لا تزال إسرائيل بعيدة عن القضاء على “حماس” على الرغم من مرور عام كامل على الحرب التي أعقبت عملية “طوفان الأقصى” التي نفذها مقاتلوها على جنوب إسرائيل.
هذه النتيجة خلص إليها تقرير مفصل بالأرقام نشرته بوابة “acleddata”، بقلم اثنين من الباحثين في شؤون الشرق الأوسط هما أمينة محفار وناصر خضور.
الخبيران المتخصصان كتبا يقولان بهذا الشأن في 6 أكتوبر 2024: “بعد عام من الحرب، أصبحت حماس ضعيفة عسكريا، لكن (إسرائيل) بعيدة عن القضاء عليها. بعد عام واحد من بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، في أعقاب هجوم حماس المميت على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر، لم يتم الوفاء بتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ “النصر الكامل” و”القضاء” على حماس كتهديد لإسرائيل”.
التقرير توصل إلى نتيجة مفادها أنه “في حين يدعي المسؤولون الإسرائيليون أن حماس لم تعد موجودة كقوة عسكرية في غزة، تظهر البيانات أن حماس لا تزال تحتفظ ببعض القدرات العملياتية وتواصل التعامل مع القوات الإسرائيلية في جميع أنحاء قطاع غزة. وفي الوقت نفسه، صعدت حماس أيضا أنشطتها العسكرية في الضفة الغربية. ومع تحول تركيز جيش الدفاع الإسرائيلي مؤخرا إلى مواجهة حزب الله في الشمال وعدم وجود وقف لإطلاق النار في غزة في الأفق، لا تزال حماس طرفا فاعلا مهما في فلسطين على الرغم من قدراتها العسكرية المتناقصة الآن والخسائر الإنسانية الكبيرة بالنسبة للفلسطينيين في غزة”.
الباحثان يستعينان بالأرقام ويذكران بأن حركة حماس “لا تزال تحتفظ بما يقرب من نصف مقاتليها. تزعم إسرائيل أنها قتلت 17000 مسلح من بين 25000 إلى 30000 مقاتل في حماس، لكن التقارير التفصيلية تحدد فقط ما يقرب من 8500 قتيل من المسلحين”، لافتين إلى أن هذا الرقم يشمل أيضا “مسلحين من جماعات مسلحة أخرى وربما أعضاء آخرين من حماس غير المقاتلين”.
هذا التقرير المفصل يؤكد أنه على الرغم من الادعاءات الإسرائيلية بتفكيك معظم كتائب حماس الـ 24، إلى جانب مقتل العشرات من القادة الرئيسيين إلا أن “حماس أظهرت قدرتها على إعادة تجميع صفوفها. أجبر هذا الجيش الإسرائيلي على مواصلة شن غارات برية أصغر لمنع حماس من إعادة الوجود الكامل. وتواصلت الاشتباكات المسلحة في تلك المناطق بتذبذب شديد”.
يذكر الباحثان في هذا السياق على سبيل المثال أن “القوات البرية الإسرائيلية نفذت بين شهري فبراير وسبتمبر خمس غارات صغيرة على الأقل في حي الزيتون في مدينة غزة شمال محور نتساريم، حيث أقام جيش الدفاع الإسرائيلي قواعد ومراكز قيادة. وفي رفح، وبعد وقت قصير من إعلان جيش الدفاع الإسرائيلي في 12 سبتمبر أنه دمر لواء رفح التابع لحماس وفرض سيطرته، استأنفت حماس أنشطتها شرق مدينة رفح”، مضيفين أن مقاتلي حماس تحولوا “بشكل متزايد نحو تكتيكات حرب العصابات، ونصبوا كمائن للجنود الإسرائيليين بالمتفجرات”.
الباحثان أشارا إلى أن حركة حماس تحاول تحسين فرصها في البقاء على قيد الحياة. هذا الأمر غطته صحيفة واشنطن بوست بشكل أكبر من خلال مصادر قالت إنها من داخل الحركة.
الصحيفة نقلت عن أحد المصادر أن زعيم حماس يحيى السنوار “حتى قبل بدء الصراع، سعى إلى جعل (الحركة) قادرة على إنتاج أسلحتها ومتفجراتها، وكذلك إجراء عمليات معقدة يشارك فيها آلاف الأشخاص، مع الحفاظ على السرية التامة”.
الصحيفة ذاتها ذكرت أن “التحقيقات لاحقا أظهرت أن حماس على الرغم من سنوات العزلة تمكنت من الحصول على ترسانة (مذهلة) من الصواريخ والمتفجرات والأسلحة الخفيفة، مع إنشاء شبكات مالية ودفاعية، في نفس الوقت سمحت للمجموعة (بالصمود لأشهر تحت الهجمة الحازمة لواحد من أكثر الجيوش قدرة في العالم)”.
واشنطن بوست أشارت إلى أن الأنفاق في قطاع غزة كانت “المفاجأة الأكبر للجيش الإسرائيلي، مستشهدا برواية ضابط إسرائيلي وصف “كيف شقوا طريقهم عبر مخابئ على عمق 10 أمتار تحت شوارع غزة لاكتشاف أنفاق جديدة على عمق حوالي 40 مترا”.
مسؤول أمريكي سابق في مكافحة الإرهاب كان زار الأنفاق في غزة، نقلت واشنطن بوست قوله: “كانت عيونهم متورمة. لم يكن لديهم أي فكرة عن المتاهة. هل يمكنكم أن تتخيلوا 150 كم من الأنفاق؟ كان الواقع أكبر عدة مرات”.
واشنطن بوست ذكرت أيضا أن منظومة “الأنفاق للمجموعة الفلسطينية تمتد على ما يبدو إلى مسافة 500 كيلومتر تقريبا، وهو أكثر من مترو أنفاق نيويورك، أو على نفس المسافة تقريبا من تل أبيب إلى جنوب تركيا.
اللواء دان غولدفوس، قائد الفرقة 98 قال عن أنفاق حماس “إنها شبكة واحدة كبيرة يمكنك الدخول إليها عند تقاطع إيرز (الشمالي) والخروج عند رفح (على الحدود المصرية). كل شيء هناك مرتبط بكل شيء”.