من المعلوم أن الزواج عقد بمقتضاه يحل للرجل أن يطأ زوجته، فتستمتع به ويستمتع بها، وينسب تعدد الزوجات للرجل في الإسلام إذ تزوج بأكثر من 4 نساء في حين ينسب التعدد للمرأة أن تزوجت بأكثر من رجل، ولا يوجد في القانون المصري نص خاص يعاقب علي تعدد الازواج في حد ذاته سواء بالنسبة للرجل أو المرأة، ولهذا يلجأ الفقه والقضاء إلي تطبيق نصوص الزنا الواردة قانون العقوبات.
ونصت المادة 274 من قانون العقوبات علي أن المرأة المتزوجة التي ثبت زناها يحكم عليها بالحبس مدة لا تزيد على سنتين لكن لزوجها أن يقف تنفيذ هذا الحكم برضائه معاشرتها له كما كانت، ونصت المادة 275 علي أن ويعاقب أيضا الزاني بتلك المرأة بنفس العقوبة، ونصت المادة 277 علي أن كل زوج زنى في منزل الزوجية وثبت عليه هذا الأمر بدعوى الزوجة يجازى بالحبس مدة لا تزيد على ستة شهور، ونصت المادة 276 علي أن الأدلة التي تقبل وتكون حجة على المتهم بالزنا هي القبض عليه حين تلبسه بالفعل أو اعترافه أو وجود مكاتيب أو أوراق أخرى مكتوبة منه.
التكييف القانوني لتجريم تعدد الازواج في القانون
في التقرير التالي، يلقى “قانون بالعربى” الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تهم معظم المجتمعات العربية والإسلامية تتمثل في مسألة تعدد الأزواج والتكييف القانوني لتجريم تعدد الازواج في القانون المصري، فقد سبق وأن جرت محاولات عديدة لتقييد تعدد الزوجات بالقضاء، حيث وُضِعَت مقترحات عام 1926 لإضافة شرط موافقة القضاء عليه إلى قانون الأحوال الشخصية، وذلك تأثراً بدعوة أطلقها الشيخ محمد عبده، لأن تشرف الحكومة على تعدد الزوجات حتى لا يُقدِم عليه من ليس له استطاعة، لكن تم رفض كل تلك المقترحات من قِبل رجال الفقه، حتى صدر القانون رقم 25 لسنة 1929 الذي خلا من تقييد تعدد الزوجات. لكن لم يمنع هذا من تجدد المطالبات بتقييد التعدد، لكنها كانت تفشل في كل مرة .
في البداية – فإن مسألة التكييف القانوني لتجريم تعدد الازواج في القانون المصري يلاحظ أن نصوص الزنا لا تكون قابلة للتطبيق لمجرد إبرام عقد الزواج الذي حقق التعدد، إذ يلزم دوما حدوث الوطء أو بالأحرى الاتصال الجنس الكامل، إذ ما دونه من أفعال الفحش لا يحقق جريمة الزنا، كما أنه بالنسبة للزوج يجب أن يحصل الزنا في منزل الزوجية، وقضاء النقض مستقر علي أن هل علم الشريك بأن المرأة التي زني بها متزوجة مفترضا بحيث لا تكلف النيابة العامة بإثباته، ومستقر أيضا علي أن أدلة إثبات الزنا الواردة حصريا في المادة 276 من قانون العقوبات وهي التلبس بالزنا والاعتراف ووجود أوراق صادره من المتهم يقتصر علي شريك الزوجة الزانية، أما الزوجة نفسها فيصح للقاضي أن يعتمد في إثبات زناها علي أي دليل يطمئن إليه ولو لم يكن من بين الأدلة التي نصت عليه تلك المادة، وكذلك الشأن في إثبات زنا الزوج وشريكته إذ لا يتقيد القاضى في إثبات هذا الزنا بقيود خاصة .
