حرب شاملة وشيكة، وتحذيرات من دخول المنطقة نفق مظلم.. هذا ما أجمع عليه خبراء لبنانيون تحدثوا لـ”اليوم السابع” عن كواليس الساعات الأخطر فى تاريخ حزب الله، والتى انتهت ـ حتى كتابة هذه السطور ـ بإعلان قوات الاحتلال اغتيال حسن نصر الله، الأمين العام للحزب، ما ينذر باتساع لا يحمد عقباه للصراع على الجبة الإسرائيلية ـ اللبنانية، بل وفى الشرق الأوسط برمته.

قال المحلل السياسى اللبنانى يوسف دياب إن الضربات الإسرائيلية الليلة الماضية على الضاحية بمثابة نقطة تحول فى مسار الحرب، وعملية اغتيال حسن نصرالله فقد أدخلت لبنان والمنطقة برمتها فى مفترق طرق كبير ومنعطف شديد الخطورة؛ فاستهداف رأس الحزب يمثل نقلة كبيرة فى الصراع على أرض لبنان.

أضاف دياب، فى تصريحاته، أن هذه العملية سيكون لها تداعيات ستغير مواقف ليس فقط لمحور الممانعة بل أيضا إيران التى كانت تهادن فسوف تغير موقفها خاصةً أن المرشد الأعلى فى إيران على خامنئى قد دعا لاجتماع طارئ، وهناك معلومات من إيران تقول بأن الاجتماع الذى كان منعقدا مع حسن نصرالله كان يضم أيضا شخصية بارزة فى الحرس الثورى الإيرانى.

المؤشرات تقول بأن قرار العملية الهجومية على الضاحية واغتيال حسن نصرالله اتخذه نتنياهو قبل السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة فى اجتماعات الجمعية العمومية بنيويورك.

وأضاف أن من النقاط الخطيرة فى تلك العملية، هى تنفيذها فى ظل المساعى الدبلوماسية التى كانت تجرى لاحتواء الوضع ووقف إطلاق النار، وهى المساعى التى انخرطت فيها عدة أطراف إقليمية ودولية، مؤدا أن المنطقة برمتها أضحت أمام خطر حقيقى.

وأشار إلى أن مصر من أوائل من دق ناقوس الخطر بخطورة التصعيد وضرورة وقفه، وفى هذا الصدد لعبت الدولة المصرية دورا محوريا من أجل وقف التصعيد وفتح الباب أمام الحل السياسي؛ لكن للأسف جرى تقويض كل هذه المساعى لان الأطراف الممسكة بالورقة العسكرية أفشلت الحلول فكل طرف كان يعتقد أن العمليات العسكرية يمكن أن تحقق نتائج لصالحه لذلك وقعنا فى المحظور وسقطت كل الخطوط الحمراء.

من جهة أخرى، أضاف الخبير العسكرى العميد الركن جورج نادر أن نتنياهو لا يقيم أى وزن للعملية السياسية أو المسار الدبلوماسى لحل الأزمة فى لبنان، وكان مقرر منذ وقت سابق تفجير الوضع على نطاق واسع وأخذ قرار بعدم إتاحة الفرصة لأى حل سلمى، وهذا بالتأكيد يُدخل المنطقة فى نفق مظلم لا أحد يعرف مداه.
وأكد العميد جورج أن باغتيال نصرالله تنهار القدرة الدفاعية وبذلك إسرائيل أدخلت المنطقة فى حرب مفتوحة بدون أفق، وبالنسبة للهدنة فهذا حديث غير حقيقى لأن إسرائيل سوف تستغل النجاح الذى حققته ولن تلتزم أو تحترم أى اتفاق للهدنة، بل سوف تستغل الانتصارات التى حققتها لتحقيق مزيد من التقدم.
وأكد أن حزب الله فقد إلى حد بعيد القدرة على الرد، كما أن مع تصاعد الصراع فى لبنان، تتجه الأنظار إلى سوريا.

وأضاف العميد الركن فادى داوود فى حديثه لليوم السابع، تثبت استراتيجية استهداف حزب الله وملاحقة عناصره أينما كانوا، فيما يشبه تطويق الحزب، فقد سبق أن وجه ضربة عنيفة على الضاحية الجنوبية والتى تمثل معقل “حزب الله” ومركز ثقله، لفصل الرأس عن الجسد من خلال القضاء على القيادات.

ويضيف أن إسرائيل تبحث عن تطوير المعركة فى لبنان بسرعة كبيرة؛ استغلالا للشهرين المتبقين من عمر الإدارة الأمريكية الحالية، فهو يضرب بحرية قبل إجراء الانتخابات الأمريكية غير المعلومة نتائجها، كما أنه يعلم أن استراتيجية إيران فى الوقت الحالى التهدئة ولا تدفع للمواجهات الواسعة المباشرة، لذا فهو يحاول بذل كل المساعى لاستفزاز حزب الله وجر الحزب ومعه إيران للمواجهة الكبرى، أو فى حال لم ينجح فى جرهم لمواجهة شاملة يكون قد ألحق أكبر خسائر ممكنة بجسم الحزب، ويصبح الحزب منهكا وبالتالى عند الجوس لطاولة التفاوض يقبل الحزب بأى شروط إسرائيلية.

وأضاف أن الهدف الاستراتيجى الكبير لنتياهو هو جر المنطقة لحرب شاملة وإعادة تقسيم مناطق النفوذ، فإسرائيل تريد شرق أوسط جديد وفق أهوائها.

بدوره، رأى المحلل السياسى العراقى فراس إلياس أن كل المعطيات فى الساعات الأخيرة تؤشر بما لا يقبل الشك أن إسرائيل اتخذت قرار الحرب، كما اعتبر فى تعليق على حسابه بمنصة إكس أن “تمسك إيران بخيار تجنب الحرب والتصعيد مع إسرائيل، خلق قناعة لدى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أن طهران لن تفعل شيئاً أكثر من الدعم اللوجستى والإدانة.

وكان حزب الله اللبنانى قد أعلن رسمياً، اليوم السبت، استشهاد الأمين العام للحزب حسن نصر الله، وذلك بعد أقل من 24 ساعة من عملية اغتياله التى نفذتها قوات الاحتلال مساء الجمعة على الضاحية الجنوبية بالعاصمة اللبنانية بيروت.

سبق إعلان حزب الله، أن أعلن الجيش الإسرائيلى رسمياً اغتيال نصر الله، وقال المتحدث باسم الجيش أفيخاى أدرعى فى بيان اليوم السبت أن الغارات أدت إلى مقتل نصرالله، وأضاف أن على كركى قائد جبهة الجنوب فى الحزب وعدد آخر من القادة قتلوا معه، وأشار الجيش الإسرائيلى إلى أن ” لبنان أصبح قاعدة مسلحة فى ظل قيادة نصر الله”، لافتا إلى أن الأخير كانت لديه خطة للتسلل إلى المجتمعات الإسرائيلية وقتل وخطف مواطنين إسرائيليين.