يتمتع الاغتيال بجهاز اتصال لاسلكي أو هاتف أو جهاز “بيجر” بميزة واضحة، وهي أن الجهاز قريب من جسم الهدف، وتكون فرصة إيذاء آخرين ضئيلة.
وفي عالم الاستخبارات، تسمى هذه العمليات بـ “الزر”، وهو ما يعني إعداد وسيلة التفجير وتركها في بعض الأحيان في عمليات طويلة المدى “وعندما يأتي يوم التنفيذ، كل ما عليهم فعله هو الضغط على زر، وإنشاء سلسلة من الأوامر والإرسالات التي سترسل رسالة إلى جميع الأجهزة المستهدفة، للتأكد من أن من يسمع الصافرة أيضًا سيأخذ الجهاز وينظر إليه، ثم يحدث انفجار.
ويلفت تقرير لموقع “يديعوت أحرونوت” إلى أن “هذه عملية مخصصة فقط لأوقات الطوارئ”، كما نقل عن ضابط كبير في جيش الاحتلال؛ والتي جاءت في سعي حكومة بنيامين نتنياهو لإنهاء التوتر مع أقوى أعداء الاحتلال بعد إيران -وفق الصحيفة- في الوقت الذي يتعمق فيه الخلاف بين رئيس الوزراء ووزير دفاعه، يوآف جالانت، بشأن الهجوم شمالًا.
ويشير الموقع العبري إلى أن العملية “نتيجة لتآزر عميق بين مختلف عناصر مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي”، والتي تشبه عملية أخرى تمت قبل عقدين، والتي عُرفت فيما بعد باسم “ستوكسنت”، والتي قامت بتخريب أجهزة الطرد المركزي لمشروع التخصيب الإيراني؛ عندما استطاع ضباط المخابرات الإسرائيلية والأمريكية اخترق أجهزة الكمبيوتر الداخلية، التي من المفترض أنها غير متصلة بالإنترنت أو العالم الخارجي.
وفي هذا النوع من العمليات هناك حاجة إلى مزيج من الاستخبارات القائمة على التكنولوجيا، استخبارات الإشارات، والاستخبارات السيبرانية؛ وفي حالة أجهزة الطرد المركزي الإيرانية، كانت العملية بلغت ذروتها بتفعيل إلكتروني خاطئ وضار عن بعد، ولكن من دون أضرار مادية.
لكن في حالات أخرى، مثل تفجير منشأة التخصيب في “نطنز” عام 2021، خلص فريق التحقيق التابع للحرس الثوري الإيراني، إلى أنه كان تعاونًا بين الوحدة 8200 في الاستخبارات الإسرائيلية، التي جلبت المعلومات، وجهاز الموساد الذي قام بتهريب المتفجرات وتجنيد أشخاص قاموا بزرعها.
أداة تصفية
كانت إسرائيل هي التي استخدمت لأول مرة جهاز اتصال محمول شخصي، ليس فقط كأداة لجمع المعلومات، بل كأداة تصفية، في اغتيال يحيى عياش مطلع عام 1995، عندما تم سرقة هاتفه المحمول، وزراعة حوالي 300 جرام من المتفجرات به.
يقول التقرير إنه، في الأصل، كان الشاباك ينوي قتل عياش بطريقة مختلفة، وتبين أنه يجري مكالماته الهاتفية دائمًا من غرفة مجاورة لغرفة معيشة عائلة كان يزورها بين الحين والآخر للتواصل مع العالم. لكن ظهرت مشكلة “الأضرار الجانبية” أو ضحايا آخرين، ما دفع الشاباك إلى اللجوء إلى قنبلة أصغر تكون قوية بما يكفي لقتل عياش وحده.
وتشير “يديعوت أحرونوت” إلى أن زعيم حزب الله اللبناني، نصر الله، ورجاله “يكرهون الهواتف بشكل كبير منذ اغتيال عياش”. ومن بعده عدد لا يحصى من الاغتيالات، التي تعود، جزئيًا أو رئيسيًا، إلى استخدام الهواتف.
لذا، في حزب الله، صدرت وجُدّدت التعليمات المتعلقة بحظر الدخول إلى المجمعات المغلقة بالهواتف، بما في ذلك طرق الوصول إلى القواعد المهمة، وفي أوقات الطوارئ حظر حملها بشكل عام.
ويشير الموقع العبري إلى أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية ربما اكتشفت رغبة حزب الله في استبدال أنظمتها بنظام جديد بمستوى أعلى من التشفير “ما جعل هناك فرصة للدخول في عملية يمكن من خلالها “تسميم” المنتجات الموردة للعدو في مرحلة مبكرة، وعلى نطاق واسع جدًا، ودون الحاجة على الإطلاق للوصول إلى مقره”.
تفجيرات “بيجر”
بالنسبة لتفجير أجهزة الـ “بيجر” والأجهزة اللاسلكية، اليوم وأمس، يلفت التقرير إلى أنه “في مرحلة ما من عملية التسليم، تم إيقاف الأجهزة أو استبدالها من قبل إسرائيل بأجهزة تحتوي على متفجرات وأنظمة إرسال واستقبال. وهكذا أصبح هناك 4000 جهاز تتبع على أجساد 4000 من رجال حزب الله. إنها قنبلة موقوتة مضروبة في 4000”.
لكن في الواقع، تظل لعبة التفجيرات متبادلة بين إسرائيل وحزب الله. ففي فبراير 1999، وفي عملية احتيال، ترك مقاتلو حزب الله هاتف محمول أثناء إحدى المداهمات على مواقع الجيش الإسرائيلي في القطاع الأمني؛ وتم نقل الهاتف داخل دولة الاحتلال دون تفتيش “ونتيجة لذلك وبعد سلسلة من الإهمال، وصل الهاتف إلى المختبر الأكثر سرية في المقر الرئيسي للوحدة 8200 في الجليل”.
هكذا، عندما حاول الإسرائيليون استخراج أرقام الهواتف والبيانات من الهاتف المغلق، وعندما أوصلوه بالكهرباء، حدث انفجار هز إحدى المنشآت الأكثر حساسية وسرية في إسرائيل. وتردد صداه في جميع أنحاء القاعدة الضخمة التي يخدم فيها عدة آلاف.
وفي تقرير نُشر عام 2009، أشارت “يديعوت أحرونوت” إلى أن “حزب الله والمخابرات الإيرانية تمكنوا من إدخال عبوة ناسفة في قدس الأقداس للوحدة وإصابة ضابطين بجروح خطيرة، واحدة منهما فقدت يدها”.