أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم السبت، اغتياله الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله في غارته التي استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية، أمس الجمعة، ليؤكد بعده حزب الله في وقت لاحق خبر الاغتيال، الأمر الذي آثار المخاوف من تصعيد يؤدي إلى وقوع حرب شاملة.

حرب شاملة
واختلف رأي الخبراء السياسيين، حول نُذر الحرب المقبلة، إذ رأى الدكتور حامد فارس، أستاذ العلاقات الدولية، أن الوصول إلى حرب شاملة يتوقف على عدة اعتبارات أوضحها لموقع “القاهرة الإخبارية” قائلًا: “أرى أن لدى إسرائيل بنك أهداف تريد أن تحققه من وراء اغتيال نصر الله واستمرار عملياتها العسكرية، وسعيها للقيام بعملية برية في جنوب لبنان، وهذا الاجتياح يكون أحد الأسباب الرئيسية لتوسيع رقعة الصراع وتمدده وصولًا إلى حرب إقليمية شاملة”.

وتابع “فارس” إن هدف إسرائيل من الاجتياح البري ليس فقط للقضاء على القدرات العسكرية لحزب الله، لكن لإرادتها في إقامة منطقة عازلة وإعادة احتلال جنوب لبنان مرة أخرى، ما يدفع المنطقة إلى التصعيد بشكل خطير يمثل خطورة على السلم والأمن الدولي.

أما الدكتور أشرف العشري، مدير تحرير جريدة “الأهرام” المصرية، فصرّح بأن هناك محاولة إسرائيلية لجر لبنان إلى الحرب الشاملة، مضيفًا أن هذه إحدى الخطط الخبيثة رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أملًا في التخلص من إيران المرحلة المقبلة، بعد توجيه ضربات قاسية لحزب الله خلال الأيام العشر الماضية، التي أدت إلى تراجع وتقهقر في البنية السياسية والعسكرية للحزب في الفترة الماضية، بحسب قوله لـ”القاهرة الإخبارية”.

وللدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، رأي آخر، إذ استبعد نشوب حرب شاملة، موضحًا أن ما سيحدث سيأتي بالسياقات السابقة نفسها، كحرب جيش الاحتلال الإسرائيلي على الفصائل المقاومة سواء كانت الفلسطينية أو اللبنانية، دون الحديث عن حرب إقليمية تدخل فيها دول كبرى، وإن يرشح البعض إيران.

وذكر “الرقب” أن التصعيد لن يخرج عن مساره المعتاد من خلال اشتباكات، وذلك بالرغم من إشارته إلى الضربات المتتالية التي يتلقاها حزب الله والتي ما لم يكن أحد يتصورها، إلا أنه يرى أنه لن تنزلق الأمور إلى حرب إقليمية وكذلك لا هدنة قريبة من شأنها أن توقف كل هذا العدوان ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني.

دور الولايات المتحدة
وعن دور الولايات المتحدة الأمريكية في التصعيد الإسرائيلي المستمر، قال “الرقب”: “أعتقد أن إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن، اليوم السبت، تأييده لعملية اغتيال حسن نصر الله يعني أن لأمريكا دورًا”، وفقًا لتصريحه لـ”القاهرة الإخبارية”.

وأشار “الرقب” إلى أن اتخاذ القرار باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، جاء من واشنطن، وكذلك التصديق على عملية اغتيال نصر الله تم في واشنطن، حيث كان يوجد نتنياهو، وأي نفي لدور الولايات المتحدة في هذه العمليات سقط بإعلان بايدن اليوم.

وقال الرئيس الأمريكي في بيان نشره الموقع الرسمي للبيت الأبيض: “إن وفاة نصر الله في غارة جوية إسرائيلية هو تحقيق للعدالة لضحاياه العديدين، بما في ذلك الآلاف من الأمريكيين والإسرائيليين”، مؤكدًا أن الولايات المتحدة تدعّم بشكل كامل حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.

وبالعودة إلى الدكتور حامد فارس، أستاذ العلاقات الدولية، قال إن الولايات المتحدة تتخذ أدوارًا سلبية في سبيل خفض التصعيد في المنطقة، يتمثل أخطرها في الدعم العسكري المطلق لإسرائيل، مضيفًا: “نرى بعد كل هذا التصعيد من جانب إسرائيل تلقيها مساعدات تقدر بـ8.7 مليار دولار من الولايات المتحدة ودعم لا محدود في مجلس الأمن، وكذلك أمام المحكمة الجنائية الدولية وأيضًا على مستوى المنظمات الأممية”.

وتابع: “كل ذلك يدفع باتجاه أن الولايات المتحدة لا تمارس ضغوطًا حقيقية وليس لديها الإرادة السياسية اللازمة لتخفيض إسرائيل من تصعيدها ووقف عدوانها على قطاع غزة باعتباره هو المسبب الرئيسي لاستمرار الصراع في الشرق الأوسط”.

إيران والحرب الواسعة
وعن تصعيد إسرائيل عدوانها، قال الدكتور أشرف العشري، مدير تحرير جريدة “الأهرام” المصرية، إن “هناك رغبة إسرائيلية يسعى من خلالها نتنياهو إلى خلق شرق أوسط جديد كما قال”، مضيفًا أنه يعتقد أن الهدف الأسمى في هذه المرحلة هو أن يكون هناك مواجهة إسرائيلية إيرانية بغطاء أمريكي غربي تلعب دورًا كبيرًا في المعادلة نحو إمكانية جر إيران للحرب في المنطقة.

أما “الرقب” فاستبعد دخول إيران على مسار الحرب، وذلك بالرغم من دعمها بشكل كامل لحزب الله، الذي يعتبر الذراع الأهم لها في المنطقة، مشيرًا إلى أن استمرار استخدام إيران أذرعها بشكل غير مباشر لا يعني حربًا إقليمية.

وحذّر “العشري” من أنه يجب على الوسطاء في المنطقة أن يتبصّروا جيدًا لهذه المحاولات الإسرائيلية ورفض مثل هذه الممارسات، وأن يكون هناك تعاون مع المجتمع الدولي ومع الولايات المتحدة بتغليب الحكمة والرشادة السياسية نحو منع تفجر الأوضاع في الإقليم.