عقوبة التزوير والزنا في تعدد الأزواج
كما لم يتردد القضاء في تطبيق أحكام التزوير في المحررات الرسمية، إذ ما تم توثيق الزواج الذي حدث بموجبة التعدد إذ في وثيقة الزواج يقر الزوجين بخلوهما من الموانع الشرعية، بما يعني تغيير الحقيقة في بيان جوهري، مما اعدت وثيقة الزواج لإثباته، وكذلك الشأن في الزواج بعقد عرفي غاية الامر أنه عند التوثيق تنهض جريمة التزوير في محرر رسمي وهي جناية، بعكس العقد العرفي، فتغيير الحقيقة فيه بإثبات خلو الزوجين من الموانع الشرعية هو تزوير في محرر عرفي، غير أنه يلزم في جميع الأحوال علم الطرف الآخر في الزواج بعدم خلو الزوج وقت العقد من الموانع الشرعية، فإن لم يعلم أو جهل فلا تزوير في حقه، ذلك لأن الموانع الشرعية أمر متعلق بذات الزوج ومن الجائز أن يجهله الزوج الآخر وقت تحرير وثيقة الزواج.
ولا يفوتنا أن نشير أن تعدد الزوجات في القانون المصري مسموح به لمسلمي مصر على أساس أن الشريعة الإسلامية تبيح للزوج المسلم أن يتزوّج بأكثر من واحدة في حدود 4 زوجات، وبشرط العدل المستطاع بينهن، وبشرط القدرة على القيام بواجبات التعدد، ولقد جرت محاولات عديدة لتقييد تعدد الزوجات بالقضاء؛ حيث وُضِعَت مقترحات عام 1926 لإضافة شرط موافقة القضاء عليه إلى قانون الأحوال الشخصية؛ وذلك تأثراً بدعوة أطلقها الشيخ محمد عبده لأن تشرف الحكومة على تعدد الزوجات حتى لا يُقدِم عليه من ليس له استطاعة، لكن تم رفض كل تلك المقترحات من قِبل رجال الفقه، حتى صدر القانون رقم 25 لسنة 1929 الذي خلا من تقييد تعدد الزوجات، لكن لم يمنع هذا من تجدد المطالبات بتقييد التعدد، لكنها كانت تفشل في كل مرة.
قصة كفاح الإمام محمد عبدة مع مسألة تعدد الأزواج
ثم تجددت المناقشات حول نظام تعدد الزوجات، فأسفرت عن إصدار القانون رقم 44 لسنة 1979، الخاص بتعديل بعض قوانين الأحوال الشخصية، والذي أوجب على الزوج المسلم أن يقدّم للموثق إقراراً بحالته الاجتماعية، وذكر أسماء زوجاته اللاتي في عصمته – إذا كان متزوجاً – مع قيام الموثق بإخطارهن بهذا الزواج، كما اعتبر القانون أن زواج الرجل على زوجته بغير رضاها أو دون علمها يعدّ إضراراً بها، حتى وإن لم تشترط عليه في عقد زواجها عدم الزواج عليها، وأعطى الزوجة حق طلب التطليق لهذا الضرر، وذلك خلال سنة من تاريخ علمها بالزواج عليها، أي أن هذا القانون اشترط لتعدد الزوجات رضاء الزوجات أنفسهن عليه.
لكن أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكماً بعدم دستورية هذا القانون في 4 مايو 1985، لعيوب شكلية وإجرائية، فصدر القانون رقم 100 لسنة 1985 ليحل محله، وقد ألزم القانون الجديد أيضاً الزوج بأن يقرّ في وثيقة الزواج بحالته الاجتماعية، وتوضيح زوجاته اللاتي في عصمته ومحال إقامتهن وعلى الموثق إخطارهن بهذا الزواج، وأجاز القانون الجديد للزوجة أن تطلب الطلاق من زوجها الذي تزوّج عليها، خلال سنة من تاريخ علمها بالزواج بأخرى، إذا لحقها ضرر مادي أو معنوي بسبب التعدد يتعذّر معه دوام العشرة، حتى ولو لم تكن قد اشترطت عليه في عقد زواجها ألا يتزوّج عليها، ويتجدد حقها في طلب التطليق كلما تزوّج بأخرى، وتأخذ نفس الحكم، الزوجة الجديدة التي لم تكن تعلم بأن زوجها متزوج بسواها؛ فلها أن تطلب التطليق كذلك، وهذا القانون لا يجعل من مجرد التعدد في ذاته ضرراً يوجب التطليق، كما كان الحال في قانون سنة 1979، بل يضع على الزوجة عبئ إثبات وقوع ضرر مادي أو معنوي عليها يدفعها لطلب التطليق من زوجها الذي تزوج عليها.
عقوبة الجمع بين زوجين
وحول العقوبة القانونية للجميع بين زوجين، فإن من تجمع بين زوجين تعاقب بجريمة الزنا، ويعتبر القانون أن الزواج الأول صحيح، والزواج الثاني باطلا، طالما لم يثبت تطليقها من الزوج الأول، وتعتبر العلاقة الثانية “زنا” جريمة واضحة للزوجة، والعقوبة التي تنتظر الزوجة التي تجمع بين زوجين، الحبس مدة لا تزيد عن سنتين، مع النفاذ، فيما يعاقب الزوج الثاني بنفس العقوبة وفقا للمادة 275 من قانون العقوبات، كما أن القانون المصري لم يضع شروطا للمرأة في تحقق واقعة الزنا فالمرأه المتزوجة، تعاقب على فعل الزنا أيا كانت وقوعها سواء كان في منزل الزوجية أو أي مكان آخر.
والمرأة التي يثبت زناها تعاقب بالحبس سنتين طبقا لنص المادة 274 من قانون العقوبات، وحق الزوج يسقط في تقديم شكواه ضد زوجته إذا كان قد سبق وارتكب نفس الفعل في منزل الزوجية، وفقا لنص المادة 273 عقوبات، مطالبة بتغليظ تلك العقوبة لردع الزوجة الزانية ومنعها من التفكير من ارتكاب هذا الفعل المشين منعًا لاختلاط الأنساب، كما إن جمع المرأة بين زوجين يجعلها تواجه عقوبتي التزوير في أوراق رسمية والزنا، فهي جريمة مخالفة للشريعة.
وزواج المرأة من رجل ثانٍ، وهي ما زالت امرأة متزوجة، يُعتبر باطلًا ومخالفًا للشريعة الإسلامية، وفي حالة علم الرجل بأنه الزوج الثاني يصبح شريكًا في هذه الجريمة، ويواجه أيضًا عقوبتي التزوير والزنا، وعقوبة ممارسة الزنا تتراوح ما بين 6 أشهر إلى عامين، بينما تصل عقوبة التزوير إلى 3 أعوام.
الدين: تطبق عقوبة الزنا وليس لها حقوق مادية
إن الإسلام حلل للرجل التعدد في الزواج، فيمكنه الزواج من 4 نساء، لكن لا يجوز له التعدي عن ذلك، وألا يجمع بين شقيقتين، حيث أن الإسلام نهى المرأة عن الجمع بين زوجين ولا يجوز شرعًا، وفي حالة ذلك يُعتبر زواجا فاسدا غير صحيح، كما أنها تعتبر واقعة زنا، ويجب تطبيق عقوبة الجلد لأنها تعدت على حدود الله.
في حالة عدم علم الزوج الثاني بما حدث، فليس عليه ذنب في ذلك، ويجب عليه تطليقها على الفور وليس لها حقوق مادية لأنها ارتكبت إثما كبيرا، أما إذا طلقها الزوج الأول، فانقسم جمهور الفقهاء بين حقوقها المادية، فرأى البعض أنه ليس لها حقوق لأنها ارتكبت إثما كبيرا، أما البعض الآخر رأى أنه رغم الإثم لكن تحصل المرأة على النفقة المادية.