ لأن الولاية سقطت بالبلوغ عاقلا، والساقط لا يعود
ماذا قال القانون المصري في الولاية على مال اليتيم:
أخذ القانون المصري (م 1) رقم (119) لسنة (1952) والقانون السوري برأي الحنفية في ترتيب درجات الأولياء على المال، فنصت المادة (1/ 172) من القانون السوري على أنه:
للأب والجد العصبي عند عدمه دون غيرهما ولاية على مال القاصر حفظا وتصرفا واستثمارا.
ونصت المادة (176) من هذا القانون على تنصيب الأوصياء:
- يجوز للأب وللجد عند فقدان الأب أن يقيم وصيا مختارا لولده القاصر أو الحمل، وله أن يرجع عن إيصائه.
- وتعرض الوصاية بعد الوفاة على المحكمة لتثبيتها.
- إن الوصاية في أموال القاصرين بعد وفاة الأب هي للوصي الذي اختاره الأب، وإن لم يكن قريبا لهم، على أن تعرض الوصاية على القاضي لتثبيتها فيما إذا كانت مستوفية لشروطها الشرعية. وهذا يوافق المادة (28) من القانون المصري.
- وإذا لم يكن للقاصر أو الحمل وصي مختار، تعين المحكمة وصيا.
- يتم تعيين الوصية لأي من الأقارب المباشرين للطفل، مثل الجدة أو العم أو الخال، وفي حالة عدم وجود أقارب مباشرين، يمكن تعيين وصي من خارج الأسرة.
- يجب على الوصي العناية بمصلحة الطفل وتوفير كافة احتياجاته الضرورية، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليمية.
- يمكن لأي من الأهل أو الأقارب أو غيرهم أن يتقدموا بطلب للمحكمة لتغيير الوصية في حالة وجود مصلحة أفضل للطفل.
وصاية الأم على أبنائها بعد وفاة زوجها
الأصل في هذا أن يتولى أموال اليتامى: الوصي الذي أوصى له الأب، سواء كان الوصي من الأقارب كالأم أو العم أو الجد أو غيرهم.
- فإن لم يوص الأب لإنسان معين بالولاية على مال أبنائه، فيكون الجد (أبو الأب) هو القائم والمسئول عن أموالهم.
- فإن لم يكن الجد موجودا، فتكون الولاية للأم، أو للأقرب من العصبات كالأخ والعم ونحوهم.
- فإذا تصدى لها أكثر من واحد من العصبات، وهم في درجة واحدة، اختار الحاكم أصلحهم لهذه الولاية، من حيث الأمانة والقوة على حفظ المال وصيانته.
وعليه فالجد أو الأب يكون وليا لأولاد ابنه، والأخ الشقيق وليا لأخيه الصغير، والأم إذا عدم العصبة تكون ولية لابنها، نعم إذا قدر أن أقاربه ليس فيهم الشفقة والحب والعطف، فحينئذ نلجأ إلى الحاكم ليولي من هو أولى
ولا تأثير لزواج الأم في ولايتها على أبنائها، ففرق بين الحضانة والولاية على المال، فالحضانة تسقط بالزواج، وأما الولاية على المال فلا تسقط بالزواج.
وإذا كانت الأم، أو القائم على مالهم عاجزا عن إدارة أمولهم بما يعود عليهم بالخير والنفع، فإن الولاية تنتقل لمن بعده، ممن هو أهل لهذه المسئولية
شروط الولي على المال
يشترط لثبوت الولاية على المال ما يشترط لثبوت الولاية على النفس وهو ما يأتي :
- أن يكون الولي كامل الأهلية، وذلك بالبلوغ والعقل والحرية؛ لأن فاقد الأهلية أو ناقصها ليس أهلا للولاية على مال نفسه، فلا يكون أهلا للولاية على مال غيره.
- ألا يكون سفيها مبذرا محجورا عليه: لأنه لا يلي أمور نفسه، فلا يلي أمور غيره.
- أن يكون متحد الدين مع القاصر، فلو كان الأب غير مسلم فلا يلي أمور ابنه المسلم.
حكم التصرف بمال اليتيم
تصرف الولي في مال القاصر مقيد بالمصلحة للمولى عليه، فلا يجوز له مباشرة التصرفات الضارة ضررا محضا كهبة شيء من مال المولى عليه أو التصدق به أو البيع والشراء بغبن فاحش، ويكون تصرفه باطلا. وله مباشرة التصرفات النافعة نفعا محضا كقبول الهبة والصدقة والوصية، وكذا التصرفات المترددة بين الضرر والنفع كالبيع والشراء والإجارة والاستئجار والشركة والقسمة. ودليل هذا المبدأ قوله تعالى: {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده} [الإسراء:34/ 17].
تصرفات الأب: الأب المبذر ليس له ولاية على مال القاصر، وعليه تسليم المال إلى وصي يختاره. فإن كان غير مبذر، فله الولاية على مال القاصر، وله في رأي الحنفية والمالكية بيع مال القاصر والشراء له، سواء أكان المال منقولا أم عقارا، ما دام العقد بمثل الثمن أو بغبن يسير: وهو ما يتغابن فيه الناس عادة. ولا ينفذ على القاصر البيع أوالشراء بغبن فاحش: وهو ما لا يتغابن فيه الناس عادة. لكن المفتى به لدى الحنفية أن الشراء ينفذ على الولي، لإمكان نفاذه عليه، بعكس البيع فلا ينفذ؛ لأن فيه ضررا ظاهرا على المولى عليه.
وله أن يبيع مال نفسه لولده الصغير ونحوه، وأن يشتري مال ولده لنفسه بمثل الثمن أو بغبن يسير، ويتولى الأب طرفي العقد، وتكون عبارته قائمة مقام الإيجاب والقبول، استثناء من مبدأ تعدد العاقد في العقود المالية، نظرا لوفور شفقة الأب على ولده وليس للأب أن يتبرع بشيء من مال الصغير ونحوه؛ لأن التبرع تصرف ضار ضررا محضا، فلا يملكه الولي ولو كان أبا وليس له أيضا أن يقرض مال الصغير للغير، ولا أن يقترض لنفسه؛ لما في إقراضه من تعطيل استثمار المال.
أنواع الوصي
- الوصي المختار: هو الذي يعينه الأب أو الجد للإشراف على أموال أولاده أو أحفاده.
- وصي القاضي: هو الذي يعينه القاضي للإشراف على التركة والأولاد.
شروط الوصي أربعة
- البلوغ: وهو شرط في سائر التصرفات، فلا تثبت الولاية للصبي؛ لأنه قاصر النظر لا يهتدي إلى وجوه المصلحة أو المنفعة.
- العقل: وهو شرط أيضا في سائر التصرفات، فلا تثبت الولاية للمجنون ونحوه؛ لأنه لا يهتدي إلى حسن التصرف في حق نفسه، فلا يلي شؤون غيره.
أما اشتراط الفقهاء الحرية فلم يعد له معنى اليوم لإلغاء الرق
- الإسلام في حق المولى عليه المسلم: فلا ولاية لكافر على مسلم؛ لأن الإيصاء كالولاية، ولاولاية لغير المسلم على المسلم.
- العدالة: فلا ولاية لفاسق؛ لأن الإشراف على مصالح الغير يتطلب استقامة ونزاهة وورعا. والعدالة: اجتناب المعاصي الكبائر كالزنا والقذف وشرب الخمر والسرقة، وعدم الإصرار على الصغائر كإدمان التلصص على النساء. فإذا فقد شرط من هذه الشروط، صح الإيصاء عند الحنفية على المعتمد، ويعزله القاضي ويعين غيره.