في ظل تطور التحولات الاقتصادية والاجتماعية السريعة والمتلاحقة التي يشهدها العالم، باتت جودة التعليم الشامل إحدى أهم الركائز لتحقيق “التعليم الجيد” كأحد أهداف التنمية المستدامة، وفي مصر يمثل تمويل التعليم قبل الجامعي تحديًا كبيرًا أمام تحقيق هذه الأهداف، لذلك أضحى من الضروري تحسين سياسات تمويل التعليم لتلبي الاستجابة المرنة لتلك التحولات، وهو ما ناقشته الخطة الخمسية للتعليم 2023-2027 والتي أعدتها الوزارة بالتعاون مع صندوق الشراكة العالمية من أجل التعليم، فكيف تختلف هذه السياسات عن ما قبلها، وكيف ستؤثر في جودة التعليم؟
تحديات سياسات تمويل التعليم قبل الجامعي
تواجه سياسات تمويل التعليم تحديات عدة خارجية وداخلية، فعلى الصعيد الخارجي تشكل مدفوعات فوائد الدين الحكومي عائقًا في التوزيع الأمثل لموازنة التعليم، أما على صعيد التحديات الداخلية فيمكن إجمالها في قصور ممارسات الحوكمة والإدارة، فقصور رصد وتحليل وتقييم البيانات الخاصة بالتعليم قبل الجامعي يحول دون صناعة واتخاذ القرارات القائمة على الأدلة، وهذا ما أثبتته نتائج دراسة تحليل الوضع الراهن لنظام التعليم قبل الجامعي والتي تم إعدادها كخطوة تمهيدية ضمن مراحل وضع الخطة الخمسية لقطاع التعليم قبل الجامعي 2023-2027.
بشكل عام، يعتمد بناء الموازنات السنوية للتعليم قبل الجامعي على حساب متوسط معدلات الإنفاق الفعلي خلال السنوات الثلاث السابقة، لذلك تتأثر قيم تخصيصات الموازنة بأعداد الموظفين في المديريات، خاصة مع استحواذ بند الرواتب والمكافآت على النسبة الأكبر من التوزيع النسبي للموازنة الوظيفية، علاوة على انخفاض نسبة المعلمين العاملين بالتدريس،. في حين أنه من المفترض أن يأخذ التخصيص المالي بعين الاعتبار عدد الطلاب في المحافظات، ونتائج التعلم، ومستويات التقدم في استراتيجيات التعليم وفق مقاييس الأداء المحددة مسبقًا، فبالتالي يترتب على إغفال ذلك عدم كفاية، وعدالة، وكفاءة تمويل التعليم،