برزت المرأة الفلسطينية بصورة فاعلة في خضم الحرب العدوانية الدائرة في قطاع غزة منذ ثمانية أشهر، في امتداد لحضورها اللافت في كل المحطات والملمات التي مر بها الشعب الفلسطيني.

وتظهر السيدة الغزِّية بصبرها وجلدها المعهود في الحروب، إذ تضطلع بمهام جسام أكان على مستوى العناية بالأولاد في مراكز النزوح، أو تحضير الطعام على قلته، أو تنظيف الأواني وغسل الملابس، في ظل ندرة المياه وأدوات التنظيف. وأصبحت المرأة في قطاع غزة تتولى دورا أكبر، بعد أن أسندت لها مهام إضافية منذ الأيام الأولى للحرب، يبرز في مقدمتها البحث عن مكان آمن، والطعام والماء، وباتت تلعب من وراء كواليس الحرب، أدواراً إضافية، بما يعين العائلات الفلسطينية على تجاوز هذه المرحلة الصعبة والمحفوفة بالمخاطر.

فبالنسبة للمواطنة سمر حمودة أصبحت مهمة غسيل الملابس في ظل الحرب مهمة شاقة، بعد أن شحت المياه، وقطعت جميع مصادر التيار الكهربائي، فباتت مجبرة على غسلها بالأيدي، وهي طريقة تقليدية بدائية، وفق تعبيرها.

تقول حمودة: «أصبحت عملية غسل الملابس تستغرق وقتاً طويلاً، سواء بسبب صعوبة توفير الماء من البحر، أو ندرة مواد التنظيف، فضلاً عن الاعتماد على الأيدي. كل شيء تغير بعد الحرب، وحياتنا أصبحت كلها مشقة».

وتعاني النازحة أحلام أبو سلطان الأمرّين قبل إنجاز مهمة الغسيل وتنظيف الأواني، بالنظر لعائلتها الكبيرة، وتصف تجربتها في هذا الإطار بالمريرة، وتوضح: «لا بديل أمامنا عن استخدام مياه البحر، وإن كانت عديمة الجدوى في هذا المجال، فمن جهة قطع الصابون التي نستعملها لا تتفاعل بسرعة مع هذه المياه، ومن أخرى فإن مياه البحر تسرّع اتلاف الملابس، لأنها تحتوى على نسبة أملاح عالية جداً».

وتابعت: «انتقلت وعائلتي المكونة من 10 أفراد، إلى الشريط الساحلي للاستفادة بشكل مباشر من مياه البحر، لكن المعاناة لا تتوقف فقط عند توفير المياه، فمع كل (ورشة تنظيف وغسيل) أقوم بتعبئة كمية كافية من المياه في جالونات، ونقلها إلى الشاطئ، وهذا يستغرق ساعات طويلة».

في ميدان معاناة آخر، لم تتخيل دارين أبو القمصان في حياتها أن تخوض تجربة الولادة الأولى بالنسبة لها داخل خيمة، بعد أن خرجت غالبية مستشفيات قطاع غزة عن الخدمة.

تقول أبو القمصان: «جاءني المخاض في خيمة النزوح، ووضعت جنيني عن طريق (الداية) التي عادت للظهور في أجواء الحرب، لغياب وصعوبة البديل، وكانت معاناتي أكبر، مع انعدام المواد اللازمة كالملابس والفوط الصحية وغيرها».

وتعيش المرأة الفلسطينية واقعاً صعباً في قطاع غزة، منذ اليوم الأول للحرب، وخصوصاً من فقدن أزواجهن، فتتولى تهدئة الصغار أثناء القصف، وتمضي ساعات طويلة في طوابير الحصول على الطعام، ويقع على عاتقها تجهيز أماكن مناسبة للنوم في مراكز النزوح (تبيت النساء في الخيام والرجال في الشوارع) علاوة على إعداد الطعام بما تيسر.

ولا مكان للرفاهية في حياة الفلسطينيات في زمن الحرب، لكن رغم معاناتها، تبقى المرأة الفلسطينية منبع العطاء ومضرب الأمثال في التفاني والتضحية لأجل راحة الآخرين، ورغم علمها بالواقع المرير الذي تفرضه عليها الحروب، إلا أن هذا يضعها أمام تحد جديد لأجل البقاء، وتوفير حياة (آمنة) لعائلتها، وإن كانت في بيئة تفتقر للحد الأدنى من مقومات الحياة…..

مي محمد ✍️✍️✍️

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *