حيازة المخدرات بقصد الاتجار
تعد حيازة المخدرات بقصد الاتجار من القضايا الحساسة والمعقدة التي تواجه المجتمعات الحديثة، حيث تشكل تهديدًا كبيرًا على الصحة العامة والأمن الاجتماعي والاقتصادي. وتعتبر جريمة حيازة المخدرات بقصد الاتجار من أخطر الجرائم التي تستهدف الأفراد والمجتمعات، لما تسببه من انتشار للإدمان وارتفاع لمعدلات الجريمة والعنف، فضلاً عن الأضرار الاقتصادية والاجتماعية الجسيمة.
فأورد المشرع بالفقرة (أ) من المادة ٣٤ من قانون المخدرات تجريما تضمن عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد والغرامة التي لا تقل عن مائه ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه لكل من حاز أو أحرز أو او باع أو سلم او نقل أو قدم التعاطي جوهراً مخدرا وكان ذلك مدير أو التجار أو اتجر فيه بأية صوره وذلك في غير الأحوال المصرح بها قانونا.
وقد استلزم المشرع لتوافر هذه الجريمة قصداً خاصاً وهو قصد الاتجار بمعنى إنه لا يكفي في جريمة المادة ٣٤ فقره (أ) من قانون المخدرات توافر الحيازة المادية وعلم الجاني بان ما يحرزه من الجواهر المخدرة فقط – بل يتعين أن تستظهر المحكمة توافر القصد الخاص وهو قصد الاتجار.
والاتجار في المواد المخدرة لا يعدو أن يكون حيازة مصحوبة بقصد الاتجار وأن الترويج مظهر لنشاطه في الاتجار.
قصد الاتجار
قصد الاتجار يعني حيازة المخدرات أو إحرازه بغرض التصرف فيه بأي نوع من أنواع التصرفات بمقابل ومن ثم فقصد الاتجار يتحقق إذا ثبت أن اتصال المتهم بالمخدر كان بقصد تقديمه للغير بمقابل سواء حصل فعلا على هذا المقابل أم لا، ويتحقق قصد الاتجار أيضا لدى من يقدم المادة المخدرة كرشوة إلى موظف نظير الإخلال بواجبات وظيفته ومن يدفعها مقابل منفعة سواء كانت مشروعه أو غير مشروعه.
إثبات قصد الاتجار
يجوز إثبات قصد الاتجار بكافة الطرق باعتبار أنه من الأمور الموضوعية ظروف التي تستقل محكمه الموضوع بتقديرها بغير معقب ما دام تقديرها سائغا تؤدى إليه الدعوى وأدلتها وقرائن الأحوال فيها.
وقضى بأن: حيازة المخدرات بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما انه يقيمها على ما ينتجها.
كما قضى بأنه: إذا كانت المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير الله الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي بان حيازة الطاعن للمخدر ( حيازة المخدرات) – المضبوط كان بقصد الاتجار فانه لا يجوز مجادلتها في ذلك مما يتنافى وواقع الدعوى.
ومن ثم فان اقتناع المحكمة في حدود سلطتها في تقدير الدعوى أن حيازة المخدرات كان بقصد الاتجار، لا يصح النعي عليها فيه بالقصور.
فإذا كان الحكم قد عرض الى قصد الاتجار واستظهره لدى الطاعن من عرضه كميه المخدر المضبوط للبيع وإقراره للضابطين بالاتجار في المخدر الذي ضبط معه ومن كبر الكمية فان الحكم يكون قد دل على هذا القصد تدليلا سائغا.
كما قضى بأنه: إذا كان البين من الحكم المطعون فيه انه عرض القصد الاتجار في قوله ومن حيث أن قصد الاتجار قد توافر في حق المتهم من ضبط طربتين كاملتين من الحشيش في غرزته التي يزاول فيها تجارته العادية وذلك تسهيل إخفاء ذلك المخدر والاتجار فيه مع عملائه فضلا عما ثبت من التحريات وشهد به شاهدي الواقعة سالفي الذكر ،،،
الأمر الذي تلتفت معه عما ابداء المتهم من وجه الدفوع والدفاع – وكانت المحكمة قد اقتنعت – في حدود سلطتها. في تقدير كان بقصد الاتجار فان ما يثيره الطاعن بدعوى القصور في التسبيب لا يكون الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي أن حيازة الطاعن للمخدر سديدا.
وعلى ذلك فإنه وإن كان حيازة المخدرات بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل رضى الموضوع بتقديرها، الا أن شرط ذلك أن يكون استخلاص الحكم لتوافر تلك الواقعة أو نفيها سائغا تؤدى إليه ظروف الواقعة وأدلتها وقرائن الأحوال فيها – أما إذا كان ما استخلصه الحكم لا تظاهره ماديات الدعوى فان استخلاصه يكون غير سائغ يؤثر في منطق الحكم واستدلاله.
هل يشترط لتوافر قصد الاتجار في المخدر اتخاذه حرفه ؟
ليس شرطاً لتوافر قصد الاتجار في الجوهر المخدر أن يتخذ المتهم من تجارته حرفه له، ومن ثم فلا يصح استدلال الحكم على عدم توافر قصد الاتجار بالقول بأن المتاجرة لا تقوم بمجرد واقعة واحدة وإنما بامتهان الشراء وإعادة البيع بغرض تحقيق الربح إذا القانون لم يجعل الاحتراف ركنا من أركان الجريمة.
عقوبة حيازة المخدرات
العقوبة المقررة لجريمة حيازة المخدرات أو إحرازه بقصد الاتجار وفقا لنص المادة 34/1 من قانون المخدرات هي الإعدام أو السجن المؤبد، والغرامة التي لا تقل عن مائه ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه.
و مصادرة المخدر المضبوط والأموال المتحصلة من الجريمة والأدوات ووسائل النقل المستخدمة في ارتكاب الجريمة طبقا لنص المادة (٤٢) فقرة (١) مع عدم الإخلال بحق الغير الحسن النية.
وإغلاق المحل الذي وقعت فيه الجريمة باعتبارها عقوبة تكميلية يقضى بها وجوبا بالإضافة إلى العقوبة الأصلية طبقا لنص المادة ٤٧ من قانون المخدرات
هل يتم تخفيف العقوبة في حيازة المخدرات ؟
طبقاً لنص المادة ٣٦ من قانون المخدرات واستثناء من حكم المادة ١٧ من قانون العقوبات لا يجوز للمحكمة تخفيف بالعقوبة المقررة للجريمة إلا إلى الدرجة التالية مباشرة ومن ثم فالعقوبة التالية في حالة توافر مبرر الرأفة هي السلام المشدد.
ولا يجوز أن تقل المدة المحكوم بها عن ست سنوات مع ملاحظة أن تطبيق المادة ٣٦ خاص بالنزول بالعقوبة المقيدة للحرية فقط دون عقوبة الغرامة.
عقوبة حيازة المخدرات في حالة توافر الظرف المشدد
في حالة توافر أي ظرف من الظروف المشددة التي عددتها الفقرة الأخيرة من المادة ٣٤ من قانون المخدرات تكون العقوبة الإعدام وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه، ومن ثم فإنه في حالة توافر مبرر الرأفة فإنه لا يحق للمحكمة النزول بالعقوبة إلا إلى السجن المؤبد.
ماهي الظروف المشددة ؟
استحدث المشرع الفقرة الثانية بالمادة ٣٤ بالقانون ۱۲۲ لسنة ۱۹۸۹ والتي بموجبها جعل عقوبة الجرائم التي تضمنتها بنود الفقرة الأولى هي الإعدام وغرامة لا تقل عن مائه ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه إذا اقترن ارتكاب أي منها بظرف من الظروف الآتية:
1- إذا استخدم الجاني في ارتكاب إحدى هذه الجرائم من لم يبلغ من العمر إحدى وعشرين سنة ميلادية أو استخدام أحداً من أصوله أو فروعه أو زوجه أو أحداً ممن يتولى تربيتهم أو ملاحظتهم أو ممن له سلطه فعلية عليهم في رقابتهم أو توجيههم.
وقد راعى المشرع في ذلك أن الجاني يعمد إلى استخدام اشخاص لا تتوافر لهم إرادة حرة في مواجهته إما بسبب صغر السن أو صلة القرابة أو بمقتضى سلطه ولاية التربية أو الملاحظة أو الرقابة أو التوجيه، وأنه في جميع الأحوال يدفع من أؤتمن عليه بموجب قداسه هذه الصلات إلى طريق الجريمة ليستفيد هو منها، بدل أن يراعي مسئوليته عنهم بإبعادهم عن هذا الطريق.
2. إذا كان الجاني من الموظفين أو المستخدمين العموميين المكلفين بتنفيذ احكام هذا القانون أو المنوط بهم مكافحة المخدرات أو الرقابة على تداولها أو حيازتها أو كان ممن لهم اتصال بها بأي وجه.
والعلة في اعتبار هذا الظرف من الظروف المشددة أن هذه الفئات هي النسي حملت أمانة عهدت بها إليها القوانين، تقوم في جوهرها على مكافحة المخدرات والحيلولة دون تداولها أو استخدامها في غير الأغراض المصرح بها قانونا، فإذا عبد البعض من هذه الفئات إلى ارتكاب أي من الجرائم المشار إليها،
فإن تشديد العقوبة على من أؤتمن فخان الأمانة يكون واجبا، فضلا عن أن هذه الأمانة التي عهد بها إليه تجعل له صلة بهذه المواد فيسهل عليه ارتكاب هذه الجرائم.
3- إذا استغل الجاني في ارتكاب أو تسهيل السلطة المخولة له بمقتضى وظيفته أو عمله أو الحصانة المقررة له طبقا للدستور أو القانون.
وقد قصد المشرع من هذا النص أن يشمل من يعملون لدى أفراد أو أشخاص اعتبارية خاصة أو يعملون لحساب أنفسهم، وتمنحهم مقتضيات عملهم سلطات معينة تمكن من حاد منهم عن جادة الصواب من استغلالها في ارتكاب أي من الجرائم المشار إليها.
4- إذا وقعت الجريمة في إحدى دور العبادة أو دور التعليم ومرافقها الخدمية أو النوادي أو الحدائق العامة أو أماكن العلاج أو المؤسسات الاجتماعية أو العقابية أو المعسكرات أو السجون أو بالجوار المباشر لهذه الأماكن ،
وهذا الظرف المشدد يقوم على أن الجاني يستغل طبيعة هذه الأماكن التي يتردد عليها الأفراد أو يتواجدون فيها لفترات طويلة أو ثابتة فيعمد إلى ارتكاب جريمته مستغلا هذا التردد أو التواجد وهو ما يمكنه فضلا عن ترويج بضاعته من خلق عادة الإدمان لديهم وقد اعتبر هذا النص الجوار المباشر لهذه الأماكن كشأن هذه الأماكن لتحقق الخطورة ذاتها حتى لو لم يلج الجاني تلك الأماكن الارتكاب جرمه وقارفـه فــي جوارها المباشر كمن يقبع مجاور مدرسة أو معسكر أو ناد مستهدفاً تقديم الجواهر لطلبه هذه المدرسة أو أفراد المعسكر أو أعضاء النادي .
5- إذا قدم الجاني الجوهر المخدر أو سلمه أو باعه إلى من لم يبلغ من العمر إحدى وعشرين سنه ميلادية أو دفعه إلى تعاطيه بأية وسيله من وسائل الإكراه أو الغش أو الترغيب أو الإغراء أو التسهيل.
وقد أستهدف المشرع بهذا التشديد حماية الشباب الذين سيستغل الجناة عـدم اكتمال رشدهم، وقلة خبرتهم لعدم انتهائهم بعد من مرحلة الدراسة الجامعية، فيزينون لهم التعاطي ويدفعون بهم إلى الإدمان الذي يودي بشبابهم وطاقاتهم.
6- إذا كان الجوهر المخدر محل الجريمة من الكوكايين أو الهيروين أو أي من المواد الواردة في القسم الأول من الجدول رقم (۱) المرفق وقد راعي المشرع خطورة هذه المواد وآثارها المدمرة على متعاطيها وسرعة إدمانها.
وإحراز مخدر الهيروين مؤثم قانونا دون النظر إلى درجة تركيزه أو نسبته وأيا كانت الحالة التي عليها سواء كان قائما بذاته أو مخلوطا أو مخففا.
وهو ما يعنى أنه لا يصح التمسك بأن مسحوق المخدر المضبوط لا يتضمن نسبة ضئيلة من مخدر الهيروين لم يتم تحديدها بمعرفة تقرير المعمل الكيماوي باعتبار أن ذلك لا يؤثر في قيام الجريمة.
7- إذا كان الجاني قد سبق الحكم عليه في جناية من الجنايات المنصوص عليها في هذه المادة أو المادة السابقة.
الإعفاء من عقوبة حيازة المخدرات
بينت المادة ٤٨ من قانون المخدرات رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل حالتي الإعفاء من عقوبة حيازة المخدرات.
الأولى: مبادرة أحد الجناة بإبلاغ السلطات العامة عن الجريمة قبل علمها بها.
الثانية: وجوب أن يوصل الإبلاغ إلى ضبط باقي الجناة فعلا إذا كان بعد علم السلطات العامة بالجريمة.