عقد العمل

يعد عقد العمل قديم النشأة والتكوين لكنه كان وما يزال محل اهتمام العديد من المفكرين والباحثين وكذلك التشريعات القانونية، فقد أصبح من الضروري بعد ما شهده العالم من تطور في الحياة الاقتصادية وتقدم ملحوظ، أن يتم تنظيم علاقات العمل المختلفة، وكما هو ملاحظ فإن عقد العمل من بين أكثر العقود تداولًا بين الناس، حيث لا يمتلك العامل إلا يديه العاملة لتأمين احتياجاته الأساسية من مأكل وملبس ومأوى، والعمل هو كل جهد يبذله الإنسان “العامل” سواء كان جسميًا أو فكريًا مقابل أجر مادي محدد, وقد يكون بشكل دائم أو عرضي، وغالبًا ما يتم الاتفاق عليه بين طرفي العقد.[١] وعقود العمل تنشئ علاقة قانونية يلتزم بمقتضاها شخصًا ما بالعمل لحساب شخص آخر وتحت إشرافه وتوجيهه مقابل أجر محدد ولمدة محددة أو غير محددة، ولهذا إنّ أهم ما يميز عقد العمل عن غيره من العقود وجود علاقة تبعية “بينصاحب العمل والعامل” وكذلك وجود الأجر الذي يدفعه صاحب العمل للعامل

أنواع عقود العمل

لا بُدّ هنا بيان أولًا ما المقصود بالعامل فهو الشخص الطبيعي “ذكرًا كان أم أنثى” أو المعنوي، والذي يعمل لدى صاحب العمل تحت إدارته وإشرافه مقابل أجر محدد، وهو ما نصت عليه المادة 2 من قانون العمل الأردني لعام 1996، أما صاحب العمل فهو كل شخص طبيعي أو معنوي يستخدم بأي صفة كانت شخصًا ما أو أكثر مقابل أجر، في حين أن العمل هو عبارة عن إتفاق “شفهي أو كتابي” صريح أو ضمني يتعهد العامل بموجبه بأداء خدمة لصاحب العمل تحت إشرافة المباشر ومقابل أجر محدد، في حين أن الأجر فهو كل ما يستحقه العامل مقابل الخدمة التي يقدمها لصاحب العمل ويكون نقديًا أو عينيًا, وبالتالي فإن عقد العمل يقوم على عدة عناصر هي العمل الذي يقدمه العامل لحساب صاحب العمل، والأجر الذي يتقاضاه العامل من صاحب العمل “عنصر التبعية”، حيث يخضع العامل في أداءه لعمله لسلطة صاحب العمل،[٣] ويجري الحديث في قانون العمل على أنواع محددة من عقود العمل التي يمكن أن يتم إبرامها بين الأشخاص الطبيعين أو الاعتبارين وهذه العقود هي:

عقد العمل المحدد المدة

وهو العقد الذي يتم إبرامه من أجل إنجاز عمل معين ولمدة محددة، وعليه يجب أن يكون العقد في هذه الحالة له تاريخ بداية وتاريخ انتهاء، وهنا سوف ينتهي بانتهاء المدة المنصوص عليها، ويستطيع العامل هنا إخطار صاحب العمل برغبته في إنهاء العقد قبل مدة زمنية كافية, والتي في أغلب الأحيان يتم تحديدها بنص القانون, كما ويستطيع الطرفان تجديد العقد بعد انقضاء المدة باتفاق صريح بينهما, ولكن قد تنتهي مدة عقد العمل المحدد المدة، ويستمر الطرفان في تنفيذه دون أن يقوما بتجديده, ففي هذه الحالة يعدّ عقد العمل قد تم تجديده ضمنيًا, ويلاحظ أن هنالك حد أقصى للعقد المحدد المدة وهي “5 سنوات”.

عقد العمل غير المحدد المدة

يتم إبرام هذا النوع من عقود العمل دون تحديد مدة زمنية لانتهائه، وعليه سوف لن يتمكن صاحب العمل إنهائه دون أن يكون هنالك سبب مشروعٌ لذلك، ولهذا يتجنب أصحاب العمل اللجوء إلى هذا النوع من العقود لأنهم سوف يخضعون لأحكام القانون فيما يتعلق بالتعويضات المادية، خاصة في حالة رغبة صاحب العمل بإنهاء عقد العمل بعد مدة زمنية معينة، ويحق لكلا الطرفين إنهائه بشرط أن يخطر الطرف الآخر كتابة قبل موعد الإنتهاء، وعليه فإن هذا النوع من عقود العمل ينتهي باتفاق الطرفين، كما ويحق للعامل طلب إنهاء العقد بإرادته المنفردة لظروف صحية أو إجتماعية أو إقتصادية، إذا كان المبرر مشروعًا وبشرط أن يكون هنالك إخطار لصاحب العمل بذلك كتابة, كما ويحق لصاحب العمل أيضًا في حالة إذا ما ارتكب العامل خطأ جسيمًا أو كان غير كفؤ أن ينهي العقد، وهنا يشترط القانون أن يقوم صاحب العمل بإخطار العامل قبل إنهائه لعقد العمل, وفي هذه الحالة جاز للعامل التغيب يومًا واحدًا عن العمل في الأسبوع للبحث عن عمل جديد مع استحقاقه للأجر عن هذا اليوم.

عقد العمل لإنجاز عمل معين

عقد العمل لإنجاز عمل معين هو العقد الذي يتم إبرامه بين طرفين من أجل القيام بعمل محدد يجري النص عليه في العقد ذاته، وينتهي عقد العمل بمجرد إتمام العمل المتفق عليه, ولا يجوز للعامل إنهاء هذا العقد قبل إتمام العمل الذي جرى الاتفاق عليه مسبقًا، كما ويجوز الإتفاق على تجديده من خلال اتفاق واضح وصريح بين طرفي العقد من أجل إنجاز أعمال أخرى شبيهة بالعمل الأول.

الفرق بين عقد العمل المحدد المدة وغير المحدد المدة

تجدر الأشارة إلى أن الفرق بين العقد المحدد المدة وغير المحدد المدة يعود في الأساس إلى أن العقود المحددة المدة غير قابلة للإنهاء من قبل أحد الطرفين في أي وقت سواء من قبل صاحب العمل أو العامل, والسبب في ذلك يعود الى رغبة المشرع القانوني في الحفاظ على حقوق ومصالح أطراف العقد, لا سيما أن هذه العقود غالبًا ما تتضمن أعمال وأجور مالية قد يتم إلحاق أضرار كبيرة بها إذا ما تم إنهاء العقد من قبل أي من الطرفين تعسفيًا، وفي حالة إنتهاء العقد, أو الاستقالة, أو الإقالة يحق للشخص المتضرر الحصول على تعويض يعادل المدة المتبقية من العقد مع راتب ثلاثة أشهر, أما في العقود غير المحددة المدة يحق للطرفين إنهاء العقد في أي وقت, عن طريق إخطار الطرف الآخر ضمن المدة المنصوص عليها في العقد, مع تقديم الأسباب المشروعة التي كانت وراء هذا الإنهاء

مدة الإشعار لإنهاء العقد بسبب مشروع

يعدّ عقد العمل من العقود المؤقتة والتي غالبًا ما تنتهي بانتهاء المدة المنصوص عليها في العقد, ولذلك كان لازمًا على المشرع القانوني أن ينظم عملية انتهاء عقد العمل وهو ما نصت عليه المادة -99- قانون العمل الأردني لسنة 1996, حيث أجازت لكلًا من طرفي العقد إنهائه بعد إخطار الطرف الآخر، ولكن قبل إنتهاء مدة العقد بثلاثين يومًا على الأقل، ويظل عقد العمل قائمًا خلال هذه المدة أي ساري المفعول، كما ونصت على ضرورة أن يلتزم الطرفين بتنفيذ جميع الالتزامات الناشئة عن هذا العقد والمترتبة عليه، وإذا كان إنهاء العقد قد حصل من جانب صاحب العمل جاز الاتفاق على أن تزيد مهلة الإخطار على ثلاثين يومًا.

مقدار التعويض في حال إنهاء العقد بسبب غير مشروع

نصت المادة 99 الفقرة -ب- من قانون العمل الأردني لعام 1996 أنه في حالة إنهاء العقد دون مراعاة مهلة الإخطار وهي الثلاثين يومًا، يتم إلزام الطرف الذي أنهى العقد بأن يؤدي للطرف الآخر تعويضًا عن هذه المهلة يعادل أجر العامل عن كامل المهلة، أو ما تبقّى منها، وعليه إذا كانالإنهاء من قبل صاحب العمل تحسب مهلة الإخطار أو ما تبقى منها ضمن مدة خدمة العامل، ويستحق عليها الأجر المتفق عليه، وإذا كان الإنهاء من جانب العامل فإنّ العقد يعدّ منتهي من وقت تركه العمل, كما ونصت الفقرة -ج- من نفس المادة إذا كان الإخطار بإنهاء العقد من جانب صاحب العمل، يحق للعامل أن يتغيب عن العمل يومًا كاملًا في الأسبوع أو ثماني ساعات أثناء الأسبوع, وذلك للبحث عن عمل آخر، على أن يتم التغيّب في وقت مناسب لظروف العمل، ويستحق العامل أجره عن يوم أو ساعات الغياب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *