في عالم مليء بالمغامرات الجسدية والتحديات الكبرى، سطع نجم “لوه دينج بين”، المعروفة بلقب “المرأة العنكبوت”، وهي امرأة صينية تبلغ من العمر 43 عامًا أبهرت الجميع بقدرتها الفائقة على تسلق الجبال الشاهقة دون أي معدات سلامة.
في أحد إنجازاتها المثيرة، تمكنت “لوه” من تسلق جرف صخري يبلغ ارتفاعه 108 أمتار، ما يعادل ارتفاع مبنى مكون من 30 طابقًا، وهذا الإنجاز الاستثنائي ليس مجرد تحدٍّ بدني، بل يعكس شغفها العميق الذي بدأ في سن مبكرة، حيث أصبحت مصدر إلهام للعديد من السياح الذين يأتون لمشاهدة مهاراتها الفريدة، بحسب ما ورد في صحيفة “South China Morning Post”.

شغف بالتسلق منذ الطفولة
شغف “لوه” بالتسلق بدأ عندما كانت في سن الخامسة عشرة، تحت إشراف والدها الذي كان يعلّمها أساسيات تسلق الجبال الصخرية، في البداية، لم يكن الدافع مجرد حب المغامرة، بل كان بهدف كسب العيش والتنافس مع الأولاد في قريتها الجبلية.
كانت السيدة تستخدم مهاراتها في تسلق المنحدرات لجمع الأعشاب الطبية التي تنمو في المناطق الصعبة للوصول، بالإضافة إلى جمع فضلات الطيور من أعشاش “السنونو”، والتي كانت تُستخدم كسماد قيّم للمزارعين المحليين.

تسلق المنحدرات من أجل دفن الموتى
ترتبط مهارات لوه المتميزة بتقاليد قديمة لدى شعب “مياو”، وهي قبيلة تعيش في مناطق جبلية نائية في الصين، ويعود أصل هذه المهارات إلى ممارسة قديمة كانت تعتمد على دفن الموتى على المنحدرات الجبلية، حيث كانوا يعتقدون أن دفن الجثث في أماكن مرتفعة يمكّن الروح من النظر نحو موطنها الأصلي في وسط الصين.

على مدى الأجيال، تطورت هذه الممارسة إلى مهارة حياتية ضرورية، وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من هوية الشعب.

تُعلق “لوه” على هذا التقليد قائلة، “ما بدأ كتقليد ثقافي لدفن الموتى، تحول مع الوقت إلى مهارة نمارسها جميعًا، لقد كانت هذه الطريقة الوحيدة للبقاء في تلك التضاريس الوعرة”.

كسر الحواجز بين الجنسين
على الرغم من أن مهارات التسلق في مجتمع “مياو” كانت مرتبطة بالرجال بشكل رئيسي، إلا أن “لوه” كان لديها إصرار على كسر هذه القاعدة.

لم يكن من السهل على المرأة أن تتحدى تلك التقاليد، لكنها كانت مؤمنة بالمساواة بين الرجال والنساء، وتابعت، “قالوا إن التسلق مخصص للرجال فقط، لكنني كنت على يقين بأن الرجال والنساء متساوون، تعلمت التسلق رغم كل العقبات، وهكذا بدأت رحلتي كامرأة عنكبوتية”.

تحول المهارة إلى وسيلة جذب سياحي
مع مرور الوقت، لم تعد “لوه” تمارس التسلق من أجل كسب العيش فقط، بل حولت مهاراتها إلى وسيلة لجذب السياح الذين يتوافدون لرؤية تسلقها الشجاع للجروف الصخرية.

تُظهر “لوه” للسياح تقنياتها التقليدية، موفرة تجربة فريدة تجمع بين التاريخ والثقافة والمغامرة، واختتمت قائلة، “أحب أن أشارك قصتي ومهاراتي مع العالم، إنها ليست مجرد وسيلة لكسب العيش، بل جزءًا من هوايتي”.