أحالت النيابة الإدارية في محافظة الشرقية، 5 من أفراد الطاقم الطبي «4 أطباء وممرضة»، في أحد المستشفيات التابعة لإدارة منيا القمح الطبية إلى المحاكمة التأديبية، على خلفية وفاة مريضة، 62 سنة، إثر دخولها قسم الاستقبال والطوارئ بالمستشفى وهي تعاني من آلام شديدة في منطقة الصدر.
وكشفت التحقيقات عن أن الإهمال في التشخيص والعلاج على الرغم من خطورة الحالة كان سببًا رئيسيًا في وفاة المريضة.
كانت مديرية الشؤون الصحية بالشرقية تلقت شكوى من أسرة مريضة مسنة بشأن وفاتها داخل المستشفي، اتهموا خلالها العاملين بالمستشفي بالإهمال الطبي والتقاعس عن تقديم الرعاية الطبية اللازمة مما تسبب في وفاتها.
وشكلت مديرية الشؤون الصحية لجنة طبية لفحص الشكوي ومراجعة الإجراءات الطبية التي تمت مع المريضة وتم إحالة تقرير اللجنة والشكوي للنيابة الإدارية، حيث باشر التحقيقات، أحمد القماش وكيل النيابة بإشراف المستشار طه حسين مدير النيابة، إذ استمعت النيابة لشهادة اللجنة الطبية المشكلة من مديرية الصحة بالشرقية والتي ضمت استشاري ورئيس قسم الرعاية المركزة للقلب، ورئيس قسم الصيدلة الإكلينيكية وعضو اللجنة العلمية.
وانتهت التحقيقات إلى تورط أربعة أطباء وهم المدير الطبي (وكيل المستشفى)، مشرف قسم الاستقبال والطوارئ، طبيب الباطنة والحميات، أخصائي أمراض القلب، وممرضة بالمستشفى في الإهمال الطبي في تشخيص الحالة وتقديم العلاج اللازم.
واستمعت النيابة، أيضا لشهادة عددٍ من الطاقم الطبي وهيئة التمريض بالمستشفى ولأقوال ابنة المريضة المتوفاة، واطلعت على كافة السجلات الإدارية والتقارير الطبية الخاصة بحالتها.
وكشفت التحقيقات عن أن المريضة المتوفاة سيدة تبلغ من العمر 62 عامًا، حضرت رفقة نجلتها لقسم الاستقبال والطوارئ بالمستشفى تعاني من آلام شديدة بمنطقة الصدر، وحال عدم وجود طبيب متخصص بأمراض الباطنة والقلب بالقسم، تم مناظرتها من أخصائي طب الأطفال المتواجد بالقسم، وإجراء رسم قلب وتحليل إنزيمات وقام بدوره بإرسال نتائج الفحوص للمتهم الثالث على هاتفه المحمول عبر تطبيق «WhatsApp»، بناءً على طلب الأخير نظرًا لمغادرته المستشفى وتوجهه لاستراحة الأطباء، والذي وجه بإعطائها بعض الأدوية التي لا تتناسب مع طبيعة الحالة ودون أن يقوم بمناظرتها وتوقيع الكشف الطبي الصحيح عليها.
وظلت المريضة دون تقديم الرعاية الطبية اللازمة لمدة تقارب 3 ساعات حتى مرور أحد الأطباء، من غير المكلفين بالعمل في القسم في ذلك اليوم، والذي لاحظ خطورة الحالة وطلب على الفور إجراء فحص بالموجات الصوتية على عضلة القلب، إلا أنه عند اصطحاب الممرضة للحالة لإجراء الفحص ناظرها المتهم الرابع، أخصائي القلب، والذي قام بإلغاء عمل الفحص اللازم طالبًا من الممرضة المسئولة عن الحالة عرضها على قسم الجراحة لعدم وجود مشكلة بالقلب وعدم الحاجة للفحص المطلوب.
وعقب ذلك حدث توقف مفاجئ لعضلة القلب للمريضة بعد أن ظلت لمدة تقارب الخمس ساعات دون تشخيص صحيح، وهو ما استتبعه عدم تلقيها العلاج اللازم لمثل تلك الحالة رغم خطورتها، فتم عمل إنعاش قلبي رئوي استجابت له المذكورة ونُقلت إلى قسم عناية القلب، حيث قام فريق العناية المركزة بكافة الإجراءات المتبعة طبيًا للتعامل مع الحالة وإجراء فحص الموجات الصوتية على القلب، والذي أظهر توقف بطيني ناتج عن مشكلة بالشرايين التاجية وجلطة غير مكتملة، فتم وضعها على جهاز التنفس الصناعي لمدة يومين حتى توفيت.
وانتهت النيابة لمسئولية المتهمين الخمسة عن وفاة السيدة على النحو التالي:
المتهم الأول «المدير الطبي» وكيل المستشفى:
«أهمل في أعمال الإشراف على أعمال المتهم الثاني- مشرف الاستقبال والطوارئ بالمستشفى- مما سمح للمتهم الثالث بمغادرة مقر عمله خلال ساعات العمل الرسمية المكلف بها وخلو قسم الاستقبال من طبيب مختص بأمراض الباطنة والقلب لمناظرة الحالة والتي ظلت دون تشخيص صحيح أو علاج لمدة خمس ساعات، فضلًا عن عدم التنسيق اللازم لتسليم حالتها للمتخصصين.
المتهم الثاني «مشرف قسم الاستقبال والطوارئ»:
أهمل الإشراف على أعمال القسم، مما تسبب في تكليف طبيب غير متخصص بتوقيع الكشف الطبي على المريضة، وإعطائها أدوية لا تتناسب مع حالتها الصحية وبقائها دون رعاية طبية سليمة لعدة ساعات.
المتهم الثالث «طبيب الباطنة والحميات»:
غادر مكان عمله بالمستشفى متوجهًا للاستراحة في أوقات العمل الرسمية، وترك مناظرة المريضة لطبيب الأطفال -الغير متخصص- مكتفيًا بمتابعة الحالة عبر تطبيق «WhatsApp» على التليفون المحمول، مما كان من شأنه اصدار تعليمات غير مطابقة للمعايير الطبية لعلاج الحالة.
المتهم الرابع «أخصائي أمراض القلب»:
قام بإلغاء طلب فحص الموجات الصوتية على القلب والذي جرى طلبه للمريضة، مما حال دون إجراء تشخيص صحيح للحالة، في الوقت المناسب، وأوصى بإعطائها أدوية زادت من حدة الأعراض دون التأكد من سلامة قلبها، وعرضها على قسم الجراحة غير المختص بالحالة.
المتهمة الخامسة «ممرضة» بالمستشفى:
أدلت بأقوال غير صحيحة أمام النيابة حول توقيت حضور الطبيب المختص لمتابعة حالة المريضة، محاولة منها التستر على تصرفاته وهو ما كشفته التحقيقات من إهمال طبي جسيم في التعامل مع المريضة، وتركها لمدة تزيد عن خمس ساعات دون تشخيص صحيح أو علاج للحالة وفقًا لبروتوكول العلاج المعمول به.
قرار النيابة الإدارية:
وفق ما انتهت إليه التحقيقات وتحديد مسؤولية المتهمين أمرت النيابة الإدارية بإحالة المتهمين جميعًا للمحاكمة التأديبية.