«لقد تم إيقاف حسابك البنكي مؤقتاً، نرجو الاتصال بنا».. لا شك أن معظمنا وصلت له هذه الرسالة فى محاولة للنصب وسحب الحساب البنكي والاحتيال، أو تلقى مكالمة مجهولة وبعد الرد على الهاتف تكون مفاجأة مزعجة أنها مكالمة من إحدى شركات الإعلانات أو التسويق، ليُطرح سؤال: كيف يأتى هؤلاء بأرقام وبيانات المواطنين، ليؤكد الخبراء أنه يوجد أكثر من طريقة لجمع وبيع البيانات، لكن فى المقابل يوجد عدة طرق لحمايتها وعدم الوقوع فريسة فى شباك النصب أو الإزعاج.

تهدف هذه النوعية من المكالمات ورسائل الهاتف المحمول إلى الاحتيال على عقول المواطنين واللعب على محاولة استقطابهم عن طريق الوعود بجوائز مالية كبيرة، ما يدفعهم إلى التفريط فى معلومات الحسابات المصرفية، وقد انتشرت خلال الآونة الأخيرة الكثير من محاولات الاحتيال عبر سحب بيانات عملاء البنوك التي بالفعل وقع بعض المواطنين ضحية لها.

«م.م» أحد المواطنين الذين تلقوا مكالمة هاتفية تخبره أنه موظف بالبنك ويتواصل معه لأنه عميل مميز وبإمكانه الفوز وزيادة حسابه البنكي بمبلغ 30 ألف جنيه إذا اتبع بعض الخطوات بماكينة البنك وأدخل بعض الأكواد التي ستُملى عليه.

وبالفعل توجه إلى أقرب ماكينة صراف آلى وأدخل بعض الأكواد والأرقام، لكن بدلاً من الحصول على الجائزة وزيادة الرصيد تم سحب مبلغ مالى ضخم من حسابه، لكن الغريب على حد قوله إن ما أقنعه أن المكالمة حقيقية أن المتصل كان يعرف الكثير من البيانات عنه كالاسم والوظيفة، ما جعله يثق بالمتصل ويتبع الخطوات التى أملاها عليه.

أما سارة محمد فتشكو من المكالمات الهاتفية التابعة إما لشركات التسويق العقارى أو الدعاية لبعض المنتجات التى تمثل لها إزعاجا، لأنها غالباً تأتى فى أوقات غير مناسبة لها، فأحياناً تأتى فى وقت العمل أو النوم، وهو ذاته ما يحدث مع مروة فتحى التى ترى أن مكالمات التسويق مزعجة جداً ويجب التصدى لها أو تقنينها بما لا يضر بالمواطنين، وأضافت: «إنهم يذكرون اسمى كأنهم يعرفوننى شخصياً، ما يسبب لى تخوفًا، إذ كيف لهم أن يعرفوا رقمى واسمى؟».

◄ بيزنس جمع البيانات

وفى هذا الصدد يوضح وليد حجاج خبير أمن المعلومات أن بيانات المواطنين يتم الحصول عليها بأكثر من طريقة، ولكن من الطرق المستخدمة بشكل كبير هى البيانات المسربة أو البرامج التى تقوم بجمع البيانات من مواقع التواصل الاجتماعى، حيث يوجد أدوات معينة على الإنترنت لجمع البيانات الموجودة على الحسابات سواء كان فيسبوك أو إنستجرام وغيرهما، ومن البيانات التى يتم جمعها الاسم وتاريخ الميلاد والبيانات العامة المسجلة عموماً على هذه المواقع التى يسمح الشخص برؤية الآخرين لها، مع بعض البيانات الخاصة كالإيميل وأرقام التليفونات المرتبطة بالحساب.

أما الطريقة الثانية فهى أن يتم بيع بيانات المواطنين من قبل أشخاص جعلوا من جمع البيانات مهنة لهم، حيث يقومون بجمعها بأكثر من طريقة، من ثم بيعها لشركات التسويق وغيرها من الجهات بحوالى 300 جنيه وفى بعض الأحيان تصل فى العروض إلى 200 جنيه، وهذه الأرقام يمكن أن تكون لعملاء بنك معين أو مكان بعينه أو ملاك عقارات أو سيارات.

◄ بيانات للبيع

يتابع: كما يتم تقسيم البيانات حسب المناطق فى ملفات «إكسل» مقسمة إلى قوائم حسب المهنة والسكن والمستوى الاجتماعى، ويوضح أن هؤلاء يجمعون البيانات من خلال أدوات الإنترنت أو من الأماكن التى يترك المواطنون بياناتهم فيها ومنها المطاعم أو محلات السوبر ماركت.. إلخ، فقد يقوم أحد الأشخاص بهذه الأماكن ببيع البيانات أو إذا تعرض جهاز للتلف وعند تصليحه فيمكن أن تسرق هذه البيانات منه ويتم تسريبها.

ويوضح أن هؤلاء الأشخاص أصبحوا يعلنون عن بيع البيانات بكل أريحية على مواقع التواصل الاجتماعى، مثلاً عند كتابة جملة بيانات للبيع فى أداة البحث على فيسبوك سنحصل على نتيجة للعديد من الصفحات التى تبيع بيانات المواطنين، بجانب تواجد البيانات على الإنترنت المظلم.

ويضيف: ثقافة حماية البيانات لدى المواطنين شبه منعدمة، حيث يتم التعامل باستسهال مع أي أوراق رسمية أو أوراق قد تحوى بيانات شخصية، فالمواطنون ليس لديهم الوعى للحفاظ على البيانات الهامة التى قد تشكل كوارث للشخص عند تسريبها، مؤكدًا أنه لا بد من إدراك المخاطر التى قد تحدث من التفريط فى البيانات ومنها انتحال صفة ما والنصب عليهم وسرقة أموالهم ومدخراتهم وهو أمر يحدث يوميا لأشخاص ينتحلون صفة موظفى البنوك وشركات الاتصال ويقومون بسرقة الأشخاص.

◄ شركات التسويق

من جانبه، يوضح ياسر عبدالمنعم، خبير أمن المعلومات، أنه عند التسجيل فى بعض الأماكن أو المواقع يتم تخزين الأرقام فى قاعدة بيانات، وهذه البيانات يمكن أن يكون ليس لديها الحماية الكاملة فيحدث عليها هجوم، ومن ثم سرقة لهذه البيانات وبيعها لشركات التسويق التى تتناسب مع الطابع الوظيفى والمستوى الاجتماعى لكل شخص، وهو ما يفسر تلقى مكالمات الإعلانات والتسويق ومعرفتهم باسم ووظيفة الشخص واستهداف المواطنين حسب مستواهم الاجتماعى لترويج وبيع الأشياء التى تتناسب معهم.

مشددًا على ضرورة توقيع الأحكام والغرامات على مشغلى البيانات حسب القانون الذى يقضى بالفعل بمحاكمة هؤلاء بالحبس لمدة لا تقل عن 5 سنوات والغرامة.